Supporting students to and through college: What does the evidence say?

LIVE

Supporting students to and through college: What does the evidence say?

Commentary

الانتخابات النيابية اللبنانية مفيدة للبلاد على الرغم من مساوئها

A Muslim Sheikh casts his ballot at a polling station during municipal elections in Houla village, southern Lebanon, May 22, 2016. REUTERS/Aziz Taher - S1BETFNDFFAA

مع غرق معظم منطقة الشرق الأوسط في صراعات عنيفة أو في أنظمة حكم غير ديمقراطية، يُجري بلد عربي واحد انتخابات حقيقية هذا الأسبوع، ألا وهو لبنان.

وفي ما خلا وقوع حادث خطير غير متوقّع في اللحظة الأخيرة، مثل نشوب حرب، وهو أمر ممكن دائماً في هذه المنطقة، من المفترض أن تجري الانتخابات يوم الأحد 6 مايو.

وفي حال جرى التصويت، فلهذا الأمر منفعة كبيرة، أوّلها وأهمّها أنّ لبنان سيحظى بمجلس نيابي أكثر شرعية. إذ كان من المفترض أن تجري الانتخابات في العام 2013 لكنّها تأجّلت عدّة مرّات.

علاوة على ذلك، على الأرجح أن يؤدّي عددٌ من الإصلاحات المهمّة التي شرّعها قانون انتخابي أقرّ السنة الماضية إلى جعل العملية الانتخابية أكثر حيوية. فأولاً، سيجري التصويت في يوم واحد، عوضاً عن مدّ الانتخابات لعدّة أيام وستُستخدم بطاقة انتخاب بيومترية، ممّا يقلّل من احتمالات الغشّ في الانتخابات.

ثانياً، استغنى لبنان عن نظام ورقة التصويت التي يجلبها الناخب. نعم، كما قرأتم! فحتّى الآن، كان الناخبون اللبنانيون بالإجمال يجلبون ورقة التصويت معهم إلى مراكز التصويت. وغالباً ما يكون المنظّمون السياسيون أو كبار العائلة قد أعطوهم هذه الورقة، مما يعني باختصار أنهم كانوا يخضعون لضغط للتصويت لمصلحة هذا أو ذاك. أما اليوم، فأوراق التصويت مطبوعة مسبقاً، ممّا يعطي الناخب حرّية اختيار حقيقية خلف الستار.

ثالثاً، مع السماح أخيراً للبنانيين المقيمين في الخارج بالتصويت غيابياً من الخارج تنتهي مسألة شائكة عالقة منذ زمن. فقد خشي بعض اللبنانيين أنّ الملايين من اللبنانيين في الخارج الذين ليسوا بحاجة إلى مواجهة صعوبات الحياة اليومية في البلاد قد يُحدثون تغييراً كبيراً في نتائج الانتخابات عبر التصويت للأحزاب التقليدية. لكن آخرون كثر شعروا بأنّه من حقّ هؤلاء التصويت حتّى لو كانوا مقيمين بشكل نهائي خارج البلاد. في النهاية، لم يتسجّل سوى 80 ألف لبناني تقريباً للتصويت في الخارج. بالتالي، سيكون تأثيرهم طفيفاً بين ملايين الناخبين المحلّيين، ممّا يفسح في المجال أمام البلاد للانتقال إلى مواضيع أخرى.

رابعاً، اعتمدت البلاد نظام تصويت جديداً هجيناً يجمع بين شكلٍ من التمثيل النسبي بحسب الأقضية يختار فيه الناخبون لائحة من المرشّحين من جهة ونظام تصويت تفضيلي يختار فيه الناخبون خيارهم من اللائحة من جهة أخرى. بالتالي، من المفترض أن يحظى الناخبون بخيار أوضح بين سياسات لوائح المرشّحين والمرشّحين الفرديين أنفسهم ضمن تلك اللوائح.

هذا هو الخبر الجيّد. فهذه الإصلاحات مجتمعةً ستعني على الأرجح فساداً أقلّ وتعبيراً حقيقياً أكثر لتفضيلات الناخبين للوائح المرشّحين التي تمثّل في الكثير من الحالات أجندة إصلاحية وللتفضيلات تجاه المرشحّين الفرديين ضمن هذه اللوائح على حدّ سواء.

وبالفعل يبدو أنّ لبنان مفعمٌ بجوّ انتخابي جديد. ففي الانتخابات البلدية في العام 2016 التي أجريت في أكثر من ألف مدينة وبلدة، نَفَرَ قرابة ثلث الناخبين من الأحزاب السياسية الكبرى. وبيّن استبيان أجري لصالح المعهد الديمقراطي الوطني أنّ 47 في المئة من اللبنانيين يقولون إنّهم لن يصّوتوا لأيّ من الأحزاب السياسية المعروفة. لكن في المقابل، يشعر الكثيرون بأنّ الحملة الانتخابية التي يجريها مرشّحو المجتمع المدني غير ملفتة. مع ذلك، من المستحيل توقّع النتائج مسبقاً.

