Commentary

هل يمكن للعراق وضع حد لمكاسب داعش من النفط؟

تحدّث لؤي الخطيب للـ سي إن إن سابقاً عن تأثير تقدم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في مال العراق، وسيطرة هذه المجموعة لمسلحة على بعض حقول النفط. إلا أنّ حدة الأزمة قد تصاعدت، ما دفع الـ سي إن إن إلى العودة إلى الحوار لمعرفة كيف يمكن للعراق اتخاذ اجراءات صارمة ضد ثروات داعش النفطية وفق عليمات وزير النفط العراقي الجديد، عادل عبد المهدي. وما يلي هو التحليل الذي قدمه الخطيب للوضع.


ما هي كمية النفط التي تسيطر عليها داعش؟

تسيطر داعش على أجزاء كبيرة من شرق سوريا، وهي الآن تدير 60 بالمئة من أصول البلاد النفطية وتنتج 50 ألف برميل يومياً. إلا أنً ذلك ليس قدرة لإنتاج القصوى؛ إذ قبل الصراع، كانت هذه الأصول تنتج حوالي 220 ألف برميل يومياً من الإنتاج الكلي للبلاد والذي يبلغ 385 ألف برميل في اليوم الواحد، بحسب تقارير معهد الطاقة العراقي. هذا بالإضافة إلى أنّ داعش تسيطر على حقول نفط رئيسية، بما في ذلك حقول العمر، والتنك، والشدادي. كذلك، تسيطر داعش على ما لا يقل عن 25 ألف برميل من النفط يومياً في شمال العراق ووسطه وغربه، بيد أنّ ذلك لا يشكّل سوى شريحة صغيرة من إنتاج البلاد الكلي.

لقد وجد هذا النفط طريقه إلى الاقتصاد العالمي من خلال ممر تركيا الجنوبي. ويُعرف مجال الاقتصاد الأسود هذا بالصفقات النفطية، وتهريب الآثار من المواقع القديمة في العراق وسوريا، وتصدير آلاف الجهاديين إلى كلا البلدين.

يرى العديد من المراقبين أنّ تركيا تغض طرفها على منطقةٍ تساهم بشكل كبير في زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. لقد أصبح جنوب تركيا ملاذاً آمناً لداعش لمعالجة المقاتلين الجرحى، وبوابة للجهاديين الأجانب، ومركزاً مالياً يدرّ على داعش أكثر من 3 ملايين دولاراً يومياً من أموال النفط.

ما هي الخطوات التي يجب اتباعها لمعالجة مشكلة سوق النفط السوداء؟

الآن وقد انخرطت داعش في شحن النفط خارج العراق، يجب أن يلتزم كردستان العراق بالأنظمة الاتحادية بشكل أفضل وأن يوقف أي عملية تصدير للنفط خارج اختصاص السلطة الاتحادية. ثمّة خطر أن يتم دمج النفط مع كميات أخرى قامت داعش بتهريبها إلى الأسواق السوداء التركية.

علاوةً على ذلك، يتعين على الولايات المتحدة والأمم المتحدة أن تضع موضع التنفيذ تدابير صارمة على الدول التي لا تتخذ الإجراءات الكافية لإغلاق الأسواق السوداء المساهمة في الإرهاب العابر للحدود.

أصبح للعراق وزير نفط جديد، ما هو دوره؟

تمّ تعيين عادل عبد المهدي وزيراً للنفط هذا الشهر. في يوم عمله الأول، زار مصفاة بيجي المحاصرة، الأمر الذي سيساعده على كسب الاحترام في هذا الوسط. من الجدير بالذكر أنّ المصفاة تحت الحصار منذ أن احتلت داعش مدينة تكريت منذ شهرين.

عبد المهدي هو سياسي كبير ملمّ في مجال الاقتصاد، وشكّل تعيينه وزيراً للنفط خبراً ساراً بالنسبة للشركات الدولية. ولكن لا بدّ من اختبار مهاراته القيادية نظراً لكونه غير مخضرم في مجال النفط.

