April

17
2019

1:00 am AST - 2:30 am AST

الجزائر عند مفترق طرق: ما الذي يُخبّئه المستقبل؟

Wednesday, April 17, 2019

1:00 am - 2:30 am AST

فندق انتركونتيننتال الدوحة (بجانب كتارا)


الدوحة, DC

نظّم مركز بروكنجز الدوحة في 16 أبريل 2019، ندوة ناقشت الأوضاع في الجزائر وآفاق الاستقرار والتغيير. وتناول المتحدثون دوافع الاحتجاجات الأخيرة في الجزائر وتداعياتها، لافتين إلى أنّ الحراك الشعبي ضد ولاية خامسة للرئيس الجزائري المريض، عبد العزيز بوتفليقة، ينذر بنهاية دورة مهمة من تاريخ البلاد السياسي. إلا أنّهم أعربوا أيضاً عن قلقهم من أنّ الاضطراب السياسي في الجزائر قد يمهّد الطريق أمام السلطة (الدولة العميقة) لإعادة بسط سيطرتها وحماية مصالحها.

وشارك في الندوة مجموعة من الباحثين المتميزين بمن فيهم: آمال بوبكر، زميلة باحثة بكلية الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية؛ وداليا غانم يزبك، باحثة مقيمة في مركز كارنيغي للشرق الأوسط؛ ومحمد الشرقاوي، باحث أول بمركز الجزيرة للدراسات؛ ويحيى ح. زبير، بروفيسور ومدير الأبحاث الجيوسياسية بكلية كيدج للأعمال. وأدار الندوة الزميل في مركز بروكنجز الدوحة عادل عبد الغفار، وحضرها لفيف من الشخصيات الدبلوماسية والأكاديمية والإعلامية في الدوحة.

استهلّت داليا غانم يزبك الندوة بالحديث عن تجربة مشاركتها في الاحتجاجات الجزائرية في بداية العام 2019، وقالت إنّ الاحتجاجات قد أظهرت نضجاً سياسياً، مشيرةً إلى تطوّر مطالب المحتجين. وأشارت أيضاً إلى بعض جوانب الاحتجاجات الأساسية كغياب القيادة وأهمية الفيسبوك كمنصة للتنظيم، وأضافت أنّ التحركات الشعبية تميل إلى التلاشي، كما كان الحال مع احتجاجات “احتلوا وول ستريت” في الولايات المتحدة. وأكّدت يزبك على أنّ القيادة ستؤدي دوراً مهماً في تحديد فترة استمرار نزول الجزائريين إلى الشوارع والمآل الذي ستؤول إليه هذه الاحتجاجات، مشيرة إلى أنّ نجاحها سيتطلب تنمية مؤسساتيةً وتنظيماً ذكياً. وأضافت أنّ الخطوة التالية أمام الجزائريين هي الانخراط في عصيان مدني لدعم مطالبهم.

تابعت آمال بوبكر النقاش قائلةً إنّ الجزائر تدخل في دورة سياسية جديدة لن تستبعد مواطنيها، وأضافت أنّ النموذج شبه السلطوي الذي ميّز السياسات الجزائرية لا يُعدّ شكلاً مستقراً للنظام وقد أدى إلى خلل داخلي. وقالت أيضاً إن مطالب المحتجين واضحة: تحقيق انتقال مُشرَف عليه والضغط على النظام. وأشارت إلى أنّ المحتجين، على الرغم من غياب القيادة المشرفة على الاحتجاجات، قد نظّموها ونسّقوا في ما بينهم عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي. وجرت معظم الاحتجاجات أيام الجمعة مما أتاح الفرصة للمشاركين للعمل معاً بشكلٍ مناسب وللتفكير بمطالبهم في خلال بقية أيام الأسبوع. وأشارت بوبكر إلى أنّ المحتجين اتفقوا على ضرورة إبعاد بعض الأشخاص عن استلام السلطة في البلاد، وأضافت أنّ الجزائريين سيستمرون في الضغط على مؤسسات البلاد والنخبة فيها والجيش إلى حين إجراء انتخابات شفافة.

بدأ محمد الشرقاوي تحليله بمقارنةٍ بين التحركات في الجزائر وتلك التي شهدتها دولٌ عربية أخرى كتونس وليبيا وسوريا. وشدد أنّه يتعيّن على الجزائريين الاستمرار في النزول إلى الشارع للمطالبة بالتغيير بعد استقالة بوتفليقة عكس ما فعله المحتجون في الدول الأخرى حيث أوقفوا تحركاتهم للاحتفال بالإطاحة بزعمائهم. وأضاف أنّ المجتمع المدني في الجزائر سبق المجتمعات المدنية في الدول العربية الأخرى اليوم لأنه انخرط في علاقة أخذ ورد مع النظام. إلا أنّه أشار أيضاً إلى أنّ ثمة خطر من أن تؤول الأمور في الجزائر إلى المآل المصري ذاته، فتشهد الساحة تعبئة وتدخلاً يمنح الجيش دوراً أكثر أهمية. وتساءل الشرقاوي عن إمكانية استبدال الشرعية الدستورية في الجزائر بشرعية “الشارع” القائمة على دعم المحتجين الجزائريين. وأشار كذلك إلى أنّ ليبيا تعمل كحدودٍ بين منطقة أكثر هدوءاً في الغرب تضمّ المغرب والجزائر وتونس، ومنطقة في الشرق حيث أصبح الجيش لاعباً بارزاً على نحوٍ متزايد.

من جهته، قال يحيى زبير إنه لا بدّ من أخذ الوضع الاقتصادي بعين الاعتبار لفهم ما يحصل اليوم في الجزائر، وأضاف أنّه من الضروري الانتباه إلى أداء بوتفليقة في خلال ولايته الرابعة التي تميّزت بالوعود الكاذبة كنمو الناتج الإجمالي المحلي، وبارتفاع معدّلات البطالة بين الشباب وتكاليف المعيشة. وأضاف زبير أنّه من غير المستغرب أن تكون التحركات الشعبية كالحراك الذي تشهده الجزائر من دون قيادة، إلا أنّ الملفت في الحراك الجزائري، على الرغم من غياب قيادة مشرفة، هو اجتماع الشعب حول معارضة استمرارية وجود وجوه النظام ذاتها. وعند سؤاله عن غياب شخصيات الأحزاب المعارضة في الاحتجاجات، شرح زبير أنّ الأمر كان متوقّعاً، لا سيما وأنّ الجزائر لا تزال في المراحل الأولى من الحشد الجماهيري.

وركّزت أسئلة الحضور على ما يجب أن يحصل وما قد يحصل في خلال المرحلة التالية في الجزائر. وبشكلٍ خاص، أكّدت غانم أنّه من المقرّر إجراء انتخابات في أقل من 90 يوم، وأنّها لا تظنّ أنّ إجراء الانتخابات في هذه المرحلة قد يحمل أي إيجابية للبلاد، مشيرةً إلى أنّ ما تحتاج إليه البلاد فعلاً هو مجلس دستوري من شأنه إتاحة الفرصة لبروز قادة جدد.