Commentary

للاستراتيجية الحوثية في اليمن وعود ومخاطر

A Southern Popular Resistance fighter fires a weapon mounted on a truck during clashes with Houthi fighters in Yemen's southern city of Aden May 3, 2015. Between 40-50 Arab special forces soldiers arrived in Aden on Sunday and deployed alongside local fighters against the Houthi militia, a spokesman for the Southern Popular Resistance said. REUTERS/Stringer      TPX IMAGES OF THE DAY      - GF10000082449

يتّبع المتمرّدون الشيعيّون الزيديّون اليمنيّون، المعروفون بالحوثيّين، استراتيجية معقّدة في حربهم التي باتت في عامها الخامس مع المملكة العربية السعودية وحلفائها. فمن جهة، تعاونَ الحوثيون أخيراً مع عملية السلام التي تجريها الأمم المتّحدة وسحبوا بعضاً من قوّاتهم من ميناء الحديدة المهمّ. ومن جهة أخرى، أطلقوا هذا الأسبوع طائرات مسلّحة بدون طيّار بعيدة المدى على أهداف نفطية سعودية في المنطقة الشرقية في تصعيد درامي لمعركتهم بغية نقل الحرب إلى داخل المملكة العربية السعودية وحلفائها.

وقد فاوضت الأمم المتحدة خطّة الانسحاب من الحديدة منذ ستة أشهر في السويد. ووافق الحوثيون على الخروج من هذا الميناء، وهو الأهمّ في شمالي البلاد، ومن ميناءين أصغرين من أجل الشروع في عمليات تبادل أسرى وغيرها من خطوات توطيد الثقة بغية التخفيف من حدّة الصراع. لكن على الأرض، رفض المتمرّدون الخروج حتّى نهاية الأسبوع الماضي. والآن تؤكّد الأمم المتّحدة أنّ الانسحاب تمّ على الرغم من أنّ الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية ما زالت تنتقد الانسحاب وتعتبره غير مكتمل. وقد استمرّ القتال في الحديدة على الرغم من انسحاب الحوثيين.

وينبغي على الأمم المتحدة أن تُنشئ هيئة مرافئ موثوقة في الحديدة لاستيراد الطعام والدواء الضروريَّين جدّاً اللذَين يحتاج إليهما اليمنيّون لإنهاء الكارثة الإنسانية المستشرية في البلاد. وبالتالي، يحتاج الوضع إلى المزيد من المراقبين. فأكثرية سكّان البلاد تعاني سوء التغذية، وهي عرضة للأمراض. ومن خلال الانسحاب من الميناء، وضع الحوثيون الكرة في ملعب الحكومة المؤيّدة للسعودية للقيام بالمزيد من الجهود لتخفيف حدّة التصعيد.

بيد أنّ الهجمات بالطائرات بدون طيّار على منشآت النفط السعودية كان هدفها بشكل واضح زيادة الضغط على الرياض. فقد تخطّى المدى الذي بلغته هذه الطائرات بشكل كبير الحالات المثبتةَ السابقة لعمليات إطلاق الصواريخ وهجمات الطائرات بدون طيار التي قام بها المتمرّدون. ولا شكّ في أنّ الإيرانيين وحزب الله قدّما المؤازرة الفنّية والتشغيلية، كما قالت الأمم المتحدة في السابق. وقال الحوثيون أيضاً إنهم حظَوا بمساندة محلّية من داعمين لهم في المنطقة الشرقية التي تضمّ عدداً كبير من السكّان الشيعة.

ويقول المتمرّدون إنّ لهم كامل الحقّ في استهداف منشآت سعودية نظراً إلى الحرب الجوّية السعودية على أهداف يمنية، وهي غالباً أهداف مدنية. وقد ادّعوا أنّهم أصابوا أهدافاً في أبوظبي قبلاً، بالتالي تزيد الطائرات بدون طيّار المستخدمة هذا الأسبوع من احتمال استهداف الإمارات من جديد.

ويجري النزاع في اليمن وشبه الجزيرة العربية على خلفية توترات متصاعدة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة من جهة وإيران من جهة أخرى. ويشكّل العملُ التخريبي الغامض الذي استهدف ناقلتَي نفط في ميناء الفجيرة الإماراتي يوم الأحد الماضي وإرسالُ الولايات المتحدة المبكر لحاملة الطائرات أبراهام لينكولن إلى المنطقة مظهرَين إضافيين لتوجّهٍ متزايد الخطورة نحو الصراع بدأه قرار الإدارة الأمريكية بخرق الاتفاق النووي الإيراني (خطّة العمل الشاملة المشتركة). ويعتقد معارفي في اليمن أنّه لم يكن للحوثيين أيّ دور في عملية التخريب التي أحدثت ضرراً كبيراً في ناقلتَي النفط السعوديتين.

ويحظى الحوثيون بدعم إيراني لكنّهم يتّخذون قراراتهم بنفسهم، فنفوذ طهران على الاستراتيجية الحوثية محدود للغاية. وقد تجاهل المتمرّدون النصيحة الإيرانية في السابق.

ويلقي السعوديون اللوم على إيران لكلّ مشاكلهم، بما في ذلك المأزق في اليمن. وقد دعت مقالة بارزة في صحيفة سعودية مؤخراً للقيام بضربات جوية أمريكية على أهداف في إيران لمعاقبة القيادة في طهران. وولي العهد السعودي هو المتشدّد الأكبر في هذا الموضوع. وهو متحرّق لتفادي تحمّل المسؤولية حيال القرارات الكارثية بالتدخّل في اليمن في العام 2015 وبقتل جمال خاشقجي في أكتوبر الماضي. ويحلم الأمير محمّد بن سلمان بأن يكون قائداً عسكرياً عظيماً، لكن لا ينبغي أخذ نصائحه حول مسائل الحرب والسلام على محمل الجدّ نظراً إلى سجلّ إنجازاته.

وقد يكون من الحكمة أن تفتح واشنطن حواراً مباشراً مع الحوثيين لتفهم سلوكهم بشكل أفضل. فالمتمرّدون مخرّبون خطرون في منطقة خطرة يتفاقم خطرها. وسيرسل الحوار معهم رسالة إلى الرياض أنّ الولايات المتحدة لن تنجرّ إلى حرب كارثية مع إيران لتخدم المصالح السعودية.