October

30
2014

1:30 am +04 - 3:00 am +04

الجهاد في سوريا والعراق: ماذا يخبئ المستقبل؟

Thursday, October 30, 2014

1:30 am - 3:00 am +04

النادي الدبلوماسي

النادي الدبلوماسي قطر
الدوحه

في 29 أكتوبر 2014، نظّم مركز بروكنجز الدولة جلسة نقاش تناولت مستقبل المجموعات الجهادية في العراق وسوريا. ضمت جلسة النقاش هذه ريتشارد باريت، نائب رئيس أول في مجموعة صوفان؛ تشارلز ليستر، زميل زائر في مكز بروكنجز الدوحة؛ بلال عبد الكريم، صحافي حرّ ومخرج أفلام وثائقية مع خبرة واسعة في التوثيق عن المقاتلين الأجانب داخل سوريا. أدار مدير الأبحاث في مركز بروكنجز الدوحة سلطان بركات هذه الجلسة التي حضرها شخصيات دبلوماسية وأكاديمية وإعلامي في قطر. افتتح باريت الجلسة مستعيداً جذور الدولة الإسلامية وعلاقتها بتنظيم القاعدة. يرى باريت أن جذور الدولة الإسلامية تعود على الأقل إلى تسعينيات القرن الماضي حين أسس أبو مصعب الزرقاوي مخيم تدريب جهادي في هرات وموّل تنظيم جند الشام في أفغانستان. وتابع باريت قائلاً إن الاجتياح الأمريكي للعراق في العام 2003 قدّم للزرقاوي ساحة قتال مثالية وفرصة لجذب المتطوعين والحصول على التمويل لعملياته. في العام 2004، انضم الزرقاوي رسمياً إلى تنظيم القاعدة كقائد للمجموعة المسلحة المعروفة باسم دولة العراق الإسلامية. ولكن نظراً للاختلافات الإيديولوجية بين دولة العراق الإسلامية وقيادة تنظيم القاعدة، وصف باريت هذه الخطوة بـ”زواج الملائمة”. بينما ركز الزرقاوي على محاربة الأعداء المحليين، رأى تنظيم القاعدة تحركاته في سياق عالمي أوسع. 

بعد مقتل الزرقاوي في العام 2006، شهدت المجموعة عدداً من التغييرات والتحولات القيادية، أدت إلى انخفاض العمليات العسكرية بشكل كبير . شكلت الثورة السورية نقطة تحوّل مهمة في مسيرة دولة العراق الإسلامية. مستوحياً من نجاح جبهة النصرة في سوريا، وسّع أبو البكر البغدادي، زعيم دولة العراق الإسلامية عمليات تنظيمه لتشمل سوريا معلناً تأسيس الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). أدت محاولات داعش للسيطرة على جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة إلى توسع الانشقاق بين البغدادي وقائد تنظيم القاعدة أيمن الظواهري. ولكن بالنسبة لباريت، إنّ هذا الانشقاق “ظاهرياً أكثر من كونه حقيقياً”، لا سيما وأن المنظمتين تتشاركان الأهداف الجوهرية عينها.  

بعد ذلك، انتقل الحديث إلى ليستر الذي عزا نجاح الدولة الإسلامية إلى “تمهين البغدادي للتنظيم” وتجنيده لأفراد ذي خبرة (لا سيما ضباط حزب البعث) للإشراف على العمليات العسكرية، وكذلك “حملة الترهيب” المتّسقة ضدّ المسؤولين الأمنيين والسكان المحليين. يرى ليستر أن هذه العوامل قد مكّنت الدولة الإسلامية من “استغلال الاحباطات الاجتماعية” وساعدت على توسيع سيطرته لتشمل المناطق السنية في العراق وسوريا. وأضاف أن قوة الدولة الإسلامية تنبع من مصدر أساسي آخر ألا وهو استقلالية المجموعة على الصعيد المالي. بينما ركز الإعلام مؤخراً انتباهه على التمويل الأجنبي، أشار ليستر أن المانحين الخارجيين لا يؤمّنون إلا 5 بالمئة من دخل الدولة الإسلامية. فتنظيم الدولة الإسلامية بسط نفوذه بشكلٍ واسع وموّل أنشطته من خلال بيع النفط، وعمليات الابتزاز وجمع الضرائب وبيع الآثار المسروقة في السوق السوداء. وأشار ليستر أن الضربات الأخيرة على مصافي النفط التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية هي خاطئة إذ إنها تمنح التنظيم فرصة أخرى للوم المجتمع الدولي على نقص النفط وانقطاع الكهرباء خلال فصل الشتاء المقبل.

