Commentary

Op-ed

الإيرانيون يريدون التقدم، وليس الشعبوية

Supporters of Iran's President Hassan Rouhani hold his posters during a campaign rally in Tehran, Iran, May 17, 2017. Picture taken May 17, 2017. TIMA via Reuters ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY. FOR EDITORIAL USE ONLY.
Editor's note:

تم نشر هذا المقال باللغة الانكليزية في جريدة ذا غلوب آند ميل.

لقد طغى موضوع العولمية-القومية، حتى في إيران، على الخطاب السياسي المحيط بالانتخابات الرئاسية التي ستُقام يوم الجمعة. وفي حين قد يشكّك نقّاد الحكومة الإيرانية في قيمة الانتخابات التي سيجريها، واصفينها بالاصطناع الإجرائي بهدف شرعنة النظام الاستبدادي، إلا أنها ستؤدّي دوراً هاماً في تشكيل مستقبل إيران ومستقبل شعبها البالغ عددهم 80 مليون نسمة. وبالتالي، نحن بحاجة إلى أن ننتبه لما سيحدث وأن نرحب بفوز محتمل لحسن روحاني وأن نتنفّس الصعداء لأنّ الشعبوية لم تسيطر على المشهد السياسي، حتى الآن.

لقد شهدنا في الآونة الأخيرة عدّة انتخابات تُشكّلها خطابات الشعبويين تُناشد قاعدة قومية تسعى إلى تخفيض النفقات وتستخدم شعارات تعود إلى العصر الذهبي. ويقف في وجه هؤلاء القوميين عولميّون يريدون زيادة المشاركة مع العالم متبنّين رسالة أمل. فعندما يتوّجه الإيرانيون إلى صناديق الاقتراع يوم الجمعة، يجسّد المرشّحان الأساسيان هذه الخطابات.

وانطلاقاً من ميل للعولمية، تحدّث الرئيس الحالي روحاني عن تحديث الاقتصاد الإيراني من خلال الاستثمار في التكنولوجيا وإيجاد حلول علمية للضائقة الاقتصادية المستمرة في البلاد. وقد استخدم السيد روحاني لغة الأمل، علماً أنّه لا يعلن عن نفسه أنه إصلاحي – وذلك خشية من أن تستبعده المؤسسة السياسية المتشددة. كما ذكّر الشعب الإيراني بأن خصمه الرئيسي، إبراهيم رئيسي، سيعيد إيران إلى ماضٍ مليء بالإبادات (مما لا شك فيه أنّ يدي السيد رئيسي ملطختان بالدماء بسبب إعدام الآلاف من المعارضين السياسيين في العام 1988).

لا بد من الإشارة إلى أنّ أهم إنجازٍ للسيد روحاني في السياسة الخارجية خلال سنوات حكمه الأربعة هو التوقيع على اتفاق متعدد الأطراف رفع العقوبات الاقتصادية مقابل تدمير آلاف الطاردات المركزية وزيادة مراقبة المنشآت النووية الإيرانية وفرض حدود على تخصيب اليورانيوم في المستقبل. كما أنّ السيد روحاني وعد بأنّ هذا الاتفاق سيفتح باب إيران أمام الاستثمار الأجنبي وسينهي عزلتها الاقتصادية.

صحيح أنّ تخفيف العقوبات ساعد على عودة الواردات التي تمس الحاجة إليها إلى الأسواق الإيرانية، إلا أنّ المستثمرين لم يستثمروا كما هو مأمول، وذلك بسبب استمرار العقوبات الثنائية الأمريكية واستمرار تردد البنوك الدولية التعامل مجدداً مع إيران. وعلى الرغم من التقدم الذي أحرزه السيد روحاني في توفير الرعاية الصحية للفقراء الإيرانيين، والحد من التضخم، وإدخال سياسات جديدة صديقة للبيئة، لا تزال المشاكل الاقتصادية الإيرانية مستمرة؛ إذ يدفع الشباب الإيراني المتعلّم والمتحرّر والمتدّن ثمن البطالة المرتفعة.

وقد ندّد السيد رئيسي، شأنه شأن العديد من الشعبويين، بارتفاع مستوى الفقر، وزيادة البطالة، وانخفاض الإنتاج، والاعتماد المفرط على الفوائد المصرفية الأجنبية والمستثمرين كأشكال من الاستعمار الجديد. ودعا السيد رئيسي، الذي ندد بالقطاع المالي الدولي، الإيرانيين إلى الاعتماد على أنفسهم – وذلك من خلال إعادة إحياء الصناعة كمحرّك للنمو بهدف الاستفادة من القوى العاملة المتعلمة في إيران. وقد استخدم السيد رئيسي فريق حملة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد لمناشدة الجماهير واعداً إياهم بزيادة الإعانات بشكل كبير، من دون أن يقدّم خطة واضحة لتمويل ذلك.

قد يتهكّم الكثيرون على نحوٍ محق أنه لا يهم من سيفوز في الانتخابات الإيرانية. ففي النهاية، سيستمر الوضع في إيران في الانعكاس على إرادة المتشددين الدينيين في مدينة قم، بغض النظر عن هوية الرئيس. ومن غير المحتمل أن تتغير السياسة الخارجية الإيرانية؛ ستستمر في دعم نظام الأسد في سوريا وحزب الله في لبنان. وقد ينتقد البعض أيضاً أنه رغم ترشح 1636 شخص للانتخابات الرئاسية، سمح المجلس الأعلى لرجال الدين في قم لستة مرشحين بالمنافسة على المنصب، وكالعادة منع النساء والأقليات من المنافسة على هذا المنصب الرفيع.

رغم ذلك، قد تشكل هذه الانتخابات نقطة تغيير في تاريخ إيران المعاصر. يبلغ القائد الأعلى في قم، آية الله خامنئي من العمر 77 عاماً وهو رجل مريض، وقد يتولى الرئيس الجديد مهامه خلال مرحلة انتقال السلطة المقبلة. قد يكون لصوت السيد روحاني خلال هذه الفترة قيمة، صوت قد يساعد إيران فعلاً على تقبل الفرص المستقبلية للانخراط العالمي والانسحاب من خطاب آيات الله العقائدي.

إنّ حقيقة أنّ آية الله المتشدد قد بذل كل ما في وسعه لتقويض السيد روحاني، من دون أن يتمكّن من إثبات عدم أهليته، تثبت بما فيه الكفاية أنّ السيد روحاني يُعتبر تهديداً للمتدينين الدينيين الإيرانيين. لا بد أنّ يُعتبر فوز السيد روحاني المتوقع نوعاً من الراحة، إذ أنه يمكن أن يشكّل عملية الخلافة القادمة في إيران لتعكس حقيقة أنّ شبابها الليبراليين قد سئموا من العيش في ثيوقراطية تعزل نفسها عن العالم.

Authors