Commentary

Op-ed

انتقاد روسيا لتسليحها الأسد لن يجدي في إنهاء الحرب الأهلية في سوريا

كشفت وزيرة الخارجية كلينتون يوم الثلاثاء عن أن روسيا ترسل طائرات هليكوبتر إلى سوريا ووصفت ادعاءات موسكو بأن أسلحتها لا تستخدم ضد المدنيين السوريين بأنها ادعاءات “غير صحيحة على الإطلاق”. وإن دعم روسيا للنظام السوري ليس بالأمر الجديد. ولكن مع زيادة إدارة أوباما لضغوطها على فلاديمير بوتين للتخلي عن بشار الأسد، فإنها لا تزال تسعى لإيجاد سبيل يمكن من خلاله إنهاء العنف في سوريا والبدء في تحول سياسي بدون الحاجة إلى تدخل أمريكي أكبر من ذلك. ولكن كما توحي كلمة هليكوبتر، يحكم العنف قبضته على الأزمة السورية. وقد يحين الوقت الذي تتطلب فيه المصلحة الأمريكية في الاستقرار الإقليمي ما هو أكثر من الدبلوماسية. 

يمثل الموقف الحالي مأزقا دبلوماسيا وعسكريا على الرغم من أنه دموي. ولم يحقق مبعوث الأمم المتحدة كوفي عنان أي نجاح يذكر في التوصل إلى وقف حقيقي لإطلاق النار أو دفع الأسد إلى الدخول في مفاوضات مع المعارضة. ولم يتمكن مراقبو الأمم المتحدة الذين تم إرسالهم إلى سوريا من زيارة المواقع التي يشتبه في أنها شهدت مجازر مؤخرا بل هم أنفسهم الآن أهداف للهجوم. ولم تتمكن المعارضة المسلحة حتى الآن من الإطاحة بالنظام كما أن العنف الذي يمارسه النظام لم يتمكن أيضا من سحق المعارضة. ولا تزال روسيا تعرقل اتخاذ إجراء أكثر قوة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ولكن اتخاذ إجراء مباشر مثل العمل مع من يسلحون المعارضة السورية أو إقامة مناطق آمنة على حدود سوريا أو التهديد بتدخل عسكري من قبل تحالف تقوده الولايات المتحدة يعتبر من قبيل المساعي الخطيرة التي لا يستسيغها شعب أمريكي أضجرته الحرب ولا رئيس أمريكي أضجرته الحرب.

وفي غياب خيارات جيدة، تنتقد الإدارة الدعم الروسي للأسد على اعتبار أن وقف الدعم الروسي قد يجعل نظام الأسد يوقف أعمال القتال ويقبل بتحول سياسي يتم التفاوض عليه. ونظرا للعزيمة التي أبداها كل من بوتين والأسد حتى الآن، فإن ذلك بعيد المنال على أفضل التقديرات. ومع ذلك، لا يتمثل الخطر الحقيقي في أن الدبلوماسية سوف تفشل. وإنما الخطر الحقيقي يتمثل في أنه أثناء الوقت المنقضي في تملق المسؤولين الروس في موسكو ولوس كابوس ونيويورك، ستدفع الأحداث الجارية في حمص ودرعا ودمشق الأزمة إلى الهاوية في إطار صراع طائفي شديد له تداعياته الإقليمية المتصاعدة.

وأخيرا أقر أحد مسؤولي  الأمم المتحدة أخيرا يوم الثلاثاء بأن سوريا قد دخلت حربا أهلية واسعة النطاق. فمع تصعيد الحكومة لأعمال العنف وعدم تمخض الدبلوماسية عن أية مكاسب، يحشد المتمردون المسلحون دعما متزايدا ويزيدون من فعاليتهم. ففي الأسبوع الماضي، قاتلوا الجيش السوري على مشارف دمشق واستولوا على إحدى قواعد الدفاع الجوي ورحبوا بزيادة أعداد المنشقين من الجيش. فبالمعدات والتدريب والتكتيك، يمكن للمتمردين إجبار الجيش السوري على الانشقاق والتخلي عن الأسد. وبهذه الطريقة، يمكنهم إنهاء الأزمة ووضع سوريا على مسار جديد – مسار أكثر ديمقراطية كما نأمل. ومع ذلك، فإن انتصارهم بهذه الطريقة سيتحقق  بالرغم من التصميم الأمريكي على إهمالهم.

ومع ذلك، إذا تمسك الجيش السوري بنظام الأسد، فسوف تستعر الحرب وسيكون الاستقرار الإقليمي هو الخاسر في هذه الحرب إلى جانب المدنيين السوريين. وفي هذه الحالة، يمكن تحدي المصالح الأمريكية بشكل مباشر أكثر مما كانت عليه حتى الآن. فقد يزعزع المقاتلون والمهربون واللاجئون العابرون للحدود الأمن في تركيا وهي أحد حلفاء الناتو ويهدد التوازن الهش الذي تحقق بصعوبة في العراق. وتتردد أصداء الحرب الطائفية المريرة في سوريا بالفعل داخل لبنان أيضا حيث اشتعل القتال في شوارع طرابلس مما يهدد السلام الهش أصلا في لبنان. ويتم سحب الجهاديين من أفغانستان والعراق بالفعل لهذا الصراع الجديد بين السنة في المقام الأول والنظام العلوي الذي يرى الكثير أنه نظام بدعي. وإن فقدت الحكومة السورية السيطرة على المزيد من أراضيها، فيمكن أن تسقط أسلحتها الكيماوية والبيولوجية في أيدي غير أمينة.

كل هذه التوجهات المخيفة ظهرت بالفعل وستتسارع كل يوم مع استمرار السجال الدبلوماسي. وفي الوقت الذي يقنع فيه المجتمع الدولي نفسه بأنه قد استنفد كافة الخيارات السلمية لإيقاف القتل، فسوف يؤدي تدهور الأوضاع على الأرض إلى تعقيد مجموعة الخيارات الحتمية التالية تعقيدا كبيرا: وتتمثل هذه الخيارات في أشكال التدخل المباشر بما في ذلك التهديد باستخدام القوة بل واستخدامها بالفعل.

وباختصار، تحجم الأزمة السورية والجهود الأمريكية لحلها وتقيد بالعنف على الأرض أكثر منها بالدبلوماسية في الأمم المتحدة. وكلما أمكن تسوية هذه الأزمة تسوية حاسمة بشكل سريع، كان ذلك أفضل للأمن الإقليمي والمصالح الأمريكية. ولذلك لم يحدث بعد التدخل الأمريكي الأكثر فعالية الآن والموجه ليس فقط نحو الروس ولكن أيضا نحو الحكومة السورية وخصومها لمحاولة تحجيم واحتواء المعركة.