Commentary

مدير مركز بروكنجز الدوحة يتحدث عن الاتفاق النووي الإيراني

الاتفاق الذي أبرم نهاية الأسبوع الماضي بين إيران والقوى الغربية، وهو الإنجاز الأكثر أهمية في مسار النزاع بشأن البرنامج النووي الإيراني المتواصل منذ عشر سنوات، حمل دلالات غير مريحة في منطقة الخليج العربي، ولم تكن ردود الفعل عدائية بالكامل، غير أن أطرافا أخرى في المنطقة لم تكن بهذا القدر من الإيجابية؛ فقد أصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أن هذا الاتفاق كان «خطأ تاريخيا» من شأنه أن «يجعل من العالم مكانا يكتنفه المزيد من الخوف». 
«الشرق الأوسط» توجهت إلى سلمان شيخ مدير مركز بروكنجز الدوحة لتسأله عن تداعيات الاتفاقية، ودبلوماسية الأبواب الخلفية التي جرت في سلطنة عمان بين الوفدين الأميركي والإيراني، الذي أكد أنه رغم الترحيب الذي أبدته دول الخليج حول الصفقة، فإن هناك كثيرا من المخاوف والشكوك.. وفي ما يلي نص الحوار:

الشرق الأوسط: ما وجهة نظرك حول رد فعل دول الخليج العربي تجاه صفقة جنيف النووية؟

سلمان شيخ: من الطبيعي أن يكون رد فعل دول الخليج مشوبا بالحذر، وكان ينبغي عليهم أن يرحبوا بتلك الصفقة، ولكن لديهم الكثير من الشكوك حولها. كما أن لدى دول الخليج الكثير من المخاوف حول الاتجاهات الخفية فيما يتعلق بعودة إيران للتدخل في شؤون العالم العربي، وموقف الولايات المتحدة في هذا الشأن. بالطبع، تبدو القضية نووية بامتياز، بيد أنها تتضمن الكثير من القضايا بالنسبة لدول الخليج، حيث إن الأمرين مرتبطان بعضهما ببعض بطبيعة الحال. 

الشرق الأوسط: هل تعتقد أن دولا مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر ستبدأ في التفكير في تطوير برنامج نووي خاص بها؟

سلمان شيخ: أنا متأكد أنهم يفكرون بالفعل في ذلك الأمر. بالطبع، دولة الإمارات العربية المتحدة بدأت في تطوير نموذج لبرنامج لتطوير الطاقة النووية، تطبق فيه معايير غاية في التقدم، ولهذا يمثل برنامج دولة الإمارات في كثير من جوانبه نموذجا يحتذى به في تطوير الطاقة النووية. كما أن البرنامج لا يشتمل بشكل واضح على تخصيب اليورانيوم في دولة الإمارات، بل يجري شراؤه من دول مثل فرنسا وغيرها، وهذا الجزء الأساسي في البرنامج. بيد أنه إذا استمرت الشكوك حول البرنامج النووي الإيراني، وواصلت إيران أنشطة التخصيب، فأعتقد أنك سترى دولا، مثل المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، سوف تفكر بجدية في المدى الطويل في تطوير برامج نووية خاصة بها. لكنني لا أعتقد أن أيا من دول الخليج العربية تريد أن تمتلك برنامجا نوويا لأغراض عسكرية، واسمح لي أن أؤكد على تلك النقطة، فهناك رغبة حقيقية عند دول الخليج لإبقاء منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية. والإجراءات التي يجري اتخاذها تجاه الإيرانيين هي في الواقع بالغة الأهمية، وإذا لم تكن حريصا ومتيقظا لما يجري، فسوف تجد النشاط النووي ينتشر بسرعة شديدة في تلك المنطقة، وهذا بالطبع ما لا يريده أحد.

