Commentary

Testimony

تنظيم وإيجاد حلول حيال مؤسسات تُوصف بكونها “أكبر من أن تُخفق”

في الشهادة المقدمة للجنة المصرفية في مجلس الشيوخ، قام كلٌ من مارتن بيلي وروبرت ليتان بمناقشة إشكالية وصف بعض المؤسسات بأنها “أكبر من أن تُخفق” قائلين بأن هذه المؤسسات الكبيرة ضرورية ولكنها يجب أن تخضع لتنظيم في شكل يعوض جزئيًا على الأقل المخاطر التي تشكّلها على بقية النظام المالي، كما أعربوا أيضًا أن الكونجرس بحاجة إلى توفير المزيد من الأموال ربما على نطاق واسع لبرنامج إغاثة الأصول المتعثرة التابع لوزارة الخزانة، ولكن مثل هذا الإجراء سيصبح في نهاية المطاف أقل كلفةً من عملية تأميم المصارف.

النقاط الرئيسية

إشكالية كون بعض المؤسسات “أكبر من تُخفق” والأزمة المالية الحالية

إن الاقتصاد الأميركي قد بدأ منذ فترة في التهاوي، ونأمل أن تخف وتيرة الانخفاض الآن، ولكن الانتقال إلى النمو المستمر لن يكون ممكنًا من دون استعادة القطاع المالي لعافيته.

حيث تمتلك أكبر المؤسسات المالية الأمريكية أكثرية الأصول والخصوم المالية للقطاع ككل، وعلى الرغم من الدلائل المشجعة، فإن كثيرًا منهم لا يزالون في حالة هشة للغاية.

وتعتبر كثيرٌ من البنوك في المملكة المتحدة وايرلندا وسويسرا والنمسا وألمانيا وأسبانيا واليونان متعثرة كما لا يوجد مثيل أوروبي كوزارة الخزانة الأميركية للوقوف وراءها، فالقطاع المالي العالمي في حالة حرجة للغاية.

وفي هذه الحالة يجب على واضعي السياسات التعامل مع المؤسسات التي توصف بأنها “أكبر من أن تخفق”، حيث أننا لن نتحمل رؤية هذا الإخفاق الفوضوي لمؤسسة مالية كبرى أخرى، الأمر الذي سيزيد من الخطر الشامل وسيهدد الانتعاشة الاقتصادية.

ويُجرى الانتهاء الآن من اختبارات الضغط وسيتم تبليغ بعض البنوك بتنمية أو زيادة رأس مال إضافي؛ كما أن هناك الكثير مما ينبغي القيام به بعد ذلك، إذ أن كميات كبيرة من الأصول المضطربة أو السامة ما زالت موجودة في هذه الدفاتر، كما أن المزيد منها سيُجرى إنشاؤه في حال واصل الركود ارتفاعه.

ومن الممكن أن يتعسر واحدًا أو اثنين من المصارف الكبيرة جدًا ومن غير رجعة، وفي هذه الحالة يجب أن تستولي عليه السلطات، وإذا كان الأمر كذلك، فسيتوجب عليهم التعامل مع هذه المشكلة حتى لو كانت التكلفة المتعلقة بدافعي الضرائب باهظةً. ولكن العملية الوقائية لتأميم البنوك الكبرى تعد فكرةً رهيبةً لأسباب سياسية، وتشوبها مجموعةٌ من المشكلات القانونية.

ويعد إنعاش القطاع المالي في الولايات المتحدة ليعمل من جديد أمرًا ضروريًا، ولكنه سيكون مكلفًا للغاية و غير ملاقٍ للتأييد على نحوٍ كبير؛ فإذا كان الأميركيون يريدون نموًا اقتصاديًا في العام المقبل مع التحسن في ظروف سوق العمل، سيتعين على الكونجرس ليس أن يعاني فحسب بل يوفر المزيد من الأموال الخاصة ببرنامج إغاثة الأصول المتعثرة التابع لوزارة الخزانة، وربما على نطاق واسع، أما التكاليف المتعلقة بدافعي الضرائب والبلاد فستكون أقل من عملية تأميم المصارف.

