Commentary

الولايات المتحدة وإيران: محادثات جانبية على مرأى من الجميع

في مقابلة بُثّت له اليوم، أكد الرئيس باراك أوباما أنه قد تبادل الرسائل مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، في ما يمكن أن يكون أول اتصال متبادل بين قادة البلدين يتكلل بالنجاح. يثبّت هذا التأكيد العملية الدبلوماسية التي تطورت بهدوء بين بلدين خصمين منذ فترة طويلة لتنكشف إلى العلن في وقت حسّاس بشكل خاص – مباشرة عقب الصفقة بين الولايات المتحدة وروسيا لتفادي التدخل العسكري في سوريا وعشية ذهاب روحاني للقيام بزيارته الأولى من نوعها إلى الولايات المتحدة.

في مقالتي التي أصدرتها على موقع بروكنجز مؤخراً عن إيران، قدّمت حجة أنّه تمّ انتخاب روحاني من أجل إيقاف مشاكل إيران الاقتصادية، وذلك من خلال إعادة توجيه نهجها مع العالم. يعزز هذا التطور الأخير قناعتي بأن ما نشهده هو تحول تاريخي من قبل إيران، تحوّل إذا تحققت ثماره يمكن أن يؤدي إلى اختزال التهديدات التي تطرحها الجمهورية الإسلامية على جيرانها ومواطنيها.

في الوقت الذي تمثّل فيه مقابلة اليوم أول تأكيد رسمي للحوار بين الولايات المتحدة وإيران، يجدر بنا أن نذكر أن المعلومات عن الاتصالات الأمريكية رفيعة المستوى مع طهران قد تسربت من خلال الصحافة الإيرانية أولاً منذ أكثر من أسبوعين. تم التغاضي عن التلميحات إلى الرسائل إلى حد كبير من قبل صحافة واشنطن والمعلقين السياسيين المؤثرين، باستثناء تقارير نشرت في صحيفة لوس أنجلوس تايمز وإذاعة أوروبا الحرة. للسخرية، بدا العديد مستهلك أكثر في حملة إيران الدبلوماسية الجديدة المبهرة – بما في ذلك تحيات روحاني شبه الرسمية على موقع تويتر ومناقشات وزير الخارجية محمد جواد ظريف على موقع الفيسبوك – مهملين الوسائل الرسمية التقليدية الأخرى. ونتيجة لذلك، وعلى مرأى من الجميع، يبدو أن واشنطن وطهران بدأتا باتخاذ خطوات لتأسيس علاقات ثنائية دبلوماسية تبقيهما على مسافة واحدة من الأخرى.

في أواخر شهر أغسطس، تلقت القيادة الإيرانية زيارتين مهمتين من شخصيات أجنبية هامة: الأمين العام المساعد للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان – أحد كبار المسؤولين السابقين في وزارة الخارجية الأمريكية – وقابوس سلطان عمان. وكان قابوس قد أدى دور الوسيط بين واشنطن والقيادة الإيرانية على مدى عقود، فيما شغل فيلتمان في السابق منصب مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى في إدارة أوباما، وهومنصب مكّنه من تأدية دور فريد في عرض وجهات نظر أمريكا لطهران والعكس. في البداية، رفضت طهران أي تلميحات بتوصيل رسائل عبر هؤلاء المتحاورين، ولكن بعد رحيلهم، أشارت عدد من المنشورات الإيرانية إلى رسالة أوباما، مع تكهنات على رد إيراني.

حصلت هذه الإشارات الأولية في ظلّ الصراع السوري المحتدم ونقاش واشنطن الحاد بشأن الرد العسكري على الهجوم الكيميائي الذي تعرض له المدنيون السوريون في 21 أغسطس. يبدو أن الدبلوماسية الثنائية بين واشنطن وطهران تخطّت التلميحات حول أزمة الأسلحة الكيميائية في تقدير كلا الجانبين بأن هذه النقطة هي الفرصة الفضلى – والأخيرة – لحل المواجهة الدولية بشأن البرنامج النووي الإيراني من خلال إقامة مفاوضات. وتؤكد المأساة السورية السبب الذي يجعل سلسلة تواصل بين الحكومتين أكثر تنظيماً مفيدة. يبدو أن خطاب طهران على الهجمات كيماوية بات معتدلاً بعد زيارات فيلتمان وقابوس، وكان قد تمّ الاقتباس من كلام وزير الخارجية ظريف للإشارة علناً أن الدولتين تبادلتا الرسائل بشأن المسألة السورية تحديداً.

تُعتبر الرسالة خطوة صغيرة على طريق تخطي الاختلافات الكبيرة والمستعصية بين هاتين الحكومتين، إلا أنّها إنجازٌ لا يُستهان به. لم يتم الرد على رسائل أوباما التي أرسلها إلى المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، وكذلك بالنسبة للجهود المتكررة التي قامت بها سابقاً إدارة كلينتون لبدء حوار مع طهران. يمكن للجانب الإيراني أيضا أن يتذرع بإخفاقاتهم الخاصة بهم، بما في ذلك الاقتراح المزعوم في 2003 لعقد “صفقة كبرى” والذي أطلق بالتعاون الدبلوماسيين ذوي الرتب المتوسطة، وحتى الخطابات الغريبة للرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. وكثُرت في خلال الـ 34 عاماً من القطيعة بين الطرفين الإشارات التي يتم الرد عليها والبلاغات التي تبخّرت ببساطة في هواء سياسة الطرف الآخر الداخلية.

للمرة الأولى، يبدو أن واشنطن وطهران قادرتان على إجراء محادثات مباشرة بين قادة كل منهما. دعونا نأمل أن تستمر، وحتى أكثر من ذلك، أن تحرز تقدماً حقيقياً على مستوى الاختلافات الأكثر إلحاحاً بين الحكومتين، وخاصة الملف النووي والقضية السورية.

تناقش سوزان مالوني الاتصالات المتبادلة بين الولايات المتحدة وإيران والتي أعلن عنها مباشرة عقب الصفقة بين الولايات المتحدة وروسيا لتفادي التدخل العسكري في سوريا وعشية ذهاب روحاني للقيام بزيارته الأولى من نوعها إلى الولايات المتحدة. تأمل مالوني أن تكون واشنطن وطهران قادرتان على إجراء محادثات مباشرة بين قادة كل منهما.