Research

حل مشكلة المهجرين العراقيين: الآفاق الإنسانية والتنموية

November 19, 2009

مقدمة

دت عقود من العنف وانعدام الأمن إلى تهجير ملايين العراقيين من الرجال والنساء والأطفال. ولا يزال قرابة نصفهم باقين ضمن حدود العراق وهم المهجرون داخلياً، في حين أن النصف الآخر لاجئون يعيشون في بلدان المنطقة. إن إيجاد حل مستدام لمشكلة العراقيين المهجّرين داخلياً واللاجئين يحتاج إلى دعم مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة من أجل دفع عجلة المصالحة الوطنية، وتعزيز سبل العيش والخدمات العامة وسيادة القانون والإنعاش الاقتصادي.

قام مشروع بروكينغز – بيرن للنزوح، بدعم من البنك الدولي وجهات مانحة أخرى، بإطلاق مبادرة في منتصف عام 2009 للنظر في السبل التي يمكن بواسطتها التوصل إلى حلول دائمة لمشكلة المهجّرين العراقيين. وقد هدفت هذه المبادرة إلى تحديد الإجراءات التي يمكن اتخاذها للحبلولة دون أن تصبح مشكلة التهجير العراقيةمن التحول إلى وضع طويل الأمد ذي عواقب سلبية على المدى البعيد، للمهجّرين أنفسهم، وعلى لمجتمعات المحليّة التي تأثرت بنزوحهم، وللمنطقة ككل. وتمثل هذه المقاربة تجاوزاً للجهود الأخرى التي تركز فقط على تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للمهجرين.

وكانت الخطوة الأولى في هذه العملية هي إعداد دراسة حول الآراء الحالية للمعنيين الأساسيين حول الحلول طويلة الأجل التي يمكن إيجادها للعراقيين المهجّرين داخلياً واللاجئين. وقامت هذه الدراسة، التي استندت إلى مقابلات مع مجموعة واسعة من الجهات الحكومية والمنظمات الدولية وغيرهم من الخبراء، بتحديد التحديات والفرص كأساس لتوصيات السياسة العامة التي يمكن أن تؤدي إلى حلول.

شكلت الدراسة المذكورة وثيقة أساسية في المؤتمر الذي انعقد في العاصمة القطريّة الدوحة، واستمر مدة يومين في الفترة 18- 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2009، بمشاركة ممثلين عن حكومة العراق وحكومات بلدان أخرى في المنطقة، وعن المنظمات الدولية، والمنظمات غير الحكومية، والدول المانحة. تمثلت الأهداف الرئيسية لهذا المؤتمر في:

• استكشاف إمكانات إيجاد حلول دائمة للمهجّرين في السنوات القليلة القادمة؛

• زيادة الوعي بشأن العلاقة بين إيجاد حل للتهجير وضمان الاستقرار على المدى الطويل في المنطقة. ويشمل ذلك إشراك الجهات الفاعلة في مجال التنمية وغيرها من الجهات الفاعلة، وعدم الإقتصار على جهات الاستجابة للطوارئ؛

• التأكيد على الدور القيادي للحكومة العراقية في إيجاد حلول دائمة للمهجّرين والنظر في السبل التي يمكن عبرها للمجتمع الدولي تقديم مزيد من الدعم لها.

كان الهدف من المؤتمر توفير منتدى للنقاش يجمع المعنيين من مختلف المنظمات والحكومات من أجل تبادل الأفكار حول هذه المسألة. ومن أجل تسهيل النقاش الصريح المفتوح، عقد هذا الاجتماع تحت قواعد (تشاتام هاوس) التي لا تسمح بالاستشهاد المقرون بتحديد هويّة المتحدث. لم يكن المؤتمر شاملا كما هو مأمول، نظرا لاتخاذ عدد من المسؤولين العراقيين البارزين قراراً في آخر لحظة بعدم المشاركة، ونظراً لعدم وجود مشاركين من سوريا وإيران. تسببت المناقشات السياسية في العراق بشأن الانتخابات العراقيّة القادمة في تفعيل دينامية معينة خلال الاجتماع. وفي الواقع، في خضم مؤتمر الدوحة، قام نائب رئيس جمهورية العراق طارق الهاشمي بنقض قانون الانتخابات بسبب مسألة التمثيل البرلماني للعراقيين الذين يعيشون خارج العراق، فعلى الرغم من تأكيدات المشاركين أن قضايا اللاجئين والنازحين ينبغي أن لا تسيّس، فهناك ارتباط وثيق بين السياسة وإيجاد حلول للمهجّرين.

وقد شددت الدراسة البحثية المذكورة أعلاه على ست قضايا لدراستها من قبل المشاركين:

• النزوح العراقي ظاهرة مزمنة ومعقدة.

• ضرورة توفير معلومات محدّثة حول معدلات وطبيعة النزوح العراقي.

• هناك إجماع بصدد بعض الخطوات الملموسة التي يمكن اتخاذها لإيجاء حلول دائمة لمشكلة المهجرين.

• ضرورة تعزيز آليات التنسيق.

• ضرورة وجود التزام سياسي من أجل تنفيذ الحلول المستدامة.

• ضرورة وجود مقاربة إقليمية شاملة في التعامل مع المشكلة.

وقد بحث المؤتمر هذه القضايا وغيرها ضمن المحاضرات ومناقشات المائدة المستديرة بمشاركة ممثلين من العراق والدول المجاورة والمنظمات الدولية والحكومات المانحة. انقسم المشاركون إلى مجموعات صغيرة لمناقشة قضايا مثل كيفية إدراج مشكلة النزوح في التخطيط التنموي وأمور ذات أهميّة خاصة لحكومة العراق وحكومات البلدان المضيفة. ركزت الجلسة العامة الختامية على تحديد المواضيع المشتركة المنبثقة عن المؤتمر وتحديد الخطوات المستقبليّة. كان المنظمون يأملون أن يتناول المؤتمر أيضا إمكانية إتباع نهج إقليمي شامل لحل مشكلة التهجير، لكن اتضح أن هذه المناقشات يجب أن تؤجل إلى مرحلة لاحقة.

على الرغم من أن الاجتماع لم يكن لإتخاذ القرار ولم يؤكّد على إجماع الآراء بشأن التوصيات، فقد برزت بعض المواضيع المشتركة أثناء المناقشات قد تخدم كأساس لاتخاذ إجراءات من جانب المعنيين.