Research

السياسات بشأن فيروس كورونا المستجدّ والاستجابات المؤسّساتية له في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: المغرب

Employees collect protective face masks from the production line at a factory as Morocco starts to increase their production following an outbreak of the coronavirus disease (COVID-19), in Casablanca, Morocco April 10, 2020. REUTERS/Youssef Boudlal

الملخّص

استأثر المغرب بنسبة 9 في المئة من كلّ حالات الإصابة المؤكّدة بفيروس كورونا المستجدّ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اعتباراً من نوفمبر 2020. فما بدأ كوضع طبّي طارئ تحت إدارة جيّدة بين شهرَي مارس ومايو 2020 سرعان ما تدهور إلى تفشٍّ مقلق وغير منضبط، مع ارتفاع الحالات بسرعة في خلال الصيف وارتفاعها مجدّداً في نوفمبر. وفي الوقت الذي يحاول فيه المغرب الوصول إلى توازن ملائم بين الحفاظ على الاقتصاد والحدّ من الخسائر في الأرواح، تعوّل الحكومة على شراء اللقاحات واختبارها فيما يرزح قطاع الصحّة العامة في البلاد تحت عبء يفوق قدراته.

وكانت الاستجابة الأمنية الأوّلية التي اعتمدها النظام المغربي لجائحة فيروس كورونا المستجدّ قويّة واستباقية (إغلاق الحدود وإغلاق عام إلزامي وتباعد اجتماعي). وتُعزى قوّة هذه الاستجابة جزئياً إلى عدد الإصابات والوفيات المنخفض نسبياً في البلاد بين مارس ومايو 2020. بيد أنّ استجابة المغرب واجهت عقبتَين: أولاً، تمّ التخفيف من صرامة إجراءات الإغلاق والتباعد الاجتماعي بعد ثلاثة أشهر، وثانياً، لم يتمّ تطبيق الإغلاق بشكل متكافئ في مختلف المناطق الجغرافية ولم يتمّ نشر عناصر الأمن بشكل متساوٍ. ولم تتمّ معالجة الخوف الكبير من إمكانية تفشّي الفيروس بسرعة عبر الانتشار المجتمعي العشوائيات الحضرية والمناطق الريفية والمواقع الزراعية والمصانع من خلال إجراءات خاصّة. في الواقع، ارتبطت الارتفاعات السريعة الكبيرة في الإصابات باستمرار بعض المزارع والمصانع بالعمل على الرغم من إجراءات الإغلاق.

وتمّ تأسيس صندوق خاصّ لجمع الأموال لمساعدة أولئك المتضرّرين من الجائحة. ونجح الصندوق في حثّ الشخصيّات المعروفة والمواطنين على التبرّع. بيد أنّ غموضاً كبيراً يحيط بهذا الصندوق (كيف يتمّ استعمال الأموال وما المبلغ الذي تمّ جمعه، إلخ) ومن بين الترتيبات الإيجابية الأخرى التي تمّ اتّخاذها بشكل مبكر الإنتاج والتوزيع الكبيران للأقنعة المنخفضة الكلفة (على الرغم من التأخير في التوزيع الأوّلي في أبريل) والتعاون الناجح بين القطاعَين الخاص والعام لزيادة إنتاج الإمدادات الطبّية والدوائية.

وكان التواصل اليومي حول استجابة الدولة الوبائية للجائحة ناجحاً أيضاً. فقد كان متناسقاً ومتاحاً لجزء كبير من السكّان. لكن كان من الممكن تحسينه، فقد برزت مشاكل في إطلاع العامّة على القرارات المهمّة بشفافية وتبعاً لجدول زمني واضح. فبالفعل، تمّ الإعلان عن عدّة قرارات بشأن الإغلاق عبر مواقع التواصل الاجتماعي في ساعات متأخّرة. علاوة على ذلك، في مارس، تمّ إنشاء لجنتَين للتعامل مع بُعدَي الجائحة الصحّية والاقتصادي وتقديم المشورة للنظام حول الاستراتيجيات التي ينبغي اتّباعها. لكن طغت على هذه الخطوة الإيجابية التواصل الرديء حيال القرارات والإجراءات.

