December

12
2011

6:00 pm EST - 8:00 pm EST

ما موقف منظمة التعاون الإسلامي من الانتفاضات العربية؟

Monday, December 12, 2011

6:00 pm - 8:00 pm EST


في 12 ديسمبر 2011، استضاف مركز بروكنجز الدوحة ندوة سياسات خاصة خاصة في فندق هيلتون الدوحة مع سعادة البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلي، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، وذلك كجزء من سلسلة المحاضرات المتميزة التي يعقدها المركز. ركز خطاب البروفيسور إحسان أوغلي على تأثير الثورات العربية الجارية على المنطقة وعلى العالم الإسلامي الأشمل، وكذلك على موقف منظمة التعاون الإسلامي من هذه الثورات. وقد أدار هذا الحدث، الذي أعقبه فترة حيوية لطرح الأسئلة والأجوبة، سلمان شيخ، مدير مركز بروكنجز الدوحة، وحضره أعضاء من الأوساط الأكاديمية والتجارية والدبلوماسية ووسائل الإعلام في قطر.

افتتح الأستاذ إحسان أوغلو المناقشة مشيرًا إلى أن ما يقرب من عام قد مر منذ وفاة محمد وبوعزيزي الذي وضع الثورة التونسية موضع التنفيذ. وقال أنه منذ ذلك الوقت سقطت ثلاث دول بوليسية. كان إحسان أوغلو قد تنبأ في كتابه الصادر عام 2010 بعنوان العالم الإسلامي في القرن الجديد، بأن مطالب العدالة والحكم الرشيد العالقة منذ فترات طويلة ستصل ذروتها قريبًا.

استمر إحسان أوغلو في التأكيد على أنه بالرغم من أن عدد قليل من البلدان الإسلامية لديها تجربة حديثة في الديمقراطية، فقد ظهر التشجيع على الحكم الرشيد عبر التاريخ الإسلامي. يظهر التاريخ الحديث التوافق بين الديمقراطية والإسلام. ومع ذلك، فبدون احترام حقوق الإنسان والحكم الرشيد والشفافية، لا يكون للأطراف السياسية أمل في التأثير على أنظمة حكمهم. ولذلك فإنهم يميلون إلى اللجوء إلى المجال الديني. ويؤكد إحسان أوغلو أنه لكي تصل المجتمعات المسلمة إلى التقدم يجب تحديد العلاقة بين المجالين الديني والسياسي بوضوح. وينبغي أن تقوم هذه العلاقة على الاحترام المتبادل والتعددية والقيم الديمقراطية وينبغي أن تنطوي على تمييز واضح بين كلا المجالين.

فيما يتعلق بموقف منظمة المؤتمر الإسلامي، والتي شهدت إصلاحات كبيرة منذ عام 2005، أشار إحسان أوغلو إلى وثيقتين عززتا التزام المنظمة بالديمقراطية. الوثيقة الأولى هي إعلان مكة وبرنامج عشر سنوات من العمل، والتي صيغت في عام 2005، وهي تعزز القيم الأساسية لحقوق الإنسان والشفافية ومحاربة الفساد. والوثيقة الثانية هي الميثاق الجديد لمنظمة المؤتمر الإسلامي، والتي تم الموافقة عليها بالإجماع في عام 2008، وتنص على نفس المفاهيم كأهداف أساسية لمنظمة المؤتمر الإسلامي. وقال إحسان أوغلو أنه نظرًا للتركيز على هاتين الوثيقتين كان من الأهمية بمكان بالنسبة للمنظمة أن تستجيب على نحو استباقي لاحتياجات الشعوب العربية في الانتفاضات الأخيرة.

في ليبيا، على سبيل المثال، كانت منظمة التعاون الإسلامي أول منظمة دولية تعرب في وقت مبكر في 22 فبراير عن “إدانة قوية للاستخدام المفرط للقوة ضد المدنيين”.  وفي مارس أصدرت منظمة التعاون الإسلامي بيانات إضافية تدين تصرفات نظام القذافي الوحشية وأرسلت مساعدات عبر مصر وتونس. بالإضافة إلى ذلك، شاركت المنظمة في اجتماعات مجموعة الاتصال الدولية ودعت إلى إنشاء منطقة حظر طيران في ليبيا.

أعرب إحسان أوغلو عن معارضته للمصطلح المحدود زمنيًا “الربيع العربي” الذي أطلق على الانتفاضات العربية بشكل عام، واعتبر أن التحول الذي يحدث في العالم العربي سيستغرق سنوات. وأقترح أنه “إذا كنا نريد تعبير مجازي جذاب، يمكننا أن نطلق عليه خريف الديكتاتوريين العرب”.  لقد ألهمت الثورات في الشرق الأوسط الآخرين للنزول إلى الشوارع في أماكن متفرقة مثل نيويورك وموسكو. ولكن ما ميز هذه الثورات هو أنها لم تقدها فلسفة أو أيديولوجية واحدة، وأنها حركة شعبية. وأكد إحسان أوغلو على أن أهمية ثورات هذا العام هو أنها سمحت للشعب العربي أن “يلحق بسياق التاريخ”.  وذكر أنه منذ الحرب العالمية الأولى اضطرت الدول العربية أن تعيش خارج سياق التاريخ، مع تدخل القوى الخارجية في تحديد حدود المنطقة، وتمكن الحكام من البقاء في السلطة لعقود بسبب سوء استغلالهم للتوازن الدولي للسُلطة. تراكمت التوترات على مر الزمن، واندلعت الآن تحت وطأة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الحادة، بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة، وعقود من الركود السياسي في ظل حكومات استبدادية.

