Commentary

Op-ed

الحلول لمشكلة الطاقة في باكستان ليست كلها مواتية لدول مجلس التعاون الخليجي

“سيتم حل أزمة الطاقة قبل نهاية ولاية الحكومة في 2018″، هكذا قال وزير النفط الباكستاني شهيد عباسي. بعد معاناة إسلام أباد المطولة مع نقص الطاقة، زرعت التطورات الأخيرة بصيص أمل في نهاية النفق المظلم. إلا أنّ بعض الحلول تعيد توجيه سياسات باكستان الخارجية على حساب دول مجلس التعاون الخليجي التي تجمعها بها شراكات قديمة.

يحتجّ المتظاهرون في كراتشي على انقطاع التيار الكهربائي لمدة 18 ساعة، في حين توقف العمل كلياً في مصانع الصلب والنسيج التي تدر نصف إجمالي صادرات البلاد. كما وأنّ محطات التزويد بالغاز الطبيعي المضغوط للمركبات قد توقفت عن العمل. وفي العام 2013، غرقت كل بيشاور في ظلامٍ دامس بعد أن هاجم مسلحون خطوط الكهرباء ومحطات توليد الكهرباء.

انخفض إنتاج الغاز بعض الشيء منذ العام 2010، في حين أنّ الطلب كان ليرتفع بشكل حاد لو كان الوقود متوفراً. في الوقت نفسه، إنّ توليد الكهرباء ما زال على مستوى العام 2004 إذ إنّ نصف محطات الكهرباء معطلة. تشير التقديرات إلى أن هذه الأزمة ستؤدي إلى انخفاض النمو الاقتصادي بثلاث نقاط مئوية.

صحيحٌ أنّ الوضع الأمني قد تحسّن كثيراً في باكستان منذ العام 2014 وأنّ الاقتصاد يبلي بلاءً حسناً نسبياً، إلا أنّ استدامة النجاح في التصدي للإرهاب تعتمد على توفير فرص عمل وتحسين مستويات المعيشة.  

برغم الروابط الأمنية والسياسية القديمة التي تجمع باكستان بدول مجلس التعاون الخليجي، إلا أنّ هذه الأخيرة قد تكون قلقة بشأن كون باكستان أقل دعماً لمواقفها الدبلوماسية في الآونة الأخيرة. وفي الوقت نفسه، أصبحت العلاقات على مستوى الطاقة والاقتصاد بين إسلام أباد وإيران وحليفتها القديمة الصين أقوى.

تستفيد باكستان من أسعار النفط المنخفضة، علماً أنها منتجٌ صغير. فالأسعار المنخفضة تعني فواتير أقل بالنسبة لسائقي السيارات والشاحنات والمعامل التي تعمل على النفط، ولا يزال ذلك يعني أكثر من ثلث الكهرباء في البلاد. تقلل أسعار النفط المنخفضة من المخاوف بشأن الاعتماد على البلدان الخليجية المصدرة ومساعداتها المالية.

بدأت باكستان، بعد سنوات من التردد، باستيراد الغاز الطبيعي المسال من قطر في مارس من العام الماضي، كما وأنها تخطط لإنشاء محطتين أخريين. وبعد أن وصلت أسعار الغاز الطبيعي المسال إلى ربع ما كانت عليه في ذروتها في العام 2014 ومع إمدادات جديدة في طريقها إلى باكستان من أستراليا والولايات المتحدة، تدرك إسلام أباد أنها غير مضطرة إلى الاعتماد على سخاء الدوحة.

في غضون ذلك، ظهرت علامات الانتعاش مؤخراً على خط أنابيب تركمانستان-أفغانستان-باكستان الذي لطالما حظي بدعم أمريكي للتصدي لشراء الغاز من إيران. يمكن أن تتعاون دراغون أويل في دبي، وهي شاركة تابعة لـ”إينوك”، مع مؤسسات الدولة في أربع دول شريكة. كان الهدف من زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي إلى تركمانستان في يوليو تعزيز خط الأنابيب ورفع العلم الهندي حيث كانت الحديقة الخلفية للصين مؤخراً.

إلا أن التاريخ الحديث لخطوط أنابيب الغاز التي تمرّ عبر مناطق تعاني اضطرابات كاليمن وسيناء لا يبدو مشجعاً. فالمشاكل الأمنية والسياسية تعني أن خط أنابيب تركمانستان-أفغانستان-باكستان سيبقى غير مضمون. يبدو خط أنابيب إيران–باكستان أكثر واقعية، لا سيما وأن الجانب الإيراني من الخط قد اكتمل والعقوبات المفروضة على إيران قد رفعت، ما يعني أن التمويل سيكون أسهل.

من المقرر أن يخصص الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني 45 مليار دولار لمشاريع البنية التحتية في باكستان. حتى الآن، من المقرر أن تُخصص الحصة الأكبر من هذا المبلغ والبالغة 35 مليار دولار للطاقة، بما في ذلك 500 مليون لمشاريع الطاقة المتجددة لهذا العام، وأموال لمحطات الطاقة التي تعتمد على الفحم ونحو 2,5 مليار دولار للقسم الباكستاني من خط أنابيب إيران– باكستان. قد تفتقر المشاريع كجعل المرفأ الحدودي في غوادار مركزاً للطاقة إلى الواقعية التجارية والجغرافية، إلا أنّ باكستان وإيران تُعتبران روابط أساسية لخط الأنابيب الجديد الممتد بين بكين والمحيط الهندي. 

قد لا يكون دول مجلس التعاون الخليجي قادرة على التنافس مع الصين مالياً، إلا أنها يمكن أن تعمل، إلى جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مع السخاء الصيني. وقد يكون ذلك الطريقة الأذكى للخروج من مشكلة الطاقة في باكستان.