ونقطة الضعف الكبرى التي بيّنتها الجائحة هي نظام الرعاية الصحّية الضعيف والضعيف التمويل في المغرب. وفاقم النقص في الموظّفين الطبّيين (أقل بـ32 ألف شخص عن الحدّ الأدنى الذي تنصح به منظّمة الصحّة العالمية للأطباء و64 ألف للممرّضين)، فيما دفع النقص في عدد المستشفيات ووحدات العناية الفائقة بالنظام إلى التهافت لإنشاء المستشفيات الميدانية. وضَغَط الازدياد السريع في الإصابات في الصيف والأشهر التي تلته أكثر فأكثر على قدرة النظام على الاستيعاب، وتشير التقارير الواردة من بعض المصابين بفيروس كورونا المستجدّ إلى نقص في الموارد والمساحات المتاحة للمعالجة. وتزايدت أوجه التفاوت القائمة من ناحية قدرة الوصول إلى العلاج بين المدن والريف في خلال الجائحة العالمية.

من ناحية الاستجابة الاقتصادية، تحدّ الوقائع المالية في المغرب ما في وسع المملكة فعله للتخفيف من الضغط على المواطنين. بيد أنّ جهداً كبيراً قد بُذل، وعاد إنشاء لجنة لمراقبة التأثير الاقتصادي للجائحة بالنفع. وزاد المصرف المركزي كمّية السيولة إلى القطاع المصرفي عبر تقديم مقايضات للعملات الأجنبية للمصارف المحلّية وزيادة عمليات إعادة التمويل للشركات الصغيرة وتوسيع نطاق الضمانات لتشمل أدوات الدين العامّة والخاصّة وخفض الاحتياطي الإلزامي من 2 في المئة إلى صفر والتخفيف من معدّل فائدة الإقراض المعياري. ومنذ مارس، عملت الحكومة مع المصارف لمنح المؤسّسات الصغيرة والمتوسّطة وأصحاب المهن الحرّة تأجيلاً أوّلياً لدفعات القروض لمدّة ثلاثة أشهر وبعد ذلك قروضاً بدون فوائد. ووعدت الحكومة أيضاً بتقديم أجور للعمّال المتأثّرين بالبطالة والعمالة الناقصة بسبب فيروس كورونا المستجدّ. ومع أنّ هذه الأجور عادت بالنفع للكثيرين، لم تكن المبالغ الموزّعة كافية لتلبّي الحاجات الأساسية للعمّال العاديّين، ولم يتمّ توزيع المساعدات بشكل منتظم دائماً. بالإجمال، كان التواصل حول الاستجابة الاقتصادية ناقصاً وغير متناسق ومتفرّقاً.

وسلّطت التداعيات الاقتصادية للجائحة وطريقة إدارتها الضوء على عيوب مهمّة في الاقتصاد المغربي، الذي يحتاج حاجة ماسة إلى الإصلاح والتنويع. عموماً، تأثّرت موازين الاقتصاد الكلّي في المغرب سلباً بفعل الجائحة وجفاف شديد وتراجع في صادرات الفوسفات. وتوسَّع عجز الميزان التجاري أيضاً بنسبة 23,8 في المئة في الربع الأوّل من العام 2020. وتراجع النمو الاقتصادي بنسبة 1,1 في المئة في الربع الأول من العام 2020 و1,8 في المئة في الربع الثاني. وبسبب التوقّف في سلاسل التوريد، تعاني معظم قطاعات التصدير المهمّة، وتراجعت الصادرات بنسبة 17 في المئة بحلول نهاية يوليو 2020.

Authors