Research

بكين تنادي: تقييم حضور الصين المتنامي في شمال أفريقيا

RTS1ZMWG

المقدمة

مع فكّ الولايات المتحدة رويداً رويداً ارتباطها بالشرق الأوسط ومع مواجهة أوروبا تحديات داخلية، تكتسب جهة فاعلة جديدة بهدوء نفوذاً أكبر في أنحاء شمال أفريقيا. فقد زادت الصين بشكل استراتيجي من انخراطها في بلدان مثل مصر والجزائر والمغرب، الواقعة على تقاطع ثلاث مناطق أساسية ألا وهي الشرق الأوسط وأفريقيا والبحر الأبيض المتوسط. ويشمل حضور بكين المتنامي في هذه البلدان، على سبيل المثال لا الحصر، التجارة وتطوير البنية التحتية والموانئ والشحن والتعاون المالي والسياحة والتصنيع.

ومن خلال هذا الارتباط، تهيّئ الصينُ منطقة شمال أفريقيا لتضطلع بدور حيوي في الربط بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، وهو هدف أساسي لمبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس شي جين بينغ. ركّزت تحليلات سابقة لدور مبادرة الحزام والطريق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على أنّه يصعب تحديد أطر المبادرة، ونطاقها الفعلي مفتوح للكثير من النقاش. وفيما لا تتضمن خريطة مبادرة الحزام والطريق الحالية رسمياً دول شمال أفريقيّة سوى مصر، تمّ توقيع مذكّرات تفاهم بين الصين وكل دولة في شمال أفريقيا، مما يبرهن على أنّ الصين توسّع انتشارها في المنطقة.

ولا توسّع الصين تعاونها مع بلدان شمال أفريقيا في المجالَين الاقتصادي والثقافي فحسب، بل في المجالَين الدبلوماسي والدفاعي أيضاً. علاوة على ذلك، تعتمد نموذجاً تنموياً يسعى إلى دمج السلطوية مع النمو الاقتصادي، وهو نموذج له جمهور توّاق لدى الأنظمة في أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. بناء على ذلك، من المرجّح أن تنجم عن دور الصين المتنامي في شمال أفريقيا تداعيات اقتصادية وجيوسياسية مؤثرة للغاية في بلدان المنطقة وحول العالم.

يسعى ملخّص السياسة هذا إلى تحليل دور الصين المتنامي في شمال أفريقيا. فيبدأ أولاً باستعراض خلفية علاقات الصين مع الجزائر ومصر والمغرب وتونس وليبيا وسياقها. ثمّ يقدّم نظرة عامة عن عناصر القوة الناعمة والصلبة للنفوذ الصيني في شمال أفريقيا، مع تركيز خاص على القوة الناعمة. أخيراً، سيطرح الملخّص مجموعةً من التوصيات موجّهة لصانعي السياسات في شمال أفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة.

وكجزء من هذه التوصيات حول السياسات، يشير الملّخص إلى أنه على الحكومات في شمال أفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة أن ترحّب بحذر بانخراط الصين وعليها أن تراقبه عن كثب أيضاً. وينبغي أن تحتاط حكومات شمال أفريقيا من “دبلوماسية الدَّين” والمراقبة الصينية، فيما يجدر أن تحذر الحكومات الغربية من التداعيات الأمنية المتمخّضة عن حضور صيني متزايد في المتوسط. وفي المستقبل، ينبغي على الصين وشمال أفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة أن تسعى إلى أساليب انخراط تعود بالربح على جميع الأطراف وتجلب معها الازدهار والاستقرار إلى حوض المتوسط.

الخلفية والسياق

بدأت علاقة الصين مع بلدان شمال أفريقيا، ولا سيّما الجزائر ومصر، في خلال الكفاح المناهض للاستعمار، إذ انبثقت عن دعم ٍ أيديولوجي لحركات التحرير الوطنية. واللافت في الأمر أنّ الصين كانت البلد غير العربي الأول الذي اعترف باستقلال الجزائر وقدّمت دعماً سياسياً وعسكرياً لكفاح الجزائر الثوري. غير أنّ أساس مصلحة الصين في شمال أفريقيا ابتعد عن “الرومانسية الثورية” وتحوّل إلى الهواجس الاقتصادية والاستراتيجية في نهاية القرن العشرين.

وفي أعقاب الركود العالمي في العام 2008 وأزمة منطقة اليورو، عملت دول شمال أفريقيا، التي اعتمدت تاريخياً على التجارة والاستثمار الآتيين من أوروبا والولايات المتحدة، على تنويع أسواقها وشركائها الاقتصاديين. وفي خلال الفترة عينها، حافظ اقتصاد الصين على زخم هائل، مسجّلاً معدل نمو للناتج المحلي الإجمالي نسبته 9,5 في المئة في العام 2011.وعلى الرغم من تباطؤ النمو الاقتصادي في السنوات الأخيرة، عزّزت الصين قوّتيها الاقتصادية والناعمة من خلال مبادرة الحزام والطريق، التي تشكّل المبادرة الرئيسيّة في عهد شي جين بينغ على مستوى السياسة الخارجية.

ومن المتوقّع أن تكلّف هذه المبادرة التي أُطلقت في العام 2013 حوالي تريليون دولار، بحسب بعض التقديرات، وأن تشمل أكثر من 80 بلداً. وتستأثر هذه البلدان بنسبة 36 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و41 في المئة من التجارة العالمية. وقد حاز جنوب آسيا حتى الآن على أغلبية مشاريع مبادرة الحزام والطريق، غير أنّ توسُّع المبادرة غرباً نحو أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جارٍ على قدم وساق. وفيما يشكّل حضورُ الصين الاقتصادي في أفريقيا وآسيا موضوعَ الكثير من الدراسات والتمعّن، تستحق العلاقة بين الصين وشمال أفريقيا المزيد من الانتباه. فتكشف هذه العلاقة النامية عن توجهات أساسية وتسلّط الضوء على أولويات الصين الاستراتيجية وعلى الطريقة التي تزيد فيها بلدان مثل المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر تعاونها مع شركاء خارجيين جدد.

وتنخرط الصين في نوعَين أساسيَّين من “دبلوماسية الشراكة” في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: الشراكات الاستراتيجية والشراكات الاستراتيجية الشاملة. وبحسب دراسة ستروفر حول دبلوماسية الشراكة الصينية، تتّصف العلاقات بين البلدان الشريكة تبعاً للشراكات الاستراتيجية بالخصائص الأربعة الآتية:

 

  • تتخطّى العلاقات الدبلوماسية النموذجية، فتتضمّن اجتماعات ثابتة بين المسؤولين الحكوميين والوكالات الحكومية لتنمية التواصل والثقة.
  • لا تقع ضمن حدود التحالفات القائمة على المعاهدات.
  • يحرّكها “الهدف” أكثر مما يحركها “التهديد”، فتركّز إجمالاً على مجالات التعاون المتبادل في الاقتصاد والثقافة والأمن والتكنولوجيا.
  • تتميّز بتركيزها على السلوك والعمليات المؤسّساتية.

ومقارنة بالشراكات الاستراتيجية، تتضمّن الشراكات الاستراتيجية الشاملة مستوى أعلى من التواصل المؤسّساتي، بما فيها اجتماعات منتظمة عالية المستوى بين كبار الأعضاء القياديين من كلا البلدَين الشريكَين. ويلاحظ ستروفر أنّه “يجدر استيفاء شروط ثلاثة قبل إبرام اتفاقية حول… [شراكة استراتيجية شاملة]، وهي الثقة السياسية والروابط الاقتصادية الكثيفة والتبادلات الثقافية والعلاقات الحسنة في القطاعات الأخرى”.

وكما يُظهر الجدول أدناه، أنشأت الصين شراكات استراتيجية شاملة مع الجزائر ومصر وشراكة استراتيجية مع المغرب. وتتضمّن هذه الشراكات العشرات من مذكرات التفاهم والوعود بمشاريع بنى تحتية وإنمائية كبيرة. تجدر الإشارة إلى أنّ الصين وقّعت مذكرات تفاهم حول مبادرة الحزام والطريق مع ليبيا وتونس لكنّها لم تعقد شراكةً رسمية مع أيّ من هاتين الدولتين.

البلدان الشريكة للصين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من العام 2012 إلى يوليو 2016

Stats

 

وتُظهر هذه الشراكات كيف أنّ الصين ودول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عزّزت علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية في السنوات الأخيرة، ولا سيّما منذ إطلاق مبادرة الحزام والطريق. ففي أنحاء المنطقة، افتُتحت مراكز ثقافية صينية ومعاهد كونفوشيوس، فيما أزيلت القيود على تأشيرات السفر وإنذارات السفر للسياح الصينيين، مما أدّى إلى زيادة السياحة بوتيرة سريعة. وقال الدبلوماسيون الصينيون في كل من السفارتَين في الرباط والقاهرة إنّ هذه العلاقات المعزّزة تعكس هدف مبادرة الحزام والطريق الرئيسي القاضي بنشر التواصل والتنمية الاقتصادية في خمسة مجالات ذات أولوية: التنسيق حول السياسات والتواصل في البنية التحتية والمزيد من التجارة والتكامل المالي والتبادلات على مستوى الأشخاص.

