Supporting students to and through college: What does the evidence say?

LIVE

Supporting students to and through college: What does the evidence say?

Commentary

عمليات عابرة للحدود لنقل المساعدات إلى سوريا: ضرورية إنما غير كافية

تتحول الظروف المعيشية لنحو 6.5 مليون نازح داخل سوريا من خطيرة إلى أخطر يوماً بعد يوم. مع تفاقم الصراع بين النظام والمتمردين بفعل ارتفاع وتيرة القتال داخل المعارضة، لا يجد المدنيون خياراً سوى الفرار ضماناً لسلامتهم، غالباً ما تكون أكثر من مرة، لا سيما وأن الجماعات المسلحة تصارع من أجل السيطرة على المدن والطرق الرئيسة في مختلف أنحاء البلاد. يلجأ البعض إلى الدول المجاورة طمعاً في الأمن النسبي التي تنعم بها كتركيا أو الأردن، إلا أن السوريين باتوا يجدون صعوبةً أكبر حتى في الوصول إلى الحدود – علماً ان القلة القليلة منهم يتمكنون من عبورها. لا يبدو النزوح ضمن البلاد استراتيجية مناسبة يمكن للمدنين داخل سوريا اعتمادها للبقاء على قيد الحياة. وبينما يبدو توسيع المساعدة العابرة للحدود أمراً ضرورياً، لا يمكن لهذه المساعدة حماية النازحين من العنف والتعذيب والاغتصاب الذي يلقونه داخل سوريا يومياً.

خلال رحلةٍ قمنا بها مؤخراً إلى المحافظات الحدودية جنوب شرق تركيا، علمنا أن نحو مائة ألف نازح داخلي قد نزلوا على مقربةٍ من الحدود، في الجانب السوري. وتوزع معظم النازحين الداخليين على ما يقارب 25 مخيم مؤقت – كمخيم قح، وباب السلامة، وباب الهوى، وأطمة، على سبيل المثال – تمت إقامتها على الأراضي الواقعة تحت سيطرة المتمردين في شمال غرب سوريا. ورغم أن كان غرض هذه المخيمات توفر مأوى مؤقت للأسر والمدنيين الفارين من النزاع، إلا إنها أصبحت تركيبات شبه دائمة على طول الحدود التركية السورية. وفقاً لمسؤولين في الحكومة التركية، يفضل معظم هؤلاء النازحين البقاء داخل سوريا ليتمكنوا من الوصول إلى عائلاتهم ومنازلهم بسهولة. إلا أنّ المقابلات التي أجريناها خلال زيارتنا، كشفت أن عدداً كبيراً منهم مُنِع من دخول تركيا بسبب افتقارهم إلى الوثائق أو لعدم وجود مكان لهم في المخيمات التي تديرها السلطات التركية. بالتالي، انتهى بهم الأمر عالقين على الجانب السوري من الحدود.

وبينما لم نتمكن من زيارة النازحين داخل سوريا، أكد نشطاء المنظمات غير الحكومية أنهم يعيشون في مخيمات نزوح ضمن ظروف معيشية يُرثى لها. وذكروا أنه مع افتقار النازحين الداخليين إلى شبكات مياه، كهرباء أو صرف صحي عاملة، فإن ظروفهم الصحية والغذائية سيئة للغاية. علاوةً على ذلك، نظراً لطبيعة العمليات العابرة للحدود شبه السرية، كان من الصعب جداً تحديد المسؤول عن مخيمات مماثلة وإلى أي مدى تُلبى احتياجات النازحين.

ثمّة تحدّ أكبر يتمثّل في تدهور الأوضاع الأمنية على طول الحدود. طمأننا مسؤولون أتراك أنّ هذه المخيمات هي في مأمن من النظام. وعلى حد قولهم، ما إن تقترب هليكوبتر أو أي طائرة سورية من الحدود، تستعد مقاتلات تركية للرد واتخاذ الإجراءات، من خلال فرض “منطقة آمنة” على طول المنطقة الحدودية.

