October

30
2017

6:00 pm EDT - 7:30 pm EDT

التداعيات الجيوسياسية والأمنية للأزمة الخليجية

Monday, October 30, 2017

6:00 pm - 7:30 pm EDT

قاعة الوجبة

فندق إنتركونتيننتال الدوحة (بجانب كتارا)
الدوحة, DC

استضاف مركز بروكنجز الدوحة في 30 أكتوبر 2017 ندوة حوارية ناقشت التداعيات الجيوسياسية والأمنية للأزمة الخليجية المستمرة. وشارك في هذه الندوة كل من رامي خوري، أستاذ الصحافة في الجامعة الأمريكية ببيروت؛ ومهران كامرافا، مدير مركز الدراسات الإقليمية والدولية في جامعة جورجتاون-قطر؛ وعبد الله الشايجي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الكويت. وقد أدار اللقاء مدير مركز بروكنجز الدوحة طارق يوسف بحضور عدد من الأكاديميين والدبلوماسيين والإعلاميين.

استهلّ يوسف اللقاء بتقديم المتحدثين، ثم افتتح النقاش مسلّطاً الضوء على انعدام الاستقرار السياسي والأمني العميقين وحالة عدم اليقين في الخليج. وأشار إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشهد واحدة من أسوأ مراحل الاستقطاب والتوترات الطائفية التي تأججها صراعات أهلية ومنافسة إقليمية حادة بين السعودية وإيران. ثم طلب يوسف من المتحدثين التعليق على الوضع في المنطقة وتقييم كيفية تحديد التحولات الجيوسياسية الراهنة مستقبل الشرق الأوسط.

واستهلّ الشايجي مداخلته بالإشارة إلى أن السياسات العربية قد شهدت تحوّلاً كبيراً منذ الربيع العربي، الأمر الذي أدى إلى تفكك الأنظمة السياسية واضطرابات أمنية وتهديد سيادة الدول. فالصراع المستمر بين أطراف تطمح إلى الحرية من جهة، وأخرى تخاف من فقدان السلطة من جهة أخرى، قد خلق لعبة يخسر فيها جميع الأطراف وتؤثّر سلباً في كافة شعوب المنطقة. ويهدد استمرار هذه اللعبة بتعطيل مجلس التعاون الخليجي بشكلٍ دائم بسبب الأزمة الراهنة بين دول المجلس. واعتبر الشايجي أنّ انسحاب القيادة الأمريكية قد ساهم في التوترات بين هذه الدول، لا سيما وأنّ الدول الأربعة التي تقودها السعودية والإمارات العربية المتحدة والتي قاطعت قطر اعتبرت أنّ الولايات المتحدة لن تدعم قطر. وختم الشايجي حديثه قائلاً إن هذه الأزمة تحوّلت من تنافس إقليمي إلى حربٍ باردة دول مجلس التعاون الخليجي.

وتأكيداً على مداخلة الشايجي، علّق خوري على عمليتين تجريان حالياً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فأشار أولاً إلى عملية التفكيك وإعادة التشكيل في المنطقة التي تعود إلى الحرب الباردة. أما العملية الثانية، فهي هذا التحول في الديناميكيات الإقليمية الذي عزّز الأداء السيئ للدول العربية، وفشل الحكومات العربية في تقديم الخدمات والحماية المناسبتين لشعوبها. ومثالاً على ذلك، أشار خوري إلى أنّ 20 مليون طفل عربي لا يذهبوا إلى المدارس، الأمر الذي يضع جيلاً بأكمله عرضة للإقصاء والتهميش بسبب الافتقار إلى الفرص الاقتصادية.

بالإضافة إلى ذلك، أشار خوري إلى أنه في خلال الربيع العربي، تنامى قلق النظام في السعودية والإمارات من بروز النشاط السياسي والمطالبات بالحقوق السياسية، وبشكلٍ خاص صعود الحركات الإسلامية، مثل جماعة الإخوان المسلمين. واعتبرت هذه الدول أنّ قطر وقناة الجزيرة التابعة لها تشكّلان خطراً على سيادتها، الأمر الذي سبب الأزمة التي يشهدها مجلس التعاون الخليجي اليوم. وقال خوري إنّ الحصار المفروض على قطر قد أعاد تعريف سيادة الدول في المنطقة.

وفي ما يتعلق بمجلس التعاون الخليجي، قال كامرافا إن هذه المنظومة بدت غير فعالة منذ إنشائها، فقد أظهرت مشاكل أساسية في الهوية بسبب القيادة الممنوحة للسعودية بحكم الواقع. وأشار إلى أن المشاكل البنيوية في البيت الخليجي فاقمت الأزمة، لأن آلية المنظمة لإدارة الأزمات والخلافات الداخلية أثبتت أنها غير فعالية إلى حد كبير. وقال كامرافا إنّ تسلسل هرمي إقليمي جديد بدأ يظهر بسبب هذه الأزمة، حيث أصبحت إيران وإسرائيل والسعودية وتركيا في قمّة الهرم. وأشار إلى أنّ الدول التي تقع في وسط هذا الهرم، مثل الجزائر ومصر والأردن والمغرب وتونس والإمارات، تؤدّي في بعض الأحيان أدواراً متحفّظة في عملية صناعة السياسة الإقليمية. أما قاع الهرم المكوّن من الدول الفاشلة، مثل ليبيا وسوريا واليمن، فهي تعتمد على الدول الأعلى منها مرتبة في الهرم لالتماس الدعم. لكن كامرافا يظن أن مجلس التعاون الخليجي الذي فقد فعاليته ليس لديه وجود في هذا النظام الإقليمي، وأنه حتى ولو نجا بطريقة أو بأخرى رغم الأزمة الخليجية، فإن وجوده سيتضاءل وسيفقد فعاليته أكثر فأكثر.