ويعكس إنشاء الصين شراكات استراتيجية شاملة مع كل من مصر والجزائر الدورَ الكبير الذي تضطلع به هاتان الدولتان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى أنّهما تشكّلان العلاقتَين الثنائيتَين الأساسيتَين للصين في المنطقة لجهة التجارة وبيع الأسلحة ومشاريع البنى التحتية. بالمقابل، غدت الصين الشريك التجاري الأول لكلٍّ من مصر والجزائر.

تشكّل الجزائر مورّداً مهماً للنفط والغاز إلى أوروبا، بالإضافة إلى أنّها جهة فاعلة اقتصادية وأمنية أساسيّة في مناطق المتوسط وشمال أفريقيا والساحل الأفريقي. وميزانيتها العسكرية هي الكبرى في أفريقيا، فقد أنفقت 9,6 مليار دولار أمريكي في العام 2018، ويمكن القول إنّها تتصرّف بصفة “مزوّد أمن إقليمي” رائد. وعملت الجزائر للتوسط في مختلف الصراعات الإقليمية، مثل الصراعَين في مالي وليبيا، ونشطت تاريخياً كمنفذ إلى أفريقيا وإلى كتل إقليمية مهمة مثل الاتحاد الأفريقي.

في غضون ذلك، تتحكّم مصر بأحد الممرّات المائية الأكثر استراتيجيةً في العالم، ألا وهو قناة السويس، وتغدو مركزاً مهماً للغاز في شرقي المتوسط. وتنشط أيضاً كمزوّد أمن إقليمي مهمّ آخر، فهي تدير إحدى أكبر القوى العسكرية في أفريقيا. بالإضافة إلى ذلك، فإن مصر متحالفة مع المحور السعودي الإماراتي، الذي سعى إلى بسط نفوذه في ليبيا والسودان وأماكن أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وفيما تتصف علاقات الصين مع مصر والجزائر بالشراكة الدبلوماسية والأمنية المتينة، يبقى حضورها المتنامي في بلدان مثل المغرب وتونس حضوراً اقتصادياً وثقافياً في المقام الأول. وفي ليبيا، توقّفت الشركات الصينية عن العمل بسبب الاضطراب الجاري، غير أنّ رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً، فايز السراج، قال إنّ عودتها مرحب بها.

بصورة عامة، يشير الموقع الاستراتيجي لهذه البلدان الخمسة على الشواطئ الجنوبية للمتوسط إلى أنّ حضور الصين سيستمر بالتوسع، ولا سيّما في المجال الاقتصادي. واللافت أنّ علاقات الصين مع هذه البلدان محدودة بسياستها الرسمية القاضية بعدم التدخل بالشؤون السياسية، على عكس سياسات الشركاء الغربيين. بالمثل، تَعتبر أكثر فأكثر هذه البلدانُ الخمسة، بدرجات متفاوتة، الصين شريكاً بديلاً صالحاً لأوروبا والولايات المتحدة، مما يدفعها إلى توسيع تعاونها مع بكين، ليس في المواضيع الاقتصادية فحسب بل في المسائل الدبلوماسية والدفاعية أيضاً.

القوة الناعمة: الركائز الاقتصادية والثقافية

تدمج السياسة الصينية في شمال أفريقيا عناصر القوة الناعمة والقوة الصلبة، لكنّ القوة الناعمة برزت بشكل خاص في الخطاب الصيني. وفيما تُعتبر الكثير من أنواع القوة الاقتصادية من أشكال القوة الصلبة، تنخرط الصين عبر شكل أنعم من النفوذ الاقتصادي، مستخدمة الدبلوماسية الاقتصادية كمكافئة أكثر منها كعقاب. ويرتبط الجانب التجاري للنفوذ الصيني في شمال أفريقيا بشكل مباشر بالشرعية المتنامية للنموذج الإنمائي الصيني الذي يركّز على التنمية الاقتصادية وعدم التدخل بالشؤون السياسية، على عكس التركيز الغربي التقليدي على المناصرة لتحقيق المعايير الليبرالية والديمقراطية. وبالتماشي مع هذه الملاحظات، تعرّف هذه الورقة القوّة الناعمة على أنّها تتضمن العلاقات الاقتصادية والتجارية، بالاستناد إلى فهم لكيفية استخدام الصين التجارة والاستثمار والتمويل كأدوات غير قسرية في علاقاتها مع البلدان الشمال أفريقية.

وحالياً، يرتبط معظم الانخراط في مبادرة الحزام والطريق في شمال أفريقيا بالعلاقات الاقتصادية والتجارية، مما يعطي البلدان المعنية فرصة لزيادة أحجام التبادل التجاري والاستثمارات الخارجية وعائدات السياحة وعدد قواعد التصنيع. وأدّى ذلك أيضاً إلى تشجيع المنافسة بين الشركاء الغربيين التقليديين، مثل الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى الصين وروسيا. ويشدّد الدبلوماسيون الصينيون على أنّ بلدان شمال أفريقيا تشكّل إمكانات جذابة للغاية للتعاون الاقتصادي نظراً إلى قربها من الأسواق الأوروبية والأفريقية والآسيوية وعدد المناطق الصناعية الكبير فيها ومستويات الاستثمار العالية في تطوير البنى التحتية.

التجارة

من مصر إلى المغرب، تزيد الصين تبادلاتها التجارية مع بلدان شمال أفريقيا واستثماراتها فيها. وتختلف استراتيجياتها الاقتصادية من بلد إلى آخر، مع حلول مصر والمغرب والجزائر في الطليعة على سلّم أولوياتها. فبحسب وزارة التجارة والصناعة المصرية، تشكّل مصر ثالث أكبر شريك تجاري للصين في أفريقيا. وفي العام 2017، وصل حجم التبادلات التجارية بين البلدَين إلى 10,87 مليار دولار أمريكي، فيما بلغت قيمة واردات مصر من الصين أكثر من 8 مليارات دولار أمريكي، وهي القيمة الأعلى في شمال أفريقيا. وفي الأشهر الثمانية الأولى من العام 2018، ارتفعت قيمة التبادلات التجارية الثنائية بين مصر والصين بنسبة 26 في المئة تقريباً. أما تبادلات الصين التجارية مع المغرب، فهي أكثر تواضعاً، غير أنها تتوسّع تدريجيّا. وقد بلغت قيمة واردات المغرب من الصين 3,14 مليار دولار أمريكي في العام 2017، لتأتي بذلك بعد تلك الواردة من فرنسا وإسبانيا فحسب.

في غضون ذلك، تشكّل الجزائر أحد شركاء الصين الاقتصاديين الأقدم والأكبر في شمال أفريقيا. فقد باتت الصين شريك الجزائر التجاري الأول في العام 2013، متجاوزةً بذلك فرنسا. غير أنّ العلاقة يشوبها عجز تجاري واضح. ففيما غدت الصين مصدر الجزائر الأول من الواردات، التي بلغت قيمتها 7,85 مليار دولار أمريكي في العام 2018، لا تزال صادرات الجزائر إلى الصين بسيطة نسبياً مقارنة بصادراتها إلى البلدان الأوروبية، وهي بمعظمها تقريباً من قطاع الهيدروكربون. لكنّ صادراتها إلى الصين في تزايد، إذ ارتفعت 60 ضعفاً بين العامَين 2000 و2017.

وازداد التبادل التجاري بين الصين وتونس أيضاً، مع وصول قيمة واردات تونس من الصين إلى 1,85 مليار دولار أمريكي في العام 2017، لتأتي في المرتبة الثالثة بعد فرنسا وإيطاليا. غير أنّ دبلوماسياً صينياً قال إنّ الصين لا تزال تعتبر البلاد خطراً استثمارياً وتشكك في عمليتها الانتقالية الدبلوماسية وتحدياتها الاقتصادية.

وبعد اندلاع الحرب الأهلية في ليبيا في العام 2011، اضطرّت الصين والكثير من البلدان الأخرى إلى إجلاء مواطنيها والانسحاب من مشاريع واستثمارات مهمة. بيد أنّ صادرات ليبيا النفطية إلى الصين ازدادت أكثر من الضعفين منذ العام 2017، وتترصّد الصين فرص إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الصراع. ففي يوليو 2018، وقّع وزير خارجية حكومة الوفاق الوطني محمد سيالة مذكرة تفاهم مع نظيره الصيني، ممهداً الطريق أمام ليبيا لتنضم إلى مبادرة الحزام والطريق. وعلى عكس القوى الإقليمية الأخرى، لم ينحز الصينيون إلى أيّ طرف في الصراع الليبي بسبب التزامهم بعدم التدخل سياسياً، مما يضعهم في موقف قوي لإبرام صفقات مع أيّ حكومة تتولى زمام السلطة في ليبيا في المستقبل.

