August

29
2017

1:30 am AST - 3:30 am AST

أزمة الخليج والإقليم

Tuesday, August 29, 2017

1:30 am - 3:30 am AST

قاعة سلوى

فندق ومنتجع شيراتون الدوحة الدوحة
الدوحة, DC

استضاف مركز بروكنجز الدوحة بالتعاون مع جامعة قطر، في 27 أغسطس 2017، ندوة حوارية ناقشت أزمة الخليج المستمرّة. ضمت الندوة شفيق الغبرا، الأستاذ في جامعة الكويت؛ ونايف بن نهار الشمّري، الأستاذ في جامعة قطر؛ وإبراهيم فريحات، الأستاذ في معهد الدوحة للدراسات العليا؛ ونادر قبّاني، مدير الأبحاث في مركز بروكنجز الدوحة. أدار الأستاذ في جامعة قطر عبد الله باعبود هذه الجلسة التي حضرها لفيف من الشخصيات الدبلوماسية والأكاديمية والإعلامية في الدوحة.

استهلّ د. الغبرا النقاش بالقول إنّ الأجواء في قطر في بداية الأزمة كانت شبيهة بأجواء الكويت قبيل الغزو العراقي لها عام 1990. لكن الوساطة الكويتية والدعم العسكري التركي وعروض الدعم الإيرانية وصمود قطر قد حقّقت مجتمعةً التوازن ضد دول الحصار. وأضاف أنّ عنصر المباغتة وغياب المبرر لفرض الحصار أظهرا عدم عقلانية الأزمة.

وتابع الغبرا قائلاً إنّ قطر قد ردّت على الوضع الجديد عبر بناء علاقات جديدة بين القطريين والوافدين، في ما يشبه الولادة الجديدة التي يمكن البناء عليها. وفي الوقت نفسه، تُظهر العلاقات المعزّزة مع تركيا وإيران بالإضافة إلى طرق النقل الجديدة، أنه لا يمكن عزل قطر. كذلك انتقد الغبرا مطالبة دول الحصار بإغلاق قناة الجزيرة ومحاولتها استخدام دعم قطر لحماس لتبرير الأزمة، وقال: “هذا غطاء لشن معركة ضد الحقوق وضد الحرّيات وضد المواطنين الذين يريدون أن يكونوا جزءاً لا يتجزأ من الشراكة السياسية”.

وتوقّع الغبرا أن يخفّ الضغط على قطر من خلال تحدّيها للحصار أمام المحاكم، ومن خلال وقوف المجتمع الدولي إلى جانبها. وقال إنّ القرار سيعتمد على فردية دول مجلس التعاون الخليجي، وإنّ محاولات فرض الاحتكار ستضر بالجميع. ودعا دول مجلس التعاون الخليجي للاستماع إلى الأصوات المؤثّرة، والسعي إلى تحقيق العدالة داخل هذه الدول وفي ما بينها، بما يمهّد الطريق نحو “انفتاح سياسي واقتصادي وديموقراطي” تشتدّ الحاجة إليه.

افتتح د. الشمّري مداخلته بإلقاء تبعة الأزمة على فشل دول مجلس التعاون الخليجي في حل مشاكلها، والتعاون بشكل فعال، وتحقيق المزيد من الوحدة رغم تأسيس المجلس منذ 36 عاما. إحدى هذه المشاكل هي عدم وجود تعريف موحّد للأمن الإقليمي، الأمر الذي يعيق سبل التعاون، نظراً لوجود مواقف متباينة تجاه بعض الجهات الفاعلة مثل جماعة الإخوان المسلمين. وأشار الشمّري إلى أنّ عدم مشاركة الناس في القرارات السياسية هو مشكلة أخرى من مشاكل مجلس التعاون الخليجي. وأوضح أنه في الخليج، حين تكون هناك أزمة فإن الناس “لا يكون لهم وزن أو تأثير، بل يكون الوزن والتأثير لشخص واحد ليس إلا”. وقال إنه ما لم تتم معالجة هاتين المشكلتين، فإن مجلس التعاون الخليجي سيستمر في مواجهة الأزمات.

وفي ما يخصّ الأزمة الحالية، قال الشمّري إنه كان يجب على دول الحصار حصر المسألة داخل “البيت الخليجي”، لا تدويلها والسماح للبيت الأبيض بالتدخل، وإدخال مصر فيها. وأضاف أنّ الخطأ الثاني الذي اقترفته دول الحصار كان نقل الأزمة من المستوى السياسي إلى المستوى الشعبي، إذ باتت شعوب هذه البلدان تتبادل الإساءات، وتحرق إمكانيات التعاون في المستقبل. هناك أيضاً فقدان للثقة يهدّد باستشراء “ثقافة العداوة والصراع في دول الخليج”. لإنهاء هذه الأزمة، دعا الشمّري إلى فصلها عن الشعب ومعالجتها عبر القنوات الدبلوماسية والسياسية، والحدّ من تدخّل وسائل الإعلام التي من شأنها تصعيد التوتر.

