Commentary

العلاقة بين العراق والولايات المتّحدة مهدّدة بالانهيار. لا يجوز أن يحصل ذلك.

US President Donald Trump (R) and Iraqi President Barham Salih attend a bilateral meeting on the sidelines of the 50th World Economic Forum.
Editor's note:

يقول مايكل أوهانلون وسارة علاوي إنّه مع استلام الحكومة العراقية الجديدة زمام السلطة، ينبغي على الأمريكيين والعراقيين على حدّ سواء التحلّي بالشجاعة والإدراك أنّه حتّى لو كانت السنوات والعقود الماضية صعبة، تعاونهم أفضل بكثير من افتراقهم. نُشرت هذه المقالة بداية في صحيفة “يو أس آي توداي”، وهذه ترجمة للنسخة الأصلية.

هل للولايات المتّحدة والعراق، المترافقان أبداً في حرب مؤسفة تشوبها الأخطاء طوال معظم السنوات السبع عشرة الماضية، مستقبلٌ معاً؟ فمع محاولة العراق تأسيس حكومة جديدة، ينصح البرلمان العراقي رسمياً بطرد القوّات الأمريكية عقب قتل العقل المدبّر الإرهابي الإيراني قاسم سليماني في أوائل يناير. ويمكن أن تتأجّج هذه التوتّرات من جديد بفعل ردّ الولايات المتحدة وحلفائها، في صباح 13 مارس، على الضربات الصاروخية الأخيرة التي أطلقتها ميليشيات مدعومة من إيران على القوّات الأجنبية في العراق، ممّا أسفر عن مقتل أمريكيَّين وبريطاني. وعلى مدى نهاية الأسبوع الذي تلى، شُنّت موجة أخرى من الهجمات، مع احتمال بروز المزيد من الردود الأمريكية. لذا تبدو الشراكة في خطر.

وسيكون أمراً مؤسفاً جداً إن انتهت. فللعراقيين، الحضور الأمريكي مفيد للغاية كثقل موازن لإيران وتنظيم الدولة الإسلامية. والأمريكيون مفيدون أيضاً في السياسات الداخلية العراقية، ولا سيّما في ما يخصّ الانقسامات المذهبية في القوى الأمنية. فقد تكون للأكراد والشيعة والسنّة مواقفُ من الولايات المتحدة، لكنّ قلّة ترى واشنطن على أنّها منحازة ضدّها بشكل متأصّل.

فتحْت إدارة الجنرالات بيتريوس وأودييرنو وأوستن وغيرهم، تمّ إصلاح الجيش والشرطة العراقيَّين في فترة الطفرة في العامين 2007-2008، ممّا جعلهما فعّالَين عبر مختلف الخطوط المذهبية والجغرافية. ولم تتمّ إعادة بناء الجيش العراقي الذي اصبح مُستقطَباً ومُقسّماً، والذي غالباً ما تراجَعَ في وجه عمليات التقدّم التي شنّها تنظيم الدولة الإسلامية، إلا بعد عودة القوّات الأمريكية في العام 2014 بشكل سمح له بإعادة إحكام سيطرته على المناطق التي ترسّخ فيها تنظيم الدولة الإسلامية في البلاد.

للولايات المتحدة مصلحة مكتسبة في نجاح العراق

بالنسبة إلى الولايات المتحدة، تبرز أسباب مهمّة أيضاً للمحافظة على هذه العلاقة الوطيدة، ومساعدة العراقيين على الدفاع عن بلادهم. وبات ذلك جليّاً في العام 2014، عندما اضطرّ الرئيس أوباما إلى إعادة إرسال الجنود الأمريكيين للتعامل مع تنظيم الدولة الإسلامية، بعد أن احتفل بانسحاب كامل الجنود الأمريكيين من العراق في العام 2011. لولا ذلك، كانت لتتدفّق موجات أكبر من اللاجئين إلى أوروبا وما بعد أوروبا، وكانت لتصبح مراكز إنتاج النفط الكبرى قرب الخليج العربي تحت الخطر. وما زالت داعش والسلفيين المتّصلين بها يشكّلون خطراً راهناً، حتّى لو لم يعودوا مسيطرين على أراضٍ في العراق.

كذلك، إن أراد الأمريكيون الحدّ من نفوذ إيران في المنطقة، لا مكان للمباشرة بذلك أفضل من المنطقة المجاورة لها. فعلى الرغم من أنّ معظم العراقيين والإيرانيين من الشيعة، العراقيون شعبٌ أبيٌّ لا يرغب في الخنوع لأحد. لكنّ إيران بارعة للغاية في السياسات الخفيّة وسياسات القوى، ولن يتمكّن العراقيون من المحافظة على استقلالهم الفعليّ إلّا إن حظوا بأصدقاء آخرين، وبنظام سياسيّ عاملٍ أيضاً.

