Commentary

Op-ed

اقتصاد ضعيف: المساواة بين الجنسين هي الحل

Call centre workers receive calls from female customers for taxi booking jobs at Noor Jordan for Transport — Taxi Moumayaz (Special Taxi) in Amman, Jordan, March 24, 2016. The Jordanian taxi company has launched a new service run only for women, exclusively by women, with 10 women taxi drivers for the first time in Jordan picking up only female passengers and families. The company chairman Abu al-Haj said they plan to hire another 10 women as drivers, and possibly more if the service expands. Picture taken March 24, 2016. REUTERS/Muhammad Hamed
Editor's note:

لقد عُرّف الاستقرار الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة مع الموجات المستمرة من الاضطرابات في بيئة ما بعد الربيع العربي. تناقش بسمة المومني، في ورقتها الجديدة بعنوان: “المساواة والاقتصاد: لماذا يجب على العالم العربي أن يوظّف المزيد من النساء“، كيف أنّ حكومات الشرق الأوسط لم تستفد من إمكانيات المرأة. وفي هذا الإطار، طرحتُ بعض الأسئلة على المومني التي فسّرت بدورها كيف أن تغييرات محددة في السياسات يمكن أن تساعد على تعزيز الاقتصاد في العالم العربي.

سمية عطية: تعالجين في ورقتك الأخيرة مسألة توظيف الإناث في منطقة الشرق الأوسط وغياب تمثيل المرأة في القوة العاملة. برأيك، إلى أي مدى يؤثّر ذلك على الاقتصاد بعد الربيع العربي الذي بدأ في العام 2011؟  

بسمة المومني: في الواقع، تشكل النساء 52 بالمئة من السكان في منطقة الشرق الأوسط، وهذا جزء كبير من الاقتصاد. بالتالي، تُقوّض إمكانات نصف الاقتصاد أو على الأقل يُستخفّ بها. أعتقد أنك لو توجّهتي لأي رجل أعمال، قائلةً: “هل تعلم أنّك تستهين بـ 50 بالمئة من القدرات المتاحة أمام عينيك”، لتدارك الأمر وأراد أن يغيّر هذا الواقع من أجل زيادة إيراداته. وينطبق الأمر نفسه على الحكومات. لا بد أن تدرك الحكومات أن نصف المجتمع غير مستغلّ. يمكن أن تحقق الحكومات ازدهاراً ملحوظاً لو أنها بذلت المزيد من الجهود لكي تؤمّن للنساء فرصاً متعادلة لأن يشكّلن جزءاً من الاقتصاد.

سمية عطية: لقد تحدّثتي عن الازدهار. كيف يمكن أن يؤثر التنوع في مكان العمل في النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط؟

بسمة المومني: تظهر الدراسات أن التنوع في مكان العمل، بما في ذلك توظيف عدد أكبر من النساء وأشخاص من ثقافات وشرائح عمرية مختلفة وما إلى ذلك، يؤدي إلى خلق منتجات وخدمات جديدة ومبتكرة. وتدرك الشركات ذلك. ففي شركة غوغل مثلاً، تكون فرق العمل متنوعة لضمان نجاح المنتجات والأفكار. يعرف القائمون على الشركة أن فرق العمل المؤلّفة من أشخاص متشابهين، لا تأتي دائماً بأفكار جديدة. فهم يصدقون على أفكار بعضهم. إنما لو أردت أفكاراً جيدة، فلا بد من التنوع. فعندما تنتجين أفكاراً تلبي متطلبات 48 بالمئة من المجتمع ليس إلا، بالتالي فإنك لم تستفيدي من ذلك الجزء من المجتمع الذي يمكنه أن يفهم بشكل أفضل احتياجات النصف الآخر من المجتمع. عندما تتحقق الفرصة أمام النساء للمشاركة في الاقتصاد بالكامل، نجد أنهنّ مبتكرات إلى أقصى الحدود وينتجن وينجحن في أعمالهن.

 سمية عطية: في المملكة العربية السعودية، انضم 21 بالمئة من النساء إلى القوى العاملة في العام 2016، وبذلك يكون قد تضاعفت نسبة مشاركتهن خلال السنوات القليلة الماضية. كيف يمكن تفسير هذه الزيادة في المشاركة النسائية؟ ولماذا ينضم عدد أكبر من النساء إلى القوى العاملة الآن؟

بسمة المومني: هناك طلب مجتمعي لذلك. أصبحت النساء السعوديات متعلمات بشكل متزايد. كما أنّ العديد منهن يسافرن لمتابعة تعليمهن في الخارج ويعدن مع شهادتهن. سجّل التحاق النساء بالجامعة نسبة مرتفعة جداً. فهناك طلب تصاعدي. ورغم الاعتقاد الشائع، ليس السعوديون كلهم أغنياء، فالعديد منهم لا يشعرون بالأمان من الناحية المالية ويحتاجون إلى دخل ثانٍ. أصبحت المرأة الآن جزءاً مهماً في دخل الأسرة وهذا الجزء لم يكن موجوداً من قبل، عندما كان الجميع ينعم بالرخاء. زد على ذلك مطالب الشابات السعوديات المتعلمات بأن يصبحن جزءاً من القوى العاملة.