وعن بقاء دولة قطر ضمن منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، قال الشمّري إنه لا يمكن إجبار قطر على الخروج، وهي لا تنوي ذلك في الأساس. واعترف بأن العديد من القطريين يريدون الآن مغادرة مجلس التعاون الخليجي، لكنه قال إنّ قطر لا تزال تستفيد من المجلس، الذي يشكل عمقها الاستراتيجي في نهاية المطاف. وأضاف أنه من المرجح أن يتحلحل الوضع قبل انعقاد القمة السنوية لمجلس التعاون الخليجي في ديسمبر.

من جانبه، نوّه د. فريحات في البداية إلى أن الأزمة قد زعزعت النظام الأمني لدول مجلس التعاون بإنهاء احتكار الولايات المتحدة الأمريكية للمنطقة. أما اقتصادياً، فإنه من المفيد التنويع في الجهات التي تقدم الخدمات الأمنية شريطة مراعاة العلاقات في ما بينها. وأضاف أنّ السبيل الوحيد لضمان استقلالية دول مجلس التعاون هو من خلال تطوير القدرة على تحقيق “الأمن الذاتي”، وأنّ الإطار السياسي لدول مجلس التعاون الخليجي ضروري لإنجاح هذه العملية. وقال إنّ استهداف هذا الإطار هو “أخطر شيء” نتج عن الأزمة.

وبالرجوع قليلاً إلى الوراء، قال فريحات إنّ أزمة الخليج أدّت إلى تدهور الأوضاع في سوريا واليمن وفلسطين. فقد انسحبت دول مجلس التعاون كلياً من الملف السوري، وانسحبت قطر من اليمن فيما الأزمة هناك مستمرة بالتدهور. أما ضمن منظومة مجلس التعاون فقد غيّرت الأزمة منظومة القيم، وقدرة دول الخليج على التعامل مع الأزمات، من خلال طرح فكرة العمل العسكري. وقال فريحات أيضاً إنّ الأزمة كسرت العديد من المحرّمات، بما في ذلك الحديث عن تحالفات محتملة بين دول الخليج وإسرائيل.

وعندما سُئل فريحات عن طريقة تحقيق دول الخليج لأمنها الذاتي، أجاب بأنّ ذلك هو قرار سياسي بالدرجة الأولى، ولا يمكن أن يتحقق إذا كان هناك اقتتال داخلي. وأضاف أنّ الاتفاق النووي الإيراني يمنع إيران من تخصيب اليورانيوم لمدة 10 سنوات، لكن وبدلاً من أن تعمل دول الخليج على بناء طاقاتها، ها هي اليوم تهاجم بعضها البعض.

وجّه د. قبّاني دفّة الحديث نحو الجوانب الاقتصادية للأزمة، فبدأ بذكر الصعوبات التي كانت دول الخليج تواجهها في الأساس. أولاً، أسعار النفط التي انخفضت منذ العام 2014، وحسب مستوى الأسعار الحالي، فإن الكويت هي الدولة الخليجية الوحيدة القادرة على الوفاء بميزانيتها. وقال قبّاني إنّ النتيجة هي أنه، حتى قبل الأزمة، كان من المتوقع أن تنمو اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 1 بالمئة فقط في العام 2017. وأضاف أنّ دول مجلس التعاون الخليجي تصارع لتنويع اقتصاداتها، وهي تعاني ضعفاً في مؤسساتها، كما يتّضح من نتائج التنمية والتعليم فيها.

وقال قبّاني إنه من أجل التصدّي لهذه التحديات، يجب على دول الخليج التعاون اقتصادياً، لكن النزاع السياسي الحاصل الآن يضرّ بمصالح هذه الدول الاقتصادية والاجتماعية. وقال أنّ قطر قد واجهت بعض الصعوبات في مجال تأمين السلع والاستثمارات وعانت انخفاضاً في السيولة، لكن عائداتها من الغاز الطبيعي وصندوق ثروتها السيادية يمكّنها من تحمل الضغوط. وأفاد بأن رجال الأعمال قد بدأوا بإيجاد مورّدين جدد بتكاليف أقل، ما يعوّض زيادة التكاليف اللوجستية. أما بالنسبة للدول المقاطعة، فقد خسرت حصتها من الميزان التجاري البالغ 10 مليار دولار أمريكي الذي كانت تملكه مع قطر، وربما عشرات مليارات الدولارات من فرص الاستثمار.

وفي معرِض تلخيص الأزمة، خلُص قباني إلى القول بإنها مكلفة اقتصادياً لجميع الدول المعنية، ومن مصلحة الجميع الإسراع بإيجاد حل لها في أقرب وقت ممكن، والبدء في التعامل مع التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجه المنطقة.