Research

إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان: وعود ومخاطر

2018-05-18T175932Z_282594787_RC1301DF9160_RTRMADP_3_ISRAEL-PALESTINIANS-MUSLIMS

المقدّمة

حدّدت الأمم المتّحدة المعيار الدولي لحقوق الإنسان الأساسية عبر اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948،ثمّ توسّعت في هذا الإعلان من خلال مواثيق مهمّة على غرار ‎العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‏‏ والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في العام 1966. وعلاوة على هاتَين المبادرتَين العالميّتين، وضعت المنظّمات الإقليمية إعلانات مُرافقة، من بينها منظّمة الدول الأمريكية ومنظّمة الوحدة الأفريقية ومجلس أوروبا. وتحت لواء منظمة التعاون الإسلامي (المعروفة سابقاً بمنظّمة المؤتمر الإسلامي)، أعادت البلدان الإسلامية النظر في هذه المفاهيم في الثمانينيات لوضع ميثاقها الخاص.

وتتوّجت هذه الجهود بإعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام في العام 1990 الذي كان مجموعة من الحقوق المستوحاة من القيم الإسلامية المحافِظة والشريعة.وضمّت منظّمة التعاون الإسلامي في هذه الوثيقة الكثير من الحقوق الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لكنّها أهملت الحقوق الجندريّة (النوع الاجتماعي) وحقوق غير المسلمين. علاوة على ذلك، استعانت المنظّمة بلغة الشريعة في الوثيقة لتمكين الدول والحرص على السّيادة الوطنية. وبعد اعتماد إعلان القاهرة، زعم ناشطون حقوقيون في الغرب وبعض الناشطين في العالم المسلم أنّ هذا الإعلان يتعارض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وفي أوائل العقد الثاني من القرن الحالي، بدأت منظّمة التعاون الإسلامي بمراجعة هذا الإعلان وطرحت إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان بعد عقد من الزمن تقريباً. وكان من المفترض الموافقة على الوثيقة في اجتماع مجلس وزراء الخارجية في أبريل 2020، لكنّ الاجتماع أُلغي بسبب جائحة فيروس كورونا المستجدّ. وفيما يعكس إعلان منظمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان المبادئ المترسّخة في القانون الدولي لحقوق الإنسان بشكل أفضل، إلّا أنّه لم يفِ بالكامل بالمسائل المرتبطة بالقيم العائلية وحرّية التعبير عن الرأي والمشاركة السياسية. بيد أنّ تطوّر إعلان القاهرة مشجّعٌ لأنّه يدلّ على استعداد منظّمة التعاون الإسلامي للاقتراب من المعايير الأساسية لحقوق الإنسان في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ويمنح الإعلان الجديد فرصةً للأمم المتّحدة والحكومات الغربية والمنظمّات غير الحكومة المعنيّة بحقوق الإنسان للانخراط في مفاوضات مع منظّمة التعاون الإسلامي حول أوجه الاختلاف بين إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللتعاون في نقاط الالتقاء، على غرار حظر التعذيب وحقوق المرأة والحقّ في التعليم، للحرص على أنّ تكون هذه الحرّيات محميّة عملياً.

وإعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان، على غرار الوثيقة التي سبقته، وثيقةٌ غير ملزِمة قيمتُها رمزية بالإجمال. ولكن من الجدير مناقشتها لأربعة أسباب. أوّلاً، يمنح تطوّر إعلان القاهرة عدسةً مفيدة لفهم النقاشات حول حقوق الإنسان والتيّارات الفكرية والتغييرات السياسية في العالم المسلم. ثانياً، غالباً ما تصبح مواثيق حقوق الإنسان غير الملزِمة اتّفاقيات ومعاهدات. فهذا ما حصل مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي شكّل أساساً للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‏‏ والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. علاوة على ذلك، قد ينتج عن الإعلانات معايير أيضاً. وفي هذه الحالة، سيحدّد إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان السلوك المقبول لحقوق الإنسان، وذلك عبر تأييد بعض الأفكار وليس غيرها وحشد منظّمات المجتمع المدني. أخيراً، منظّمة التعاون الإسلامي جهة فاعلة بارزة في الدبلوماسية الدولية وهي ناشطة في مسائل مثل حرّية التعبير عن الرأي وخطاب الكراهية والقيم العائلية والميول الجنسية والهوية الجنسانية في قاعتَي الأمم المتّحدة في نيويورك وجنيف. ويعبّر إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان عن رؤية المنظّمة للحرّيات العالمية ويساعدنا على فهم خطوط الاختلاف الناشئة في السياسة العالمية لحقوق الإنسان.

إعلان القاهرة في العام 1990: إعلانٌ وليد زمنه

كان إعلان القاهرة وليدَ أواخر الثمانينات وأوائل التسعينيات. فأعلن انهيارُ الاتّحاد السوفياتي والتحوّلات الديمقراطية في أوروبا الوسطى وأوروبا الشرقية حلولَ فترة من التفاؤل الليبرالي في السياسة العالمية. وبعد شهرين من سقوط جدار برلين في العام 1989، قرّرت الجمعية العامة في الأمم المتّحدة الاستفادة من هذا الزخم للوصول إلى توافق عالمي على الحرّيات الأساسية في المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان الذي جرى في فيينا في العام 1993.بيد أنّ النقاش العالمي حول حقوق الإنسان بدأ يتغيّر مع إشراف الحرب الباردة على نهايتها. وتطوّر الشرخ بين الحقوق المدنية والسياسية في الغرب والحقوق الاقتصادية في الكتلة السوفياتية إلى انقسام ثنائي بين الليبرالية الغربية التقليدية ومطالب بلدان الجنوب للتحلّي بصوت في النظام العالمي الناشئ.

وزاد قرار إقامة المؤتمر العالمي من حدّة المداولات التي تجريها بلدان الجنوب حول حقوق الإنسان.وفي العام 1990، اعتمدت منظّمة التعاون الإسلامي إعلان القاهرة، وفي العام 1992، طرحت حركة عدم الانحياز رسالة جاكرتا، وفي العام 1993، أطلقت الدول والمنظّمات غير الحكومية الآسيوية إعلان بانكوك. وأعطت كلّ هذه الإعلانات، على الرغم من تأكيدها على الطابع العالمي لحقوق الإنسان، الأفضلية لعدم التدخّل والحقوق الاقتصادية واحترام الاختلافات الثقافية. وطالبت برؤية متوازنة بين الحقوق والواجبات وبين الحقوق الفردية والحقوق المجتمعية وبين الرغبة في التقدّم واحترام القيم التقليدية.