الاستثمار والبنية التحتية

في الجزائر، تهتمّ الشركات الصينية في المقام الأول بقطاعات البناء والإسكان والطاقة. فتبرز في الجزائر مشاريع بناء مهمة بتمويل و/أو تشييد صيني، مثل دار أوبرا الجزائر وفندق شيراتون وجامع الجزائر والطريق السيار شرق-غرب، تماماً كما يبرز آلاف العمال الصينيين الذين بنوا “حياً صينياً” في ضواحي مدينة الجزائر.

في غضون ذلك، يتركّز الحضور الصيني في المغرب ومصر في المناطق الصناعية ومناطق التجارة الحرّة والمراكز المالية. ففي المغرب، تشمل هذه المواقع المنطقة الحرّة الأطلسية في القنيطرة والقطب المالي للدار البيضاء والمجمّع المينائي طنجة المتوسط. وفي المجمّع المينائي، تخطط شركات صينية لبناء مراكز لوجستية إقليمية، من بينها شركة الاتصالات العملاقة هواوي.

وفي مارس 2017، أعلن الملك محمد السادس عن خطط لتشييد “مدينة محمد السادس طنجة تيك” الجديدة، التي من المتوقع أن تصبح المشروع الاستثماري الصيني الأكبر في شمال أفريقيا وأن تضمّ عدة مناطق صناعية. وبعد أن انسحبت مجموعة هايتي (Haite) الصينية من المشروع، وقّعت شركة البناء والاتصالات الصينية (CCCC) والشركة التابعة لها التي تدعى شركة الطريق والجسر الصينية (CRBC) مذكّرة تفاهم مع البنك المغربي للتجارة الخارجية في المغرب. وقد بدأ بناء “مدينة تيك” منذ يوليو 2019. وبعد الإعلان عن مشروع “مدينة تيك”، وقّعت شركات تصنيع سيارات صينية، بما فيها شركة بي واي دي (BYD) وشركة سيتيك ديكاستال (Citic Dicastal) وشركة تكنولوجيا الطاقة الجديدة أوتيكار (Aotecar)، اتفاقيات مع الحكومة المغربية لتشييد مصانع متنوّعة.

وفي مصر، يبدي الصينيون اهتماماً متزايداً في بناء المشاريع وتمويلها في العاصمة الإدارية الجديدة وفي المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ومناطق صناعية أخرى متعددة في أنحاء البلاد، على الرغم من أنّ الكثير من هذه المشاريع لا يزال في مرحلة التخطيط. وحتى مع مواجهة مصر تحديات في جذب الاستثمارات الخارجية، تشهد مشاريع البناء الصينية تزايداً. لكن في بعض الحالات، فشلت المفاوضات بين الحكومة المصرية والشركات الصينية. ومن أبرز الأمثلة على ذلك عندما توقّفت النقاشات بين مصر وشركة تشاينا فورتشن لاند ديفلوبمنت (China Fortune Land Development) الصينية لتطوير الأراضي حول مشروع بقيمة أكثر من 20 مليار دولار أمريكي في العاصمة الإدارية الجديدة في ديسمبر 2018 بسبب اختلافات في تشاطر العائدات. غير أنّ الدبلوماسيين الصينيين ذكروا أيضاً قصة النجاح لمشغل إنتاج الألياف الذي يديره الفرع المصري لشركة الألياف الزجاجية الصينية جوشي (Jushi) في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وهذا مكّن مصر من أن تصبح إحدى الدول المنتجة الرائدة في صناعة الألياف الزجاجية في العالم.

التبادلات على مستوى الأشخاص

بحسب الدبلوماسيين الصينيين، “التبادلات على مستوى الأشخاص” عنصرٌ أساسي في مبادرة الحزام والطريق، مع مشاريع بنى تحتية وموانئ ومسارات شحن لا تهدف إلى تحسين التجارة والاستثمار فحسب، بل حركة الأشخاص أيضاً. ويشددون على ضرورة اعتبار مبادرة الحزام والطريق وسيلةً لإعادة وضع مفهوم “طريق الحرير” القديم على خارطة المجتمع المعاصر، إذ قال أحد الدبلوماسيين: “الصورة التي تخطر في بالنا هي التواصل بين مختلف الحضارات… عندما نقول طريق الحرير، نعني طريق السلام”.

وقد نجحت مبادرة الحزام والطريق بشكل واضح في تسهيل حركة الأشخاص المرجوّة. فالجزائر تستضيف أكثر من 50 ألف عامل صيني يشكّلون أحد أكبر المجتمعات الصينية في أفريقيا. بالمثل، لا تنفكّ المطاعم والأسواق الصينية تظهر في الدار البيضاء، وهي مركز الأعمال في المغرب، وفي عاصمة البلاد الإدارية الرباط، فيما تتوسّع المجتمعات الصينية فيها، إذ يسكن 4 آلاف صيني في مقاطعة درب عمر وحدها، وهي منطقة الدار البيضاء التجارية. بالإضافة إلى هؤلاء المقيمين الجدد، ازدادت السياحة الصينية نحو بلدان مثل المغرب ومصر بشكل هائل مع إزالة القيود عن تأشيرات السفر وإنذارات السفر. وقال دبلوماسي صيني إنّ عدد السوّاح الصينيين في مصر قد ارتفع إلى 400 ألف سائح في العام 2017، بعد أن كان عددهم 125 ألفاً في العام 2015.في غضون ذلك، استضاف المغرب 120 ألف سائح صيني في العام 2017 ومئة ألف سائح في الأشهر الخمسة الأولى من العام 2018.

ويشكّل انتشار المراكز الثقافية الصينية في شمال أفريقيا عنصراً آخر من التبادلات “على مستوى الأشخاص”. فقد افتُتح معهد كونفوشيوس الأول في تونس في نوفمبر 2018، فيما تمّ تدشين المركز الثقافي الصيني في الرباط في ديسمبر 2018.في غضون ذلك، تضمّ مصر معهديّ كونفوشيوس أحدهما في جامعة القاهرة والآخر في جامعة قناة السويس، بالإضافة إلى أنها تضمّ مركزاً ثقافياً صينياً. وتنظّم المراكز الثقافية هذه دروساً حول اللغة والثقافة الصينيتَين، بالإضافة إلى المهرجانات. وبصورة عامة، تشير الأعداد المتزايدة للمقيمين والسياح الصينيين والمراكز الثقافية الصينية في شمال أفريقيا إلى أنّ مبادرة القوة الناعمة التي أطلقتها الصين في المنطقة فعالة حتى اليوم وستستمرّ في التوسّع.

المشاكل في نموذج القوة الناعمة الذي تنتهجه الصين

فيما يشهد حضور الصين التجاري المتنامي في شمال أفريقيا نجاحات كثيرة، هو يضمّ أيضاً بعض النواحي الإشكالية. والأبرز بينها استغلال اليد العاملة الصينية الرخيصة لتشييد مشاريع البناء ذات التمويل الصيني. وقد انتُقدت المشاريع الصينية بسبب “ممارسات العمل المشبوهة،” وطُرحت أسئلة حول مدى دعم مشاريع البناء هذه فعلياً أسواق العمل المحلية أو تشجيعها للازدهار الاقتصادي المتشاطر. وسبق أن ولّدت ممارسات العمالة هذه الاستياء لدى بلدان متعددة ومن المرجح أن تزيد الانتقادات تجاه الطبيعة المتمحورة حول الصين التي تتسم بها الكثير من هذه المشاريع، بالإضافة إلى افتقارها إلى الشفافية والتنظيم.

وباتت الاتهامات بخصوص “دبلوماسيّة الدَّين” التي تعتمدها الصين والاستعمار الجديد في جنوب آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية شائعةً أيضاً. فقد اعتُبرت حالات باكستان وسريلانكا والإكوادور على أنها كارثية للغاية لناحية الدين الصيني والمشاريع الفاشلة. وفيما يواجه كلّ بلد من هذه البلدان تحدياته الاقتصادية الخاصة به، منح الدين الصيني بكين نفوذاً كبيراً في جميع هذه البلدان، مفضياً أحياناً إلى تداعيات كارثية. ففي الإكوادور مثلاً، أضحى سدّ كوكا كودو سينكلير البالغة قيمته 19 مليار دولار أمريكي والمموَّل من الصين فضيحةً وطنية. فقد واجه السدّ مشاكل هيكلية وتشغيلية قبل افتتاحه حتى، والدراسات التي أُجريت عن الأثر البيئي كانت غير وافية إلى حدّ بعيد، وزُجّ كبار المسؤولين الإكوادوريين الذين أبرموا الصفقة في السجن بتهمة تلقّي الرشاوي.

