لا بد أن تحظى المحاولة الرابعة خلال عام واحد من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار دائم والمضي في عملية سياسية في اليمن بدعمٍ قوي من الرئيس باراك أوباما عندما يزور السعودية في وقت لاحق من هذا الشهر. لقد كانت هذه الحرب كارثة إنسانية وهدية لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وبالتالي، من مصلحتنا إنهاؤها.
وكانت المحاولة الأخيرة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار قد رُتّبت عن طريق المفاوضات المباشرة بين المملكة العربية السعودية والمتمردين الزيديين الشيعة (الحوثيين) خلال اجتمع عُقد في الرياض بدعمٍ من الأمم المتحدة. ومن المقرر أن تبدأ المفاوضات السياسية في 18 أبريل في الكويت. يهدد السعوديون، في حال فشلت الهدنة، أنّ تحالفهم سيشن هجوماً كبيراً لاستعادة صنعاء من الحوثيين.
ومن شأن معركة من أجل الاستيلاء على صنعاء أن تزيد الوضع السيئ أصلاً سوءاً. وقد قالت الأمم المتحدة إنّ 21 مليون يمني بحاجة إلى إغاثة فورية، من بينهم سبعة ملايين يعانون “انعدام الأمن الغذائي الشديد”. والوضع حاد بشكل خاص في تعز حيث يحاصر الحوثيون المدينة منذ شهور، وكذلك في صعدة (معقل الحوثيين في الشمال) التي تعرضت للقصف مراراً وتكراراً من قبل القوات الجوية الملكية السعودية.
إنّ المعركة من أجل الاستيلاء على العاصمة ستزيد من حدة المأساة. تُعد صنعاء أسرع عاصمة نمواً في العالم ويبلغ عدد سكانها مليوني نسمة. كما أنها أكثر المدن عرضة لأزمة مائية. ومن المتوقع أن تنفذ المياه الجوفية المتوفرة في المدينة بحلول العام 2017، وذلك قبل أن ترمي الحرب بثقلها على هذه البيئة الحضرية. وبالتالي، فإنّ المعركة على المدينة ستكون كارثة.
وكان تنظيم القاعدة في شبة الجزيرة العربية المستفيد الأكبر من الحرب، وهو يسيطر الآن على 600 كيلومتر من الساحل الجنوبي – من حدود عدن حتى المكلا، وهى خامس أكبر مدينة في اليمن وعاصمة محافظة حضرموت. عندما استولى أعضاء تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على مدينة المكلا في بداية الحرب، قاموا بنهب 100 مليون دولار من بنوكها. كما وأنهم يجنون الآن ما لا يقل عن 2 مليون دولار وربما 5 مليون دولار يوماً من تهريب النفط. أصبح التنظيم اليوم أقوى من أي وقت مضى.
لم يتدخّل التحالف السعودي لإيقاف تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية حتى الآونة الأخيرة. لقد شنت القوات الجوية الملكية السعودية مؤخراً بضع الهجمات ضدّ التنظيم إلا أنه حافظ على سيطرته المحكمة على معظم مناطق الجنوب. وقد واظب تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على تنفيذ هجمات على قوات التحالف في عدن.
إن أي تسوية سياسية دائمة ستتطلب مشاركة السلطة بين الحوثيين وحكومة هادي المدعومة من السعودية. كما أنها ستحتاج إلى توفير مكان للرئيس السابق علي عبد الله صالح وعائلته ومناصريه. لا غنى عن القيام بجهود كبيرة لإعادة الإعمار وحدهم السعوديون والإماراتيون يمكنهم تمويل هذه الجهود.
تقوم الولايات المتحدة منذ عدة شهور الآن بالضغط بهدوء على السعوديين لإنهاء الحرب، حتى في الوقت الذي تقدّم فيه واشنطن معلومات استخبارية ومساعدات لوجستية مهمة للتحالف. يحتاج أوباما إلى الضغط على الملك سلمان ونظرائه في مجلس التعاون الخليجي لوقف القتال للأبد خلال زيارته للرياض في وقت لاحق من هذا الشهر. يمكنه أن يطمئن السعوديين أن واشنطن تعارض أي دور إيراني في اليمن وأن يشير إلى أن الولايات المتحدة والسفن البحرية المحالفة لها قد أفشلت عدة محاولات إيرانية مؤخراً لتهريب السلاح إلى الحوثيين. لقد حوّلت هذه الحرب الاهتمام والمصادر من المعركة ضد داعش وسمحت بنمو تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية لفترة طويلة جداً.
Commentary
ماذا يعني وقف إطلاق النار في اليمن لدول الخليج والحملة ضد داعش وأمن الولايات المتحدة
April 12, 2016