علاوة على ما ورد أعلاه، كان إعلان القاهرة نتاجاً لبروز وجهة نظر إسلامية. ففي العام 1948، كان ممثّلو الدول المسلمة ناشطين في تحضير الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيرها من المواثيق الدولية، على غرار العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‏‏ والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ومع الغياب المريب للمملكة العربية السعودية، انضمّت الدول المسلمة إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وصادق عدد كبير منها على هذه المواثيق، لكن غالباً مع تحفّظات مرتكزة على الشريعة. لكن في الستّينيات والسبعينيات تغيّرت الأوضاع. فقد زادت خيبةُ أمل العالم المسلم من الخطاب العالمي حول الحرّيات العالمية بسبب تسييس حقوق الإنسان في خلال الحرب الباردة وفشل القانون الدولي في تحقيق الإنجازات بشأن مسائل تحظى بأولوية لدى المسلمين، على غرار فلسطين وكشمير، بالإضافة إلى الدعمَين الأمريكي والسوفياتي على حدّ سواء لأنظمة سُلطوية ولتدخّلات مختلفة في الدول الإسلامية، وغالباً ما جرى ذلك باسم “حقوق الإنسان”.

وشكّلت خيبة الأمل هذه عاملاً مساهماً بارزاً سمح للإسلام السياسي والثوري بالسيطرة على وجهات النظر المُسلمة إزاء حقوق الإنسان. فحثّ مفكّرون، مثل أبو الأعلى المودودي (1903-1979) الباكستاني وسيّد قطب (1906-1966) المصري المسلمين على تفضيل الإسلام على الرأسمالية والاشتراكية كإطار حوكمة شامل لمعالجة مشاكل المجتمع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ووضع الباحثون إطار عمل لحقوق الإنسان يرتكز على التعاليم القرآنية حول العدالة الاجتماعية والكرامة المتأصّلة للإنسان بصفته خليفة الله والفكرة القائلة إنّ الناس سواسية عند الله. ومع أنّ الإسلاميين نادراً ما استلموا الحكم، طغت أفكارهم على التيارات الفكرية المسلمة في الثمانينات والتسعينيات. وساهمت الثورة الإيرانية وانسحاب الاتّحاد السوفياتي من أفغانستان وانهيار الكتلة السوفياتية بعد ذلك في زيادة شعبية الرؤية الإسلامية.

وأدّت إيران دوراً حاسماً في التحضير لإعلان القاهرة والترويج له. فقد كانت الجمهورية الإسلامية أكثر دولة مسلمة تدفعها الأيديولوجيا واعتبرت نظامها السياسي المُعتمد بعد الثورة النظام الأمثل للدول الأخرى في منظّمة التعاون الإسلامي. وسعت إيران إلى فرض قيادتها السياسية على “الأمّة”، وقامت بذلك عبر مواجهة الدول الغربية. وكانت حقوق الإنسان مكوّناً أساسياً من الحملة الأيديولوجية للجمهورية الإسلامية، وفي العام 1984 تحدّت الدولة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. فضمن منظّمة الأمم المتّحدة وصف ممثّل إيران الوثيقة بأنّها مجموعة من الأفكار المُعلمَنة المستوحاة من التقاليد المسيحية اليهودية التي لا تتماشى مع الشريعة.12 وبعد أن دخلت الجمهورية الإسلامية من جديد منظّمة التعاون الإسلامي بعدما تمّ تهميشها في خلال الحرب بين إيران والعراق، استغلّت المنظّمةَ لفرض قيادتها على مسائل خلافية بين العالم المسلم والغرب.

الشريعة والسيادة وحقوق الإنسان

في إعلان القاهرة في العام 1990، أوردت منظّمة التعاون الإسلامي الكثير من الحقوق المذكورة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وبالفعل، فقد دافعت المنظّمة عن الحفاظ على الحياة البشرية وحماية شرف الإنسان وعائلته وممتلكاته، ودافعت عن حقّ الإنسان بالعلم والرعاية الصحّية والرعاية الاجتماعية. بيد أنّها لم تلتزم بالدفاع عن المساواة الفردية وعدم التمييز، ولا سيّما في المسائل المرتبطة بالجندر وحقوق غير المسلمين.

من وجهة نظر دولية، أثارت منظّمة التعاون الإسلامي الجدل لأنّ إعلان القاهرة ادّعى الالتزام بالشريعة. فقد ورد في المقدمّة أنّ “الحقوق الأساسية والحرّيات العامة في الإسلام جزء من دين المسلمين” وأنّ هذه الحقوق “أحكام إلهية تكليفية” أُنزِلت على النبي محمّد في القرآن. وتبرز محورية الشريعة بوضوح في موادّ الإعلان. فتنصّ المادّة 22 على أنّ “لكلّ إنسان الحقّ في التعبير بحرّية عن رأيه بشكل لا يتعارض مع المبادئ الشرعية”، فيما تؤكّد المادّة 12 أنّ “لكلّ إنسان الحقّ في إطار الشريعة في حرّية التنقل”، مع أنّ الإعلان لم يأتِ على ذكر حقّ كلّ امرأة. أخيراً، زادت المادّة 25 من طغيان الشريعة بالقول إنّ الشرع الإسلامي هو “المرجع الوحيد” لتفسير أو توضيح أيّ مادة من مواد هذه الوثيقة.

وأفضى هذا الاستعمال المختزل والخاطف للشريعة إلى عيوب مهمّة. أوّلاً، لم يحدّد إعلان القاهرة ما يعنيه المصطلح. فنظراً إلى تنوّع الآراء حول الشريعة على مرّ الزمن وبين المذاهب الإسلامية وضمنها، من المستحيل معرفة ما هي الحقوق التي يحميها الإعلان. زد على ذلك أنّ اقتصار الحقوق على إطار من القيم مرتكزٍ على الشريعة سيُبطل هذه الحقوق بسبب شمولية الشرع الإسلامي. على سبيل المثال، تضمن المادّة 22 المذكورة أعلاه حقّ التعبير عن الرأي بحرّية طالما أنّه لا يتعارض مع مبادئ الشريعة. لكن ما دام الإسلام ديانةً ترعى كلّ ناحية من نواحي حياة المسلم، فهذا يعني أنّ حرّية التعبير عن الرأي ستكون محدودة في كلّ المجالات. علاوة على ذلك، لم توضّح منظّمة التعاون الإسلامي ما الذي يُشكّل مخالفةً بالضبط. كذلك، انتهكت عدّة موادّ في إعلان القاهرة القانونَ الدولي. فوضعت المادّة 10 غير المسلمين في مرتبة أدنى وحرّمت تغيير الدين إلى غير الإسلام. بالإضافة إلى ذلك، لم يعترف الإعلان بحقّ التجمّع وتأسيس الجمعيات أو حماية النساء من التمييز. وبالفعل، منحت المادّة 12 الحقّ بحرّية التنقّل حصراً للرجال، فيما اعتبرت المادّة 6 الرجل ربّ الأسرة.

لكنّ العيب الأفضح في إعلان القاهرة هو تمكين الدول على حساب الأفراد. ففي العالم الحديث، أدخلت حكومات الدول المسلمة، ولا سيّما السنّية منها، الشريعة بشكل متزايد في أنظمتها القضائية المحلّية وضمّنتها ضمن سلطتها. وبغياب جهاز دولي له كلمة الفصل حول تفسير الشرع الإسلامي، أحال إعلان القاهرة حقوق الإنسان إلى استنسابية الدول. وكان هذا خياراً متعمّداً اعتمدته منظّمة التعاون الإسلامي التي سعت إلى استغلال لغة الشريعة لحماية السيادة الوطنية.