وإن كانت الولايات المتحدة تفضّل ضمان مصالحها الأساسية في الشرق الأوسط، أي تدفّق نفط يُعتمد عليه والحؤول دون انتشار الأسلحة النووية والقضاء على الإرهاب وحماية الأصدقاء الأساسيين على غرار إسرائيل والأردن، من دون إرسال أعداد كبيرة من الجنود الأمريكيين من جديد إلى المنطقة، فإنّ الحاجة إلى شركاء أقوياء جلّيةٌ.

وللمحافظة على الحضور الأمريكي في العراق في المستقبل، من الضروري الوصول إلى وضوح أكبر حيال قواعد الاشتباك بين بغداد وواشنطن. فعلى العراق بذل جهود أكبر بكثير للمساعدة على حماية القواعد الأمريكية والمصالح الأخرى في البلاد. وعلى الولايات المتّحدة أن تحصر أيّ لجوء أحادي للقوّة العسكرية بالدفاع عن نفسها من أولئك الذين ربّما أطلقوا النار على قوّاتها أو بمطاردتهم. ولا ينبغي القيام بأيّ تصرّف آخر، مهما كان مبرّراً (على غرار ما قامت به في 13 مارس) إلّا بعد تشاور واتّفاق بين الحكومتَين.

من الضروري أيضاً أن تعيد الحكومة العراقية المقبلة وحلف شمال الأطلسي التفكير في أهداف برنامج التدريب المشترك بينهما. وعدمُ نشر وحدات قتالية داخل المدن ينبغي أن يكون هدفاً أساسياً. عوضاً عن ذلك، ينبغي نشرها في المناطق الريفية وفي مواقع تستطيع فيها التعامل مع الاعتداءات الخارجية، سواء أمِن الجنوب أتت أم الغرب أم الشرق. وينبغي ترك المسائل الداخلية للشرطة الاتّحادية والأجهزة الأمنية المحلّية.

إجراءات عمليّة لتقوية البلاد

يمكن التفكير أيضاً في التجنيد الإجباري كطريقة لتخطّي التوتّرات المذهبية وترسيخ شعور قوي بحبّ الوطن لدى الجنود. ويمكن التشجيع على الوحدة من خلال نبذ المذهبية، ولا سيّما عند إجراء تعيينات في مناصب حكومية.

وتتخطّى بعض الإجراءات موضوع القوى الأمنية. فمثلاً، إقرارُ قوانين عادلة ومنصفة بخصوص الهدروكربون وتشاطر الدخل تُوزِّع الأموال بشكل متساوٍ في كامل البلاد يعزّز تلاحم المحافظات العراقيّة كافّة.

والبطالة العالية مشكلة كبيرة أخرى، وكانت سبباً أساسياً في التظاهرات الكثيرة التي ظهرت في العراق العام الماضي. ويمكن التخفيف من حدّتها بعدد من الطرق. ويمكن أن تساعد خصخصة الكيانات التي تملكها الدولة، إن جرى التخصيص بشكل عادل، ولا سيّما إن سُمح للموظّفين بامتلاك أسهم. وينبغي على الولايات المتحدة والجهات الأخرى أن تبقى على أهبّة الاستعداد للمساعدة، بما في ذلك تقديم المساعدات المالية المؤقّتة إن كان ذلك مفيداً في خلال العملية.

ولا يمكن أن يحظى العراق بجيوش متعدّدة. فينبغي القضاء على الميليشيات. بالتالي، يمكن ضمّ تلك القادرة على المحاربة في الأجهزة الأمنية المسلّحة، وينبغي جلّ تلك غير القادرة على ذلك، لكن ينبغي تقديم تعويضات وفرص عمل لمحاربيها.

ويستفيد الكثير من الخطوات المذكورة أعلاه من المشورة الأمريكية وكمّيات محدودة من الدعم التقنيّ والمساعدات. وينبغي على واشنطن أن ترغب في تقديمها وينبغي على بغداد أن ترغب في قبول المساعدة. فمع استلام الحكومة العراقية الجديدة زمام السلطة، ينبغي على الأمريكيين والعراقيين على حدّ سواء التحلّي بالشجاعة والإدراك أنّه حتّى لو كانت السنوات والعقود الماضية صعبة، تعاونهم أفضل بكثير من افتراقهم.

Authors