لا يمكن القول أن القلق عينه المتمثل في حفظ أمن المواطنين في المناطق الحدودية ينتاب المعارضة السورية المتشتتة. في الأشهر الأخيرة، تم الإبلاغ عن اندلاع اشتباكات مستمرة من أجل السيطرة على الأرض والمعابر الحدودية الاستراتيجية بين الجماعات الإسلامية المتطرفة، مثل الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) المرتبطة بالقاعدة، وجبهة النصرة، وألوية الجيش السوري الحر، وقوات الميليشيا الكردية. في الواقع، يؤثر هذا القتال تأثيراً مباشراً على المدنيين. يتحدث نشطاء المنظمات غير الحكومية في هاتاي، على سبيل المثال، عن انفجارات تهز مخيمات النازحين الداخليين باستمرار وعن قنابل تقع في شكلٍ مباشر فوقها.

منذ الثالث من يناير، شهدت الأحوال تدهوراً سريعاً وذلك بسبب التناحر بين جماعة داعش، والجبهة الإسلامية، وجبهة الثوار السوريين، وجيش المجاهدين الذي تشكل حديثاً. وقد سقط حتى الآن نحو 700 إصابة في أسوأ اقتتال بين المتمردين منذ بداية النزاع. تندلع هذه الاشتباكات على مشارف المعابر الحدودية الرئيسية مع تركيا – في أعزاز، والتل الأبيض، وجرابلس. وورد أنّ جماعة داعش نفذت تفجيراً كبيراً بواسطة سيارة مفخخة في باب السلامة في 12 يناير، في حين أن مستشفى الهلال الأحمر القطري تعرّض مؤخراً لهجوم من قبل المجموعة عينها في التلّ الأبيض. يساهم الاقتتال بين الجماعات المسلحة وانتشارها في تجزئة الأراضي، الأمر الذي يسبب النزوح داخل سوريا ويطيل من مدته. رغم انسحاب جماعة داعش من البلديات وجبهات القتال الاستراتيجية، لا تزال المجموعة عازمة على استعادة السيطرة على المدن الحدودية الاستراتيجية، وتتعهد بسحق كل الجماعات المعارضة باستخدام مختلف الوسائل المتاحة، بما في ذلك السيارات المفخخة والعمليات الانتحارية.

رغم أن الأمم المتحدة وغيرها من الوكالات التي تتخذ من دمشق مقراً لها تقدم المساعدة لبعض النازحين الذين يعيشون في المناطق الواقعة تحت سيطرة المتمردين من خلال برامج عابرة للحدود، إلا أنّ هذه المساعدات بالكاد تكفي الجموع. لا شكّ أن العمليات العابرة للحدود ضرورية ولا بدّ من توسيعها ولكن هذه العمليات تلقى بعض العراقيل كشكلها شبه السري، وفي بعض الحالات، اختلاط الأمور على المنظمات التي تؤمن المساعدات عند تسليم مواد الإغاثة. أصبحت العمليات العابرة للحدود لنقل المساعدات أكثر خطورة نتيجة لارتفاع وتيرة الاشتباكات بين المتمردين وقد وردت تقارير تفيد أن تركيا أغلقت عدداً من المعابر الحدودية الأمر الذي يعقد العمليات العابرة للحدود أكثر فأكثر.

ولكن، حتى وإن توسّعت العمليات العابرة للحدود عشرة أضعاف، فإنها تبقى عاجزة عن حماية مخيمات النازحين الداخليين وكذلك عن توفير حلّ دائم لها. تبذل الوكالات الإنسانية الدولية والإقليمية والمجموعات المحلية قصارى جهدها لتأمين الطعام والدواء والمأوى للمحتاجين، إلا أن ذلك لا يكفي لتأمين سلامتهم وأمنهم. رغم أن حالة النازحين السوريين عبر المنطقة تبدو سيئة جداً، إلا أن أمل المدنيين السوريين الوحيد للحصول على الأمن يبقى في الفرار من البلاد. فهم ببساطة لن ينعموا بالأمن داخل الأراضي السورية إلا بعد أن ترفع الحرب أوزارها عن البلاد أو أن تتغير ردة فعل المجتمع الدولي إزاء حماية المدنيين، والأمل في حدوث ذلك في القريب العاجل يبدو ضئيلاً، ضئيلاً جداً.