إعلان القاهرة: التلقّي والأثر

في العقد الأوّل من القرن، اعتبر البيروقراطيون والدول الأعضاء في منظّمة التعاون الإسلامي أنّ إعلان القاهرة مكمّلٌ للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وليس بديلاً عنه. ففي خطاب ألقاه السفير الباكستاني مسعود خان أمام الأمم المتّحدة في العام 2007، قال إنّ هذه الوثيقة القانونية “ليست نظرة عالمية بديلة ومنافسة عن حقوق الإنسان، بل هي تكمّل الإعلان العالمي لأنّها تعالج الخصوصية الدينية والثقافية للدول المسلمة”. لكن لأنّ عدّة دول مسلمة أبدت تحفّظات مرتكزة على الشريعة إزاء المعاهدات الدولية، رأى مجتمع حقوق الإنسان الليبرالي، ولا سيّما في أوروبا وأمريكا الشمالية، في إعلان القاهرة بديلاً مُتعمَّداً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان بإمكان دول منظّمة التعاون الإسلامي استعماله كدعم أيديولوجي لمواجهة الانتقادات التي تتلقّاها حيال تاريخها الرديء في مجال حقوق الإنسان. وازدادت مخاوف المنظّمات غير الحكومية الليبرالية في أوائل العقد الأول من القرن عندما بدأت منظّمة التعاون الإسلامي بالضغط على الأمم المتّحدة لتصنيف القدح الديني انتهاكاً لحقوق الإنسان. فقد حاولت الدول المُسلمة تصوير القدح بالأديان على أنّه شكل من خطاب الكراهية، الذي سبق أن حظّره العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.‏‏ لكنّ المجموعات الليبرالية رأت في ذلك محاولةً لاستغلال الشريعة وتقييد حرّية التعبير عن الرأي على المستوى العالمي.

وفي العام 2019، اعتمدت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا قراراً يعلن أنّ إعلان القاهرة والشريعة عموماً لا يتماشيان مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. علاوة على ذلك، طلب القرار من ثلاث دول أعضاء في مجلس أوروبا (ألبانيا وأذربيجان وتركيا)، وكلّها أعضاء في منظّمة التعاون الإسلامي، النأي بنفسها عن وثيقة العالم المُسلم. وفي عملية التصويت، رفض وفدا تركيا وأذربيجان القرار فيما لم يشارك الوفد الألباني.

وقد تجاهل معظم الخبراء الحقوقيين إعلان القاهرة، واختلفت الآراء بين الأقلّية التي درسته. فقال البعض إنّ الإعلان يتناقض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فيما ظنّ آخرون أنّه يفيد في “تطبيع النقاش حول حقوق الإنسان في الدول والمجتمعات ذات الأكثرية المسلمة”. ومع ذلك، وصفه آخرون بأنّه “وثيقة خاملة” بدون “جهاز ليفسّرها أو ليطبّقها”.

والقول إنّ إعلان القاهرة وثيقة باطلة قول دقيق. فما من تشريع محلّي واحد في دول منظّمة التعاون الإسلامي يمكن نسبه إليه. وحتّى في الأمم المتّحدة، نادراً ما تذكره الدول الأعضاء في منظّمة التعاون الإسلامي أو يهمّها أن تشمله في استجاباتها المرتبطة بحقوق الإنسان. وتتجاهل مجموعات المناصرة المسلمة وحتّى بيروقراطيّو منظّمة التعاون الإسلامي هذه الوثيقة. مع ذلك، كانت قيمة إعلان القاهرة رمزية أكثر منها عملية، إذ سمحت للدول المسلمة أن تفرض صوتها في النقاشات العالمية حول حقوق الإنسان التي شعرت بأنّها مُبعدة عنها وخاضعة لها. في المقابل، يعكس ردّ الفعل الذي ولّده الإعلان عدمَ ارتياح المجتمع الدولي إزاء هذا الصوت. ويمكن تبرير قسم من عدم الارتياح هذا بالقلق الحقيقي حول حقوق الإنسان في العالم المسلم وقسم آخر في الترهيب من الإسلام.

الطريق نحو المراجعة: إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان للعام 2020

تنبّهت منظّمة التعاون الإسلامي للانتقادات الموجّهة إلى إعلان القاهرة. فتبعاً لوثيقة نشرتها المنظّمة في العام الماضي، “تمّ الاعتراف بأنّ في [إعلان القاهرة] فجوات وتباينات قانونية ولغوية وتصوّرية تتطلّب مراجعة دقيقة لجعلها أكثر عملية وتمثيلية وأوسع انتشاراً والأهمّ أكثر قابلية للتطبيق”. ويعكس هذا الموقف عملية الإصلاح التي انتهجتها المنظّمة في أواسط العقد الأول من القرن. فبدفع من أكمل الدين إحسان أوغلو، الذي شغل منصب الأمين العام من العام 2003 إلى العام 2013، اعتمدت منظّمة التعاون الإسلامي برنامج عمل لعشر سنوات في العام 2005 وأعادت النظر في ميثاقها في العام 2008 وأدخلت تغييرات لإعادة التأكيد على التزامها بحقوق الإنسان. في خلال تلك الفترة، بدأت المنظّمة بالتقليل من ذكر الشريعة في وثائق حقوق الإنسان التي تنشرها، مشيرةً عوضاً عن ذلك إلى القيم الإسلامية عموماً. على سبيل المثال، في عهد حقوق الطفل في الإسلام للعام 2005، عوّلت منظّمة التعاون الإسلامي على الشريعة، لكن تمّ اعتبار الشرع الإسلامي مجموعةً واسعة من القيم التي تشكّل إيحاء للوثيقة ولم يتمّ استعمالها للحدّ من الحرّيات العالمية. وأخذت خطّة عمل منظّمة التعاون الإسلامي للنهوض بالمرأة للعام 2016 إلى مستوى أعلى، إذ لم تُشِر إلى الشريعة على الإطلاق، بل ذكرت “القيم الإسلامية” عدّة مرّات. فقد نصّت المقدّمة مثلاً أنّ “الخطـة تتيـح لمنظمـة التعـاون الإسلامي اتّخـاذ تدابيـر للقضـاء علـى جميـع أشـكال التمييــز ضــد المــرأة مــن أجــل الحــدّ مــن عــدم المســاواة بيــن الرجــال والنســاء، تماشــياً مـع قيمتـي العدالـة الاجتماعيـة والمسـاواة بيـن الجنسـين”.

