Commentary

Op-ed

إشكالية التوظيف: الواقع وراء إحصائيات سوق عمل الشباب في مصر والولايات المتحدة

Ragui Assaad and
RA
Ragui Assaad Former Brookings Expert, Regional Director, West Asia and North Africa at Population Council
Samantha Constant
SC
Samantha Constant Associate Director, Middle East Youth Initiative

March 9, 2010

يسافر نائب الرئيس، بايدن، إلى الشرق الأوسط هذا الأسبوع، وتأتي هذه الزيارة في الوقت الذي يتزايد فيه اهتمام المواطنين العاديين في كل من الولايات المتحدة والشرق الأوسط بالاقتصاد أكثر من الاهتمام بالسياسة الخارجية. إذا كانت هناك لحظة التقاء بين الجانبين فإنها الآن مع النضال من أجل وظائف أفضل وبعد أن أصبح الحصول على سبل عيش أفضل على قمة الأولويات في أذهان الجميع.

أصدرت إحصائيات مكتب العمل بوزارة العمل الأمريكية تقريرها الأخير عن العمل في فبراير. أظهر التقرير أن البطالة بين الشباب تصل إلى 18.5 بالمائة – مقارنة مع 9.9 بالمائة في نفس الشهر عام 2008 – في حين شهدت الرواتب ارتفاعاً في الوظائف المؤقتة وخدمات الدوام الجزئي. وليس من المستغرب أن تعزى هذه الزيادة إلى الموظفين الذين يعانون من اقتطاع في ساعات العمل أو هؤلاء الذين لم يتمكنوا من الحصول على عمل بدوام كامل في سوق عمل يزداد ضعفه.

يواجه الشباب في الشرق الأوسط نتائج مماثلة مخيبة للآمال في سوق العمل، ومع ذلك فهي ترجع لأسباب هيكلية مختلفة. في مصر على سبيل المثال يرتفع إجمالي البطالة ولكنها تنخفض بشكل عام مع مرور السنوات. فقد وصلت معدلات البطالة بين الشباب إلى 16.7 بالمائة في عام 2009، وهو انخفاض كبير من 25 بالمائة عام 1998. تظهر الأبحاث التي ترتكز على الدراسة الحديثة لسوق العمل أن هذا الانخفاض في معدلات البطالة يرتبط بشكل متناقض مع تدهور في نوعية الوظائف وليس التحسن الكبير في ظروف سوق العمل. [1] في حين تبدو المخاوف بشأن سوق العمل لها أهمية قصوى في كلا المجتمعين، وصلا البلدان إلى مفارقة التوظيف عبر مسارات مختلفة تماماً. فقد صلت الولايات المتحدة إلى هذه المرحلة كنتيجة لأسوأ ركود اقتصادي على مدار سبعين عاماً. أما بالنسبة للبطالة في مصر فهي وليدة النمو السريع في تعداد الشباب في مقابل النتائج المترتبة على التحول الجزئي من اقتصاد الدولة لنموذج التنمية الموجه نحو السوق.

على سبيل المثال، يتخلى الشباب المتعلم في مصر الآن، والذي يظل لسنوات يبحث عن وظيفة رسمية، غالبا ما تكون في القطاع العام، عن وجهة النظر هذه نظراً لعجز الحكومة عن توفير الوظائف. ولا تنمو فرص العمل في القطاع الخاص الرسمي – وهي محدودة جدا في المقام الأول – بالسرعة الكافية لتعويض الانخفاض في الوظائف الجيدة في القطاع العام. وبالتالي، يُترك الشباب إما لعمل غير رسمي براتب غير مستقر أو أن يخلق فرص عمل غير رسمية خاصة به في الاقتصاد المصري المتسع. نتيجة لذلك، لا يتم احتسابهم على إنهم عاطلين في الإحصائيات الخاصة بالعمل، الأمر الذي يسهم في نهاية المطاف في خفض معدلات البطالة.

واليوم يمكن رؤية اتجاه مماثل في الولايات المتحدة. لقد دمر الركود عددا كبيرا من الوظائف الجيدة وقلل بنسبة كبيرة المعدل الذي على أساسه يتم خلق فرص عمل جديدة. ولذلك لم يصبح التحدي أمام الشباب الجدد الداخلين إلى سوق العمل هو في الحصول على الوظيفة الأولى فقط مع طول فترة البطالة، ولكن أيضا بدت هناك صعوبة في الحصول على أي وظيفة اللهم الوظائف المؤقتة وغير المستقرة ذات نوعية أقل بكثير من توقعاتهم. وفي حين تظل هذه الوظائف المؤقتة ووظائف الدوام الجزئي ضمن حدود الاقتصاد الرسمي، فلديهم الكثير من القواسم المشتركة مع الوظائف في القطاع غير الرسمي في مصر لافتقارها للفوائد والتأمين الصحي وحتى الحد الأدنى من الأمن.

تخلق أوجه التشابه في الوضع الحالي للشباب في كلا البلدين، مع اختلاف المسارات التي أوصلتهم لهذه النقطة، مساحة جديدة من التكهنات حول اتجاهات مستقبل سوق العمل.

في جميع الاحتمالات سيستعيد الاقتصاد الأمريكي نموه مرة أخرى وسيبدأ في خلق فرص عمل جديدة، ولكن التكلفة المرتفعة للتأمين الصحي وعدم استقرار الاقتصاد قد يسهم بشكل ملحوظ في أبطاء خلق هذه الفرص. قد يضطر الشباب الأمريكي، مثل الشباب المصري، للحد من توقعاتهم حول نوعية الوظيفة التي يتوقعون الحصول عليها في سوق العمل الحالية مع التطلع للترقي بمرور الوقت. ولحسن الحظ أنه مع تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في كلا المجتمعين، تتزايد إمكانية البحث عن عمل آخر أثناء العمل بوظيفة أخرى.

على الرغم من أن نائب الرئيس، بايدن، قد أجل زيارته المقررة مع الرئيس المصري حسني مبارك، يمكن للحكومتين الأمريكية والمصرية أن تبدأ في اتخاذ خطوات هامة لتحسين الوضع بالنسبة للشباب. كبداية، يمكن لكل حكومة إتباع سياسات تشجع أصحاب العمل لخلق وظائف جيدة والحفاظ عليها. في حالة مصر، يمكن أن يشتمل هذا على الحد من ارتفاع التكاليف الرسمية، بما فيها أعباء اللوائح والضرائب التي تجبر كل أصحاب العمل، عدا الكبار منهم، أن يتجهوا إلى الاقتصاد غير الرسمي. مثل هذه التكاليف تجبر أصحاب العمل على توظيف العمال بشكل غير رسمي كما إنها تحد من نمو الشركات الصغيرة التي تتعمد البقاء صغيرة لتجنب أن تصبح مرئية للبيروقراطيين. في حالة الولايات المتحدة، يتضمن هذا الحد من التكلفة على أصحاب العمل لكي يوفروا فرص عمل جيدة من خلال الحد من النمو في تكلفة الرعاية الصحية وتشجيع الاستثمارات في الصناعات الإنتاجية والحيوية مثل صناعات الطاقة الخضراء.

[1] أسعد، ر.، ك. بينزل، م. جاد الله. 2010 “التحولات في التوظيف والزواج بين الشباب في مصر”. مجلة الشرق الأوسط للتنمية 2 (1) (تصدر قريبا).