May

09
2018

6:00 pm EDT - 7:30 pm EDT

ماذا يضمر المستقبل لحرب اليمن المأساوية؟

  • Wednesday, May 9, 2018

    6:00 pm - 7:30 pm EDT

قاعة الوجبة

فندق إنتركونتيننتال الدوحة (بجانب كتارا)
الدوحة, DC

نظّم مركز بروكنجز الدوحة ندوةً في 9 مايو 2018 لمناقشة التحديات التي يواجهها اليمن والآفاق التي يخبّئها المستقبل له. وركّز النقاش على الوضع السياسي والإنساني الراهن في البلاد، بالإضافة إلى بعض الأفكار لإنهاء الحرب المأساوية. وضمّت الندوة براء شيبان، ممثّل منظمة ريبريف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها؛ والعبيد العبيد، ممثّل مكتب مفوضيّة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في اليمن؛ وإليزابيث كيندال، زميلة باحثة أولى في الدراسات العربية والإسلامية في كلية بيمبروك بجامعة أكسفورد. وأدارت الندوة الزميلة الزائرة في مركز بروكنجز الدوحة نهى أبو الدهب، وحضرها لفيف من الشخصيّات الدبلوماسية والأكاديمية والإعلامية في الدوحة.

وافتتحت أبو الدهب النقاش بتحديد إطار الحرب في اليمن والوضع الإنساني المزري. فقتِل الآلاف وتمّ تهجير الملايين وتجويعهم ومنهم من اختفى، في ما وصفته الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية. وليس استيلاء الحوثيين على مدينة صنعاء في سبتمبر 2014 وبعده التدخل العسكري لقوى التحالف بقيادة السعودية في مارس 2015 إلّا جزءاً من اللغز، علماً أنّه يضمّ شبكة معقدة من الجهات الفاعلة المحليّة الإقليميّة والدوليّة. وقد أظهرت تحقيقات عدّة في جرائم الحرب تورّط جميع أطراف الصراع.

وناقش براء شيبان أنّ أحد التحديات الرئيسية التي تواجه اليمن، مثل البلدان الأخرى في المنطقة العربية، يبقى غياب الإطار للتحول السياسي. فبعد الثورات العربية في العام 2011، أدّى الافتقار إلى المؤسسات والقيادة السياسية القوية إلى حدوث اضطرابات واسعة النطاق. وعلى الرغم من أن النظام اليمني يقوم على المحسوبية، والسلطة تدور حول مجموعة محددة وصغيرة من الأشخاص الذين يعملون مع الراحل علي عبد الله صالح، شهد تاريخ اليمن بعض المشاركة السياسية ومجتمعاً مدنياً. ومنحت احتجاجات العام 2011 فرصة ناضجة لإحداث تغيير في البلاد، إلا أنّ المشكلة الأساسيّة تكمن في غياب تحوّل سياسي مستدام.

ناقش شيبان عملية الحوار الوطني بقيادة مجلس التعاون الخليجي؛ والحاجة إلى الانتقال من حكومة مركزية إلى نظام فيدرالي؛ وأهمية تحقيق العدالة الانتقالية؛ وأخيراً، ضرورة إعادة البناء العسكري والأمني. وصرّح شيبان أنّ زخم الحوار الوطني تحوّل مع استيلاء الحوثيين على صنعاء في العام 2014 والدور المتزايد الذي أدّته جهات فاعلة خارجية، مثل المملكة العربية السعودية وإيران. وأضاف أنّ جهات فاعلة خارجية قد استغلّت المظالم والانقسامات الإقليمية بين الشمال والجنوب في اليمن، علماً أنّ هذه الجهات أصبحت زادت تدخلها مع اندلاع الحرب في العام 2015.

من جانبه، ركّز العبيد العبيد في تعليقاته على حالة حقوق الإنسان المروّعة في اليمن. وقد كشفت تحقيقات بقيادة الأمم المتّحدة عن كمّ من الجرائم التّي تنتهك القانون الدوليّ، بما فيها ضربات جويّة وقصف عشوائيّ على المدنيّين واستغلالهم كدروع إنسانيّة، وتجنيد الأطفل وتدريبهم، وهدم البنية التحتيّة كمساكن المدنيّين، والمستشفيات، والمدارس، والمعالم التراثيّة، والعنف الجنسيّ، والتهجير القصريّ، والاعتقالات الجماعيّة، واستهداف الأقليّات، بالإضافة إلى انتهاك الحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة. وشدّد أنّ إقفال المطارات يشكّل أيضاً مشكلة خطيرة نظراً لأنها تمنع الوصول إلى الخارج في الشمال. في المجمل، هناك نقص خطير في السلع وخطر كبير من انتشار المجاعة. وإنّ التصعيد المقلق للصراع وعدد الضربات الجويّة المتزايد من كلّ من الحوثيّين والتحالف بقيادة السعوديّة يهدّدان حياة المدنيين أكثر من أيّ وقتٍ مضى.