والأهمّ من ذلك، أسّست منظّمة التعاون الإسلامي الهيئة الدائمة المستقلّة لحقوق الإنسان في العام 2011. ويفتقر هذا الجهاز إلى السُّلطات للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان أو تطبيق قراراته، ويفتقر أيضاً إلى الموارد لإجراء مراقبة فعّالة لحقوق الإنسان. وفي تقييم أجريته قبلاً، استنتجتُ أنّ هذا الجهاز أصبح واجهة خادعة وبات مهتمّاً بحقوق الأقلّيات المسلمة في أماكن مثل فلسطين أو ميانمار أكثر منه بانتهاكات حقوق الإنسان في الدول الأعضاء فيه. ومع أنّ هذا الأمر ما زال صحيحاً، رسّخت الهيئة الخطاب حول حقوق الإنسان داخل منظّمة التعاون الإسلامي وأصبحت حقوق الإنسان محوراً للمناصرة. وفي خلال الاجتماع الأوّل للهيئة الدائمة المستقلّة لحقوق الإنسان في جاكرتا في العام 2012، طلب الأمين العام إحسان أوغلو من هذا الجهاز المؤلّف من 18 عضواً في كلمته الافتتاحية بأن “يراجع مواثيق منظّمة التعاون الإسلامي ويحدّثها، بما في ذلك إعلان القاهرة”.علاوة على ذلك، أعطى مجلس وزراء الخارجية الهيئة تفويضاً واضحاً بمراجعة الوثيقة لكي تتماشى مع “معايير حقوق الإنسان الدولية القائمة والتعاليم الإسلامية المرتبطة بذلك ومبادئ المساواة والعدالة”.

وقادت الهيئة الدائمة المستقلّة لحقوق الإنسان عملية المراجعة. ومثلما جرى مع وثائق منظّمة التعاون الإسلامي الأخرى، تمّ ذلك بطريقة غير شفّافة. فقد وضعت مجموعةٌ فرعية من أعضاء الهيئة النسخةَ المعدّلة وقدّمتها لمجلس وزراء الخارجية الذي أنشأ مجموعة حكومية دولية لوضع اللمسات النهائية على المسوّدة. وبعد إنجاز الوثيقة رُفعت للمجلس لتنال الموافقة النهائية. وفي كلّ خطوة من الخطوات، لم يُعرف الكثير عن اللاعبين المعنيين لأنّ أسماء الأعضاء في المجموعة الفرعية في الهيئة الدائمة المستقلّة لحقوق الإنسان والمجموعة الحكومية الدولية بقيت طيّ الكتمان. علاوة على ذلك، في غضون عملية المراجعة، لم تنشر منظّمة التعاون الإسلامي علناً أي مسودّة غير نهائية للحصول على ملاحظات من منظّمات المجتمع المدني أو المنظّمات غير الحكومية أو النقابات التي تشكّل الأصوات الأكثر تقدّماً حول الإسلام وحقوق الإنسان في العالم المسلم. ويعكس الإحجام عن العمل مع مجموعات كهذه العدائية التي يكنّها الكثير من الدول الأعضاء لهذه المجموعات والتوجّه الحكومي الدولي القوي لدى منظّمة التعاون الإسلامي. لكن كان في وسع الهيئة الدائمة المستقلّة لحقوق الإنسان الاستفادة من عملية المراجعة لترسيخ استقلالها وتعزيز علاقاتها الخاصّة مع المجتمع المدني.

الابتعاد عن الشريعة

من ناحية الأسلوب والفلسفة الضمنية، يميل إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان نحو معايير حقوق الإنسان الدولية أكثر منها نحو إعلان القاهرة. وقد غيّرت منظّمة التعاون الإسلامي العنوان من إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام إلى إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان فحسب. ويشير هذا التغيير إلى أنّ القوى داخل المنظّمة أبعدتها عن الادّعاء بأنّها تتحدّث باسم الدين ويسلّط الضوءَ على الطبيعة الحكومية الدولية في منظّمة التعاون الإسلامي ويجعل الإعلان منحازاً بشكل أفضل إلى المواثيق الإقليمية الأخرى لحقوق الإنسان. وعلْمنتْ المراجعاتُ الوثيقةَ عبر حذف أي إشارة إلى الشريعة أو الإسلام.

ولم تكن هذه الخطوات مجرّد تغييرات رمزية لإرضاء نُقّاد إعلان القاهرة أو محاولة إعادة إطلاق صورة جديدة للمنظّمة، بل هي تعكس تحوّلات أيديولوجية في العالم المسلم بدأت تتبلور في أوائل العقد الأوّل من القرن وازدادت وتيرتها بعد الربيع العربي في العام 2011. فقد كان إعلان القاهرة وليدَ نفوذ أوسع للإسلاميين الذين رأوا “أنّ الإسلام هو الحلّ” ولإيران التي رأت في المواجهة السياسية حول مسائل خلافية فرصةً لترسيخ قيادتها المسلمة. لكن في العام 2020 تغيّرت الأوضاع بعكس مصالحها: فقدتْ الإسلامويةُ بريقها في الفكر السياسي المسلم وخسرت إيران موقعها البارز في منظّمة التعاون الإسلامي بسبب الصراع مع القوّة المسيطرة حالياً في المنظّمة: المملكة العربية السعودية. في الوقت عينه، كسبت الأصوات المعتدلة في أماكن مثل تركيا النفوذَ، ممّا أبعد فلسفة المنظّمة حيال حقوق الإنسان أكثر فأكثر عن الإسلام السياسي.

ويعكس إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان تسوية صعبة، وأحياناً متناقضة، بين ثلاثة تأثيرات، أوّلها سيادة الدولة، إذ يشدّد بيروقراطيّو الدولة السلطوية على عدم التدخّل في المسائل المحلّية وعلى أسبقية القانون الوطني على حقوق الإنسان وعلى ازدراء حرّية تأسيس الجمعيات والمشارَكة السياسية. والتأثير الثاني هو المقاومة الرّجعية إزاء تفسير تقدّمي للحرّيات الأساسية. وأكثر مَن يعبّر عن ذلك هم المحافظون، الذين يطالب بعضُهم بحماية المبادئ الإسلامية، بما في ذلك القيم العائلية، التي يعتبرونها مُهدَّدة بالإمبريالية الثقافية الغربية المقنَّعة غالباً في خطابات حقوق الإنسان الدولية. ففي الأوساط المحافظة، يتمّ استخدام القيم العائلية أحياناً كمنصّة لمقاومة الدعوات المُنادية بزيادة حقوق المرأة والميول الجنسية والهوية الجنسانية. أما التأثير الثالث، فينبع من المعتدلين الذين يريدون الوصول إلى تلاؤم بين الحرّيات العالمية والمبادئ الإسلامية. فعلى غرار الإسلاميين السياسيين الذين اجتمعوا حول بعض المفكّرين البارزين، تشجّع المعتدلون ببعض المفكّرين المعاصرين على غرار حسن حنفي المصري (مواليد العام 1935) وعبد الله بن بيه الموريتاني (مواليد العام 1935) وعبد الكريم سروش الإيراني (مواليد العام 1945) وراشد الغنوشي التونسي (مواليد العام 1941). وتُشكّل “المقاصد” إحدى المقاربات الشعبية التي استعملها بعض من هؤلاء المفكرّين، وهي تشتمل على تفسير قواعد الشريعة بطريقة تحمي التالي وتعزّزه: الحفاظ على الحياة والفكر والنسب والملكية والدين. ويسمح أسلوب الفهم القانوني هذا، بشكل عام، بتأويلات للشرع الإسلامي تتماشى مع معايير حقوق الإنسان العالمية.

