October

13
2015

1:30 am +04 - 3:00 am +04

الأزمة اللبنانية الداخلية: نحو مزيد من التدهور

Tuesday, October 13, 2015

1:30 am - 3:00 am +04

النادي الدبلوماسي

النادي الدبلوماسي قطر
الدوحه

استضاف مركز بروكنجز الدوحة في 12 أكتوبر 2015 ندوة سياسية حول الأزمة السياسية الداخلية في لبنان، وتحديداً في ضوء الاحتجاجات التي نظمتها حركة “طلعت ريحتكم”. شارك في الندوة علي حماده، صحفي وكاتب عمود في صحيفة النهار، وأحمد موصللي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في بيروت. أدار هذه الندوة سلطان بركات، مدير الأبحاث في مركز بروكنجز الدوحة، وحضرها لفيف من الشخصيات الدبلوماسية والأكاديمية والإعلامية في قطر افتتح بركات النقاش بالإشارة إلى المشاكل التي لطالما عانى منها لبنان، بما في ذلك غياب الخدمات لفترة طويلة حتى قبل الحرب في سوريا بوقت طويل. إلا أنّ الوضع تفاقم كثيراً في يوليو عندما نزل مناصرو حركة “طلعت ريحتكم” إلى الشوارع معتصمين. طلب بركات من المتحدّثَين شرح السبب الرئيسي وراء هذه الاحتجاجات وتوقيتها وما إذا كانت متصلة بالوضع الإقليمي.

قال حماده إن المشاكل في لبنان كثيرة، بما في ذلك نقص الكهرباء وإهدار المياه وسوء إدارة النفايات، محملاً المسؤولية على “الفساد على جميع المستويات؛ أعلى المستويات وأدناها”. وتابع حماده حديثه قائلاً إنّ اللبنانيين فشلوا رغم ذلك في تجاوز الانقسام الطائفي في البلاد، رغم محاولة منظمات المجتمع المدني بتنظيم احتجاجات على نطاق واسع، بما في ذلك بعد أنّ مدّد البرلمان اللبناني ولايته لنفسه. وقال إنّ اللبنانيين “استيقظوا أخيراً” في يونيو بسبب مشكلة النفايات. ووصف حماده يوم 29 أغسطس بأنه المرة الأولى في تاريخ لبنان التي تقوم فيها مظاهرات ضخمة من دون أي انتماء سياسي أو طائفي لتقول “بصرخة واحدة أن هذا يكفي، ولم يعد بإمكاننا تحمّل هذا الواقع المرير الذي تعيشه البلاد”. واختتم مقدمته قائلاً إنّه ما من تفسيرٍ مرضٍ لهذه الظاهرة.

من جهته، أشار موصللي إلى أن مصدر الاحتجاجات ” دقيق للغاية” وأنّ اللبنانيين يشعرون بأن ثمّة مشكلة كبيرة، وليس في السياسة وحدها بل في كل شيء. وأضاف “إنّ مشكلة النفايات هي مجرّد إشارة، فقاعة انفجرت في وجه الحكومة، مما يثبت أنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً”. وقال موصللي إنّ الحراك الحالي هو مفاجأة للجميع وإنّ الشعب اللبناني يتعاطف مع أهدافه. ولكن، على حد قوله، بسبب كون هذا الحراك غير سياسي أو طائفي في جذوره، فهو يهدّد المصالح الخاصة والعامة لجميع الفاعلين السياسيين في البلاد، الذين معظمهم من الفاسدين. وأشار موصللي إلى فشل حركتي 8 و14 آذار، وتحديداً ميشال عون، في احتواء الحراك أو التأثير عليه. واختتم مقدّمته قائلاً: “أنا أحيي هؤلاء الشباب، وآمل أن ينجحوا في إنقاذنا من الطائفية”.

وعندما سُئل موصللي عن رد الحكومة، وتحديداً الحوار الوطني، توقّع أنه “لن يؤدي إلى شيء” لأن الشروط المسبقة التي وضعها الحراك، بما في ذلك انتخاب رئيس للجمهورية، لم يتم تحقيقها. وأوضح أن هناك أزمة بين حركتي 8 آذار، التي رشّحت العماد عون، و14 آذار، التي رشّحت سمير جعجع، وأنّ الآلية البرلمانية لانتخاب أحدهما غير صحيحة. أما حماده، فأضاف أنّ في لبنان “القانون هو وجهة نظر” والدستور المكتوب لا يجري تنفيذه. وقال إنه “ما زالت وجهات النظر لدينا تتحكم بالوضع”. وافقه موصللي الرأي، مشيراً إلى أنّ الطائفية تأخذ البلاد إلى نقطة حيث لا يمكنها أن تعمل. وحذّر من أنه إذا تركت الأمور في أيدي حزب الله وتيار المستقبل وزعماء كبار مثل وليد جنبلاط، فإن البلاد ستنهار.