وسأل يوسف المتحدّثين ما إذا كانوا يعتبرون أنّ الأزمة الخليجية قد أثّرت سلبياً في مجلس التعاون الخليجي، وطلب منهم مقارنة المشروع العربي – إن وُجِد – بالمشروعين التركي والإيراني. من جانبه، قال الشايجي إنّ غياب مشروع عربي لبناء الدولة أثّر في مجلس التعاون الخليجي وكشف نقاط ضعفه. وأضاف أنّ الدول الأكثر تأثيراً من غيرها في المنطقة، أي تركيا وإسرائيل، وإيران، تبرز أجندات واضحة، لاسيما وأنّ إسرائيل تطمح لأن تعرض نفسها كقوى إقليمية. وفي الوقت الذي يدعم فيه المشروع التركي قضيّة المسلمين في ميانمار وغزة، يستمرّ المشروع الإيراني في توسيع نطاق نفوذه في المنطقة. وقال إنّ الأزمة الخليجية قد زادت الفوضى في المنطقة، الأمر الذي أعطى الفرصة لتركيا وإيران وإسرائيل لتوسيع نفوذها.

أما بالنسبة لقطر، فقد قال الشايجي إنها أصبحت “ضحيّة طموحها الكبير” والذي تعارض مع أجندة جيرانها، مضيفاً أنّ القوة الناعمة التي بنتها قطر طوال العقد الماضي لم تستطع أن تحميها من الأزمة الخليجية، بل أعطتها إحساساً زائفاً بالأمن. في الواقع، تبيّن أجندة قطر مدى الخلل في مجلس التعاون الخليجي، لأنّه على غرار قطر، فإنّ كل دولة من دول المجلس تعزّز أجندة سياسة خارجية منافسة لأجندة الدول الأعضاء الأخرى.

وتحوّل الحديث لمناقشة الأزمة الخليجية باعتبارها جزءاً من انفتاحٍ سياسي، ليس فقط بالنسبة لقطر، بل أيضاً للمنطقة ككل. واعتبر خوري أنّ فرض العقوبات على قطر قد أعطاها الفرصة لإحداث تطور ملحوظ في سياستها، الآن وقد احتشد شعبها لدعم أميرهم. وقال إنّ “ليست هناك قوة أكبر من عزيمة شعب بأكمله للعيش في سلام واستقرار”. وأشار أيضاً إلى أنّ جميع الدول لديها مصدر واحد للسلطة والحماية، وأن ما يصدّق سياستها الداخلية هو توافق جميع مواطنيها وشعورهم بالوحدة والتضامن. وتوقع خوري أنّ انهيار منظومات إقليمية كمجلس التعاون الخليجي سيشجّع الأفراد والمجتمع المدني على التعاون لإنشاء عقد اجتماعي جديد بين الدول وشعوبها والتصديق عليه.

من جانبه، تطرّق كامرافا مرّة أخرى إلى المنافسات الإقليمية، وطرح عدة حلول من أجل تخفيف التوتر الحاصل بين إيران والكتلة التي تترأسها السعودية. واقترح أن تتغيّر التوقعات، بدءاً من قيادة كل دولة، مشيراً إلى أنه “يجب علينا التخلي عن خطابات “نحن مقابل الآخرين”. فالدول تستطيع اختيار حلفائها، لكنها لا تستطيع اختيار جيرانها”، مضيفاً أنه لا بد من إفساح المجال للتوصل إلى تسوية سياسية. وينطبق هذا المنطق أيضاً على أزمة المجلس التعاون الخليجي، لأنه حتى الآن لقد تم تجاهل إمكانية وضع سيناريو بعيد عن مقاربة اللعبة التي يخسر فيها كافة الأطراف إلى حد كبير وختم كامرافا بقوله إنّ اتفاقيات الأمن الجماعية تعمل بشكلٍ أفضل ما إذا ساهم الجميع فيها وأبدوا تقبلهم لوجود الآخر.

ورداً على أسئلة الحضور، أجمع المتحدثون على عدة أمور. أوّلاً، يبدو أنّ الأزمة الخليجية قد أحيت المشاعر القومية في قطر والمنطقة ككل. ثانياً، أنّ الأزمة، على عكس ما تقوله بعض التقارير في وسائل الإعلام، تضرّ بجميع الأطراف المعنية، لا سيما وأنها عرقلت التطور السياسي والاقتصادي الذي تحقق في المنطقة خلال العقد الماضي. وأخيراً، لن تعود الثقة بين قطر من جهة ودول الحصار من جهة أخرى إلى سابق عهدها في القريب العاجل، إلا أنّ الحديث عن مجالات ذات الاهتمام المشترك قد تشكّل الخطوة الأولى لإعادة الشراكة الإقليمية بين هذه الأطراف.