وفي جهد من منظّمة التعاون الإسلامي للتوفيق بين هذه التأثيرات الثلاثة، حذفت المنظّمة ذكر عبارة الشريعة من البنود التشغيلية، لكنّها أبقت عليها في الديباجة، وأجرت المزيد من التنازلات لإرضاء كلّ جهة من الجهات الثلاثة. وللحرص على أن تحافظ الدول على سيادتها، أعطت المنظّمة الأفضلية للقانون المحلّي. علاوة على ذلك، شدّدت على القيم التقليدية لترضي المحافظين وأعطت المزيد من التفاصيل عن مجالات التداخل بين إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان والإعلان العالمي لحقوق الإنسان لتُرضي المعتدلين.

المحتوى: نقاط التلاقي ونقاط الاختلاف

يشكّل إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان ابتعاداً مُلفتاً عن إعلان القاهرة وخطوةً أقرب إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ولكن مع ذلك، ما زالت هذه الوثيقة لا ترقى إلى مستوى المعايير الدولية في الكثير من النواحي.

بغية جعل إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان مختلفاً عن إعلان القاهرة، حذفت المنظّمة لغةَ التفوّق الإسلامي من الدّيباجة. وصحيفة المدينة هي وثيقة تاريخية يُشار إليها أحيانا بدستور المدينة وتمّ وضعها في أيّام النبي محمّد في العام 622 ويعتبره إعلانُ منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان أقدمَ وثيقة لحقوق الإنسان في الإسلام من أجل إبراز اعتراف العالم المسلم القديم بالحرّيات الأساسية.لكنّ الصحيفة، على الرغم من أنّها سابقة لعصرها من ناحية التعدّدية والتسامح، لا علاقة لها بحقوق الإنسان. فعوضاً عن تحديد حقوق الأفراد كما هو الحال في دستور ما، الصحيفة هي معاهدة تركّز على الحقوق والواجبات المفروضة على المجموعات والقبائل المُقيمة في المدينة المنوّرة، بما فيها اليهودية، وعلى التزامها بالدفاع الجماعي. علاوة على ذلك، يولي إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان أهمّية أقلّ للشرع الإسلامي، على عكس الإعلان الذي سبقه. وبالفعل، لا تُذكر عبارة الشريعة سوى ثلاث مرّات ويتمّ إبرازها كمجموعة من المبادئ التي يُستلهم الإعلان منها لا أكثر. وعوّضت منظّمة التعاون الإسلامي عن هذا التشديد المخفّف على الشريعة عبر الإشارة بشكل متكرّر إلى القانون الوطني، مُشدّدة على أسبقية سيادة الدولة على الحرّيات العالمية. بيد أنّ هذا التغيير يجعل الوثيقة بلا طائل في الأُطر السُّلطوية الخالية من حكم قوي للقانون ويزيد أهمّيةَ دور الشريعة ضمناً، وبشكل خاص في دول منظّمة التعاون الإسلامي التي تعتمد أنظمة تشريعية مرتكِزةً على الشريعة.

لكن بغضّ النظر عن هذه الانتقادات، وضعت منظّمة التعاون الإسلامي إعلانها لحقوق الإنسان لكي تقترب أكثر من معايير حقوق الإنسان الدولية. فالوثيقة مثلاً تزيد من حقوق المرأة، ولا سيّما من خلال المادّة الخامسة التي تنصّ على أنّ “الدولة والمجتمع سيأخذان كلّ الإجراءات اللازمة لتذليل الصعوبات التي تعرقل تمكين المرأة وقدرة وصولها إلى التعليم الجيّد والرعاية الصحّية الأساسية والتوظيف والحماية الوظيفية وحقّ نيل أجرٍ مساوٍ لقاء عمل مساوٍ، فضلاً عن مشاركتهنّ الكاملة والفاعلة في مجالات الحياة كافّة”. وتضيف المادّة أنّ “المرأة والطفلة ستكونان محميّتَين من جميع أشكال التمييز والعنف والإساءة والممارسات التقليدية المؤذية”. علاوة على ذلك، لم يجعل إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان من الأزواج أرباب الأُسر.

على الرغم من مجالات التقدّم هذه، ما زالت منظّمة التعاون الإسلامي غير ممتثلة لعددٍ من المعايير الدولية. مثلاً، يُغفل إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان، على غرار إعلان القاهرة، الكثيرَ من الحقوق، من بينها حقوق التجمّع السلمي وتأسيس الجمعيات والاقتراع العام. ويعكس هذا بديهياً غَلبة الأنظمة السياسية السلطوية في الدول الأعضاء وليس أخلاقيات الشريعة أو فقهها. وتحدّد الوثيقة أيضاً الزواج بين رجل وامرأة، وتطلب من الدول الأعضاء حماية العائلة والزواج، ممّا يبرهن على التأثيرات المحافظة المذكورة أعلاه.

ويشوب إعلانَ منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان تقصيرٌ في مجال حقوق مجتمع الميم (المثليّات والمثليّين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية والمتسائلين). ففي داخل الأمم المتّحدة قالت منظّمة التعاون الإسلامي مراراً إنّ مجتمع الميم لا يحقّ له بالمساواة أو بالحماية من التمييز وأنّ مطالب مجتمع الميم تقوّض القيم العائلية وتُديم الهجوم الثقافي الليبرالي الغربي على المبادئ الإسلامية بشكل أوسع. ومع التشديد على العائلة والتعريف التقليدي للزواج، يرتكز الإعلان الجديد على هذا الموقف وسيرسّخ عزيمة منظّمة التعاون الإسلامي في المنتديات الدولية. علاوة على ذلك، سيعطي دفعاً للمجموعات المناهِضة لمجتمع الميم في الدول الأعضاء.

بالإضافة إلى ذلك، ليست حرّية التعبير عن الرأي مُدرجة في إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان، إذ تنصّ الديباجة على الحاجة إلى “حماية حقوق المجتمعات والمحافظة على كرامتها وهويّتها الدينية والثقافية”. وتعكس هذه اللغة جزئياً مخاوف منظّمة التعاون الإسلامي حيال الترهيب من الإسلام في الغرب وجهودها المبذولة منذ زمن لمكافحة القدح الديني في الأمم المتّحدة. لكنّ المنظّمة تطرح قيوداً على حرّية التعبير عن الرأي بشكل يتخطّى خطاب الكراهية، قائلة إنّ هذا الحقّ “لا يجوز استعماله لانتهاك حرمات كرامة الأنبياء والأديان والرموز الدينية أو لتقويض قيم المجتمع الأخلاقية والمعنوية.”