لقد استثنى الكونجرس مؤخرًا من ميزانية الرئيس الأموال اللازمة لتوسيع برنامج إغاثة الأصول المتعثرة، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تعميق هوة الركود الاقتصادي وتأخير شفائه.

إشكالية “أكبر من أن تُخفق”: الرد على الأربع تساؤلات الرئيسية (مع وجود سؤالٍ إضافيّ).

هل ينبغي أن يمنع هذا التنظيم المؤسسات المالية من أن تصبح أكبر من أن تخفق؟ إننا بحاجة إلى مؤسسات مالية كبيرة جدًا بالنظر إلى حجم أسواق رأس المال العالمية، وبحكم الضرورة، فإن بعض هذه المؤسسات قد تكون “أكبر من أن تخفق” بسبب وجود المخاطر النظمية؛ فلكي تعمل مؤسسات الولايات المتحدة في أسواق رأس المال العالمية، تحتاج إلى أن تكون كبيرة؛ ولا ينبغي على الكونجرس معاقبة أو منع النمو العضوي الذي قد يؤدي إلى وجود حالة ما يسمى “أكبر من أن تخفق”.

ولكن في الوقت نفسه، يمكن للمؤسسات التي تُوصف بأنها “أكبر من أن تخفق” أن يتم تنظيمها على الأقل لتعوض جزئيًا المخاطر التي تشكلها على ما تبقى من النظام المالي بحكم أنها أكبر من أن تخفق، كما ينبغي ،على سبيل المثال، أن يتم رفع معايير رأس المال للمصارف الكبيرة تدريجيًا لأنها تزيد من حيث الحجم. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي على المنظمين الماليين أن يكون لديهم القدرة على منع عمليات الاندماج المالي على أساس أنه سيزيد من المخاطر النظمية بشكل لا مبرر له (هذا الحكم من شأنه أن يكون منفصلاً عن تحليلات المنافسة التقليدية التي تقوم بها شعبة مكافحة الاحتكار التابعة لوزارة العدل).

هل ينبغي أن يتم تفكيك المؤسسات القائمة؟ إن النمو العضوي ينبغي ألا يتم تثبيطه لأنه يشكل جزءًا حيويًا من تحسين الكفاءة. ولكن إذا كانت مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية (أو قرار تابع لسلطة أخرى) تحاول فرض سيطرة مؤسسة مالية ضعيفة والتي هي أكبر من أن تخفق وفي وقت لاحق محاولة إعادتها إلى القطاع الخاص، حينها ينبغي أن تعمل الوكالة في إطار فرضية أن تقوم بتفكيك أجزاء هذه المؤسسة التي لا تتسم بكونها أكبر من أن تخفق. وينبغي أيضًا تجنب بيع أي جزء لمشترٍ في نيته أن يخلق مؤسسة جديدة تتسم بذلك. ويمكن أن يتم التغلب على هذا الافتراض في حال اقتنعت الوكالة بأن تكاليف التفكيك ستكون كبيرة أو أن الحاجة العاجلة لتفادي العواقب النظمية ستتطلب بيعًا فوريًا لمؤسسة أخرى كبيرة.

ما هي الشروط التي يجب فرضها على المؤسسات التي تتسم بأنها أكبر من أن تخفق؟ إن مثل هذه المؤسسات أو المؤسسات المالية النظمية الهامة يمكن وينبغي أن يتم إخضاعها للتنظيم، ويكمن الحل الأمثل من قبل جهة تنظيمية واحدة ذات خطر نظامي، وهي مهمة صعبة، كما سنقول لاحقًا، لكننا نعتقد أننا نحتاج إلى جهة واحدة وحسب هي التي يمكن أن تحقق ذلك والتي تعد ضرورية بصورة واضحة في ضوء الأحداث الأخيرة.

