Research

الخيارات المتاحة لتخفيض انبعاث الكربون في دول مجلس التعاون الخليجي

الملخص التنفيذي

من المرجح أن تواجه دول مجلس التعاون الخليجي على مدى السنوات العشرين المقبلة سرعة ارتفاع معدلات استهلاك الطاقة والنمو الاقتصادي في أي مكان في العالم. ونظراً لاعتمادها بشكل كامل على مركبات الهيدروكربون لمواجهة احتياجاتها من الطاقة، فإن الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي تعاني من زيادة التكاليف البيئية والاقتصادية الناتجة عن اعتمادها الكبير والمستمر على النفط والغاز في قطاعات الصناعة وتوليد الطاقة. لقد أكّد العديد من دول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي على رغبتهم في تنويع مواردهم الاقتصادية بعيداً عن تصدير المواد الخام والصناعات المعتمدة أساساً على الطاقة من أجل تحقيق تنمية مستدامة للنمو الاقتصادي والأمن على المدى الطويل. لا يمكن المبالغة بأنه يمكن تحقيق ذلك التنوع على المدى القصير. إن المصدر الرئيسي لعائدات النقد الأجنبي لدول مجلس التعاون الخليجي قائمة على صادرات النفط والغاز واستغلال الميزة التنافسية للصناعة المنخفضة التكلفة والكثيفة الاستخدام للطاقة. من المرجح أن أي تحول واسع النطاق يبتعد عن النشاط الاقتصادي ذو الاستخدام الكثيف للطاقة، على الأقل على المدى القصير، سوف يكون على حساب القدرة التنافسية ومعدلات التبادل التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي. ومع ذلك، فهناك فرص لدول المجلس تُمكنها من تحقيق أهداف موازية لخفض انبعاث الكربون وتقليل الاستهلاك المحلي القائم على موارد النفط والغاز وزيادة التنوع الاقتصادي دون إحداث تغير هيكلي كبير في اقتصادياتها إلى جانب تحقيق أرباح صافية محتملة في. هذه الفرص تكمن في تطوير واعتماد تقنيات ونظم إدارة جديدة في مجالات الطاقة البديلة وكفاءة الطاقة واحتجاز الكربون وتخزينه.

في مجالي الطاقة البديلة والمتجددة، لدى دول مجلس التعاون الخليجي القدرة على الاستفادة من الرياح الثابتة ومصادر الطاقة الحرارية والشمسية ومختلطات توليد الطاقة. في حين أن في المنطقة العديد من المؤسسات الأكاديمية والبحثية الممولة جيداً التي تعمل على تطوير تقنيات في هذه المجالات، كما أنه هناك مجال واسع يمكن من خلاله الإسراع من انتشار الطاقة المتجددة بواسطة تنفيذ خطط عمل وشبكات رسمية وتنسيق إقليمي. وبالإضافة إلى إمكانية زيادة تكامل تقنيات الطاقة البديلة التي تم إنشاؤها، فلدى بلدان مجلس التعاون الخليجي فرصة لتطوير مواقع تكنولوجية جديدة متجددة والاستفادة منها في تطبيقات مناسبة لظروفها المناخية، مثل الوقود العضوي والطاقة الشمسية المقاومة للغبار. يمكن من خلال هذا النهج الاستراتيجي لتطوير الطاقة البديلة توفير مصدراً هاماً من مصادر تنويع اقتصاديات المنطقة ومصدراً ذو ميزة تنافسية في بيئة اقتصادية عالمية خالية من انبعاث الكربون.

من خلال تقنية التقاط الكربون وحجزه، سيكون لدى دول مجلس التعاون الخليجي الوسائل والحافز لأن تكون رائدة في مجال تطوير تكنولوجيا قد تلعب دوراً رئيسياً في تحقيق الأهداف العالمية للحد من انبعاث الكربون. مع الزيادات الضخمة المتوقعة في قدرات قطاعات هذه البلدان – والتي من المحتمل أن يُلبي الغاز الطبيعي احتياجاتها وبصرف النظر عن مدى التقدم المحرز في إيجاد مصادر الطاقة البديلة – فإن لدى دول المنطقة فرصة لتكون بمثابة منبراً للتنمية العالمية لتكنولوجيا التقاط الكربون. ومع إتاحة كميات كبيرة من رؤوس الأموال للاستثمار، واقتصاديات ممهدة للصناعات الكثيفة الاستخدام للطاقة، وحافز اقتصادي على المدى القريب لاستخدام تقنية التقاط ثاني أكسيد الكربون عن طريق الاسترداد المُحسّن للغاز والنفط، فإن لدى مجلس دول التعاون الخليجي فرصة فريدة للاستثمار في بحث وتنمية “المحرك الأول” من أجل الإسراع من عملية تسويق تقنية التقاط الكربون وحجزه.

في مجال كفاءة الطاقة، فتتمتع دول مجلس التعاون الخليجي بإمكانيات كبيرة لتأسيس نظم وتقنيات تعمل على تحسين أدائها على مستويات المستهلك والشركة. فمن خلال وضع معايير كفاءة للمباني والأجهزة، فإن لديها القدرة على الحد من مظهر انبعاث الكربون بتكلفة صافية منخفضة أو حتى سلبية. كما أن لديهم أيضاً القدرة على تطبيق أفضل التقنيات العالمية في مجال كفاءة الطاقة والنظم الإدارة المتصلة من خلال مبادرات الشراكة مع القطاع الخاص. إن أي جهد لمعالجة تحدي الحد من انبعاث الكربون واعتماد المزيد من مصادر الطاقة غير المعتمدة على الكربون في مختلط توليد الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي يجب أن يُقر بالإمكانية الكبيرة لتغيير التسعير. رغم ذلك، نظراً لهشاشة الوضع الراهن في المنطقة، من غير المحتمل أن يلوح في الأفق أي تنفيذ رئيسي للصكوك المالية من أجل تقليل الطلب. بدلاً من ذلك، ستُتاح للقائمين على التخطيط في دول مجلس التعاون الخليجي الفرصة للتركيز على زيادة الاستثمار في تطوير شبكات البحوث المحلية والإقليمية ووضع معايير وأهداف، وزيادة التعاون مع القطاع الخاص لنقل أفضل التطبيقات، وتسويق التقنيات التي قد يكون لها ميزة تنافسية.

على الصعيد الإقليمي، تواجه دول مجلس التعاون الخليجي عددًا من أكثر تحديات الاقتصاد العالمي خطورة في القرن الحادي والعشرين: تتطلب المصلحة الشخصية ضرورة الحد من انبعاث الكربون في الوقت الذي تواجه فيه طلباً متزايداً على الطاقة والرغبة في تطوير تقنيات جديدة من شأنها أن توفر مصدراً للنمو الاقتصادي على المدى الطويل. ومن خلال اعتماد سياسات تشجع على دور الطاقة البديلة وكفاءة الطاقة واحتجاز الكربون وتخزينه (عزله)، قد يُلبي مجلس التعاون الخليجي أهدافه الاقتصادية والبيئية ويظل في مركز اقتصاد الطاقة لعقود قادمة.