تحدياتٌ كثيرة تنتظره، بما في ذلك حلّ المسائل العالقة مع حكومة كردستان الإقليمية، وإحياء الصناعة النفطية المتضررة، وتكثيف الإنتاج لتحقيق الهدف الذي يرمي إليه العراق ألا وهو إنتاج تسعة ملايين برميل يومياً في العام 2020. وما هذه إلا الأهداف الأساسية التي تأمل الحكومة تحقيقها خلال السنوات الأربعة المقبلة.

إذا نجح عبد المهدي، فسيخلّد التاريخ اسمه باعتباره منقذ العراق المتّحد.

هل سيتمكن من التأثير على الحرب ضدّ داعش؟

رغم أن وزارة النفط لديها بضعة آلاف من عناصر قوات الأمن، إلا أنّ هؤلاء العناصر ليس لهم علاقة بمكافحة الإرهاب – فهم غير مدربين للاضطلاع بمهام مماثلة. تنحصر هذه المهمة بالقوات الخاصة العراقية، والاستخبارات، والجيش.

إلا أنه بإمكانه أن يساعد. ينشغل سكان المحافظات ذات الأغلبية السنية بثلاثة مواضيع: داعش، وغياب المصالحة، والمستقبل الاقتصادي الغامض.

يمكن أن يساهم عبد المهدي في إخراج داعش من المحافظات التي يسيطر عليها السنة من خلال دعم مشاريع النفط التي تقدم فرص عمل واستثمار على الصعيد المحلي.

هذا بالإضافة أنّ بإمكانه أن يبرم اتفاقاً مع العشائر المحلية ورجال الأعمال المحليين لتطوير خطط لإعادة تأهيل محافظاتهم، الأمر الذي قد يحتاج إلى أن يكون جزءًا من برنامج عمل أوسع باتجاه المصالحة.

رغم كلّ شيء، كان بالإمكان تجنّب ظهور داعش لو كانت هناك مصالحة سياسية حقيقية ووُضعت خطط اقتصادية موضع التنفيذ لحلّ التحديات التي تواجهها البلاد.

ولكن من دون حلّ الوضع الأمني في المناطق العراقية الواقعة تحت سيطرة داعش، سيستحيل استئناف عمليات الانتاج، ناهيك عن التفكير في تطوير قطاع التنقيب عن النفط والغاز في مناطق الصراع.


ما هي خلفية تعيين عبد المهدي؟

حين اجتاحت داعش الجزء الذي يسيطر عليه السُنة في العراق، ساعدتها الجماعات السنية المتمردة المتعاطفة معها على التوسع في مساحات أكبر، بما في ذلك سبع حقول نفط تصل قدرة انتاجها الإجمالية للنفط إلى 80 ألف برميل يومياً في الموصل، وتكريت وأراضٍ أخرى على حدود كركوك.

أفادت التقارير عن تهريب 20 ألف برميل من حقل عجيل مقابل 25 إلى 60 دولار أمريكي للبرميل الواحد حتى نهاية شهر يونيو. وفي وقت لاحق، استغلت داعش النفط في حقول حمرين وقيارة وعين زالة وبطمة فارتفع إنتاج النفط الذي تسيطر عليه إلى نحو 40 ألف برميل يومياً.

وبمساعدة وسطاء محليين – الذي يسيطرون على سلسلة التوريد عبر استخراج النفط وشحنه عبر البلاد في شاحنات ورشوة نقاط التفتيش الحدودية وإتمام عمليات البيع – تحول الجزء الشمالي من شبه الجزيرة العربية إلى منطقة سوق سوداء تموّل الإرهاب العابر للحدود الذي تقوده داعش وجماعات أخرى تابعة لتنظيم القاعدة.

أيضاً، ساهمت عائدات النفط في توسيع قدرة داعش على التجنيد، إذ يُقدّر أن عدد المقاتلين قد تخطى الـ 30 ألف.

يمكن>