أمّا إليزابيث كيندال، فحوّلت الحوار إلى الجوانب الأكثر هيكليّة لحرب اليمن: تمكين مجموعاتٍ كتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربيّة وتنظيم الدولة الإسلاميّة، خاصّةً في شرق البلاد. فحلّلت كيف ظهر تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربيّة مجدّداً عندما بدأ التحالف بالقصف في مارس 2015، وأدار دولة لسنة كاملة، إلى أن طردته الإمارات العربيّة المتّحدة بدعمٍ من الولايات المتّحدة في أبريل 2016. وناقشت كيندال أنّه فيما لم تبدأ داعش أبداً من اليمن، استغلّ تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربيّة تطوّر المجتمعات لكي يكتسب شهرة وسط الضربات الجويّة الآتية من التحالف بقيادة السعودية. فركّز تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربيّة على المشاكل المحليّة والتاريخ المحليّ، واللذين نفعاه في خلال توليّه الحكم. وفي المقابل، اكتسبت داعش بعض الشهرة في العام 2014، إلّا أنّها لم تستطع إنشاء التحالفات مع القبائل الشرقيّة، لذا تضاءلت بسرعةٍ. وناقشت أنّ المجموعات لم تثق بداعش لأنّها اعتُبرَت عنيفة وأجنبيّة إلى حدٍّ كبير، وليست على علاقة بالمشاكل المحليّة.

كذلك وصفت كيندال مدى أهمّية المنطقة الشرقيّة، كونها بوّابة للتهريب، بما في ذلك السلاح غير المشرّع والمخدّرات ودخول اللاجئين غير الشرعي. وافترضت أنّ التهريب ازدهر في شرق اليمن بدعمٍ من تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربيّة وبالتعاون مع السلطات الحكومة المحليّة. وبالنسبة لها، يعاني شرق اليمن ثلاث مشاكل أساسية، وهي التهريب والجرائم المنظّمة واللاعبون الدوليّون كالمملكة العربيّة السعوديّة، والإمارات العربيّة المتّحدة، وعمان، والحركات الانفصالية.

وركّزت أسئلة الحضور على المشاكل المتعلٌّقة بالحوار الوطنيّ، واحتمالات تحقيق عدالة انتقاليّة، وفعّاليّة سياسات مكافحة الإرهاب، وتأثير التنافس السعودي الإيراني في ديناميات الحرب. وناقش شيبان أنّه فيما يحتاج الحوار الوطني إلى إدماج أصوات أكثر، هو أكثر شمولية من أي عمليّة أخرى في السابق، وتبقى المشكلة الأساسيّة في توزيع المال والسلطة. ومن جانبه، شدّد العبيد أنّه لا بدّ لأي مفاوضات أو مصالحات سياسيّة مستقبلية أن تعالج مسألة المساءلة. ففي نهاية المطاف، يرّكز عمله على انتهاكات حقوق الإنسان على أمل أن تُستخدم المعلومات، على المدى البعيد، لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب.

وأشارت كيندال، من جهّتها، إلى أنّ استراتيجيّة مكافحة الإرهاب في اليمن نفعت إلى حدٍّ ما، نظراً أنّ تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربيّة فارّاً وتنظيم الدولة الإسلاميّة من دون قاعدة. لكن، من الضروريّ أن نفهم بشكلٍ أفضل كيف يعالج تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربيّة المشاكل المحليّة، وبالتالي يكتسب تأثير وتقبّل. وأكّدت أنّ استخدام أسلوب التعذيب والسجون السريّة والاغتيالات من قِبَل جهات فاعلة، كالإمارات العربيّة المتّحدة، لا يساعد على المدى البعيد، لأنّه يخلق نوع من الكراهيّة يمكن للإرهابيّين استغلالها. واختُتِمت الندوة مع تفاصيل أكثر حول ما قد يبدو عليه النظام الفديرالي في اليمن، والتأثير السلبي لحرب الوكالة بين السعوديّة واليمن. ويحاول المبعوث اليمنيّ الجديد لدى الأمم المتّحدة أن ينعش محادثات سلام في محاولة أخرى لوضع حدٍّ للحرب المأساويّة.