نظّم مركز بروكنجز الدوحة ندوة في 3 ديسمبر 2018 لمناقشة دور الإسلام السياسي في دول الخليج. وقد بدأت الحلقة بموضوع كتاب كورتني فرير الجديد بعنوان “Rentier Islamism: The Influence of the Muslim Brotherhood in Gulf Monarchies“ الذي يتحدّث على الإسلاموية الريعية ونفوذ الإخوان المسلمين في الملكيات الخليجية. ومن خلال التداول بمواضيع الكتاب وحججه، توقّف المشاركون عند الطريقة التي رسمت بها حركات الإخوان المسلمين معالم القطاعَين الاجتماعي والسياسي في بعض دول النفط الأغنى في العالم.
وشارك في الندوة مجموعةً من الخبراء البارزين، بمن فيهم عبدالله العريان، أستاذ مساعد في مادّة التاريخ في جامعة جورجتاون في قطر؛ وكورتني فرير، باحثة مركز دراسات الشرق الأوسط التابع لكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية؛ ودنيال تافانا، طالب دكتوراه في قسم السياسة في جامعة برنستون. وقد أدار علي فتح الله نجاد، زميل زائر في مركز بروكنجز الدوحة، الفعالية التي حضرها لفيف من الأوساط الدبلوماسية والأكاديمية والإعلامية في الدوحة.
وبدأت كورتني فرير النقاش من خلال استعراض المسائل التي تناولتها في كتابها، وهو الكتاب الأوّل باللغة الإنكليزية الذي يسرد تاريخ حركات الإخوان المسلمين في الخليج. وقالت إنّ الكتاب يهدف إلى عدم جعل الخليج حالة استثنائية في ما يتعلّق بالإسلام السياسي. ويستعين الكتاب بدراسة حول الإخوان المسلمين في قطر والكويت والإمارات العربية المتحدة من أجل إعادة النظر في نظرية الدولة الريعية. وأشارت فرير إلى أنّه لا يمكن تجاهل نظرية الريعية عند مناقشة موضوع دول الخليج لأنّ خصائص الدولة الريعية تحدّد بشكل أساسي كيفية عمل حركات الإخوان المسلمين في تلك البلدان. وقد كشفت بشكل خاص عن ثلاثة عوامل أساسية في بروز الإخوان المسلمين في بلدان أخرى لا تنطبق على قطر والكويت والإمارات العربية المتحدة. وتضمّ هذه العوامل: قدرة الجماعة على تقديم منافع رعاية سخيّة وعلى الهيمنة على المجالس النيابية الوطنية وعلى تأمين شبكة اجتماعية بديلة.
بالمقابل، افترضت فرير أنّ تطوّر الحركات الإسلاموية في هذه البلدان دفعته الإيديولوجية، إذ تقدّم هذه الحركات وسيلةً للحفاظ على القيم الثقافية في بلدان الخليج التي تشهد عدداً متزايداً من العمّال الأجانب القاطنين فيها. وقد بدأت جميع حركات الإخوان المسلمين في قطر والكويت والإمارات العربية المتحدة بالتركيز على أسلمة المجتمع واستطاعت منذ ذلك الحين أن تمارس رأس المال السياسي من خلال مجالات غير رسمية. وردّاً على سؤال طرحه مدير الجلسة، قالت فرير إنّ أهداف المجموعات الإسلاموية في الخليج تختلف بحسب السياق الوطني. ففي الكويت، لا تهدف هذه المجموعات سوى إلى الحصول على مقعد على الطاولة السياسية وتميل إلى التنافس على عدد صغير من المقاعد النيابية. أمّا في قطر، فتركّز هذه المجموعات على تنظيم أنشطة اجتماعية بدلاً من أن تصبح ناشطة سياسياً.
وتابع عبدالله العريان النقاش مشيراً إلى أنّه على الرغم من أنّ الحركات الإسلاموية تنبثق عن أساس إيديولوجي مشترك، من غير الممكن فهمها إلّا ضمن سياقاتها الوطنية. وأضاف أنّ كتاب فرير مثال على الحركة الأخيرة ضمن الأوساط الأكاديمية الهادفة إلى التعمّق بدور المجموعات الإسلاموية في بلدانها. ثمّ استعرض العريان التطوّرات في الدراسات حول الإسلام السياسي منذ الثمانينيات حتّى الوقت الحاضر، مفسّراً كيف ركّزت التوجّهات الأكاديمية المهيمنة على “انبعاث الإسلاموية” ومسألة “الإسلام والديمقراطية” والأمننة، من دون أخذ السياقات الوطنية بعين الاعتبار.