ويبرز اختلاف آخر بين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وإعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان، ألا وهو أنّه على عكس الإعلان الأوّل الذي يطلب من الدولة حماية حقوق الإنسان، يعجّ الإعلان الثاني بإشارات إلى مسؤولية “الدولة والمجتمع”. ويضفي هذا المزيج غموضاً على موضوع أساسي في حقوق الإنسان الحديثة، لأنّ المواثيق والمعاهدات تضع المسؤولية كاملة على عاتق الدول للحرص على أن يحظى الناس في أراضيها وضمن نطاقها بالحرّيات العالمية.مسألة التطبيق

سيكون لإعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان أهميّة كبيرة لأنه يبيّن استعداد الدول المُسلمة لتقبّل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولعدم اللجوء إلى الشريعة للحدّ من الحريّات العالمية. فتقدّم هذه الوثيقة صياغةً أكثر تطوّراً وعصريةً لآراء الدول الأعضاء في منظّمة التعاون الإسلامي إزاء حقوق الإنسان مقارنةً بإعلان القاهرة، وذلك من خلال ذكر الاختلافات في مسائل مثل حقوق المرأة والعائلة وحريّة التعبير عن الرأي والميول الجنسية والهوية الجنسانية. ويشتدّ الخلاف على هذه المسائل في الأوساط العامة العالمية وفي منتديات الأمم المتحدة. ويقدّم إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان صياغةً واضحةً لمواقف منظّمة التعاون الإسلامي حول هذه المواضيع ويعزّز عزيمة المنظّمة ويؤمّن فرصةً للدول الأعضاء للدفاع عن ممارساتها ضدّ النقد الغربي. غير أنّ المسألة الأهمّ في المستقبل ستكّمن في ارتباط الوثيقة الفعلي بحقوق الإنسان. فعلى غرار إعلان القاهرة في العام 1990، إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان غير ملزِم. وبينما برزت بعض المحاولات لصياغة معاهدة ملزِمة لحقوق الإنسان، يبدو أنّ هذا المشروع مطروح جانباً.

ما تأثير إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان في حماية حقوق الإنسان وتعزيزها في الدول الأعضاء؟ في حال شرّعت الدول الأعضاء حقوق الإنسان، ستفضّل على الأرجح الاستعانة بوثائق الأمم المتحدة وليس وثائق منظّمة التعاون الإسلامي، وذلك لكي تشير إلى امتثالها لهذه المعاهدات وتُطمئن الدول الغربية ومجتمعات حقوق الإنسان. لكن في الوقت عينه، قد تستند الدول الأعضاء والمجموعات المحافظة إلى إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان من أجل تعزيز موافقها بشأن قيود حريّة التعبير، بما فيها قوانين التّجديف، أو مواجهة مطالب مجتمع الميم أو تعزيز القيم العائلية.

وقد يلاقي إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان مصيرَ إعلان القاهرة نفسه لدى المجموعات المناصِرة لحقوق الإنسان. فعلى الأرجح أن تتجاهل هذه المجموعات في دول منظّمة التعاون الإسلامي، التي يؤيّد الكثير منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الإعلانَ لأنّها استُقصيَت من عملية المراجعة ولأنّ الوثيقة، على غرار سابقتها، لا تحمي حريّة التجمّع وتأسيس الجمعيات. وطبعاً، هذا أمر مؤسف. ففي الوقت الذي وضعت منظّمة التعاون الإسلامي أجندتها المتعلّقة بحقوق الإنسان عبر عملية الإصلاح الخاصة بها، برزت آمال بأنّها قد تتعاون مع منظّمات المجتمع المدني وتمنحها ربّما “صفةً استشارية”. ويعمد النظام التأسيسي للهيئة الدائمة المستقلّة لحقوق الإنسان إلى تشجيع الهيئة على التعاون مع المجتمع المدني لحقوق الإنسان وتعزيزه ودعمه.

ويمكن أن يسهم دمج منظّمات المجتمع المدني في منظّمة التعاون الإسلامي في دعم حقوق الإنسان من خلال تعزيز حريّة تأسيس الجمعيات وتشجيع المشاركة السياسية عبر جعلها مرئيّة أكثر ومنحها الفرصة لتصبح منخرِطة في السياسة العالمية. وبإمكان المجتمع المدني أيضاً أن يساعد على توسيع قدرات المنظّمة في مجال حقوق الإنسان والدفع بالدول الأعضاء إلى اتّجاه يعزز الحقوق أكثر. وبالفعل، قد يكون من المفيد تضمين منظّمات المجتمع المدني، التي تتحلّى بالصوت الأكثر تقدّماً عن الإسلام وحقوق الإنسان في العالم المسلم، لكي تتمكّن من تشجيع المنظّمة على ردم الهوة بين إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وحماية تلك الحقوق المذكورة في كلا الإعلانَين بشكل أفضل.

ولم تتعاون منظّمة التعاون الإسلامي بعد مع المجتمع المدني الملتزم بحقوق الإنسان بسبب تشكيك الدول الأعضاء به وحتّى العدائية التي تكنّها له. غير أنّ المنظّمة تعمل مع المجموعات الإنسانية اللاسياسية والخدماتية التوجّه التي لها ميل إسلامي محافظ، بالإضافة إلى المنظّمات غير الحكومية المسلمة من خارج دولها الأعضاء. ومن جهة منظّمات المجتمع المدني لحقوق الإنسان، أبدى بعضها اهتماماً كبيراً في العمل مع الهيئة الدائمة المستقلّة لحقوق الإنسان بالتحديد. فحينما تأسّست الهيئة في العام 2011، طلبت 230 منظّمة من هذه المنظّمات في 24 دولة منتمية لمنظّمة التعاون الإسلامي، بقيادة المنظّمة غير الحكومية لحقوق الإنسان الإسلامية التركية (MAZLUMDER)، من المنظّمة “أن تفسح في المجال لمشاركة المجتمع المدني في الهيئة وأن تتبع عمليةً يتم من خلالها استشارة المجتمع المدني على كلّ مستوياته وشمله”. غير أنّ طلبها لم يلقَ استجابةً، وتبقى منظّمات المجتمع المدني مورداً غير مُستفاد منه في مجتمع دول منظّمة التعاون الإسلامي. بالفعل، شكّل استقصاء إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان من عملية الصياغة فرصةً ضائعةً.

وتكمن الطريقة النهائية لكي تعمل منظّمة التعاون الإسلامي على تطبيق الإعلان في إشراك الهيئات الإدارية المموَّلة من الحكومة والمسؤولة عن حماية حقوق الإنسان وتعزيزها، وهي معروفة باسم المؤسّسات الوطنية لحقوق الإنسان. وتتواجد مؤسّسة وطنية لحقوق الإنسان في 34 دولة عضو من أصل 57 دولة. وقد سعت الهيئة الدائمة المستقلّة لحقوق الإنسان لفترة طويلة إلى إنشاء علاقات أوثق مع هيئات من هذا النوع وإلى تأسيس شبكة لمنظّمة التعاون الإسلامي من أجلها. وفي حال تحقّق ذلك، ستسهّل هذه الشبكة مراقبة إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان وتطبيقه. لكن ليحصل هذا الأمر، ستحتاج منظّمة التعاون الإسلامي إلى توسيع سُلطة الهيئة الدائمة المستقلّة لحقوق الإنسان لكي تكتسب صلاحيةَ تنفيذ القرارات والمواردَ لتعزيز المراقبة.