الشرق الأوسط: كتبت في تعليق على صفقة جنيف النووية «لقد بدأ العمل الشاق للتو»، فماذا تقصد بذلك؟

سلمان شيخ: نعم، بيد أن «العمل الشاق» لم يبدأ حتى الآن؛ فنحن نفهم جيدا الآن أن الاتفاق الفعلي، أي الصفقة التي جرى توقيعها في جنيف، ما زال تنتظره كثير من المناقشات الفنية. فالوكالة الدولية للطاقة الذرية لديها مهام تتعلق بالتفتيش، كما أن هناك تكهنات حول قضية تخفيف العقوبات وكيف سيجري ذلك. أولا، لم يبدأ «العمل الشاق» حتى الآن. ثانيا، سيكون لدينا طريق طويل جدا لنسير فيه، فالأمر لا يتعلق بالأشهر الستة الأولى من الاتفاق، إنها مجرد خطوة أولى على الطريق. وأظن أنه سيكون هناك الكثير من الخطوات، وربما يجري اتخاذ بعض الخطوات إلى الوراء وليس إلى الأمام. فالقوى العظمى تسعى لبناء الثقة من خلال اطمئنانها إلى أن الخطة النووية الإيرانية سلمية الطابع، وفي المقابل ينبغي على الإيرانيين أن يتقبلوا فكرة أن العالم لا يريد أن تكون لديهم القدرة على تطوير الطاقة النووية. وهذا جانب واحد من المسألة التي، كما أشرت سابقا، تتضمن الكثير من الجوانب التي ينبغي وضعها في الحسبان. وهناك جانب ثان للقضية، فهناك الكثير من العمل الذي ينبغي إنجازه. فإذا كنت تتحدث عن إعادة توازن القوى في المنطقة، التي تبدو في حالة من عدم الاتزان في الوقت الحالي، فسيستغرق ذلك وقتا طويلا جدا. والقوى العالمية لا تعتقد في الوقت الحالي أن إيران لديها نوايا سلمية؛ فعندما ينظرون حوله، لا سيما فيما يخص سوريا، يرون بوضوح تلك النوايا الإيرانية غير السلمية. كما يرون أيضا كيف أن تدخل الولايات المتحدة في العراق أدى إلى حدوث عدم توازن القوى في المنطقة.

بالطبع، يتبدى مصدر القلق الرئيس الآن في كيفية خلق توازن قوى جديد في هذه المنطقة، لكن الصفقة الإيرانية لم تغذ حتى الآن سوى مزيد من الشعور بالخوف بدلا من توفير شعور بالراحة لدى القوى الإقليمية، وهذا شيء ينبغي على الولايات المتحدة أن تأخذه على محمل الجد. كما أن القوى العالمية الأخرى لديها الكثير لتفعله لتحقيق نوع أفضل من التوازن كجزء من أي عملية تحول منشودة في هذه المنطقة، في الوقت الذي ما زلنا نشهد فيه صراعا في سوريا، كما أن هناك أيضا صراعا في لبنان والعراق، ودعونا لا ننسى أنه سوف تجري انتخابات الرئاسة في العراق في أبريل (نيسان) المقبل. وإذا دخل رئيس الوزراء نوري المالكي تلك الانتخابات، وهو من المرجح أن يحدث، وفاز، فسوف يشكل هذا ضربة أخرى للجهود الرامية إلى تحقيق التوازن في المنطقة.

الشرق الأوسط: هل هناك تفسير مختلف لملخص ما جاء في اتفاق جنيف؟ وهل هناك شيء ما زال مخبأ في الصفقة؟