وفي تقرير صدر في العام 2018 عن دين مبادرة الحزام والطريق، حذّر الباحثون من مركز التنمية العالمية أنّ ثمانية بلدان في خطر الوقوع في “دين يفوق المعدل”، بما فيها جيبوتي وطاجيكستان وقيرغيزستان ولاوس والمالديف ومنغوليا وباكستان ومونتينيغرو. وتقوّض مستويات الدين العالية ذات الشروط غير الشفافة الاقتصادات النامية بدلاً من تنميتها، إذ تعاني بلدان مثل المغرب ومصر وتونس أصلاً لتخفّض دينها الخارجي. وبحسب مبادرة الأبحاث الصينية الأفريقية التي قامت بها كلية الأبحاث الدولية المتقدمة SAIS، بلغ مجموع القروض الصينية إلى الحكومات الشمال أفريقية من العام 2000 حتى العام 2017 ما يعادل 4607 مليون دولار أمريكي. ومن البلدان الشمال أفريقية على تلك القائمة، احتلّت مصر المرتبة الأولى لناحية مجموع قروضها من الصين من العام 2000 حتى العام 2017 (3421,60 مليون دولار أمريكي)، وتبعها المغرب (1030,55 مليون دولار أمريكي) وتونس (145,39 مليون دولار أمريكي) والجزائر (9 ملايين دولار أمريكي) وليبيا (صفر).

ومع أنّ البلدان الشمال أفريقية لم تقترض بعد بقدر ما اقترضته بلدان أخرى في أفريقيا أو جنوب آسيا أو أمريكا اللاتينية، يرتفع الدين في بلدان مثل المغرب ومصر ومن المرجّح أن يستمر بالارتفاع. بالتالي، على المنطقة أن تحذر من تكرار التجارب السلبية التي مرّت بها بلدان أخرى مع الدين والتدخل الصينيَّين.

 

 

Graphالقوة الصلبة: الدبلوماسية والدفاع

الدبلوماسية والجيوسياسية

بسبب التوترات الأخيرة بين دول شمال أفريقيا وشركائها الغربيين التقليديين، توجّهت دول شمال أفريقيا نحو سبر أغوار الاحتمالات المتاحة لتأسيس شراكات اقتصادية ودبلوماسية وأمنية مع قوى عظمى أخرى، مثل الصين وروسيا. مثلاً، عندما تصاعدت التوترات بين المغرب والاتحاد الأوروبي في العام 2016 حول تطبيق اتفاقية الزراعة والصيد البحري، التي تضمنّت أرض الصحراء الغربية المتنازع عليها، أوقف المغرب التواصل مع بعثة الاتحاد الأوروبي، ممّا أدّى إلى تفاقم حدّة التوتّر بينهما.

في غضون ذلك، تكاثرت الزيارات الرفيعة المستوى بين مسؤولين حكوميين صينيين وشمال أفريقيين في السنوات الخمس إلى العشر الأخيرة. وفي خلال قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي في سبتمبر 2018، التقى الرئيس شي برئيس الوزراء المغربي سعد الدين العثماني ورئيس الوزراء الجزائري السابق أحمد أويحيى ورئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وتتكرّر الاجتماعات بين السيسي وشي بشكل ملفت، مع انعقاد الاجتماع الأخير في أبريل 2019 في خلال منتدى الحزام والطريق الثاني للتعاون الدولي.

وتمثّل سياسة الصين الرسمية بعدم التدخل بديلاً جذاباً للالتزام المعياري الذي غالباً ما يطغى على التعاون مع البلدان الغربية. وكما يقول زبير:

لاحظت بلدان كثيرة من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنها كانت الخاسرة في ظل نظام الغرب المهيمن، بصرف النظر عن تحالفات كلّ منها مع القوى الغربية… غير أنّ الصين لم تستعمر بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو تتدخل في شؤونها المحلية قطّ. وتوسُّع الصين الإقليمي والدولي طبيعي ومحتوم نظراً إلى ثقلها الاقتصادي. ولا شك في أنّ سياسة عدم التدخل التي تعتمدها تجذب دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لذا تفسّر هذه العوامل جزئياً قبولَ المنطقة بمبادرة الحزام والطريق ودور الصين الأكبر على الساحة العالمية.

لكن من المهم الأخذ بعين الاعتبار أنّ سياسة عدم التدخل والحياد قد لا تبقى دائماً مسألة خيارات للصين، فكلّما توسّع دور الصين في المنطقة، ازداد الضغط عليها لتتدخل بنشاط أكبر في حلّ النزاعات الإقليمية. وسبق أن برزت علامات تشير إلى أنّ سياسة الصين بعدم التدخل يمكنها أن تشكّل تحديات في قضايا مثل النزاع على الصحراء الغربية في المغرب.

في المغرب، تُعتبر الصحراء الغربية مغربيّة، ويُعَدّ دعم حقّها بتقرير مصيرها تجاوزاً للخطوط الحمر. فسيادة المغرب على الأرض المتنازع عليها قضيةٌ وطنية وتشكّل إحدى أولويات السياسة الأساسية في البلاد. لكن عندما يناقش الدبلوماسيون الصينيون هذه المسألة، يقولون إنّهم يحترمون قرار الأمم المتحدة فيها. وتم تقبّل هذا الموقف إلى حدّ الآن، غير أنّ الصراع الإقليمي يشمل بطريقة مباشرة وغير مباشرة شركاء مهمين للصين، مثل الجزائر وجنوب أفريقيا وأنغولا ونيجيريا ومجلس التعاون الخليجي. وقد يولّد ذلك توتّراً بين الصين وبعض الحلفاء الأساسيين في المستقبل. بالإضافة إلى سياسة الصين بعدم التدخل، تأمل الصين أن تتفادى مسائل حول حق تقرير المصير بسبب التحديات التي تواجهها بنفسها في التعامل مع الحركات الانفصالية، كما هو الحال في ما يتعلّق بتايوان وسنجان والتيبت ومنغوليا الداخلية.

بناء على ذلك، ما زالت الصين غير منخرطة في صراعات إقليمية مهمة، بما فيها النزاع المتعلق بالصحراء الغربية والأزمة في ليبيا. لكن على الرغم من أنّ الصين ترتبط حالياً مع بلدان شمال أفريقية من خلال إطار عمل ثنائي في المقام الأول، هي تسعى إلى الانخراط في مزيد من الدبلوماسية الإقليمية عبر آليّات متعددة الأطراف، مثل منتدى التعاون الصيني الأفريقي ومنتدى التعاون بين الصين والدول العربية.

وتقول إكمان إنّ هذا الجهد الدبلوماسي يرتبط بمبدأ “نوع جديد من علاقات القوة المهمة”، الذي تسعى الصين بموجبه إلى أن تنخرط مع بلدان أصغر متى تضافرت ضمن منتديات إقليمية مهمة. ولا تعتبر هذه البلدان قوية بما يكفي لتتيح تعاوناً عالي المستوى إلّا عندما تبلغ هذا المستوى من التعاون. بمعنى آخر، يشكّل ميزان القوى المكوّن الأساسي لرؤية الصين نحو نظام عالمي براغماتي ومنتج.

يجدر الذكر أنّ الصين لا تزال تواجه صعوبات متعلّقة بخبرتها الإقليمية في شمال أفريقيا. ففيما يتطلّع بعض المسؤولين إلى المنطقة من منظار ثقافي في المقام الأول ويربطونها بالشرق الأوسط، يراها آخرون على أنها “جنوب أوروبا” أو المتوسط، بالتالي، هي منفصلة عن أفريقيا جنوب الصحراء. وحضور البلدان الشمال أفريقية في المنتديَين الأفريقي والعربي على حدّ سواء أمرّ معبّر بما يكفي، فهو يعكس موقف المنطقة الفريد والاستراتيجي إزاء الارتباط الاقتصادي بمبادرة الحزام والطريق والدبلوماسية الإقليمية.

التعاون على الصعيدين الأمني والدفاعي

يتوسّع تعاون الصين على الصعيدين الأمني والدفاعي في شمال أفريقيا مع تزايد حضورها الاقتصادي. وتشكّل المشاريع البحرية، ولا سيّما إنتاج الكابلات البحرية، عنصراً أساسياً في تركيز الصين على التواصل الاتصالاتي. فقد سلّمت شركة شبكات هواوي البحرية الصينية كابل “حنبعل” الذي يربط تونس بإيطاليا في العام 2009، بالإضافة إلى تسليم كابل مهم آخر يربط ليبيا باليونان في العام 2010. وقد ولّد هذا الأمر هواجس حول استخدام الاستثمارات التجارية الصينية لأنشطة غير تجارية، مثل جمع المعلومات الاستخباراتية والتعاون البحري/العسكري في المتوسط. وتنبثق هذه الهواجس عن السابقة التي قامت بها مشاريع مبادرة الحزام والطريق في جنوب آسيا، مثل ميناء هامبانتوتا في سريلانكا، حينما ادّعى مسؤولون سريلانكيون أنّ الصينيين شددوا على مكوّن جمع المعلومات الاستخباراتية الذي يرصد كامل حركة الملاحة عبر الميناء.

