Research

توثيق الأعمال الوحشية: المجتمع المدني السوري والعدالة الانتقالية

People walk with their belongings as they flee the rebel-held town of Hammouriyeh, in the village of Beit Sawa, eastern Ghouta, Syria March 15, 2018. REUTERS/Omar Sanadiki

من خلال التوثيق، تقوم الجهاتُ الفاعلة في المجتمع المدني السوري بتحويل دورَ العدالة الانتقالية في الصراع الجاري من خلال إعادة المطالبة بالتركيز على الضحايا في إجراءات العدالة. تناقش هذه الورقة التحليلية فكرة أنّه في فترات الصراع العنيف، كما في سوريا، ينبغي اعتبار توثيق الانتهاكات آليةً مستقلّة لتحقيق العدالة الانتقالية بدلاً من اعتبارها معبراً نحو تطبيق إجراءات العدالة. ويعزى ذلك لسببَين أساسيَّين. أوّلاً، يُعدّ التوثيق شكلاً قوياً من أشكال المقاومة غير العنيفة للصراع العنيف الجاري، ويشكّل سعياً مهمّاً إلى العدالة من دون الاضطرار إلى انتظار قيام مرحلة انتقالية سياسية أو هدوء الصراع. ويحول التوثيقُ دون الاستيلاء على الروايات وتدمير الأدلّة والتاريخ والذاكرة، ويحفظ البيانات التي تضمّ موادّ هامّة للمحاكمات وللجان تقصّي الحقائق المحتملة ويحميها.

المجتمع المدني السوري والعدالة الانتقالية

ويُعدّ توثيق الأعمال الوحشية عملية تعافٍ بحدّ ذاتها، فهو يحرص على تسليط الضوء على الأذية وتوثيقها وتذكّرها. ونظراً إلى ضيق الموارد الذي يعانيه المجتمع المدني السوري باستمرار، يجدر بالجهات المانحة أن تموّل أكثر جهود التوثيق، ولا سيّما أنها تشكل وسيلة فعّالة للتوصّل إلى عدالة انتقالية بقيادة الضحايا.

وينبغي الأخذ بجديّة الهواجس المتعلّقة بركاكة الجهود التي تبذلها الجهات الفاعلة الدولية الضعيفة لإشراك المجتمع المدني بشكل مجدٍ في تشكيل القرارات المعنيّة بالعدالة الانتقالية. فمن خلال تشجيع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني السوري على المساهمة في صنع السياسات، تصبح مبادرات المساءلة في سوريا قابلة أكثر للتحقيق وتلبّي أكثر رغبات المجتمع السوري في تحقيق العدالة. وينبغي إشراك هذه الجهات كشريك قائد وليس كمتلقٍّ لسياسات العدالة الانتقالية فحسب. لذلك، ينبغي على المنظّمات الدولية أن تقوم بجهد كبير لإشراك الناشطين المحلّيين، ليس للتعبير عن هواجسهم وتبادل المعلومات فحسب، بل لتشكيل السياسة أيضاً.