سلمان شيخ: دائما ما يسعى الدبلوماسيون لجعل كل ما هو ممكن حذوه ممكنا. وبالتالي فهم يستخدمون كل ما هو متاح لديهم من أجل إبرام الصفقات. وفي هذه الحالة، ولا سيما ما يخص مسألة تخصيب اليورانيوم، فلدينا نوع من المناورة والخداع الدبلوماسي الكلاسيكي، وهو أمر يبدو أن لكلا الجانبين تفسير مختلف بشأنه، وهذا ما سينبغي البت فيه، إن لم يكن الآن، فسيجري تأجيله للأشهر الستة المقبلة، أو ربما لفترة أطول من ذلك بكثير. وهذا واحد من الأسباب الرئيسية وراء غموض بعض جوانب الاتفاق، فضلا عن الخلاف حول منشأة أراك للماء الثقيل. فإذا استمر الإيرانيون في تفسير الأمور الخاصة بتلك المنشأة بطريقة فضفاضة، واستمروا في تشييد ليس فقط الطرق وغيرها من الأمور، بل الهيكل المادي الفعلي حول أراك دون إدخال المواد النووية إلى تلك المنشأة، فأعتقد أنه من المحتمل أن تفسر تلك الخطوات باعتبارها انتهاكا للاتفاق من الجانب الآخر (أي إيران) التي تبدو غير متفهمة لطبيعة الاتفاق. وأنا على ثقة أن كثيرا من القضايا المشابهة سوف تتبدى كلما مر مزيد من الوقت. لكن ما يجب أن أقوله لك أنه ينبغي علينا أن نكون حذرين للغاية لمسألة أن صفقة جنيف فيما يخص إيران لم تتضمن الحجج والأشياء الغامضة، التي تضمنها اتفاق جنيف الأول بشأن سوريا، الذي لم ينص صراحة على ما إذا كان ينبغي على الأسد أن يرحل أو لا. وبالتالي بقي الأمر مفتوحا على تفسيرات مختلفة من جانب الأسد ومؤيديه ومن جانب الأميركيين والمعارضة السورية.

الشرق الأوسط: من وجهة نظرك، بعد توقيع الاتفاق مع إيران، كيف سينجح الرئيس أوباما في سد الفجوة بين الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين؟

سلمان شيخ:ينبغي على الرئيس أوباما أن ينخرط في عمل دبلوماسي شخصي على مستوى عال جدا، وأعتقد أنه كان تصرفا صحيحا عندما تحدث أوباما إلى الملك عبد الله، عاهل المملكة العربية السعودية، وأيضا عندما بدأ كيري في الانخراط في محادثات إقليمية. وبشتى الطرق، ينبغي على وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن يستمر في السفر والتنقل بطائرته بين تلك العواصم للأشهر القليلة المقبلة، فدول الخليج تريد أن ترى الخطوة الأولى كخطوة أولية حقيقية وليست الخطوة الوحيدة في هذا الصدد. وهناك الكثير من العمل الذي ينبغي على الأميركيين القيام به في هذا الشأن، فقد كان هناك دائما شعور بفقدان الثقة من جانب الشركاء والأصدقاء في المنطقة. وفي هذا الصدد وحتى الآن، لم تستطع إدارة أوباما أن تدير عملية التغيير في التوجهات بشأن المنطقة بالشكل الجيد، وأعتقد أنه ينبغي علينا أن نعترف بذلك. ولكن على الجانب الآخر، قالت إدارة أوباما بوضوح إن هذه المسألة (برنامج إيران النووي) ينبغي أن تحل سلميا ومن خلال التفاوض. لكن ينبغي على إدارة أوباما التواصل مع أصدقائهم وحلفائهم بشأن كيفية فعل ذلك، وهذا أمر جد هام. ودعني أعُد لمسألة التوازن. فإذا كنت تتجاهل أصدقاءك وحلفاءك، فإن الوضع، الذي يبدو غير متوازن من الأصل، سوف ينهار بالكامل، وبالتالي سوف يضطر أصدقاؤك وحلفاؤك إلى الأخذ بزمام الأمور بأيديهم أو أنهم لن يثقوا مجددا فيما تقول.

وهذا لن يؤدي إلا إلى جعل الوضع أسوأ بكثير، ولا سيما فيما يخص الصراعات الدائرة في لبنان والعراق وسوريا واليمن، أو في أي مكان آخر. واسمح لي أيضا أن أقول، بصفتي خبيرا وباحثا يعيش في هذه المنطقة، إنني منزعج من التحليلات التي تصدر عن الخبراء والباحثين في الغرب. فجأة، يتحدث الجميع عن هذا التحول الكبير الذي يبدو وكأنه نهاية الحرب الباردة، أو وعد نيكسون بأن يذهب إلى الصين. بل هو قراءة خاطئة للوضع في هذه المنطقة، فليس باستطاعتهم الفصل بين ما يجري في الغرب وما يجري في المنطقة، وهذا أمر يبدو مثيرا للقلق إذا استمر هذا الحال من سوء الفهم. وينبغي سد تلك الفجوة في قراءة الأوضاع هنا وهناك، وعدم الركون إلى أن محصلة الحوار ستكون صفرا دائما. فينبغي علينا أن نمضي قدما في مباحثاتنا مع الإيرانيين وأن نعير مخاوف أصدقائنا وحلفائنا مزيدا من الاهتمام. كما ينبغي أن يعلموا أيضا أن عملية بناء الثقة مع الإيرانيين، في كلا الاتجاهين، سوف تستغرق وقتا طويلا جدا. فقد ساعد النظام الإيراني على قتل الكثير من الأميركيين وغيرهم في المنطقة. أما على الجانب الإيراني، فهناك الكثير من الأضرار التي لحقت بالإيرانيين. وبالتالي سوف يستغرق الأمر وقتا طويلا جدا.