وقد بدأ أوّل تحرّك عسكري صيني بارز في ليبيا في العام 2011، عندما ساعدت بَحريّة جيش التحرير الشعبي في إجلاء حوالي 40 ألف عامل صيني من البلاد قبل أن تباشر منظمة حلف شمال الأطلسي بشنّ الغارات الجوية. بعد ذلك جرت مناورة عسكرية صينية روسية مشتركة في العام 2015 في المتوسط. وفي العام 2017، افتتحت الصين أوّل قاعدة عسكرية لها خارج البلاد في جيبوتي. وفي يناير 2018، توقّفت سفينتان حربيّتان من مجموعة الحراسة البحرية الصينية السابعة والعشرين في مدينة الجزائر للقيام بزيارة ودّية امتدّت على أربعة أيام كجزء من جولة مدتها أربعة أشهر.

علاوة على ذلك، تُعتبر، مصر والجزائر، القوّتان العسكريتان الكبريان في شمال أفريقيا، من بين أهمّ الشراة للأسلحة الصينية. وبحسب مشروع “قوة الصين” الذي أطلقه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، “تمثّل البلدان الأفريقية الوجهة الأولى للأسلحة الصينية [في أفريقيا]، مستأثرة بنسبة 42 في المئة من الصادرات الصينية إلى القارة”.

وفي سياق مبادرة الحزام والطريق، وكما شدّد رولاند، من المهم التذكّر أنّ:

تعزيز التنمية الإقليمية لا يُعتبر وسيلة لتشجيع الانفتاح السياسي بل على العكس، هو وسيلة لتقوية الأنظمة السلطوية القائمة وتثبيتها حول الصين… فستساعد البنية التحتية العابرة للقارات على الوقاية من عراقيل محتملة للإمداد البحري في حال نشوب الصراع. وترسيخ مساحة الصين الاستراتيجية سيساعد على مواجهة الجهود المزعومة بقيادة أمريكية لاحتواء بروز البلاد. وبما يتخطى هذه الأهداف الملموسة، تسعى مبادرة الحزام والطريق أيضاً إلى تلبية الطموح الإقليمي الأوسع بإنشاء نظام أوروبي آسيوي يتمحور حول الصين.العقبات أمام التعاون الصيني الشمال أفريقي

كما أظهر القسم السابق، بدأ تعاون الصين على الصعيدين الأمني والدبلوماسي مع شمال أفريقيا يعكس أولوياتها الاقتصادية. ففي حال بقيت بلدان مثل المغرب ومصر والجزائر مستقرّة وزادت انخراطها الاقتصادي والدبلوماسي مع الصين، ستتابع مبادرة الحزام والطريق التوسّع في شمال أفريقيا. وفيما يراقب الصينيون الوضع السياسي بحذر في تونس والجزائر، بالإضافة إلى الصراع في ليبيا، لا شكّ في أنّهم يسعون أيضاً إلى ضمّ هذه البلدان إلى مبادرة الحزام والطريق في نهاية المطاف.

ويبدو المغرب البلد الأكثر انفتاحاً واستعداداً للمشاركة في مبادرة الحزام والطريق، نظراً إلى استراتيجيته الطموحة للتصنيع وبنيته التحتية المتنامية وتركيزه الواضح على جذب استثمار أجنبي. ففي استقصاء سهولة ممارسة أنشطة الأعمال للعام 2019، حلّ المغرب في طليعة بلدان شمال أفريقيا (البلد رقم 60 من أصل 190 بلداً)، وتبعته تونس (البلد رقم 80) ثمّ مصر (البلد رقم 120) والجزائر (البلد رقم 157) وليبيا (البلد رقم 186).

من ناحية أخرى، لا يزال الاستثمار الأجنبي في مصر والجزائر يواجه عقبات مهمة. فلا تزال الشركات التي تملكها المؤسسة العسكرية تهيمن على الكثير من المشاريع في مصر، حتى مع إعراب الرئيس السيسي علناً عن رغبته في جذب المزيد من الاستثمار الأجنبي. في غضون ذلك، أبدى المسؤولون الصينيون قلقهم إزاء المستوى المتزايد من الإجراءات الروتينية في مصر والضرر الذي يلحقه ذلك بالمشاريع الاستثمارية. وفيما شكّل قانون الاستثمار الجديد في العام 2017 خطوة إيجابية، أمام مصر الكثير من الأعمال لتنجزها من أجل التخفيف من تحديات ممارسة أنشطة الأعمال.

وقد أضرّت فضائح الفساد أيضاً بسمعة الشركات الصينية في الجزائر حيث تفتقر صفقات البناء بشكل عام إلى الشفافية. فواجهت شركة بناء سكك الحديد الصينية (CRCC) الانتقاد بعد بروز مزاعم بإحجامها عن دفع رواتب تقدر قيمتها بحوالي 4,2 مليون دولار أمريكي. وتلطّخت سمعة مشاريع كبيرة مثل الطريق السيار شرق–غرب نتيجة فضائح فساد متعددة وتأخّر العمل فيها نتيجة التصليحات اللازمة.التوصيات بشأن السياسات

على دول شمال أفريقيا أن تخطّط بدقّة لانخراطها الاقتصادي والسياسي مع الصين، وإلّا خاطرت بمواجهة التعقيدات في ما بعد. بالمثل، من الضروري أن يأخذ صانعو السياسات الأمريكيون والأوروبيون بعين الاعتبار أثر انسحابهم من شمال أفريقيا، بالإضافة إلى تداعيات توسُّع الحضور الصيني في المنطقة.

أوّلاً، يجب أن تَجري المفاوضات حول التمويل الصيني بشفافية، نظراً إلى السوابق الرديئة التي أطلقتها المشاريع الصينية في جنوب آسيا وأمريكا اللاتينية. وكما سبق أن ذكرنا، قد يكون للدَين الصيني أثرٌ مضرّ في التنمية ويجدر مقاربته بحذر. وستزداد أهمية تفادي مصائد الدين التي أغرقت بلداناً أخرى، مع تنامي التمويل الصيني في شمال أفريقيا ومع انطلاق مشاريع بنى تحتية مهمة. وعلى بلدان الشمال أفريقية التي تستقبل الشركات الصينية في أرضها أن تتخذ الاحتياطات اللازمة للحرص على ألّا تتحوّل المشاريع الاقتصادية نحو جمع المعلومات الاستخباراتية والمراقبة، كما أظهر مثل ميناء هامبانتوتا في سريلانكا.

ثانياً، يزيد احتمال أن تحقّق حكومات شمال أفريقيا نتائجَ إيجابية جرّاء انخراطها مع الصين في حال تمكّنت من التباحث بصوت موحّد مع الصينيين. فحالياً، تنخرط هذه البلدان مع الصين في علاقات ثنائية، أو من خلال منتديات إقليمية متعددة الأطراف، مثل منتدى التعاون الصيني الأفريقي ومنتدى التعاون بين الصين والدول العربية. غير أنّ تكاملاً إقليمياً أكبر، مثل تجديد اتحاد المغرب العربي قد يؤدّي إلى تحقيق الكثير في الحرص على تنسيق إقليمي أفضل في مواضيع التجارة والاستثمار والدبلوماسية والتعاون الدفاعي مع جهات فاعلة مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ثالثاً، على صانعي السياسات الأمريكيين والأوروبيين أن يعوا أنّ الفراغات التي خلّفها انسحابهم من شمال أفريقيا ستملأه قوى صاعدة مثل الصين تسعى إلى تطوير علاقات الراعي–العميل أكثر مع دول في المنطقة. وتقدّم الصين عرضاً جذّاباً لهذه الدول: تمويل منخفض الكلفة ويد عاملة رخيصة وتنظيمات غير معقَّدة وحدّ أدنى من البيروقراطية والتزام بعدم التدخل في الشؤون السياسية. وعلى أوروبا، على وجه الخصوص، أن تحذر من المخاطر الأمنية المنبثقة عن حضور صيني متزايد في المنطقة وينبغي أن تتحرّك بشكل أسرع لتنفيذ الاتفاقيات التجارية المقترحة، على غرار اتفاقية التجارة بين أفريقيا والاتحاد الأوروبي واتفاقيات تجارة حرّة مختلفة مع دول شمال أفريقيا.

الخاتمة

مع أنّ الصين قد سبق أن حقّقت تقدّماً في شمال أفريقيا من خلال مبادرة الحزام والطريق، لا تزال روابطها السياسية والاقتصادية مع المنطقة غير راسخة نسبياً. غير أنّه من المتوقّع أن توسّع الصين هذه الروابط وترسّخها في السنوات القادمة، نظراً إلى مدى أهمية المنطقة من الناحية الاستراتيجية.

