Research

الطائفية والحوكمة ومستقبل العراق

A member of the Iraqi security forces stands guard as Ameen Mukdad, a violinist from Mosul who lived under ISIS's rule for two and a half years where they destroyed his musical instruments, performs at Nabi Yunus shrine in eastern Mosul, Iraq, April 19, 2017. REUTERS/ Muhammad Hamed - RC167F7F0AE0

وُصف استيلاء الدولة الإسلامية أو داعش على الموصل في يونيو 2014 على أنّه تهديد وجودي للدولة العراقية وللنظام السياسي ما بعد العام 2003. غير أنّ بروز هذا التنظيم في العام 2014 لم يكن سوى مظهرٍ واحد من سلسلة أوسع من الأزمات التي حلّت بالعراق على مدى العقد الماضي. ففيما طَغَت المجموعات المقاتلة على عناوين الصحف، كانت مشاكل العراق الهيكلية هي ما سمح ببروزها. وتشمل تلك المشاكل المؤسّسات المُنهَكة أو المُنهارة جزئياً وغيابَ سيادة القانون والحوكمةَ العليلة والفاسدة وبروزَ الانشقاقات الطائفية والوضعَ الكارثي لعملية إعادة الإعمار بعد الصراع التي أتت في أعقاب الغزو الأمريكي في العام 2003. وقد أدّت هشاشة دول بلاد الشام والحرب بالوكالة الإقليمية في سوريا إلى تفاقم هذه التحدّيات وأحبطت جهود العراق في ترسيخ الاستقرار في مؤسّساته وإعادة تأهيلها. 

وتبرز وجهاتُ نظرٍ متضاربة حول مستقبل العراق والمنطقة من خلال الصراع العنيف والطائفي على الدولة العراقية ومواردها، مثل الحرب الأهلية في العام 2006 بين العرب السنّة والشيعة والحرب على تنظيم داعش. وقد لجأت التنظيمات المقاتلة، على غرار داعش وما تبقّى من نظام البعث السابق والميليشيات الشيعية والقوى الإقليمية، إلى خطابات طائفية لحشد الدعم الشعبي، مخلّفةً نتائج مدمّرة على استقرار العراق. غير أنّ الدولة والمجتمع العراقيَّين لم يستسلما بالكامل لهذه التحديات، وقد برزت مقاومة كبيرة ضدّ النُخب السياسية التي استغلّت الطائفية لصرف النظر عن الحوكمة الرشيدة. تدرس هذه الورقة عن كثب كيف انتقل العراق إلى تضييق المساحة أمام الميليشيات والنُخب السياسية الطائفية التي هيمنت على المشهد السياسي العراقي لأكثر من عقد من الزمن. وتناقش الورقة أنّ العراق يحتاج إلى إعادة تحديد المصلحة الوطنية العراقية وإلى إعادة تصوّرها، وهي مفهومٌ غائبٌ للأسف منذ العام 2003. ومن الممكن تحقيق هذا الهدف عبر إنشاء رابط قوي بين المواطن والدولة من خلال تقوية الجهات الفاعلة غير الحكومية، فهي في موقع ممتاز يخوّلها ترسيخ مصلحة وطنية موحَّدة وتخطّي الخطابات والسياسات الطائفية. أخيراً، تشدّد هذه الورقة على أنّ نظاماً لامركزياً ومنظّماً من شأنه أن يشكّل إطار العمل السياسي الأكثر فعالية من أجل إحلال مصلحة وطنية عراقية أقوى. وسيساعد هذا المزيج الذي يقوم بين اللامركزية من أعلى الهرم إلى أسفله والتجييش الذي يؤدّيه المجتمع المدني من أسفل الهرم إلى أعلاه، على تضييق المساحة أمام الطائفية العنيفة.  

Authors