لكنّ الأمور لا تخلو من الأخبار السيّئة. فالنظام الانتخابي اللبناني يبقى في جوهره توافقياً، يتمّ فيه توزيع 128 مقعداً في البرلمان تبعاً لمعادلة تمّ التفاوض عليها في العام 1989 تعطي المسيحيين عدداً ثابتاً من المقاعد (64 مقعداً) والمسلمين العددَ الثابت ذاته، وتنقسم هذه المقاعد بدورها تبعاً لتوزيع طائفي (34 مقعداً للموارنة و27 للسنة و27 للشيعة و14 للمسيحيين الأرثوذكس، وينقسم الباقي على الأقلّيات المسيحية والمسلمة الأخرى). فتصوّروا لو كان علينا أن نخبر الناخبين الأمريكيين أنّ في الكونغرس المؤلّف من 435 عضواً أنّ القوانين تنصّ على أن يكون 109 من الأعضاء إنجيليين و91 كاثوليك و9 يهوداً و4 مسلمين وهكذا دواليك. من الصعب القبول بذلك، أليس كذلك؟ ولزيادة الطين بلّة، لا يتوافق توزيع المقاعد مع التوزيع الديني الحالي في لبنان. فالمسيحيون بالإجمال يحظون بنصف المقاعد لكن قد لا يمثّلون سوى 37 في المئة من الناخبين، فيما يحظى المسلمون الذين يمثلّون 73 في المئة من الناخبين بالنصف الآخر من المقاعد. ويولّد هذا الاختلال لدى المجموعات التي تحظى بتمثيل أقل شعورا بأنّ النظام يخذلهم، مما يفاقم التوتّرات الاجتماعية.

علاوة على ذلك، من المتوقّع أن يترشّح أصحاب النفوذ السياسي والعائلات والأحزاب ذاتهم الذين طغَوا على السياسة اللبنانية لعقود وأن يفوزوا، لأنّهم هم بأنفسهم قسّموا الدوائر الانتخابية وعدّلوا القوانين بطريقة معقّدة جداً لصالحهم. لكنّ قانون الانتخاب الجديد قد يتيح فوز مرشّحين جدد أيضاً. لذا لننتظر ونرَ إن كان في وسع المرشّحين والأحزاب الجدد من خارج شبكات المحسوبية التقليدية الفوز بمقاعد في البرلمان. وسيكون ذلك مؤشراً إلى أنّ البرلمان الجديد يستطيع أن يعالج المسائل التي تشغل بال الناخبين، على غرار الفساد المستشري وأزمة النفايات غير المجمّعة والتيار الكهربائي المتقطّع، على سبيل المثال لا الحصر.

في نهاية المطاف، قد يكون النظام الانتخابي الحالي، مع مساوئه، مناسباً للبلاد. فهو يضمن للأقلّيات الدينية أنّها ستحظى بسلطة برلمانية، مخفّفاً بذلك إلى حدّ ما المخاوف المتجذّرة التي تؤجّج الصراع العنيف أحياناً. وبالفعل، لقد ساعدت هذه المعادلة على الحفاظ على تماسك لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية في العام 1990. ومقارنة بعالم عربي مفعم بالحروب أو الانتخابات الوهمية أو الأنظمة غير الديمقراطية، بإمكان الأوضاع أن تكون أسوأ بكثير.

في خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة في العام 2009، عندما تمّ فرز الأصوات وتشكيل التحالفات، اصطف 71 مقعداً من أصل 128 في تحالف مؤيّد للغرب، ودخل 57 مقعداً في تحالف يدعمه حزب الله. وضمّ ذلك 19 نائباً من المستقلّين الذين في نهاية المطاف انضموا إلى أحد التحالفَين لكي لا يهمّشوا.

هذه المرّة، بعد يوم الانتخابات، يجب أن يحصل لبنان على برلمان شرعي جديد بعد طول انتظار. ومع أننا نعرف مسألة التوازن الطائفي بشكل مسبق وأنه يمكن توقّع الكثير من النتائج، قد يتيح النظام الانتخابي الجديد المجال لبعض المفاجآت القليلة السارّة التي قد تطلق بعض الإصلاحات الإيجابية في السنوات القادمة. فابقوا معنا. على الأقلّ يمكننا أن نكون متأمّلين، للبنان والعالم.