وعند سؤاله عما إذا كان “المال” هو الحافز الذي يسير الدولة الاسلامية “أم العقيدة”، أشار عبد الكريم أن هناك عاملين يسيّران معظم الجهاديين في سوريا: تأسيس دولة اسلامية والرغبة في رفع المعاناة عن الشعب السوري. وأضاف أنه “فور وصول هؤلاء الجهاديين إلى سوريا فانهم يندرجون تحت نهج وايديولوجيات مختلفة”. وقال أيضاً أن الهجمات ضدّ الدول الغربية لم تكن يوماً أولويّة لدى الجهاديين في سوريا، مشيراً إلى أن “رد الفعل لا يعتبر مشكلة الا عند التدخل الدولي”.

اتفق المتحدّثون جميعهم أن حملة التحالف الدولي كانت محدودة للغاية، لذا لم تقدر على وقف توسع الدولة الاسلامية. ومن جهته، أشار ليستر إلى أن التحالف الدولي ركّز كثيراً على التدابير المكافحة الارهاب. وفي هذا الصدد، قال: “لن تحتوي الضربات الدولة الإسلامية إلا قليلاً”، مدافعاً عن نهج على المدى البعد يرمي إلى دعم القوى السنية المعتدلة وتقويتها. أما عبد الكريم فأشار إلى أن استهداف الدولة الإسلامية حصرياً قد أظهر جلياً فشل الائتلاف في اتخاذ موقف واضح من نظام الأسد المسؤول اليوم عن وفاة أكثر من 250 ألف شخص في سوريا. وقال إنّ الناس على الأرض سيتساءلون عن جديّة هذه الحملة الجويّة، الأمر الذي سيعزز المشاعر المعادية للغرب. وحذّر أنّ “مقاتلي الجماعات الأخرى الذين لم يعجبهم نموذج داعش سينضمون إليه بعد التفجيرات إلى “. واتفق باريت أيضاً بقوله “أننا بحاجة إلى استراتيجية مختلفة، إذ لا يمكننا خوض هذه المعركة اوفقاً لأسلوب حرب عام 2001”. وقال إن عدم وجود حكم فعال ونظام عدالة جدير بالثقة وغياب الفرص المتساوية أمام المواطنين قد ساهم في تحويل السكان المحليين إلى أعداء للدولة. وفي هذا الصدد، قال باريت: “ستصبح داعش خياراً أقل جاذبية”. ودعا إلى تحرّك إقليمي أكبر لملء الفراغ، مطالباً السعودية وتركيا وإيران وقطر بالتدخل بشكل أكبر.

وعندما فُتح المجال أمام أسئلة الحضور، سأل أحدهم عن امكانية وجود علاقات بين نظام الأسد والدولة الاسلامية. شرح ليستر أنه في حين قد سهّل النظام تنقل الجهاديين إلى دولة العراق الإسلامية أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق، إلا أنه “ما من تعاون ملموس” بين الفريقين. لقد تجنّب نظام الأسد، في بعض الأحيان، المواجهة المباشرة مع المجموعة فقط لأنه منشغل “بقتال أعداء آخرين”. مع تقدّم الدولة الإسلامية داخل سوريا، قال: “سوف نشهد قتالات أكثر بين هاتين القوتين”. ومع ذلك، أشار المتحدثون جميعهم أنه لا يمكن هزيمة داعش من دون حلّ مسألة الأسد أولاً. وقال ليستر: “كلّما قتل النظام المزيد من الأشخاص تنامى هذا التطرّف”، مشيراً أنّ الانتقال السياسي هو الوسيلة الوحيدة الممكنة للتقدّم. وسأل أحد الحضور أيضاً عن تدابير بديلة لقتال الدّولة الإسلامية. شرح عبد الكريم أن دعم الجماعات المعتدلة من دون أساس على أرض الواقع، كالجيش السوري الحرّ، لن يشكّل حلاًّ فعالاً. وقال: ” في حال حلّت القوى الغربيّة أو القوى المدعومة من الغرب محلّ داعش، فتلك المناطق لن تنعم بالسلام”. وختم قائلاً: “ثمّة حاجة لحلّ إسلامي لتلك المشكلة وإلا سيكون الفشل مصيرها”.