May

22
2013

6:00 pm +04 - 8:00 pm +04

بناء الدولة الديمقراطية: الإصلاح المؤسساتي بعد الربيع العربي

  • Wednesday, May 22, 2013

    6:00 pm - 8:00 pm +04


في 23 مايو 2013، استضاف مركز بروكنجز الدوحة ضمن فعاليات منتدى الدوحة الثالث عشر جلسة مناقشة حول التحدي الإصلاح المؤسساتي بعد الربيع العربي. ناقش المتحدثون كيف يمكن لبلدان الربيع العربي أن تبني حكومات جديدة تمثيلية وأن تحقق التوازن الأفضل بين مطالب التغيير ومتطلبات مرحلة انتقالية شاملة وناجحة. ضمّت الجلسة كل من السفير نبيل فهمي، سفير مصر الأسبق لدى الولايات المتحدة والعميد المؤسس لكلية العلاقات العامة بالجامعة الأمريكية في القاهرة؛ والدكتور رفيق عبد السلام، وزير خارجية تونس السابق؛ والدكتور برناردينو ليون، الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لمنطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط؛ نيكولاي ملادينوف، وزير خارجية بلغاريا السابق؛ ومايكل بوسنر، مساعد وزير الخارجية الأمريكية الأسبق لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل. وأدار الجلسة مدير مركز بروكنجز الدوحة سلمان الشيخ.

افتتحت الجلسة بتقييم جميع المتحدّثين للوضع في بلدان الربيع العربي، تحديداًمصر وتونس على وجه الخصوص، بعد مرور أكثر من عامين على انطلاق الموجة الثورية في 2011. أشار كل من فهمي وعبد السلام إلى التحديات التي تواجهها بلدهما. قال فهمي: “من المستحيل أن ننكر أن الجميع تقريبا في مصر يشعر بالإحباط في هذه المرحلة”. وقال للحضور انه لا يزال متفائلا على المدى الطويل ولكنه على المدى القصير “منزعج جدا”. من جانبه، اعترف عبد السلام بأن المرحلة الانتقالية في تونس كانت صعبة، وقال إنّ هدف “الترويكا” التونسي في هذه الآونة هو قيادة البلاد في خلال هذه الفترة “بأقل تكلفة ممكنة” باعتماد نهج يقوم على الشراكة والتوافق.

عكست هذه التحديات مدى التغيير الجاري في هذه البلدان. وأكد فهمي أنّ ما يجري في مصر هو تحوّل “مجتمعي”، وليس مجرد مؤسساتي، وهو ما وافق عليه عبد السلام. أضاف فهمي أنّ المصريين يقومون الآن بتحديد هويتهم السياسية للقرن الواحد والعشرين. من جانبه، قال ملادينوف أنّ هذا هو الفرق الرئيسي بين التحولات التي حصلت في أوروبا الشرقية والوسطى سابقاً وتلك الموجودة في العالم العربي: ففي حين أن الهدف النهائي من التحولات الأوروبية كان واضحا نسبياً، إلا أنه في العالم العربي لا يزال في طور التكوين.

بغية إجراء هذا الحوار المجتمعي بشكل أفضل، أكّد ملادينوف أنّ بلغاريا اعتمدت نهج “الطاولة المستديرة” للوصول إلى رؤية للمستقبل تم الإجماع عليها. وكان لذلك تشابهاً مع النهج الذي اعتمدته تونس، والذي قال عبد السلام إنه قائم على الاعتراف أنّ ما من فريق يستطيع تحمل هذه الأعباء وحده. وفي الوقت نفسه، أعرب فهمي عن حزنه أن تكون مصر قد دخلت في العملية السياسية قبل وضع قواعد لنظامها الدستوري، وقد ألقى اللوم على الاستقطاب في مصر في هذا الشأن. وقال إنه عندما توضع السياسة أولاً، تقوم القوى السياسية “بتفريقك بدلاً من أن تدفعك إلى الأمام”. انتقد بوسنر أيضاً الوضع في مصر، وبالأخص الدستور الذي اعتبره “معيباً جدا” على مستوى عملية الصياغة والوثيقة النهائية على حد سواء.

عمل المشاركون على طرح نهج عملي وبعيد الأمد في الوقت عينه. قدّم ليون النقاط الرئيسة التي نصح بها هذه الدول التي تمر بمرحلة انتقالية. وقد عبّر عن تأييده لأي تحول من شأنه محاسبة المسؤولين عن التجاوزات وإصلاح التركيبات المالية والأجهزة الأمنية بشكلٍ كبير. في الوقت نفسه، تحدّث عن إبقاء موظفي الدولة ومؤسساتها واستيعاب المسؤولين في النظام السابق والغير المتورّطين في الجرائم. وحذر فهمي أنه في حال استخدام الكثير من القوة لتفكيك كل ما جاء قبل الثورة، فأنت تخاطر في “تدمير أساس البلد”، بينما حذر ملادينوف من عدم القيام بما فيه الكفاية في هذا الشأن، وقال إنّ الأنظمة القديمة “من شأنها أن تنبثق من تحت التراب [كطائر الفنيق]”. وقال ليون أنّ النجاحات التي حققها كل من حزب النهضة في تونس وحزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين في مصر هي خير دليل على وجود الرغبة في التغيير، لكنه أضاف أنّ التأييد الذي لقيه كل من أحمد شفيق في الانتخابات الرئاسية المصرية والباجي قائد السبسي في تونس أظهر الحاجة إلى عملية تحترم جميع الأطراف وتشملها.

