June

10
2020

10:00 pm AST - 11:00 pm AST

دور الصين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مرحلة ما بعد فيروس كورونا المستجدّ

Wednesday, June 10, 2020

10:00 pm - 11:00 pm AST


نظّم مركز بروكنجز الدوحة ندوة عبر الإنترنت في 10 يونيو 2020 حول أثر جائحة فيروس كورونا المستجدّ على الانخراط الصيني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبالإضافة إلى تداعيات الجائحة، ناقش المشاركون ردّ فعل الولايات المتحدة والاتّحاد الأوروبي إزاء امتداد الصين المتنامي. وشارك في الندوة، التي أدارها عادل عبد الغفار، زميل في مركز بروكنجز الدوحة، مجموعة من الخبراء المرموقين، من بينهم يحيى زبير، زميل زائر في مركز بروكنجز الدوحة؛ وزينو ليوني، زميل تدريس في كلية الملك في لندن؛ وإميلي تران، منسّقة المقرّرات للدراسات الأوروبية في جامعة هونغ كونغ المعمدانية؛ وديغانغ سان، أستاذ في معهد الدراسات الدولية في جامعة فودان.

بدأ يحيى زبير النقاش، فوصف علاقة الصين بدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قبل الجائحة وفي خلالها. فقال أوّلاً إنّ الانخراط الإقليمي الصيني بدأ مع الرئيس السابق هو جينتاو (2003-2013)، لكنّه تطوّر كثيراً في عهد الرئيس الحالي شي جين بينغ. ويمكن تحديد المنطق الذي يدفع الصين إلى النظر إلى الشرق الأوسط من خلال مجموعة من المستندات التي أصدرتها الحكومة. مثلاً، تقول ورقة السياسة العربية التي أصدرتها الصين في العام 2016 إنّها تأمل أن يكون انخراطها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مفيداً لكلّ الأطراف، وحدّدت مجالات التعاون الممكنة. وتبيّن أنّ الطاقة من بين هذه المجالات، فقد أصبحت الصين مستورداً صافياً للطاقة وتستحصل على جزء كبير من هذه الواردات من الشرق الأوسط. علاوة على ذلك، تُشكّل البنى التحتية مجالَ تعاون آخر، مع استثمار الصين بكثافة في مشاريع مثل الموانئ والمناطق الصناعية في أرجاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. أخيراً، قال زبير إنّ الجائحة سلّطت الضوء على عمق العلاقات العربية الصينية. فعندما بدأ فيروس كورونا المستجدّ بالتفشّي في أرجاء العالم، أرسلت أكثرية دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مساعدات إلى الصين وأبقت على تواصل وثيق مع قيادات تلك البلاد.

وتابع زينو ليوني النقاش، فوصف ردّ فعل الولايات المتّحدة إزاء امتداد الصين المتنامي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فقال أولاً إنّ العالم يشهد حرباً باردة جديدة بين هذَين البلدَين أدّت إلى ديناميات مختلفة في كلّ منطقة. ففيما المنافسة بين الصين والولايات المتّحدة غير متشنّجة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مثلاً، هي تشهد توتّراً في أوروبا وغربي المحيط الهادئ. في النهاية، تشعر الولايات المتّحدة بالتهديد إزاء استغلال الصين للاقتصاد العالمي ولتحدّيها الريادة الأمريكية في عدّة مجالات تكنولوجية. ولفت ليوني الانتباه إلى أنّ الولايات المتّحدة تخشى خسارة هذه المنافسة التكنولوجية أمام الصين لأنّها ستُضعف الهيمنة الأمريكية على العالم. علاوة على ذلك، تفاقمت هذه الدينامية بفعل الحضور العسكري الصيني المتزايد في غربي المحيط الهادئ. مع ذلك، من غير المرجّح أن تتورّط الولايات المتّحدة والصين في مواجهة مباشرة على المدى القصير، لأنّ مستوى اعتماد الواحدة على الأخرى مرتفع. وفي ما يخصّ الشرق الأوسط بالتحديد، في الوقت الذي تقلّل فيه الصين من المصلحة الأمريكية عموماً، لم تهدّد الهيمنةَ العسكرية الأمريكية بعد. عوضاً عن ذلك، غطّت الصين مجالات غضّت الولايات المتّحدة النظر عنها في قطاعَي الاستثمار وأمن الطاقة وغيرهما. وبما أنّ البلدَين يُبقيان على نطاقَين منفصلين يبدو أنّهما يتغاضيان الطرف عن بعضهما.