وتَعد العلاقة المتنامية بين الصين والبلدان الشمال أفريقية بفوائد جمّة تطال جميع الأطراف، لكن ينبغي تفادي عدد من العقبات المحتملة. فكما ذكرنا سابقاً، يجدر أن تحذر الحكومات في شمال أفريقيا مخاطر الدَين والمراقبة، فيما يتعيّن على الحكومات الغربية أن تتّخذ خطوات لتخفيض التداعيات الأمنية الناجمة عن حضور صيني متزايد إلى أقصى حدّ.

في المستقبل، على صانعي السياسات في الصين وشمال أفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة أن يعملوا معاً للعثور على أساليب انخراط تعود بالفائدة على جميع الأطراف وتجلب معها الازدهار والاستقرار إلى حوض المتوسط. في حال تمكّنوا من القيام بذلك، سيضع هذا الإنجاز القاعدة الأساس لإنشاء تعاون مثمر ومفيد بشكل متبادل لسنوات وسنوات، واعداً بمستقبل مشرق لمنطقة شمال أفريقيا وشركائها.

 

Authors

  • Footnotes
    1. راجع: Nadège Rolland, China’s Eurasian Century? Political and Strategic Implications of the Belt and Road Initiative, The National Bureau of Asian Research, NBR Books, May 23, 2017, https://www.nbr.org/publication/chinas-eurasian-century-political-and-strategic-implications-of-the-belt-and-road-initiative/; Mehdi Taje, “Les nouvelles routes de la soie et l’Afrique du Nord : Quelle synergies ?” [The New Silk Roads and North Africa: What synergies?], Konrad-Adenauer-Stiftung, 2018, https://www.kas.de/documents/252038/253252/7_dokument_dok_pdf_52881_2.pdf/582d1caa-13b1-cd37-ee57-dd88537b1df5?version=1.0&t=1539647279804; and Stephen Aris, “«One Belt, One Road »: la nouvelle route de la soie,” [One Belt, One Road: The New Silk Road], Center for Security Studies, No. 195, September 2016, http://www.css.ethz.ch/content/dam/ethz/special-interest/gess/cis/center-for-securities-studies/pdfs/CSSAnalyse195-FR.pdf
      وراجع أيضاً: Jonathan E. Hillman, “China’s Belt and Road Initiative: Five Years Later,” Center for Strategic & International Studies, Testimony, January 25, 2018, https://www.csis.org/analysis/chinas-belt-and-road-initiative-five-years-later-0 ويذكر في المقالة ما يلي: “ما من تعريف متَّفق عليه لما يُعتبَر مشروع مبادرة الحزام والطريق. فيشارك حوالي 70 بلداً في مبادرة الحزام والطريق، بحسب وسائل الإعلام الصينية التابعة للدولة. غير أنّ مشاريع بتمويل صيني في بلدان غير مشاركة تتشاطر الكثير من الخصائص عينها. وقد أُطلقت رسمياً مبادرة الحزام والطريق في نوفمبر 2013، غير أنّ المشاريع التي بدأت قبل سنوات غالباً ما تحتسب ضمنها. وتبرز قائمة أنشطة واسعة لا تنفكّ عن التوسع تحت راية مبادرة الحزام والطريق… وتُعَدّ مبادرة الحزام والطريق عمداً علامة فضفاضة أكثر منها برنامجاً مع معايير متشددة”.
    2. عند تحليل طبيعة النفوذَين الصيني والروسي في الديمقراطيات، يفضّل بعض الباحثين المصطلح “القوة الحادة” بدلاً من المصطلح “القوة الناعمة.” فمثلاً، يناقش ووكر ولودفيغ أنّه يجدر النظر إلى نفوذ بكين وموسكو في الخارج على أنّه قوة حادة بهدف استيعاب ما يعتبرانه “الطبيعة الخبيثة والعدائية للمشاريع السلطوية”، مضيفين أنّه “من خلال القوة الحادة، القيم غير الجذابة بشكل عام التي تتمتع بها الأنظمة السلطوية، والتي تشجّع على احتكار السلطة والتحكم من القمة إلى القاعدة والرقابة والولاء القسري والمشترى، تبرز إلى العيان، وأولئك الذين يتأثرون هم ضحايا أكثر مما هم جماهير”.راجع Christopher Walker and Jessica Ludwig, “The Meaning of Sharp Power: How Authoritarian States Project Influence,” Foreign Affairs, November 16, 2017, https://www.foreignaffairs.com/articles/china/2017-11-16/meaning-sharp-power; “China Exerting ‘Sharp Power’ Influence on American Institutions,” Hoover Institution, December 19, 2018, https://www.hoover.org/news/china-exerting-sharp-power-influence-american-institutions; Emmanuel Lincot, “China, A New Cultural Strength? Soft Power and Sharp Power,” Institut de Relations Internationales et Stratégiques, April 2019, https://www.iris-france.org/wp-content/uploads/2019/04/Asia-Focus-109.pdf
    3. David H. Shinn and Joshua Eisenman, China and Africa: A Century of Engagement (Philadelphia: University of Pennsylvania Press, 2012), 228; Thierry Pairault, “La Chine au Maghreb : de l’esprit de Bandung à l’esprit du capitalisme” [China in the Maghreb: From the Spirit of Bandung to the Spirit of Capitalism], Revue de la régulation 21, first semester (Spring 2017), https://journals.openedition.org/regulation/12230
    4. Riccardo Fabiani, “Morocco’s Difficult Path to ECOWAS Membership,” Carnegie Endowment for International Peace, Sada Journal, March 28, 2018, https://carnegieendowment.org/sada/75926; Nasser Saidi and Aathira Prasad, “Trends in trade and investment policies in the MENA Region,” Organisation for Economic Co-operation and Development, Background Note, November 2018, http://www.oecd.org/mena/competitiveness/WGTI2018-Trends-Trade-Investment-Policies-MENA-Nasser-Saidi.pdf
    5. Statista, “China: growth rate of real gross domestic product (GDP) from 2011 to 2024,” accessed February 21, 2019, https://www.statista.com/statistics/263616/gross-domestic-product-gdp-growth-rate-in-china/
    6. Betty Wang, “China’s economic growth hits a 30 year low,” Australian Broadcasting Company, January 21, 2019, https://www.abc.net.au/radionational/programs/drive/chinas-economic-growth-hits-a-30-year-low/10733492
    7. “China’s Belt and Road Initiative: 5 Years Later,” posted by Bloomberg Markets and Finance, February 3, 2019, https://www.youtube.com/watch?v=Z0iMgoFPnDw
    8. Georg Strüver, “China’s Partnership Diplomacy: International Alignment Based on Interests or Ideology,” The Chinese Journal of International Politics 10, no. 1 (Spring 2017): 33, https://doi.org/10.1093/cjip/pow015
    9. المرجع ذاته، ص. 36-37.
    10. المرجع ذاته، ص. 45.
    11. Xinhua, “China and another two Arab countries sign MOUs on the Belt and Road Initiative,” Belt and Road Portal, July 12, 2018, https://eng.yidaiyilu.gov.cn/home/rolling/59886.htm
    12. Strüver, “China’s Partnership Diplomacy,” 62-65.
    13. Rolland, China’s Eurasian Century?; “Belt and Road Initiative (BRI),” European Bank for Reconstruction and Development, accessed August 14, 2019;مقابلات أجراها المؤلّفان مع دبلوماسيين صينيين في الرباط والمغرب والقاهرة في مصر، في يناير2019.
    14. راجع: “Egypt-China trade hits $7.5 bln in 7 months: Chinese customs,” Ahram Online, August 26, 2018, http://english.ahram.org.eg/NewsContent/3/12/310274/Business/Economy/EgyptChina-trade-hits—bln-in–months-Chinese-cus.aspx:”وصلت قيمة التبادلات التجارية بين البلدَين إلى 7,5 مليار دولار أمريكي، فيما بلغت قيمة صادرات الصين إلى مصر حوالي 6,5 مليار دولار أمريكي، وهي زيادة بنسبة 22,6 في المئة مقارنة بالعام المنصرم. وارتفعت صادرات مصر إلى العملاق الآسيوي بنسبة 34,1 في المئة لتصل إلى مليار دولار أمريكي”. راجع أيضاً: Lamine Ghanmi, “Algeria draws Europe’s ire by cutting imports, boosting trade with China,” The Arab Weekly, April 22, 2018, https://thearabweekly.com/algeria-draws-europes-ire-cutting-imports-boosting-trade-china: “برزت الصين على أنها السوق المصدرة الأولى للجزائر، فقد أرسلت سلعاً بقيمة 8,3 مليار دولار أمريكي إلى هذه الدولة الشمال أفريقية في العام 2017.”
    15. defenceWeb, “African military spending continues to decrease,” April 30, 2019, https://www.defenceweb.co.za/land/land-land/african-military-spending-continues-to-decrease/
    16. راجع Anouar Boukhars, “Reassessing the power of regional security providers: the case of Algeria and Morocco,” Middle Eastern Studies 55, no. 2 (February 2019): 242-260, https://doi.org/10.1080/00263206.2018.1538968
    17. Chris Stephen, “Egypt’s gas gold rush,” Petroleum Economist, February 28, 2019, https://www.petroleum-economist.com/articles/upstream/exploration-production/2019/egypts-gas-gold-rush
