ملخص تنفيذي
منذ قيام ثورة 1952، اهتمت الحكومة المصرية اهتماما كبيرا وثابتا بإعلامها. ومع ذلك، شهدت العشرين سنة الأخيرة تغيراً كبيراً في المعالم، وتدخل الإعلام في حدود سيطرة الدولة.
يمكن أن تنسب هذه التغيرات إلى ثلاثة أسباب رئيسية: أولا، إدخال القنوات الفضائية الخاصة في بداية التسعينات من القرن العشرين؛ ثانيا، ظهور الصحف المستقلة، وأخيرا، ظهور الانترنت ووسائل الإعلام الحديثة في الخمس أو الست سنوات الأخيرة.
قامت محطات القنوات الفضائية الخاصة، والتي بدأت بشبكات الأخبار (سي إن إن) لأول مرة أثناء حرب الخليج، بتوفير أول لمحة من الأخبار التلفزيونية التي لا يتم تصفيتها من قبل وزارة الإعلام للمشاهد المصري. وظهرت أول محطة فضائية خاصة في مصر في عام 2000. ولأنها تبعت نموذج عمل المؤسسات التجارية الخاصة، فقد حافظت المحطة على إسعاد المستهلكين، وهو ما يعني تقديم ما يريده المشاهدون. وقد تبين أن ما يريدونه هو المعلومات مع توفير الفرصة للتعليق عليها. تنافست المحطات الخاصة مع بعضها البعض لتقديم برامج تجذب المشاهدين، وكان هذا يعني في الغالب أن يكون المحتوى ذات طابع سياسي ساخن. وفي دولة يبلغ معدل القراءة والكتابة بها 71 بالمائة، استطاعت القنوات الفضائية أن تخترق بقوة أكثر بكثير من الاختراق الذي حققته الصحف. كما قدمت أيضا برامج اللقاءات الحوارية مع اتصالات الجماهير فرصة للتفاعل الذي كان غائبا عن الساحة لمدة خمسين سنة تقريبا.
لاحظت الصحف الخاصة النجاح الذي حققته هذه العروض وعلى الفور قامت بمحاكاتها. تختلف الصحف المصرية الخاصة عن صحف المعارضة، والتي تتبع خط الحزب المعارض ولا تستطيع الإدعاء بأنها صحف غير حزبية. على مدى السنوات الأخيرة، سارعت هذه الصحف المستقلة على نحو متزايد بتقديم الأخبار للقراء، وغالبا ما تغطي الموضوعات التي تقوم الصحف التي تديرها الدولة إما بتجميلها أو لا تقوم بتغطيها على الإطلاق. وأصبحت الاختلافات الناتجة عن هذه التغطية، ولاسيما ما يتعلق بالقضايا السياسية والمسائلة العامة والحقوق المدنية، واضحة جدا لدرجة أن المراقب العادي قد يعتقد أن الصفحات الأولى في الصحف الخاصة ونظيراتها في الصحف التي تديرها الدولة تغطي دولتين مختلفتين.
وبينما قادت الصحف الخاصة الطريق في تقديم تقارير مستقلة نسبيا، هناك الكثير من صحف المعارضة والصحف الحزبية التي تزايد دورها في عرض نقدا قويا ولاذعا للحكومة. وعلى غرار محطات فوكس الإخبارية والتي تعتبر شبكة تعليق أكثر من كونها شبكة إخبارية، تدعي هذه الصحف الموضوعية ولكنها بلا شك مثلها مثل فوكس لديها مجموعة من الأتباع.
مثل وسائل الإعلام الحديثة جاء تأثير التكنولوجيا غير متجانس على وجودها الفعلي. فعلى الرغم من محدودية اختراق الانترنت في مصر، ربما مع وجود 25 بالمائة من السكان على أفضل تقدير لديهم اتصالا بالانترنت، كان لوسائل الإعلام الجديدة تأثيرا ملموسا. فقد أثرت في المعلومات المتاحة واستخدامها وطبيعة النقاش والمشاركة في الحياة السياسية. ورغم أن أقل من خمس عدد المدونات المصرية لها طابع سياسي، تسبب هذا العدد الصغير في إحداث صخب في مطالبه بالإصلاح المدني وقضية المسائلة. فقد أصبح مصدرا لتقديم الموضوعات التي تقوم مؤسسات الصحف المطبوعة بتغطيتها بعد ذلك وتقديمها لجمهور أعرض.
على نفس القدر من الأهمية، يميل مستخدمو الانترنت أن يكونوا من صغار السن و متعلمين، وهي نفس الشريحة من المجتمع التي تزايد شعورها بالحرمان من المشاركة في الحياة السياسية والتي حاولت العديد من الأحزاب السياسية المعارضة استقطابها ولكن دون تحقيق نجاح ملموس. لقد أيقظت وسائل الإعلام استجواب السلطة والإثارة السياسية التي كانت مفقودة في المشهد السياسي المصري على مدار أعوام طويلة.
وعلى الرغم من القمع المتعمد في شكل تشريعات جديدة يتم وضعها لكبح الصحافة، تتزايد صعوبة وقف المد المتزايد في حرية التعبير. وجاءت النتائج على نحو جديد ومدهش في مجال الحوار السياسي الليبرالي حيث يغذيه بقوة إمكانية الوصول للمعلومات والقدرة على نشرها. ويظل السؤال: ماذا يعني ذلك بالنسبة للسياسة الخارجية للولايات المتحدة طالما أن الاهتمام هنا ينصب على مصر؟
استقرار مصر وتقدمها إلى الأمام مع الجهود الرامية للإصلاح الديمقراطي والمدني ليس في صالح مصر وحدها ولكنه أيضا يحقق مصلحة المنطقة ككل ومصلحة الولايات المتحدة. من المعروف أن مثل هذا التقدم لم يأت نتيجة الأحزاب السياسية ولكن نتيجة للمجتمع المدني والصحافة المستقلة. ولذلك فإن دعم كليهما في صالح الاستقرار يعد أمرا حيويا.
هناك خيط رفيع يفصل بين الدعم والتدخل. بناء على ذلك فإن الدعم المالي والتقني لمؤسسات الأخبار سيكون دائما موضع ترحيب وينبغي تشجيعه. على سبيل المثال، تقديم الجوائز للتقارير البحثية سيعزز الاحترافية في العمل مع غرس الفخر وتوفير السيولة المالية – في الصناعة التي من المعروف إنها تعاني ضائقة مالية – دون التدخل الأجنبي.
كما أن الدعم التقني، مثل توفير معدات جديدة ودورات تدريبية مهنية، يوفر المساعدة الداخلية في حين تفتح استعراضات ولجان حوار الثقافات عالما من التعاون الدولي. تقديم المساعدات المادية في شكل رسوم قانونية أو المشورة للصحفيين هي وسائل أخرى ممكنة للمساعدة دون شبح البلطجة الدولية أو التدخل. في كل الأحوال، يجب أن تعي الولايات المتحدة أن الصحافة الحرة هي حليف استراتيجي حيوي في مسيرة التحرك نحو إرساء الديمقراطية.