وعندما سأل بركات عن مطالب الحراك ومقترحاته، أجاب حماده أنّ الحراك قد طالب حتى بسقوط النظام، ولكن خلافاً لسائر الدول العربية، هذا المطلب غير واضح. وأضاف أن هناك أيضاً مطالب لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية ولاستقالة بعض الوزراء، إلا أنّ حلّ أزمة النفايات وغيرها من الخدمات تتصدّر قائمة المطالب. قال حماده إنّ الحراك قد ساهم في صحوة الناس، إلا أنّ الطريق أمامه طويلٌ. وأضاف أنّ التغطية الإعلامية تعطي بعض التأثير للحركة، علماً بأنّه يمكن لزعيم حزب أن يدعو 100,000 من أتباعه للنزول إلى الشارع غداً، لكنه يضعهم في خطر المواجهة.

هذا وقد أشار موصللي إلى أنّ الجزء الخطير من هذا الحراك هو أن الناس أصبحوا يهددون السلطة الحاكمة، سواء حزب الله أو تيار المستقبل، وأنهم لم يبدوا أي استعداد لتقديم التنازلات، حتى انهم رفضوا لقاء رئيس الوزراء تمام سلام. وأكد مرّة أخرى أنّ مطالب الشعب هي مطالب محقّة وأنّ الناس يؤيّدونها. من جانبه، أشار حماده إلى أن الأحزاب السياسية تتبادل الاتهامات بأن كل طرف هو عميل لجهات أجنبية، ولكنها في النهاية تجلس وتتفاوض، مؤكّداً أن ما من اختلافات حقيقية بينها، إذ إنّ كافة الأحزاب فاسدة.

وبالحديث بالعمق عن حركة “طلعت ريحتكم”، قال حماده إنها كانت أقوى في البداية لأنها وجّهت أصابع الاتهام نحو الجميع دون خوف، ولكنها الآن أصبحت تخاف من تعرّضها للتهديد. وأشار إلى أن المتظاهرين استهدفوا وزير البيئة لأن ما من جهّة قوية ترعاه، وأنهم لن يتعرّضوا بالشكل نفسه للوزارات التي يسيطر عليها حزب الله أو جنبلاط لخوفهم من رد فعل عنيف. وتوقّع موصلي حركة مضادة قريباً وأنّه لا يمكن لحركة “طلعت ريحتكم” أن تسمو أكثر لأن بعض الناس يعتقدون أنها مدعومة من قبل الأمريكيين أو غيرهم، وبالتالي ثمّة خوف من أنّ ذلك سيقود لبنان نحو المزيد من المشاكل. وسأل بركات إذا كان تأميم الخدمات الأساسية ممكناً، فأجابه حماده أنّ ذلك غير ممكن على الإطلاق.

ورداً على أسئلة الحضور، حذّر حماده من أنّ آخر محاولة للبنانيين لإصلاح النظام السياسي في لبنان انتهت بحربٍ أهليةٍ، مشيراً إلى أنّ اللبنانيين جميعاً مسلّحون. وأضاف موصللي أنّ النظام لم ينهار تماماً لأن الشيء الوحيد الذي تتفق عليه الطبقة السياسية هو استمرار النظام. وأكّد أن النظام التوافقي لن يؤدي إلى شيء لأن تقاسم السلطة على أسس طائفية لن ينجح. ثمّ حذّر موصلي، “إن لم يتغيّر معنى المواطنة، فسوف نتجه نحو انفجارات جديدة”.

أما بشأن التدخل الروسي في سوريا، فقال حماده إنّ هذا التدخّل ليس في مصلحة لبنان. وأشار إلى أنّ اللبنانيين منقسمون حول الصراع السوري، إلا أنهم متّفقون على تجنّب المواجهات التي يمكن أن تقود البلاد إلى حرب أهلية أخرى. وفي نهاية الندوة، قال موصللي إن ضعف أمريكا وتردّدها في المنطقة، بالإضافة إلى سياسةٍ لتفكيك الأنظمة، هي كلها عوامل وراء الوضع الحالي في سوريا.