تحتل المملكة العربية السعودية مكانة بارزة بين ممالك الخليج نظراً لحجم دولتها، وتأثيرها الاستراتيجي داخل وخارج الخليج، وتأثيرها الفريد في العالم الإسلامي لكونها حامية المدينتين الشريفتين في الإسلام: مكة والمدينة. هنالك ضغوط كبيرة على العلاقة الراهنة بين الملكيَّة والقوى الاجتماعية المختلفة في المملكة، يشكل جيل الشباب الصاعد ضغطاً على قدرة دولة الرفاهية في السعودية، حيث تتحول المملكة نحو مجتمع أكثر تحضرًا وتعليمًا، وهي خصائص المجتمعات الأخرى التي عانت من الاضطراب السياسي.
خلافاً للاعتقاد السائد، فإن النفط لا يجعل نظام آل سعود في مأمن من السخط الشعبي. فمع اكتساح رياح الثورة لمنطقة الشرق الأوسط ، تواجه المملكة العربية السعودية ضغوطاً هائلة تجاه نظامها التقليدي الحاكم. بالتالي، يجب أن يتم فهم إمكانيات وحدود قدرة النظام الملكي على التكيف مع هذه التحديات المتزايدة.
تشير العديد من المؤشرات إلى أن الاضطرابات الاجتماعية في المملكة ستظل محدودة في جيوب صغيرة في المستقبل القريب. وتشمل هذه الجيوب النخب المنحازة على اتساعها، وحركات المعارضة المنقسمة، وشعبية الملك عبد الله. ومع ذلك، فإن العديد من العوامل الكامنة وراء عدم الاستقرار على تصاعد، وإذا لم يتم معالجتها فيمكنها أن تؤجج الوضع خاصة في ظل وجود أحداث محفزة مثل أزمة الخلافة. فالتحرر السياسي لتحسين الحكم والمساءلة يشكل زعزعة للاستقرار على المدى القصير، ولكنه ضروري لتحقيق الاستقرار على المدى الطويل نظراً لمجموعة من الضغوط التي تواجه المملكة العربية السعودية. يجتاز نظام آل سعود لحظة حاسمة في تاريخه، وكيفية تعامله مع هذه الأزمة سيترك آثاراً عميقة على كل من النظام الملكي ودولة العربية السعودية على حد سواء في السنوات المقبلة.
تدرس هذه الورقة خلفية طريقة إدارة نظام آل سعود للاضطرابات الاجتماعية التي اندلعت مؤخراً. ثم تقدم تفصيلاً موجزاً لحركات الإصلاح المختلفة داخل المملكة، ومطالبها، و تأثيرها النسبي على النظام. وختاماً فإن الورقة تقدم دراسة حول مدى جهود الإصلاح المؤسسي في ظل حكم الملك عبد الله وآفاق التحرر السياسي في بيئة تزداد اضطراباً على المستويين الداخلي والإقليمي.