Commentary

Op-ed

لا بد لمناقصات الطاقة الشمسية اللافتة في دبي أن تشجع الدول الخليجية الأخرى

تصدّرت الصحف في نوفمبر 2014 عناوين مثل “دبي تحطّم أسعار الطاقة الشمسية” و “مناقصات الطاقة الشمسية في دبي تصدم لاعبي الأسواق”، وذلك عندما تلقت هيئة كهرباء ومياه دبي مناقصات للمرحلة الثانية من مشروع مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية.

الآن وبعد مرور عام ونصف، انخفضت المناقصات للمرحلة الثالثة إلى النصف: من 5,98 سنت لكل كيلوواط في الساعة إلى 2,99 سنت. لا بدّ أن يتنبّه صناع القرار وشركات الكهرباء في المنطقة إلى هذه المفاجأة. لم يكن في المناقصة المنخفضة أي شيٍء خارجٍ عن المألوف – كل ما في الأمر أن المناقصات الأخرى كانت أعلى بقليل. كما وأنّ المحطة كبيرة جداً إذ ستصل قدرتها الإنتاجية إلى 800 ميغاواط، ستنتج المرحلتان الأولى والثانية 213 ميغاواط منها، وستوصل الطاقة الشمسية إلى 9 بالمئة من القدرة الإنتاجية لهيئة كهرباء ومياه دبي مع حلول العام 2020.

لم يتوقع المحللون أن تنخفض تكاليف الطاقة الشمسية إلى هذا الحدّ قبل العام 2030، حتى في أفضل المواقع كالإمارات العربية المتحدة. كيف استطاع المناقصون تحقيق هذه المدخرات الحادة؟ لقد حث الانتقال إلى المناقصات والابتعاد عن النموذج الألماني القائم على أسعار مضمونة أعلى من العادة المطورون إلى المنافسة بشراسة.

انخفضت أسعار الألواح الشمسية بنسبة 12 بالمئة خلال السنة الماضية مع تطوير تقنيات جديدة أكثر فعالية. الأهم من ذلك، يتيح المعدل الكبير للأنظمة الاقتصادية اكتساب تجربة والاستفادة منها. إنّ جدارة هيئة مياه وكهرباء دبي الائتمانية والفهم الجديد للطاقة الشمسية الكهروضوئية كأعمال منخفضة المخاطر تسمح لمعظم رأس المال أن يأتي من المصارف بمعدلات متدنية.

رغم ذلك، فإنّ المطورين يقبلون على الأرجح عائدات منخفضة مقابل أسهمهم. إن التخفيض المستمر في أسعار الألواح وتكاليف التركيب سيساهم على الأقل في خلق توازن في الارتفاع المستقبلي لمعدلات الفائدة.

مع سعر 2.99 سنت الذي تطرحه مناقصة دبي، سيكون من المنطقي استخدام الطاقة الشمسية لمجرد توفير الوقود، كلما زاد سعر الغاز عن حوالي 4 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية أو تخطى سعر النفط الـ 23 دولار للبرميل. تصل أسعار النفط حالياً إلى نحو 48 دولار للبرميل وأسعار الغاز الطبيعي المسال إلى نحو 5,8 دولار لكل وحدة حرارية بريطانية. وصلت المناقصات إلى أقل بكثير من 29,5 فلس (أي 8 بالمئة) لكل كيلوواط في الساعة وهو المعدل الأساسي التي وضعته هيئة مياه وكهرباء دبي. يمكن للمنشآت الخليجية أن تنشئ طاقة شمسية رخيصة كافية لتلبية طلبها كاملاً أقله أثناء النهار في فصل الشتاء.

ستبقى محطات توليد الطاقة التي تستخدم الغاز وقوداً مطالبة بالوصول إلى الذروة المعتادة للطلب في الساعات الأولى من ليالي الصيف حين يعود الناس من أعمالهم إلى منازلهم عند مغيب الشمس ويشغلون أنظمة التكييف والإضاءة والتلفزة.

ومن أجل تجنب إنشاء منشآت جديدة بالكامل لتوليد الغاز، يمكن للمنشآت على غرار هيئة كهرباء ومياه دبي أن تجمع بين الطاقة الشمسية مع إدارة الطلب، من خلال تشجيع المصانع والمنازل على تشغيل معداتهم وأجهزتهم في أي أوقات النهار الأخرى غير أولى ساعات المساء. ويمكنهم أن يخزنوا الطاقة الشمسية بطرقٍ مختلفة – على شكل كهرباء في بطاريات، أو مياه مبردة لاستخدامها لاحقاً لمكيفات الهواء، أو مياه تتم تحليتها شتاءً وتُخزن للصيف.

تتوقع هيئة كهرباء ومياه دبي اقتراحات بشأن معمل كهروضوئي بقدرة إنتاجية تصل إلى 350 ميغاواط في سويحان بحلول 19 سبتمبر. رغم أن معملها أصغر من معمل دبي ومن أولى إنشاءاتها الكهروضوئية الواسعة النطاقة، إلا أنها ستحرص من دون شكّ على محاكاة أسعار دبي.

حققت مصر والأردن والمغرب تقدماً جيّداً في مناقصات الطاقة الشمسية الخاصة بها. إلا أن بقية دول مجلس التعاون الخليجي تبعت خطى الإمارات العربية المتحدة ببطءٍ شديد. تضم خطة التحول الجديدة في المملكة العربية السعودية 9,5 جيغاواط (9,500 ميغاواط) من الطاقة المتجددة مع حلول العام 2030، وهو هدف قنوع، إذ يعادل إنشاء أقل من معمل واحد من معامل دبي لكل عام من الآن فصاعداً. أعلنت قطر مؤخراً عن خطط لإنشاء محطة بقدرة إنتاجية تصل إلى 1 جيغاواط، إلا أنها منذ العام 2014 على الأقل اقتصرت مساعيها على الكلام فقط.

نأمل أن تشجع المناقصات المذهلة التي حققتها هيئة كهرباء ومياه دبي الدول الأخرى. هذا وبالإضافة إلى القليل من الابتكار، سنرى قطاع الطاقة الشمسية في الخليج يكسر مزيداً من الأرقام القياسية ويضع الوتيرة على المستوى العالمي – الأمر الذي من شأنه أن يوفر المال والوقود ويحدّ من التلوث.