الشرق الأوسط:هل كان من المتوقع أن يجري وضع اللمسات الأخيرة على الصفقة في سلطنة عمان كباب خلفي، مع المرشد الأعلى علي خامنئي قبل عقد اللقاء في جنيف؟

سلمان شيخ: بالتأكيد الأبواب الخلفية تساعد كثيرا في حل كثير من القضايا العالقة. واللجوء إلى الأبواب الخلفية أظهر مدى التزام أوباما بمسار المفاوضات لأنه بدأ هذا المسار قبل مجيء روحاني إلى السلطة. وفي هذا الصدد، ربما يقول البعض إن أوباما اختار الرهان الأصح؛ حيث أصبحت الظروف مواتية أكثر. ومن خلال دبلوماسية الأبواب الخلفية، أنا على ثقة من أنه كانت هناك عناصر داخل الوفد الإيراني التي كانت على اتصال مباشر بخامنئي، حيث يجب أن تكون المفاوضات الحقيقية مع هؤلاء (خامنئي والمؤسسة الأمنية في إيران)، وبالتالي فأنا على ثقة من أن دبلوماسية تلك الأبواب الخلفية قد سهلت الكثير من الأمور فيما يخص المفاوضات. واسمح لي أن أقول مرة أخرى إن هذا لا يعني بالضرورة أن تلك المفاوضات تسير على ما يرام كما هو الحال في أماكن أخرى، خاصة فيما يتعلق بسوريا. وإذا انصب اهتمام تلك المفاوضات فقط على قضية إيران النووية وتجاهل القضية الثانية، التي تتعلق بممارسات الإيرانيين في المنطقة، فإن هذا سيعني فشل تلك الصفقة. فينبغي العمل على القضيتين على حد سواء، بيد أنه من الواضح أن مفاوضات الأبواب الخلفية ركزت بشكل خاص على القضية النووية الإيرانية، في حين أنها تجاهلت الوضع المتفاقم في سوريا مع استخدام الأسلحة الكيميائية.

الشرق الأوسط: كيف ترى الصراع في سوريا بعد «جنيف 2»؟

سلمان شيخ: لنكُن صادقين.. أرى أن الصراع سوف يتفاقم، وأنا آسف حقا لقول ذلك، ولكني أعلم أنه إذا لم يحدث اجتماع «جنيف 2» فسوف يكون بانتظارنا مشوار طويل جدا، لن يسفر باعتقادي عن أي نتائج فورية. وهناك بعض الأمل في أن القوى العالمية سوف تستغل الزخم الذي أدى إليه توقيع اتفاق جنيف الخاص بالقضية النووية الإيرانية للتعامل مع الوضع في سوريا. وأعتقد أن هذا واحد من الأسباب التي سوف تؤدي إلى عقد «جنيف 2»، وعلى أرض الواقع، نحن نشهد صراعا يضم عناصر المعارضة المختلفة، لكن هناك أيضا عناصر إسلامية قوية، يقال إنها مجرد أداة يجري تحريكها عن طريق قوى إقليمية. كما أن تلك المجموعات تتحرك على أساس خططها الخاصة بسبب إهمال المجتمع الدولي لها، مما حدا بهم إلى تبني توجهات إسلامية أكثر تشددا، ثم هناك تنظيم القاعدة الذي يسيطر على أجزاء كبيرة من الأراضي السورية، في شمال وشرق البلاد، بما في ذلك المناطق الواقعة على طول الحدود مع تركيا والعراق. أما النظام السوري، فيبدو أكثر قوة حيث تؤيده مجموعات من المقاتلين الأجانب (أي مقاتلي حزب الله) جرى تدريبها في إيران والعراق. ووجود تلك المجموعات المقاتلة من حزب الله سيؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني داخل سوريا وخارجها، لا سيما مع إحساس الرئيس الأسد بالأمان وأن الوضع قد استقر له في وجودهم.