 سمية عطية: هل حصل تغيير في السياسات يسمح لهذه المطالب بأن تثمر؟

بسمة المومني: نعم. نجد أن بعض القطاعات أصبحت الآن منفتحة أمام النساء بعد أن كانت ترفض دخولهن في السابق. وشهدنا أيضاً ارتفاعاً من الأعمال التي يمكن ممارستها من المنزل والتي تسمح للنساء بالعمل عن بعد. إلا أنّ السعودية هي الدولة العربية الوحيدة التي تطبّق الفصل التام بين الجنسين. فلتتخيّل لو أمكننا القضاء على بعض جوانب الفصل بين الجنسين الأكثر صرامة، بما في ذلك منع النساء من قيادة السيارات. النساء اللواتي لا يستطعن الوصول إلى أماكن عملهن لا يمكنهن العمل، ويشكّل ذلك عائقاً كبيراً للمرأة السعودية. يمكن أن تعود هذه التعديلات البسيطة بفائدة كبيرة للمملكة.

 سمية عطية: كيف يمكن للنساء أنفسهن أن يساهمن في تمهيد الطريق أمامهنّ لدخول سوق العمل؟

بسمة المومني: ليس ذلك واجباً على النساء لأن حواجز قانونية وثقافية تقف في المرصاد، علماً أنّ الحواجز الثقافية هي أصعب بكثير من تلك القانونية. إلا أنّ ثمة مشاكل حقيقية على مستوى السياسات لاتي لا بد من حلّها ويتحتم على الحكومات معالجتها. وذلك يشمل التحديات القانونية، على غرار الفصل بين الجنسين. كما أنه يشمل أيضاً تحديات أخرى مثل سن التقاعد وحقوق الملكية وحق التنقل الذي لا يزال مشكلة كبيرة. والتحدي بالنسبة للحكومات هو أن تفهم أن التنقل الآمن للنساء يشكل عائقاً كبيراً أمام نجاح اقتصاداتها. وبالتالي، يتطلب ذلك الاستثمار في القطاع العام والبنية التحتية. ويمكن أن يتطلب الأمر حتى تأمين وسائل نقل للنساء لكي يشعرن بأمان أكبر خلال تنقلهن. من الممكن أيضاً زيادة الغرامات وتجريم التحرّش بالنساء. لا تزال هذه المسألة تشكّل مشكلة كبيرة في الشرق الأوسط. والحكومات هي حقاً الجهات التي تحتاج إلى إجراء تغييرات. وبمجرد أن تقوم بهذه التغييرات، ستبدأ الثقافة بالتغير شيئاً فشيئاً.

سمية عطية: الربيع العربي والصراع الحالي في سوريا هما مثال على كيفية تعطيل الصراع للاقتصاد. ماذا تقولين عن توظيف النساء في الوقت الذي يُعتبر توظيف الرجال يعتبر أولوية قصوى؟ النساء هنّ بشكل عام الأكثر تضرراً في ما يتعلّق بالصراعات. ما هي توصياتك للمستقبل؟

بسمة المومني: في ظل حرب أهلية أو انهيار كامل للقانون والنظام، يكون من الصعب التحدّث عن بعض هذه التغييرات في السياسات. في أماكن كحلب أو ليبيا أو اليمن، تكون الأوضاع صعبة إلى حدها الأقصى وبالتالي، لا يمكن فعل أي شيء على الفور. إذ يشكّل ضمان سلامة المدنيين وأمنهم الأولوية الأولى. إلا أنّ هذا لا يمكن أن يكون عذراً إلى الأبد. والدرس الذي يمكن تعلمه من الربيع العربي هو أن الناس متعطشون للتغيير وأنّ القضايا الاقتصادية هي الشغل الشاغل. وهذه هي الفرصة أمام الحكومات للاعتراف بأنه إن تمكّنت من معالجة القضايا الاقتصادية بشكل صحيح، سيشعر الناس بارتياح كبير وسيكونون مستعدين أكثر للحديث عن قضايا ثانوية. إلا أنّ الاقتصاد يبقى الأولوية. تملك الحكومات وحدها القدرة على مستوى السياسات لاعتماد استراتيجيات تحفّز النمو الاقتصادي وتشمل كافة المواهب المتاحة، وذلك يعني إشراك النساء أيضاً.

Authors