في خلال العقدين الأخيرين، شهد معظم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا احتجاجات واضطرابات عمّالية ومطالب بالتنمية المحلّية وحركات داعية إلى الاستقلالية أو حتّى الانفصال. وفيما عبّرت هذه الأحداث عن وجود مجموعة كبيرة من المشاكل، يفيد التمعّن في طبيعتها على تسليط الضوء على بعض المواضيع المتكرّرة في مواقع محدّدة في أنحاء المنطقة وخاصة في المناطق الغنية بالموارد الطبيعية. فقد اشتكى السكان في إقليم كردستان العراق والبصرة وبرقة في ليبيا وخوزستان في إيران وقفصة في تونس والمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية والحسكة ودير الزور في سوريا وحضرموت وسبأ في اليمن، من التخلّف التنموي علماً أنّ عائدات الموارد الطبيعية تُجنى من مناطقهم.
أقاليمية الموارد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: أراضٍ غنية ومجتمعات مهمّشة
في هذه الورقة، يسلّط روبن ميلز وفاطمة الهاشمي الضوء على أقاليمية الموارد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي تشير إلى تزايد الرغبة في المناطق الغنية بالموارد في الإبقاء على كم أكبر من العائدات التي تحققها هذه المناطق والاستفادة منها. ويُرجّع المؤلّفان صعود هذه النزعة إلى تفاقم التفاوت المناطقي والتفكك الاجتماعي في المنطقة في ظل مخلّفات الاستعمار والمركزية الإدارية المفرطة والاعتماد الكبير على الموارد والافتقار إلى الحقوق السياسية. وينظر المؤلفان إلى دور التوزيع الجغرافي المتفاوت للموارد في الصراعات، محذرَين من أنّ أقاليمية الموارد يمكن أن تزيد من فترة الصراع في حال حدوث صدامات سياسية كاندلاع حرب أهلية أو تغيير النظام أو قيام ثورات شعبية أو حدوث انقسامات أو غزوات خارجية. ويجد المؤلفان أنّ الشكاوى المتعلقة بالتفاوت المناطقي تتكرر في هذه الأقاليم، فينظران إلى بعض الوسائل لتحسين توزيع عائدات الموارد بين الأقاليم. ويقيّمان بعض الآليّات، بما فيها أدوات تقاسم عائدات الموارد وصناديق التنمية الأقاليمية والشركات الحكومية الأقاليمية وتوزيع أرباح الموارد، مسلّطين الضوء بإيجاز على حسنات كلّ منها وسلبياتها. ويختم ميلز والهاشمي الورقة التحليلية هذه بدراسة حالة حول العراق لتوضيح الآثار المُحتملة لأقاليمية الموارد.