بطبيعة الحال، ينبغي على أي حلّ أن يحقق تطلعات الشعوب التي أطاحت بحكامها المستبدين. وكما قال بوسنر ، فإن هذه هي “مجتمعات فتية” يريد شعبها فرصاً اقتصادية وحصة سياسية في مستقبل بلدانهم. قال فهمي إن الناس بحاجة إلى أن يروا تقدماً حقيقياً في مجال الإصلاح وتحسين نوعية حياتهم إذا ما أرادوا أن يظلوا ملتزمين بالتحول.

تطرّق المشاركون إلى الطرق المختلفة التي يمكن من خلالها “للغرب” أن يدعم التحولات وعمليات الإصلاح هذه. أعطى ملادينوف مثالين عن الجهود الأوروبية لمساعدة تشكيل حزب سياسي ووقف الاتحاد الأوروبي من أجل الديمقراطية. غير لأن ليون قال إنّه “من المهم جداً الاستماع إلى ما تريده هذه المجتمعات”. واتفق بوسنر وملادينوف أن أي عملية ينبغي تقاد من الداخل، نظراً لخصوصيات كل بلد. ورفضا فكرة النموذج الذي يناسب الجميع في ظل وجود أمثلة متنوعة كالأرجنتين، وصربيا، وألمانيا الشرقية.

وفي خلال مناقشة حول دور الخليج في دعم هذه التحولات، أشاد عبد السلام بدور قطر، غير أنّه أدان خوف بعض دول الخليج الأخرى من التغيير و”التصوير المتشائم” التي تعطيه عما يجري الآن في مصر وتونس. وقال فهمي إن على دول الخليج الاستمرار في تقديم الدعم لهذه التحولات، ولكن ليس لطرف على حساب آخر. من جانبه، انتقد بوسنر بشدة موقف دول الخليج من الانتفاضة في البحرين. وقال إن البحرين كان ينبغي أن يكون نموذجاً لتحوّل ناجح إلى نظام ملكي دستوري، بيد أنّ دول الخليج بقيت صامتة في الوقت الذي رفضت فيه الحكومة البحرينية تنفيذ التوصيات الرئيسية الواردة في “تقرير بسيوني”. من ناحية أخرى، كان ملادينوف وليون أكثر إيجابية حول دعم الخليج للتحولات العربية ودور دول الخليج كشركاء للغرب.مع ذلك، حذر ملادينوف من أن منطقة الخليج قد واجهت رد فعل سلبي محتمل جراء انخراطها في الصراع السوري، قائلا: “عندما تضع إصبعك في الماء المغلي سوف تحترق”. وعندما سئل عن كيفية حدوث ذلك، حذر ملادينوف أن منطقة الخليج أصبحت متورطة في صراع جيوسياسي يمكن أن يتجاوز الحدود السورية ليصل إلى العراق، ومن ثم منطقة الخليج نفسها.

وفي خلال جلسة الأسئلة والأجوبة، ناقش كل من وزير الإعلام اليمني علي بن أحمد العمراني وزير الصناعة والتجارة سعد الدين بن طالب التقدم الذي يحرزه الحوار الوطني اليمني والآمال المتعلقة عليه. فقد بيّن بن طالب كيف أن استيلاء الأنظمة السابقة على ثروات الدولة وفساد هذه الأنظمة حمّلت بلدانها عبئاً اقتصادياً لا يمكن تصحيحه في بعض الأحيان. فيما وافق عبد السلام أن التجربة اليمنية – في مجتمعٍ تغلب عليه مظاهر التسلح قد أطاح بالرئيس علي عبد الله صالح من دون اللجوء إلى العنف – تستحق تقديراً خاصاً. سأل مراسل الجزيرة، لماذا كان انتخاب الإسلاميين غير مقبول في حالة الجزائر، وما إذا كان الأمر بالنسبة للغرب مسألة “الشرعية الثورية”. أجاب ليون أنه كان من “الخطأ” السماح للجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية بتطبيق برنامج معادٍ للديمقراطية، كما أن الانقلاب الذي لحق كان خطأ. أضاف أنّ الإسلاميين تغيروا بشكل كبير منذ ذلك الحين، وهذا التطور عكسته كتابات راشد الغنوشي والتجربة التركية. وأشاد عضو في جمعية الوفاق البحرينية المعارضة بجهود بوسنر لتشجيع الإصلاح في البحرين، رافعاً الحاجة إلى الإصلاح في منطقة الخليج. أثار أكثر من سائل من أن المطالب الاقتصادية كانت القوة الدافعة وراء الثورات العربية، غير أنّ فهمي شدّد أن “الصحوة العربية” حدثت لأسباب سياسية في المقام الأول. ولكنه أضاف أنها لن تصل إلى نهايتها إلا من خلال الحلول الاقتصادية.