والمؤسسات التي هي أكبر من أن تخفق تتسم بميزة أن تكلفة رأس المال تعد أقل من تكلفته بالمقارنة مع المؤسسات الصغيرة. وفي الاجتماع الأخير لمؤسسة بروكينجز، استطاع ألان غرينسبان أن يقدر بصورة غير رسمية أنه يمكن للبنوك التي تتصف بأنها أكبر من أن تخفق الاقتراض بتكلفة أقل من البنوك الأخرى، وبميزة تكلفة تقدر بنحو 50 نقطة أساس. وهذا يعني أن درجة معينة من تكاليف التنظيم الإضافية (في شكل ارتفاع متطلبات رأس المال مثلاً) يمكن فرضها على المؤسسات المالية الكبيرة دون جعلها غير قادرة على المنافسة.

إجراءات الحل المتطورة للمصارف النظامية الهامة. تعتبر هذه مسألةٌ هامة ينبغي معالجتها في وقت قريب، فعندما تصبح الشركات المالية الكبيرة منكوبة، يكون من الصعب إعادة هيكلتها لأن المؤسسات والحكومات المتواجدة على الساحة ستنتهي من إنفاق مبالغ كبيرة لدعم القطاع المالي كما يحدث الآن. وقد قامت مجموعة “سكوام ليك” باقتراح أحد الحلول لهذه المشكلة: وهو أنه يجب على البنوك الهامة (والمؤسسات المالية الأخرى) إصدار صك دين طويل الأجل يتحول إلى رأس مال بموجب شروط محددة؛ وستقوم المؤسسات بإصدار هذه السندات قبل الأزمة؛ وفي حال وقوعها، فإن تحول الديون تلقائيًا إلى رأس مال من شأنه أن يحوّل المؤسسة ذات رأس المال الغير كافي أو المعسرة ، من حيث المبدأ على الأقل، إلى مؤسسة ذات رأس مال جيد دون تكلفة على دافعي الضرائب.

وحيثما تكون الخسائر شديدة لدرجة أنها تستنزف رأس المال المتحوّل حديثًا، ينبغي أن يكون هناك مثل هذه العملية المصرفية للتسوية المنظمة للمؤسسة عن طريق وضعها تحت الحراسة القضائية. وقد حدد وزير الخزانة جيثنر الخطوط العريضة لهذه العملية، والتي ندعمها بشكل عام. وهناك مسائل هامة أخرى ذات صلة بالحلول يجب معالجتها أيضًا، ولذا سنقوم بمناقشتها أدناه.

منشأ الأزمة وهيكلة الحل. لقد كانت الأزمة المالية هي نتاج لفشل السوق والفشل التنظيمي، فإخفاق السوق حدث بسبب أن ملاك الثروة في كثير من الحالات لم يقوموا باتخاذ أبسط الاحتياطات لحماية مصالحهم الشخصية. وقد أُنشأت هياكل تعويضية في الشركات التي كافأت المخاطرة المفرطة، كما اشترت البنوك صكوك الرهن العقاري مع العلم بأن معايير الإقراض أصبحت في حالة من التراخي.

وفي الوقت نفسه، كان هناك آلاف المنظمين الذين كان من المفترض أن يراقبوا المتجر وهو حرفيًا عبارة عن غرف مليئة بالمنظمين تقوم بضبط المؤسسات الكبيرة. وقد تم توجيه تحذيرات لمنظمي الأزمة الوشيكة لكنهم اختاروا أن يتجاهلوا هذه المصالح، بدلاً من الاعتقاد بأن السوق يمكن أن تنظم نفسها.

وفي المستقبل، يجب علينا أن نسعى وراء نظام يستفيد من حوافز السوق ومن المنظمين الأسخياء المؤهلين تأهيلاً عاليًا، فصحيح أن إنشاء مثل هذا النظام يتطلب وقتًا والتزامًا، ولكنه يعد ضرورياً بصورة واضحة.