May

20-21
2020

النصوص الفقهية حول التعامل مع الجائحة

Wednesday, May 20 - Thursday, May 21, 2020


نظّم مركز بروكنجز الدوحة ندوة عبر الإنترنت في 20 مايو 2020 حول ما تقوله النصوص الفقهيّة بشأن تعديل الممارسات الدينية نتيجة الجائحة. علاوة على الشرع الإسلامي، بحث المتحدّثون في مسألة مَن له السلطة الدينية في العالم العربي، وتطرّقوا إلى الإجراءات التي اتّخذتها الدول والمجتمعات المُسلمة. وشارك في الندوة التي أدارتها جنيف عبدو، زميلة زائرة في مركز بروكنجز الدوحة، مجموعة من الخبراء المرموقين، من بينهم محمد فاضل، أستاذ في كلّية الحقوق في جامعة تورونتو؛ وبدر السيف، أستاذ مساعد في التاريخ في جامعة الكويت؛ وهشام هيليير، باحث غير مقيم في مؤسّسة كارنيغي للسلام الدولي.

استهلّ محمّد فاضل النقاش محدّثاً عمّا إذا ضمّ الشرع الإسلامي تشريعاً أم سابقة تحظّر نشاطات العبادة للمحافظة على الصحّة العامة. فقال إنّه ما من أحكام صريحة تضبط السلوك الديني في خلال جائحة ما. بيد أنّه على المستوى الشخصي، يُعفى المُسلمون من إتمام بعض الموجبات في حالات محدّدة. مثلاً لا يجب على المرضى أن يصوموا في خلال شهر رمضان ويمكنهم التعويض عن أيام الصوم في وقت لاحق. وبشكل خاص، يشير تعبير “الرخصة” إلى كلّ الموجبات التي يمكن التخفيف منها للمرضى. واليوم، مع تشكيك الكثيرين في شرعية تعليق الصلوات أيام الجمعة في المساجد والفروض الدينية الأخرى، تدعم الرخصة الفكرة القائلة إنّ الظروف الخارجية قد تجعل من بعض أشكال العبادة اختيارية. علاوة على ذلك، لفت فاضل الانتباه إلى أنّ العدوى موضوعُ خلاف بين المسلمين على مرّ التاريخ. وقال إنّه “يحظَّر الإيمانُ بأنّ للعوامل الطبيعية بحدّ ذاتها آثاراً سببية”، وأدّى ذلك إلى أن ينكر البعض الظاهرة الطبّية برمّتها. أخيراً، نصح بأنّ تُسهّل المملكة العربية السعودية الحجّ، مع عدد أقلّ من الحجّاج للحرص على تأمين التباعد. ويسمح ذلك باستمرار هذا الحدث المميّز حتّى لو مع عدد أدنى من الأشخاص.

وتابع بدر السيف النقاش ووصف القيود المفروضة على الممارسات الدينية التي تمّ اتّخاذها في أرجاء منطقة الخليج. وطرح بداية مسألة مَن يتحلّى بالسلطة الدينية. ففيما يعتقد الكثير من الأكاديميين أنّ هذه السلطة مصدرها الدولة، لا يصحّ الأمر دائماً. ففي هذه اللحظة السياسية، الدول الخليجية أقوى من مؤسّساتها دينية. بيد أنّ مردّ هذا الأمر إلى أنّ للدول الخليجية تمويلاً وموارد بشرية أكبرين. وهي تمارس أيضاً سلطة كبيرة على الكيانات الإسلامية باسم مكافحة التطرّف. وقد قررت الدول في منطقة الخليج اللجوء إلى قيود دينية، ويفسّر السيف النقاط المشتركة في الاستجابة التي لجأت إليها كلّ دولة. أولاً، أبدت المملكة العربية السعودية والبحرين على حدّ سواء بعض التساهل من خلال فتح مسجد أو اثنين مع قدرة استيعاب محدودة. في المقابل، أغلقت الكويت وعمان كلّ المساجد وعزّزت إجراءات التباعد الاجتماعي. أما قطر، فقد اعتمدت سياسة تقع بين السياستين السابقتين نوعاً ما. فقد سمحت ببقاء مسجد الدولة مفتوحاً من جهة، وزادت إجراءات التباعد الاجتماعي من جهة أخرى. أخيراً، نفى السيف وجود سياسات مرتكزة على المذهب في الخليج. فمع أنّ البعض ادّعى أنّ الفيروس تفشّى في المنطقة آتياً من إيران، لم تعتمد أيّ دولة هذا الخطاب بشكل رسمي.

وتحدّث هيليير عن المجتمعات المُسلمة في الغرب وعن استجابتها للجائحة وعن السلطة الدينية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. أولاً، لفت هيليير الانتباه إلى أنّ المجتمعات الإسلامية الغربية، ولا سيّما تلك التي في المملكة المتّحدة، علّقت الصلوات الجماعية بسرعة. فقد استمعت هذه المجتمعات إلى نصيحة الأطبّاء واتّخذت خطوات قبل أن ّتطبق الحكومة إجراءات التباعد الاجتماعي حتّى. وهذا أمر يمكن استيعابه، فالمجتمعات الإسلامية أقلّية في الغرب ويُبقي الكثير منها على علاقة غير وطيدة بدولتها. وذكر هيليير أيضاً أنّ بعض الأفراد في أوروبا وأمريكا الشمالية أراد إقامة صلوات افتراضية. بيد أنّ هذه الفكرة لم تحظَ بالدعم الكافي. علاوة على ذلك، ناقش مسألة السلطة الدينية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وردّد ما ذكره السيف بقوله إنّ الدولة تحظى بسلطة أكبر. ففي مصر مثلاً، أصدرت هيئة كبار علماء الأزهر فتوى تنصّ على أنّه بإمكان الحكومة إغلاق المساجد إن أرادت ذلك. واللافت أنّ الهيئة لم تُرغم الدولة على التصرّف لأنّها لم تعتبر أنّ لها السلطة في ذلك.

وركّزت جلسة الأسئلة والأجوبة اللاحقة على دور التكنولوجيا والاحتمالات المتاحة للمستقبل. فقال فاضل إنّ التكنولوجيا لن تشكّل حلاً ناجعاً يسمح باستمرار العبادة الجماعية أينما كان لأنّ القدرات الرقمية للمجتمعات المسلمة في العالم مختلفة. وأشار السيف إلى إنّ الخليج قد اعتمد المنصّات التكنولوجية وأنّ دولاً مثل الكويت والمملكة العربية السعودية تطوّر تطبيقات دينية. علاوة على ذلك، تحدّث المشاركون عن توقّعاتهم للمستقبل. فقال فاضل إنّ المواطنين لن يعارضوا القيود على التجمّعات الدينية طالما أنّها متساوية مع الإجراءات المفروضة على الأماكن العامّة الأخرى. بيد أنّ هيليير قال إنّ المساجد مساحة عامّة فريدة لا يمكن مقارنتها بالمدارس أو المراكز التجارية. وأضاف أنّه على المساجد احترام التباعد الاجتماعي لفترة طويلة ربّما وأنّ أثر الجائحة في طريقة تأدية الطقوس الدينية سيستمرّ بعد التخفيف من القيود.