ثمّ ناقش العريان الكتاب الذي يؤلّفه حالياً، والذي ينظر في ستّ حركات منفصلة للإخوان المسلمين من وجهة نظر الدولة-الأمّة. وقال إنّ تطوّر هذه المجموعات الإيديولوجي ومهمّاتها الناشطة الاجتماعية ووسائل التعبئة التي تنتهجها ومشاركتها السياسية محدودة ضمن الأمّة. وفي نقطة منفصلة، أشار إلى أنّ كتاب فرير يضيف إلى الأعمال المكتوبة القائمة بعدّة طرق مهمّة: من خلال التمييز بين الحركات الإسلاموية في الخليج وغيرها من البلدان العربية ومن خلال إبراز الاختلافات بين هذه الحركات ضمن الخليج ومن خلال تقديم فهم جديد لهذه الحركات في قطر والكويت والإمارات العربية المتحدة.
وقدّم دنيال تافانا لمحةً نظرية عن الحجج المستعرضة في كتاب فرير، فيما سعى إلى طرح إشكاليات لمفاهيم وأفكار أساسية متعددة تتعلّق بالإسلام السياسي. وأشار إلى أنّ فرير تتقدّم بادّعاء جريء في كتابها مفاده أنّ للمجموعات الإسلاموية نفوذاً في الخليج، على الرغم من الإعانات والخدمات الاجتماعية المقدّمة من الحكومة، وذلك لأنّ للأفكار أهمّية. وأضاف أنّ كتاب فرير يقترح أنّ الإيديولوجية غير ثابتة وأنّها تختلف ضمن الحركات ومع مرور الوقت، ممّا يطرح السؤال حول كيفية فهم الإيديولوجية.
ثمّ طرح تافانا إشكالية مفهوم الإيديولوجية، مستعيناً بمَثل ناخبي الإخوان المسلمين في الكويت. وقال إنّ المجموعة حقّقت نجاحاً في البلاد ليس لأسباب إيديولوجية فحسب، بل لانضباطها التنظيميَّ واستراتيجيتها وإنشائها تحالفات مع الناخبين الذين لم تتمّ تعبئتهم. وردّاً على سؤال طرحه مدير الجلسة، رفض تافانا فكرة تقييم “الأهداف النهائية” لدى الإخوان المسلمين، قال إنّ هذا السؤال لا يُطرح عن أنواع أخرى من المجموعات السياسية، مضيفاً أنّه على الرغم من أهمّية السؤال فهو لا يعتقد أنّ له جواباً. واعتبر تافانا بدلاً من ذلك أنّ المجموعات الإسلاموية ترغب في أن تعلم بأنّها ممثّلة وبأنّها تؤمّن حاجات داعميها بشكل مناسب.
وركّزت جلسة الأسئلة والأجوبة اللاحقة على مستقبل الإخوان المسلمين وتأثير المجموعات الإسلاموية في السياسة الخارجية. وذكر العريان أنّ بين التدابير الصارمة التاريخية والحالية المتّخذة بحقّ الإخوان المسلمين اختلافات مهمّة. فأشار إلى أنّه في الخمسينيّات، كان الإخوان المسلمون أكثر انعزالاً بطريقة أتاحت لهم مقاومة محاولات تدميرهم. غير أنّه منذ العام 2011، أصبحت الحركة أكثر وضوحاً وبروزاً، ممّا سمح لحكومات متعددة بأن تهاجمها بطرق قد يصعب أكثر عليها أن تتعافى منها. وردّاً على سؤال منفصل، ادّعت فرير أنّ المجموعات الإسلاموية لا تأثير كبير لها في السياسة الخارجية في الخليج وقد لاحظت بشكل عام أنّ قرارات السياسة الخارجية تحرّكها البرغماتية بدلاً من الإيديولوجية.
-
December 4
-
مدير الجلسة
-
المتحدثون
كورتني فرير باحثة - مركز دراسات الشرق الأوسط التابع لكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية @courtneyfreer
-