الشرق الأوسط: هل تعتقد أنه في المستقبل سوف تسمح طهران للأسد بمغادرة السلطة حتى يتسنى لتشكيل حكومة انتقالية في سوريا؟

سلمان شيخ: ليس هذا واردا على الإطلاق، فلن يحدث ذلك في المدى القريب. فطهران سوف توازن بين المكاسب التي سوف تعود عليها من استغنائها عن الأسد، وتلك التي ستعود عليها من بقائه في السلطة، حيث ستظل تتمتع بأن يكون لها موطئ قدم حقيقي في دمشق والقدرة على وضع قدميها عند ساحل البحر الأبيض المتوسط، بالإضافة إلى قدرتها على دعم حزب الله. لكن ذلك سيستغرق وقتا طويلا، فقد وجد الإيرانيون في الأسد حليفا قويا، وجميعنا يعلم أن الأسد وإيران قد شكلا حلفا قويا في سوريا، ليس فقط فيما يتعلق بالأمور السياسية، لكن أيضا في المسائل الأمنية والتجارية.

الشرق الأوسط: يدعم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا وأردوغان «الإخوان المسلمين» في مصر.. هل تعتقد أن ذلك سوف يحدث تغييرا ما في مصر أو يؤدي إلى إعادة الرئيس مرسي إلى السلطة مرة أخرى؟

سلمان شيخ: لا أعتقد أن هذا من الممكن أن يحدث. فالوضع في مصر يحتاج إلى عملية سياسية شاملة، لكنني لا أعتقد عودة مرسي بأي حال من الأحوال، سواء من خلال الاحتجاجات واستخدام القوة.

بالإضافة إلى أن الإجراءات التي تتخذها السلطات الجديدة سوف يكون لها تأثير على مسار المرحلة الانتقالية، وبالتالي فينبغي التركيز حاليا على كيفية التعاطي مع خريطة الطريق الخاصة بالتحول الديمقراطي بدلا من الاستمرار في الاحتجاج. وفيما يتعلق بـ«الإخوان المسلمين»، فلا أعتقد أنه سوف يؤدي أي نوع من التدخل الأجنبي إلى إعادتهم إلى السلطة، وأولئك الذين يعتقدون أن التدخل الأجنبي يمكن أن يؤدي إلى عودتهم إلى السلطة يعيشون في عالم من الوهم.

الشرق الأوسط: فيما يتعلق بالوضع في مصر، جرى تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في عام 1928فهل تعتقد أن تلك الجماعة ستختفي تماما من الوجود؟ وكيف ترى مصر جديدة من دون «الإخوان»؟

سلمان شيخ: كقوة سياسية، ربما لا تختفي جماعة الإخوان المسلمين من الوجود، ولكن قدراتها السياسية والتنظيمية سوف تتضاءل، وهذا ما بدأنا نختبره على أرض الواقع؛ فقد بدأ الانقسام يدب في حزبها السياسي. ولكن كحركة، علينا أن نكون صادقين، فهي تعيش في أذهان أقلية لا بأس بها من أنصار الجماعة في مصر، ولذلك لن تتلاشى جماعة الإخوان من الوجود. والسؤال الآن هو: كيف يمكن لـ«الإخوان» الاندماج في عملية الانتقال الديمقراطي. وتبدو مرة أخرى خارطة الطريق الحل الأفضل، لكن ينبغي تطبيقها خطوة بخطوة، وأن تراعى الرعاية الجيدة الكاملة في تطبيقها. فلا يمكننا العودة إلى الماضي، وما على مصر إلا أن تمضي إلى الأمام، وآمل أنها ستفعل ذلك.