    18. “Egypt Military Strength,” Global Firepower Database, accessed July 15, 2019, https://www.globalfirepower.com/country-military-strength-detail.asp?country_id=egypt
    19. Xinhua, “Libya welcomes return of Chinese companies, PM says ahead of FOCAC Beijing summit,” China Daily, September 1, 2018, http://www.chinadaily.com.cn/a/201809/01/WS5b8a2b1aa310add14f389061.html
    20. ابتكر جوزيف ناي مصطلح “القوة الناعمة” عقب الحرب الباردة ليصف بشكل أفضل كيف تمارس البلدان القوة خارج نطاق الوسائل القسرية التقليدية المعروفة باسم “القوة الصلبة”، مثل القوة العسكرية والاستراتيجيات الاقتصادية والدبلوماسية العدائية. ويناقش ناي أنّ القوة الناعمة تتضمن وسائل غير قسرية “لتقوم بأمور وتتحكم بأمور أخرى”، فتشمل العناصر الثقافية والأيديولوجية والمؤسّساتية. وغالباً ما أشار مسؤولون صينيون إلى مبادرة الحزام والطريق على أنها “أداة للقوة الناعمة.” راجع: Eleanor Albert, “China’s Big Bet on Soft Power,” Council on Foreign Relations, Backgrounder, February 9, 2018, https://www.cfr.org/backgrounder/chinas-big-bet-soft-power
    21. John Wong, “ China’s Rising Economic Soft Power,” Asia Dialogue, March 25, 2016, https://theasiadialogue.com/2016/03/25/chinas-rising-economic-soft-power/
    22. Thierry Pairault, “Economic Relations between China and Maghreb Countries,” in China, the European Union and the Developing World: A Triangular Relationship, eds. Jan Wouters, Jean-Christophe Defraigne, and Matthieu Burnay (Cheltenham: Edward Elgar Publishing, 2015), 312.
    23. مقابلات أجراها المؤلّفان مع دبلوماسيين صينيين في مصر والرباط والمغرب، في يناير 2019؛Nadège Rolland, “China’s Eurasian Century? Political and Strategic Implications of the Belt and Road Initiative,” (Seattle and Washington, D.C.: The National Bureau of Asian Research, 2017), 3.
    24. Ahmed Shafiq and Abdel Maguid, “Interview: China-Egypt ties at unprecedented level: Egyptian expert,” Xinhua, August 28, 2018, http://www.xinhuanet.com/english/2018-08/28/c_137425394.htm
    25. المرجع ذاته.
    26. Observatory of Economic Complexity Database, “Egypt: Origins of Imports,” accessed February 21, 2019, https://atlas.media.mit.edu/en/profile/country/egy/
    27. “Bilateral trade with China sees 26.7% hike in 8 months: GAC,” Egypt Today, October 8, 2018, http://www.egypttoday.com/Article/3/58646/Bilateral-trade-with-China-sees-26-7-hike-in-8
    28. Observatory of Economic Complexity Database, “Morocco: Origins of Imports,” accessed February 21, 2019, https://atlas.media.mit.edu/en/profile/country/mar/
    29. Xinhua, “China remains top trade supplier of Algeria in 2018,” Xinhua Silk Road Information Service, February 11, 2019, http://en.silkroad.news.cn/2019/0211/130229.shtml
    30. Guy Burton, “What Protests in Algeria and Sudan Mean for China,” The Diplomat, March 8, 2019, https://thediplomat.com/2019/03/what-protests-in-algeria-and-sudan-mean-for-china/
    31. Observatory of Economic Complexity Database, “Tunisia: Origins of Imports,” accessed February 21, 2019, https://atlas.media.mit.edu/en/profile/country/tun/#Imports
    32. مقابلة أجراها المؤلّفان مع دبلوماسي صيني في القاهرة في مصر، في يناير 2019.
    33. Reuters, “Libya’s oil exports to China more than double in 2018 – NOC,” November 30, 2018, https://www.reuters.com/article/libya-china-oil/libyas-oil-exports-to-china-more-than-double-in-2018-noc-idUSL8N1Y46TN
    34. “Huawei to set up regional logistics centre in Tanger Med port,” PortSEurope, September 7, 2018, https://www.portseurope.com/huawei-to-set-up-regional-logistics-centre-in-tanger-med-port/.
    35. “Tangier: King Mohammed VI Launches $1 Billion Chinese Investment Project,” Morocco World News, March 20, 2017, https://www.moroccoworldnews.com/2017/03/211612/tangier-king-mohammed-vi-launch-largest-chinese-investment-project-north-africa/
    36. Linus Kemboi, “Morocco begins construction of new tech city in Tangier,” Construction Review Online, July 9, 2019, https://constructionreviewonline.com/2019/07/morocco-begins-construction-of-new-tech-city-in-tangier/
    37. المرجع ذاته.
    38. Xinhua, “Morocco, China give new impetus to bilateral partnership in 2017”, Global Times, December 31, 2017, http://www.globaltimes.cn/content/1082762.shtml
    39. بحسب البنك المركزي، “انخفض الاستثمار الأجنبي المباشر بقيمة 200 مليون دولار أمريكي ليبلغ 7,7 مليار دولار أمريكي في السنة المالية 2017 – 2018…”راجع: Mirette Magdy, “Emaar’s Talks With Egypt Over New Capital City Project Stall,” Bloomberg, December 30, 2018, https://www.bloomberg.com/news/articles/2018-12-30/emaar-s-talks-with-egypt-over-new-capital-city-project-stall
    40. Mirette Magdy, “China’s $20 Billion New Egypt Capital Project Talks Fall Through,” Bloomberg, December 16, 2018, https://www.bloomberg.com/news/articles/2018-12-16/china-s-20-billion-new-egypt-capital-project-talks-fall-through
    41. Xinhua, “China’s Jushi firm celebrates largest fiberglass production in Egypt,” Xinhuanet, August 29, 2018, http://www.xinhuanet.com/english/2018-08/29/c_137426120.htm
    42. مقابلة أجراها المؤلّفان مع دبلوماسي صيني، في القاهرة في مصر، في يناير 2019.
    43. John Calabrese, “Sino-Algerian Relations: On a Path to Realizing Their Full Potential?” Middle East Institute, “All About China” Series Essay, October 31, 2017, https://www.mei.edu/publications/sino-algerian-relations-path-realizing-their-full-potential
    44. Hasnae Belmekki, “Derb Omar, stronghold of the Chinese traders of Casablanca,” University of the Witwatersrand Africa-China Reporting Project, Francophone Africa and China Series, May 4, 2018, http://africachinareporting.co.za/2018/05/derb-omar-stronghold-of-the-chinese-traders-of-casablanca-francophone-africa-china-series/
    45. مقابلة أجراها المؤلّفان مع دبلوماسي صيني، في القاهرة في مصر، في يناير 2019.
    46. Saad Guerraoui, “Morocco sees rising number of Chinese tourists,” The Arab Weekly, August 19, 2018, https://thearabweekly.com/morocco-sees-rising-number-chinese-tourists
    47. Xinhua, “Confucius Institute opens classroom in Tunisia,” Xinhuanet, November 13, 2018, http://www.xinhuanet.com/english/2018-11/13/c_129992290_2.htm
    48. Xinhua, “Feature: China Cultural Center in Morocco’s Rabat launched,” Xinhuanet, December 18, 2018, http://www.xinhuanet.com/english/2018-12/18/c_137682999.htm
    49. Emily Feng, “China’s Global Construction Boom Puts Spotlight On Questionable Labor Practices,” National Public Radio, March 30, 2019, https://www.npr.org/2019/03/30/707949897/chinas-global-construction-boom-puts-spotlight-on-questionable-labor-practices
    50. Hillman, “China’s Belt and Road Initiative.”
    51. راجع: Sam Parker and Gabrielle Chefitz, “Debtbook Diplomacy: China’s Strategic Leveraging of its Newfound Economic Influence and the Consequences for U.S. Foreign Policy,” Belfer Center for Science and International Affairs, Policy Analysis Exercise, May 2018, https://www.belfercenter.org/sites/default/files/files/publication/Debtbook%20Diplomacy%20PDF.pdf; John Hurley, Scott Morris, and Gailyn Portelance, “Examining the Debt Implications of the Belt and Road Initiative from a Policy Perspective,” Center for Global Development, Policy Paper 121, March 2018, https://www.cgdev.org/sites/default/files/examining-debt-implications-belt-and-road-initiative-policy-perspective.pdf; Yun Sun, “China’s 2018 financial commitments to Africa: Adjustment and recalibration,” Brookings Institution, Africa in Focus, September 5, 2018, https://www.brookings.edu/blog/africa-in-focus/2018/09/05/chinas-2018-financial-commitments-to-africa-adjustment-and-recalibration/; Matina Stevis-Gridneff, “More of Africa Finds Itself in China’s Debt,” The Wall Street Journal, July 25, 2018, https://www.wsj.com/articles/more-of-africa-finds-itself-in-chinas-debt-1532549741; and Tanner Greer, “One Belt, One Road, One Big Mistake,” Foreign Policy, December 6, 2018, https://foreignpolicy.com/2018/12/06/bri-china-belt-road-initiative-blunder/