الخاتمة والتوصيات

يشكّل إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان نسخةً محسَّنة من إعلان القاهرة في العام 1990، فهو يتوافق أكثر مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ويمنح صياغةً عصريةً لمواقف الدول المسلمة إزاء حقوق الإنسان. وعلى الرغم من أنّ بعضهم قد يخشى من أن تمثّل الوثيقة المنقَّحة نسخةً مجدَّدة من سابقتها، يصرف هذا الأمر الانتباه عن التقدّم الكبير الذي تشهده منظّمة التعاون الإسلامي. بالفعل، تعكس مراجعة إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان انخراط المنظّمة في حقوق الإنسان الدولية واستجابتها للنقد، ويعكس أيضاً استعدادها لتقبّل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وعدم الاستعانة بالشريعة للحدّ من الحريّات الأساسية.

في المستقبل، إن أراد المجتمع الدولي ومنظّمة التعاون الإسلامي تعزيز حقوق الإنسان في العالم المسلم أكثر فأكثر، فعليهما أن يركّزا على التطبيق والدبلوماسية وإشراك المجتمع المدني. وفي ما يتعلّق بالتطبيق، ينبغي على منظّمة التعاون الإسلامي الاستمرار بتحسين رؤيتها لحقوق الإنسان، والأهمّ، الانتقال إلى تطبيق الحريّات الأساسية من خلال المعاهدات الملزِمة وتعزيز المراقبة. وعليها أيضاً أن تساعد الدول الأعضاء على بناء القدرات في مجال حقوق الإنسان. ومن جهة المجتمع الدولي، بإمكانه أن يتعاون مع الدول الأعضاء ويجدر به ذلك، وبوجه خاص مع المؤسّسات الوطنية لحقوق الإنسان فيها، لتنفيذ مبادئ إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان التي تتوافق أصلاً مع مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وفي ما يتعلّق بأوجه الاختلاف، ينبغي على الأمم المتّحدة والحكومات الغربية والمنظّمات غير الحكومية لحقوق الإنسان أن تشارك في الدبلوماسية والحوار مع منظّمة التعاون الإسلامي. وسيكون لإجراء تخاطب لائق قدر عالٍ من الأهمّية. ففي حال هاجم المجتمع الدولي إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان عن طريق السخرية والإهانة والتعيير، سيؤدّي هذا الأمر إلى تمكين المحافظين في منظّمة التعاون الإسلامي على حساب المعتدلين. أخيراً، ينبغي إشراك منظّمات المجتمع المدني. فينبغي أن تتعاون منظّمة التعاون الإسلامي مع منظّمات المجتمع المدني والمنظّمات غير الحكومية والنّقابات في الدول الأعضاء إذا أرادت أن تزيد الفعالية. ومع أنّ المجتمع المدني استُقصي من عملية مراجعة إعلان القاهرة، فإنّ انخراطه أساسيٌ للحرص على أن يحظى إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان بالرؤية والشرعية والتأثير.

ملحق

تقارن الجداول أدناه بين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وإعلان القاهرة وإعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان. ويشار إلى مصدر كلّ حق بالوثيقة ورقم المادّة.

مفتاح الجداول 1، 2، 3:

ع: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

ق: إعلان القاهرة

م: إعلان منظّمة التعاون الإسلامي لحقوق الإنسان

123

 

 

 