بعد تعليقات ليوني، وصفت إميلي تران تأثير الانخراط الصيني المتنامي في دور أوروبا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فلفتت الانتباه أولاً إلى أنّ الاتّحاد الأوروبي ما زال الشريك التجاري الأول لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومع ذلك، ما زالت أوروبا تتّبع سياسة غير فعّالة في الشرق الأوسط، وسمح ذلك للصين بالعمل على تحقيق مصالحها. وقالت تران إنّه “سيكون للحضور الاقتصادي الصيني على الأرجح تداعياتٌ مهمّةٌ على المصالح الأوروبية الاقتصادية والأمنية”، ومردّ ذلك إلى أنّ الصين تقدّم نموذجاً من التنمية غير الديمقراطية لأنظمة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبرزت كجهة فاعلة مهمّة يمكنها تقديم الاستثمارات المباشرة. بالإضافة إلى ذلك، يشوب التداعياتِ الأمنيةَ المُحتمَلة لحيازة دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تكنولوجيا صينية الكثيرُ من العناصر المجهولة. على الرغم من ذلك، لا ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يغالي في تقدير الحضور الصيني في الشرق الأوسط. ففيما تعمل الصين على إبراز صورة لنفسها على أنّها قوّة عالمية جديدة، هذه الصورة تضخيمٌ زائد في بعض الأحيان. مثلاً، تمّ التخلّي عن الكثير من المشاريع المقترحة في الشرق الأوسط بموجب مبادرة الحزام والطريق أو تمّ تأجيلها. أخيراً، لفتت تران الانتباه إلى أنّه ينبغي على الجهات الفاعلة الأوروبية التعاون مع الصين في الشرق الأوسط لأنّ الدول الأوروبية قادرة على منح الصين درايتها وخبرتها وشبكتها الإقليمية مقابل الدعم الاقتصادي.

وختم ديغانغ سان النقاش وحدّد الأهداف الدبلوماسية التي تعمل الصين على تحقيقها في الحقبة التي تلي فيروس كورونا المستجدّ. أولّاً، تعمل البلاد على إعادة إحياء الروابط التجارية مع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وعلى ترميم صورتها التي تضرّرت بفعل الجائحة. علاوة على ذلك، تجهد البلاد للمحافظة على تعددية الجهات والتخفيض قدر الإمكان من المنافسة الصينية الأمريكية التي أدّت إلى تسييس دور الصين الاقتصادي وأضرّت بجهودها المالية في المنطقة. أخيراً، لفت سان الانتباه إلى أنّ هدف الصين الأخير هو فرض نفسها كصاحب مصلحة أساسي في المجال الأمني في الشرق الأوسط. وبالإضافة إلى أهداف الصين الدبلوماسية، عرض سان الطرق التي بدأت فيها الصين باستعادة حضورها في المنطقة. أولاً، بيّنت إدارة الجائحة الناجحةَ التي اعتمدتها الصين فعاليةَ نظام حوكمتها القوي وبرهنت على أنّ القدرة الوطنية لا علاقة لها بنظام الدولة السياسي. علاوة على ذلك، تعمل الصين على الاستفادة من مهارتها في إدارة الشؤون الاقتصادية لتحسين علاقاتها مع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتأدية دور أبرز في مجال الوساطة في الصراعات. وبالفعل، قد يسمح فكُّ ارتباط إدارة ترامب بالشرق الأوسط وانحيازُها نحو إسرائيل للصين بطرح مبادراتها الخاصة للسلام لمختلف الصراعات الإقليمية.

وفي جلسة الأسئلة والأجوبة اللاحقة، ركّز المشاركون على دور الصين في المغرب العربي والانتخابات الرئاسية الأمريكية ومفهوم “أفخاخ الديون”. وقال زبير إنّه في المغرب العربي، على الرغم من أنّ الكثير من الدول تستغلّ الصين لموازنة اتّكالها على الاتّحاد الأوروبي، تفضّل بعض الدول فعلاً الصين كشريك تجاري على الدول الأوروبية. علاوة على ذلك، قال زينو إنّه حتّى لو تمّ انتخاب جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، ستستمرّ المنافسة بين الصين والولايات المتّحدة على الأرجح. ولفتت تران إلى أنّ الاتّحاد الأوروبي ككتلة لطالما رفض الانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق لا بل حتّى أصدر مشروع التنمية البديل الخاص به الذي يربط أوروبا بآسيا. ويبيّن ذلك خشية الاتحاد الأوروبي من نفوذ بكين العالمي. أخيراً، رفض زبير فكرة أنّ الصين تنصب “أفخاخ ديون” لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفسّر أنّ الصين متساهلة في المبلغ الذي ترغب في أن تردّه الدول التي نالت قروضاً لتمويل عملية تطوير البنية التحتية.