    52. Anthony B. Kim, “Is Pakistan About to Be Caught in China’s ‘Debt-Trap Diplomacy’?” The Heritage Foundation, Commentary, August 8, 2018. https://www.heritage.org/international-economies/commentary/pakistan-about-be-caught-chinas-debt-trap-diplomacy
    53. Mario Esteban, “Sri Lanka and great-power competition in the Indo-Pacific: a Belt and Road failure?” Elcano Royal Institute, November 28, 2018, http://www.realinstitutoelcano.org/wps/wcm/connect/6f0582c6-24d9-414a-b51e-7f63fa6e2b5b/ARI129-2018-Esteban-Sri-Lanka-great-power-competition-Indo-Pacific-Belt-and-Road-failure.pdf?MOD=AJPERES&CACHEID=6f0582c6-24d9-414a-b51e-7f63fa6e2b5b
    54. Nicholas Casey and Clifford Krauss, “It Doesn’t Matter if Ecuador Can Afford This Dam. China Still Gets Paid,” The New York Times, December 24, 2018, https://www.nytimes.com/2018/12/24/world/americas/ecuador-china-dam.html
    55. المرجع ذاته؛ María Cristina Vallejo et al., “Evading sustainable development standards: Case studies on hydroelectric projects in Ecuador,” Boston University Global Development Policy Center, Working Paper 19, October 2018, http://www.bu.edu/gdp/files/2018/10/GEGI_GDP-Ecuador-WP.pdf
    56. Tim Fernholz, “Eight countries in danger of falling into China’s ‘debt trap,’” Quartz, March 7, 2018, https://qz.com/1223768/china-debt-trap-these-eight-countries-are-in-danger-of-debt-overloads-from-chinas-belt-and-road-plans/
    57. Souhail Karam, “Morocco Chief Planner Warns on State Companies’ Debt Spree,” Bloomberg, July 26, 2018, https://www.bloomberg.com/news/articles/2018-07-26/morocco-chief-planner-warns-on-state-companies-borrowing-spree
    58. Reuters, “Egypt’s foreign debt rises to $92.64 bln at end-June, PM tells paper,” September 9, 2018, https://www.reuters.com/article/egypt-economy-debt/egypts-foreign-debt-rises-to-92-64-bln-at-end-june-pm-tells-paper-idUSL5N1VV035
    59. راجع: Eliza Volkmann, “Tunisia: An economy drowning in debt,” Arab News, January 31, 2018, http://www.arabnews.com/node/1237021/middle-east; Juan Pablo Bohoslavsky, “A Human Rights Approach to Debt, Structural Adjustment and Corruption in Tunisia: Report of the United Nations Independent Expert on foreign debt and human rights on his mission to Tunisia,” Observatoire Tunisien de l’Economie, Policy Brief no. 4, April 11, 2018, 5-6, https://www.economie-tunisie.org/sites/default/files/20180411-pb-ohchr-bap_0.pdf
    60. China Africa Research Initiative Database, “Chinese Loans to African Governments, Country by Country, 2000-2017,” accessed August 25, 2019, http://www.sais-cari.org/data-chinese-loans-to-africa والجدير بالذكر أنّ بيانات القروض التي حضّرتها مبادرة الأبحاث الصينية الأفريقية (CARI) “تمثل المبالغ المقترضة منذ العام 2000. بالتالي يجدر تسجيل هذه المبالغ في التقرير على أنها قروض وليست ديوناً بما أنّ الكثير من البلدان عملت على تسديد خدمة ديونها بسرعة ودفعت مبالغ كبيرة من هذه القروض.”
    61. Aziz El Yaakoubi, “Morocco suspends contacts with EU delegation over trade row,” Reuters, January 28, 2016, https://www.reuters.com/article/uk-morocco-eu-westernsahara/morocco-suspends-contacts-with-eu-delegation-over-trade-row-idUKKCN0V6294
    62. “Xi meets Morocco’s prime minister,” Ministry of Foreign Affairs of the People’s Republic of China, accessed August 15, 2019, https://www.fmprc.gov.cn/mfa_eng/zxxx_662805/t1592950.shtml
    63. Xinhua, “Xi meets Algerian prime minister,” Xinhuanet, September 5, 2018, http://www.xinhuanet.com/english/2018-09/05/c_137447518.htm
    64. Xinhua, “Xi meets Tunisian prime minister,” Xinhuanet, September 5, 2018, http://www.xinhuanet.com/english/2018-09/05/c_137447045.htm
    65. Xinhua, “China, Egypt to advance comprehensive strategic partnership,” People’s Daily Online, September 2, 2018, http://en.people.cn/n3/2018/0902/c90000-9496276.html
    66. Xinhua, “Xi meets Egyptian president,” Xinhuanet, April 25, 2019, http://www.xinhuanet.com/english/2019-04/25/c_138009830.htm
    67. Yahia Zoubir, “The welcome multilateralization of global power,” in Belt and Road Initiative: Toward Greater Cooperation Between China and the Middle East,” Brookings Doha Center, Event Proceedings, January 13-14, 2018, 4, https://www.brookings.edu/wp-content/uploads/2018/01/English_BDC_SASS_Event_Proceedings.pdf
    68. راجع:United Nations Security Council, “Resolution 2468 (2019),” April 30, 2019, https://www.securitycouncilreport.org/atf/cf/%7B65BFCF9B-6D27-4E9C-8CD3-CF6E4FF96FF9%7D/S_res_2468.pdf
    69. Samir Bennis, “Moroccan pragmatism: A new chapter for Western Sahara,” Al Jazeera English, February 13, 2017, https://www.aljazeera.com/indepth/opinion/2017/02/moroccan-pragmatism-chapter-westernsahara-170213074116469.html.
    70. راجع: June Teufel Dreyer, “China’s Vulnerability to Minority Separatism,” Asian Affairs: An American Review 32, no. 2 (Summer 2005): 69-85, https://www.jstor.org/stable/30172869
    71. راجع: Pairault, “Economic relations between China and Maghreb countries,” 316 وقد كتب في المقال: “تجدر الملاحظة أيضاً أنّ العلاقات الاقتصادية بين الصين والمغرب العربي لا تأتي وليدة استراتيجية خاصة تعتمدها الصين تجاه المغرب العربي بل وليدة تعابير خاصة بكل بلد في المغرب العربي ضمن مقاربة تتمثل بانعكاسٍ محض لاستراتيجية عامة تجاه البلدان النامية. ففي الواقع، إذا تم الأخذ بعين الاعتبار الاستقلالية بحكم الأمر الواقع التي تتمتع بها الشركات الصينية، ولا سيّما الشركات المركزية التي تحقق 80 في المئة من الاستثمار الصيني في الخارج، يبدو واضحاً جداً أنّه ما من استراتيجية صينية واحدة بل استراتيجيات متعددة (بعدد الجهات الفاعلة)”.
    72. Alice Ekman, “China’s regional forum diplomacy,” European Union Institute for Security Studies (EUISS), November 2016, 1, https://www.iss.europa.eu/sites/default/files/EUISSFiles/Alert_44_China_diplomacy.pdf
    73. المرجع ذاته، ص. 16
    74. “Gateway to the Globe: China has a vastly ambitious plan to connect the world,” The Economist, July 26, 2018, https://www.economist.com/briefing/2018/07/26/china-has-a-vastly-ambitious-plan-to-connect-the-world
    75. “Chinese naval ships visit Algeria,” China Military Online, January 9, 2018, http://eng.chinamil.com.cn/view/2018-01/09/content_7901306.htm
    76. “How dominant is China in the global arms trade?” Center for Strategic and International Studies, China Power Project, April 26, 2018, accessed March 6, 2019, https://chinapower.csis.org/china-global-arms-trade/.
    77. Rolland, “China’s Eurasian Century?” 3.
    78. World Bank Group, “Doing Business 2019: Training for Reform,” Flagship Report, 2019, 5, http://www.worldbank.org/content/dam/doingBusiness/media/Annual-Reports/English/DB2019-report_web-version.pdf
    79. راجع: Dalia Ghanem and Lina Benabdallah, “The China Syndrome,” Carnegie Middle East Center, Diwan, November 18, 2016, https://carnegie-mec.org/diwan/66145 and Ahmed Marwane, “Fighting Corruption in Algeria: Turning Words into Action,” The Washington Institute, Fikra Forum, December 12, 2018, https://www.washingtoninstitute.org/fikraforum/view/fighting-corruption-in-algeria-turning-words-into-action.