Commentary

Op-ed

دور أمريكا في عالم عربي متغير

خلق الربيع العربي حركة جماهيرية للإصلاح السياسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ولا تزال الثورة مستمرة في تحويل السياسة في المنطقة، وقد أظهرت الثورة بعض علامات الإصلاح الاجتماعي. وحيث أنه لم يوجد قائد مركزي في الربيع العربي، دفع هذا الأمر كل فرد إلى قيادة الربيع العربي. وبما أن كل فرد مسؤول عن مشاركته، أصبحت الثورة العربية أكبر مما توقع الكثير. وكان الغرض من هذا الاحتجاج السلمي الذي قام به المواطنون العرب هو رفع أصواتهم ضد القمع والظلم الذي كانوا يعاملون به على مدار عقود في ظل أنظمة موالية للولايات المتحدة. وقد جعل الفساد والظلم الشديد الذي مارسته هذه الأنظمة من الصعب على الناس احترام هؤلاء الحكام.

ولم يكن الفساد المشكلة الوحيدة التي يعاني منها الشعب من هذه الأنظمة، بل إن المشكلة تكمن في انتشار الفساد في الحياة اليومية. فمن حالات الغش إلى أمثلة أفراد يلعبون بالنظام – حتى عن طريق القيام بشيء بسيط مثل إقحام أنفسهم في كل شيء – كان هذا الجانب من تلك الأنظمة ولا يزال قضية رئيسية بالنسبة لدول الربيع العربي.

وساعدت الولايات المتحدة الأمريكية على مدى التاريخ المهاجرين إلى الولايات المتحدة الذين يفرون من الصعاب التي يواجهوها في أوطانهم. وفي الآونة الأخيرة، على الرغم من ذلك، اتخذت الولايات المتحدة هذا النهج خارج حدودها وطبقته على المستوى الدولي. واكتسب الأمريكيون سمعة سيئة بسرعة لدخولهم إلى الدول التي تعاني من الصراع والاعتقاد بأن وجودهم سيحدث فرقا في جميع الأشياء.

والولايات المتحدة ليست غريبة عن العلاقات الصخرية مع الدول العربية، ومع بداية الربيع العربي، أصبح مستقبل هذه العلاقات أكثر هشاشة. ففي بلد مثل مصر، التي كان يسيطر فيها مبارك ونظامه على السياسية على مدى عقود، كان من المطمئن للمسؤولين الأمريكيين أن يعرفوا أن القيادة التي كانت تتعامل معهم مستقرة، حتى لو لم يتفقوا بالضرورة مع سياسات تلك القيادة. والآن, بعد أن رحل رئيس الدولة، لا تعرف أمريكا ما موقفها مع مصر. وبدلا من السماح لمصر بمعالجة قضاياها بنفسها، تحاول أميركا دفع المال والأفكار إلى العرب لتحقيق مكاسب أميركية.

وبدلا من ذلك, ينبغي على الولايات المتحدة أن تستغل الربيع العربي كفرصة لإعادة بناء صورتها كقوة عظمى والتخلص من التصورات السلبية عن الولايات المتحدة في العالم العربي. فأمريكا لم تصل إلى وضعها الحالي بين عشية وضحاها؛ فيجب على الأميركيين أن يدركوا أن وقوف دول الربيع العربي على أقدامها مرة أخرى وخلق هويات جديدة لأنفسها سيستغرق وقتا. فشعوب هذه الدول، في نهاية المطاف، هم أناس يطلبون الحرية مثلما فعل الآباء المؤسسين لأمريكا. فالأمريكيون يفكرون في الشرق الأوسط ويربطونه بالنفط، فضلا عن خطر الإرهاب. فمن الضروري عليهم أن يسمحوا لدول الربيع العربي بتطوير نفسها إلى دول مفيدة سواء على الصعيد الوطني أو للولايات المتحدة. وفي يوم ما، يمكن أن يكونوا شركاء ديمقراطيين لأمريكا على الساحة العالمية – وفقا لشروطها الخاصة بها.