أعقب العرض الذي قدمه إحسان أوغلو فترة أسئلة وأجوبة تناولت مجموعة من القضايا، بما في ذلك التحول الجاري في مصر، وآفاق عمل منظمة التعاون الإسلامي في المستقبل في التحول في الدول العربية، فضلاً عن موقف منظمة المؤتمر الإسلامي بشأن طموحات إيران النووية. قال إحسان أوغلو أن منظمة المؤتمر الإسلامي تؤيد حق الدول في اكتساب واستخدام المعرفة النووية للأغراض السلمية بما يتماشى مع قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرِّية على التفتيش. وهذا بطبيعة الحال أمر نشجع إيران على القيام به من أجل طمأنة جيرانها على الطابع السلمي لبرنامجها النووي. بدأ سلمان شيخ بسؤال البروفيسور إحسان أوغلي عن رؤيته لصعود التيارات الإسلامية في الديمقراطيات الناشئة في الشرق الأوسط. وأجاب إحسان أوغلي أن صعود هذه الأحزاب كان تطورًا طبيعيًا. فبسبب عدم السماح للناس في الدول العربية الاستبدادية بتشكيل أحزاب سياسية، توجهوا إلى المساجد كمراكز للأنشطة الاجتماعية والسياسية. لقد كان الإسلام، نظرًا لانتشاره وطابع التقوى الذي يميز شعب المنطقة، وسيلة طبيعية لتوحيدهم، وبالتالي فإن تسييس الدين حظي بجاذبية كبيرة. ومع ذلك، حذر أوغلو أنه يجب أن تقوم العلاقة بين المجالين الديني والسياسي على أساس الاحترام المتبادل والتوافق على السماح بالتعددية، والاتفاق على أنه يجب مراعاة العمليات الديمقراطية. وقال أن تشكيل الأحزاب الإسلامية إذًا ليس شيئًا ينبغي الخوف منه، وشدَّد على أنه ينبغي احترام إرادة الشعب. “لسنا في حاجة أن نخشى أو نكرر ما حدث في الجزائر في تسعينات القرن العشرين”.

قام واحد من الحاضرين بطرح سؤال عن موقف منظمة المؤتمر الإسلامي بشأن الخطوات التي على المجتمع الدولي اتخاذها في سوريا. وأجاب إحسان أوغلو أنه منذ أوائل ابريل تحاول منظمة التعاون الإسلامي التواصل مع الحكومة السورية لحملها على الشروع في إحداث إصلاح سياسي ووضع حد لاستخدام العنف ضد المدنيين. وقال أن نظام الأسد استجاب بسلسلة من الوعود الفارغة. ووفقًا للبروفيسور إحسان أوغلو فإن الخطوة التالية هي وضع مزيد من الضغوط الدولية على النظام، حتى يستقيل الرئيس الأسد في نهاية المطاف. وأشار إلى أن تجربة اليمن تعطي أملاً، حيث تم إقناع الرئيس علي عبد الله صالح بالتنحي بعد ازدياد الضغوط الدولية. ومع ذلك، قال إحسان أوغلو بوضوح أن القوى الخارجية لا ينبغي أن تتورط عسكريًا: “لا ينبغي أن نكرر ما حدث في العراق أو ليبيا”.  وأكد أن مثل هذا التصرف قد يشكل خطرًا على سلامة الشعب السوري ومن المرجح أن يؤدي إلى اندلاع صراع إقليمي. أما بالنسبة لتقديم الدعم الإنساني لسوريا، أوضح إحسان أوغلو أن منظمة المؤتمر الإسلامي أكدت في اجتماعها الوزاري الأخير على أهمية السماح بوصول منظمات الإغاثة الإسلامية إلى البلاد. وإذا لم يتم السماح بوصولها، ولم يتم احترام مبادرة الجامعة العربية، فينبغي على الأمم المتحدة أن تتدخل لتجنب تصعيد انتهاكات حقوق الإنسان.

طُرح سؤال آخر يتعلق بوجهة نظر إحسان أوغلو عن كيفية تأثير الانتفاضات الأخيرة على آفاق عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية. وأكد إحسان أوغلو أنه “لا يوجد حل آخر غير حل إقامة دولتين”،  وأضاف أن التحول الديمقراطي في الشرق الأوسط سيساعد على الأرجح كل من الفلسطينيين والإسرائيليين. فبينما يميل الدكتاتوريون إلى التصرف بعنف، فمن غير المرجح أن تشن الديمقراطيات حربًا على بعضها بعضًا. ومع ذلك، فإن الديمقراطيات الجديدة في العالم العربي ستتبنى على الأرجح أجندات أكثر تناسباً مع تطلعات شعوبها، وبالتالي، مع المطالب الفلسطينية من أجل حق تقرير المصير. وسيساعد هذا الوضع الفلسطينيين على تعزيز قضيتهم من خلال الوسائل السلمية. وقال إحسان أوغلو أن الفلسطينيين يحتاجون إلى اغتنام الفرصة والمضي قدمًا في محنتهم، ومحاولة الحصول على عضوية في الأمم المتحدة هو إحدى وسائل القيام بذلك.