  • Footnotes
    1. United Nations (U.N.), “Universal Declaration of Human Rights,” December 10, 1948, https://www.un.org/en/universal-declaration-human-rights/
    2. The Organisation of the Islamic Conference (OIC), “The Cairo Declaration on Human Rights in Islam,” August 5, 1990, https://www.oic-iphrc.org/en/data/docs/legal_instruments/OIC_HRRIT/571230.pdf
    3. Patricia Feeney, “The UN World Conference on Human Rights, Vienna, June 1993,” Development in Practice 3, no. 3 (1993): 218–21, https://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/096145249100077371?journalCode=cdip20
    4. كانت بلدان الجنوب ناشطة في النقاشات حول حقوق الإنسان في فترات أخرى أيضاً. مثلاً، طرح المؤتمر الآسيوي الأفريقي في العام 1955 في باندونغ في إندونيسيا حق تقرير المصير الذي ورد في ‎العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‏ و‎‎العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية‏‏ في العام 1966.
    5. OIC, “The Cairo Declaration on Human Rights in Islam”; Coalition for Peace and Development, “Bangkok NGO Declaration on Human Rights : report / by the Secretariat,” U.N., April 19, 1993,https://digitallibrary.un.org/record/170675?ln=en; U.N., “Final documents of the Tenth Conference of Heads of State or Government of NAM – Letter from Indonesia,” September 1992, https://www.un.org/unispal/document/auto-insert-179754/
    6. Susan Waltz, “Universal Human Rights: The Contribution of Muslim States,” Human Rights Quarterly 26, no. 4 (November 2004): 799–844, https://www.jstor.org/stable/20069761
    7. لكلّ التحفّظات على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، راجع: “Status of Treaties: International Covenant on Civil and Political Rights,” U.N. Treaty Collection, accessed July 29, 2020,https://treaties.un.org/Pages/ViewDetails.aspx?src=TREATY&mtdsg_no=IV-4&chapter=4&clang=_enلنقاش مفصّل عن استعمال قطر لتحفظات مرتكزة على الشريعة، راجع أيضاً: Başak Çali, “Qatar’s Reservations to the ICCPR: Anything new under the VCLT Sun?,” September 19, 2019, https://www.ejiltalk.org/qatars-reservations-to-the-iccpr-anything-new-under-the-vclt-sun/
    8. Irene Oh, The Rights of God: Islam, Human Rights, and Comparative Ethics (Washington, DC: Georgetown University Press, 2007).
    9. Peter Mandaville, Islam and Politics (New York: Routledge, 2014).
    10. Yasser Salimi, “Organization of Islamic Cooperation and Human Rights: Problems and Prospects,” master’s thesis, Saint Joseph University of Beirut, Institute of Political Science, September 23, 2019, https://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=3564926
    11. Turan Kayaoglu, The Organization of Islamic Cooperation: Politics, Problems, and Potential (New York: Routledge, 2017).
    12.  هذا المقسم مأخوذ من: Turan Kayaoglu, “It’s Time to Revise The Cairo Declaration on Human Rights in Islam,” Brookings Institution, Op-ed, April 23, 2012, https://www.brookings.edu/opinions/its-time-to-revise-the-cairo-declaration-of-human-rights-in-islam/
    13. OIC, “The Cairo Declaration on Human Rights in Islam.”
    14. المرجع ذاته.
    15. “Statement by Ambassador Masood Khan, Pakistan’s Permanent Representative to the United Nations, on behalf of the Organisation of the Islamic Conference, on the Universal Declaration of Human Rights, Geneva, 10 December 2007,” Permanent Mission of Pakistan to the United Nations & Other International Organizations, accessed August 19, 2020, http://www.pakistanmission-un.org/2005_Statements/CHR/sthrcamb_10dec07.htm
    16.  U.N. Human Rights Office of the High Commissioner, “International Covenant on Civil and Political Rights,” December 16, 1966, art. 20, https://www.ohchr.org/en/professionalinterest/pages/ccpr.aspx
    17. “Islamic Law vs Human Rights,” Humanists International, March 10, 2008, https://humanists.international/2008/03/islamic-law-vs-human-rights/
    18. Parliamentary Assembly of the Council of Europe (PACE), “Sharia, the Cairo Declaration and the European Convention on Human Rights,” Resolution 2253 (2019), January 22, 2019, http://assembly.coe.int/nw/xml/XRef/Xref-XML2HTML-en.asp?fileid=25353
    19. “Vote on Resolution: Assembly’s voting results,” PACE, accessed August 1, 2020, http://assembly.coe.int/nw/xml/Votes/DB-VotesResults-EN.asp?VoteID=37500&DocID=16838&MemberID=&Sort=1
    20. Ann Elizabeth Mayer, Islam and Human Rights: Tradition and Politics (New York: Routledge, 2018).
    21. Abdullah Saeed, Human Rights and Islam: An Introduction to Key Debates between Islamic Law and International Human Rights Law (Cheltenham, UK: Edward Elgar Publishing, 2018), 57.
    22. Mashood A. Baderin, International Human Rights and Islamic Law (Oxford: Oxford University Press, 2003), 228.
    23. Ioana Cismas, Religious Actors and International Law (Oxford: Oxford University Press, 2014).
    24. Statistical, Economic and Social Research and Training Centre for Islamic Countries (SESRIC) and the OIC Independent Permanent Human Rights Commission (IPHRC), “Human Rights Standards and Institutions in OIC Member States,” September 16, 2019, https://www.sesric.org/files/article/674­.pdf
    25. “General Secretariat,” Organisation of Islamic Cooperation (OIC), accessed August 19, 2020, https://www.oic-oci.org/page/?p_id=38&p_ref=14&lan=en
    26. Marie Juul Petersen and Turan Kayaoglu, eds., The Organization of Islamic Cooperation and Human Rights(Philadelphia, PA: University of Pennsylvania Press, 2019).
    27.  Turan Kayaoglu, “A Rights Agenda for the Muslim World? The Organization of Islamic Cooperation’s Evolving Human Rights Framework,” BDC, Analysis Paper no. 6, January 2013, https://www.brookings.edu/wp-content/uploads/2016/06/Turan-Kayaoglu-English.pdf
    28. خطّة عمل منظمة التعاون الإسلامي للنهوض بالمرأة (أوباو)، 1-3 نوفمبر، https://www.oic-oci.org/docdown/?docID=3334&refID=1110
    29. Kayaoglu, “A Rights Agenda for the Muslim World?”
    30. Turan Kayaoglu, “The OIC’s Independent Permanent Human Rights Commission: An Early Assessment,” The Danish Institute for Human Rights, Matters of Concern, Human Rights’ Research Paper No. 2015/3, January 28, 2015, https://www.humanrights.dk/sites/humanrights.dk/files/media/migrated/2015%20matters_of_concern_kayaoglu_2015.pdf
    31. OIC-IPHRC, “Statement by H.E. the Secretary General at the First IPHRC Session,” February 20, 2012, https://www.oic-iphrc.org/en/data/docs/session_reports/1st/SG%20Statement%20-%20IPHRC%20-%201st%20Session%20-%20Jakarta%20-%20EV.pdf
    32. SESRIC and the OIC-IPHRC, “Human Rights Standards and Institutions in OIC Member States,” 9.
    33. Salimi, “Organization of Islamic Cooperation and Human Rights.”
    34. Shahram Akbarzadeh and Zahid Shahab Ahmed, “Impacts of Saudi Hegemony on the Organization of Islamic Cooperation (OIC),” International Journal of Politics, Culture, and Society 31, no. 3 (2018): 297–311, https://doi.org/10.1007/s10767-017-9270-x
    35. Kayaoglu, The Organization of Islamic Cooperation.
    36. Jasser Auda, Maqasid Al-Shariah as Philosophy of Islamic Law: A Systems Approach (Herndon, VA: International Institute of Islamic Thought, 2008).
    37. لنقاش عن صحيفة المدينة، راجع: Anver Emon, “Reflections on the ‘Constitution of Medina’: An Essay on Methodology and Ideology in Islamic Legal History,” UCLA Journal of Islamic & Near Eastern Law 1, no. 1 (Fall/Winter 2001–2): 103–33, https://heinonline.org/HOL/LandingPage?handle=hein.journals/ucjicneal1&div=9&id=&page=
    38. المرجع ذاته.
    39. كان هذا الموضوع مسألة حاضرة دائماً في أجندة حقوق الإنسان لدى منظّمة التعاون الإسلامي. راجع: Moataz El Fegiery, “Competing Perceptions: Traditional Values and Human Rights,” in The Organization of Islamic Cooperation and Human Rights, Petersen and Kayaoglu.
    40. Robert C. Blitt, “The Organization of Islamic Cooperation’s (OIC) Response to Sexual Orientation and Gender Identity Rights: A Challenge to Equality and Nondiscrimination Under International Law,” Transnational Law & Contemporary Problems 28, no. 1 (2019): 89–187, https://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=3312845
    41. Turan Kayaoglu, “Giving an Inch Only to Lose a Mile: Muslim States, Liberalism, and Human Rights in the United Nations,” Human Rights Quarterly 36, no. 1 (February 2014): 61–89, https://www.jstor.org/stable/24518097; Heini í Skorini, “The OIC and Freedom of Expression: Justifying Religious Censorship Norms with Human Rights Language,” in The Organization of Islamic Cooperation and Human Rights, Petersen and Kayaoglu.
    42.  بالإضافة إلى الدول العادية، يترتب على الكيانات الشبيهة بالدولة التي لها سيطرة فعلية على شعب أو أرض بموجب القانون الدولي أن تحمي حقوق الإنسان للسكان ضمن منطقتها؛ Jack Donnelly, Universal Human Rights in Theory and Practice (Ithaca, NY: Cornell University Press, 2013).
    43. Marie Juul Petersen, “The OIC and Civil Society Cooperation: Prospects for Strengthened Human Rights Involvement?,” in The Organization of Islamic Cooperation and Human Rights, Petersen and Kayaoglu.
    44. Kayaoglu, “A Rights Agenda for the Muslim World?”; For more information on the role of civil society and social movements in advancing human rights in the Muslim world, see Anthony Tirado Chase and Amr Hamzawy, eds., Human Rights in the Arab World: Independent Voices (Philadelphia, PA: University of Pennsylvania Press, 2008); and Anthony Tirado Chase, Human Rights, Revolution, and Reform in the Muslim World (Boulder, CO: Lynne Rienner Publishers, 2012).
    45. Petersen, “The OIC and Civil Society Cooperation.”
    46. المرجع ذاته.
    47. Kayaoglu, The Organization of Islamic Cooperation.
    48. Kayaoglu, “A Rights Agenda for the Muslim World?”
    49. يرتكز ذلك على تصنيف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ونموذج المقارنة المعروض في Universal Human Rights in Theory and Practice, Donnelly.