مع اقتراب الجولات الحقيقية الأولى للانتخابات الرئاسية للعام 2016، أسئلة كثيرة ستبادر على أذهان الناخبين الجدد والقدامى:
• لماذا يعتبر نظام الترشيح للرئاسة الأمريكية معقداً؟
• من وضع هذا النظام السخيف الذي يستمر من فبراير حتى يونيو ثم يتحوّل إلى مؤتمرات حزبية انتخابية في الصيف؟
• لماذا يبدو أن كل ولاية تقوم بالانتخابات بطريقة مختلفة بعض الشيء؟
• لماذا لا تنظّم كل الولايات الانتخابات التمهيدية في يوم واحد؟
• لماذا لا تنظّم الولايات في المنطقة ذاتها الانتخابات التمهيدية في اليوم ذاته؟
• ما هم المندوبون على أي حال؟
• وهل أنهم مهمّون؟
هذه كلها أسئلة جيدة. إذ هناك طرق عديدة لتنظيم نظام الترشيح وكل طريقة هي أكثر عقلانية وتنظيماً من نظامنا الحالي. بالتأكيد أنّ أبسط وأوضح نظام هو أن يكون هناك انتخابات تمهيدية وطنية واحدة حيث يقوم الديمقراطيون بالتصويت لمرشحيهم والجمهوريون لمرشحيهم. على مر السنين، كان هناك العديد من المقترحات بهذا الشأن، كما وأنّ استطلاعات الرأي تظهر أنّ الناخبين يعجبهم هذا الخيار. ولكن رغم تقديم مقترحات لانتخابات تمهيدية وطنية إلى الكونغرس الأمريكي أكثر من 100 مرة منذ العام 1911، إلا أنّ أياً منها أبصر النور.
ثمّة فكرة رائجة أخرى وهي أن يكون هناك نظام تمهيدي إقليمي أو دوري. تقوم الخطط التمهيدية الإقليمية بشكلٍ عام بوضع الولايات ضمن مناطق، ثم تتداور المناطق من سنة إلى أخرى بحيث لا تكون المنطقة ذاتها الأولى كل أربع سنوات. يسمح بعض هذه الخطط أن تبدأ ولايتا أيوا ونيوهامشر في الانتخابات التمهيدية، أما بعضها الآخر، فلا. وهناك طريقة أخرى تقوم على جمع الولايات بحسب حجمها، فتبدأ الانتخابات التمهيدية في الولايات الصغيرة في اليوم ذاته وتنتهي في الولايات الكبيرة في اليوم ذاته. في السنوات الأخيرة، اقترحت الجمعية الوطنية لوزراء خارجية الولايات الأمريكية (NASS). خططاً لانتخابات تمهيدية إقليمية وقد ناقشت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري اختلافات الخطط التي تجمع الولايات في أيام معينة.
أخيراً، نظراً للهرج والمرج المحيط بالانتخابات التمهيدية والمؤتمرات التحضيرية للانتخابات، من المفهوم أن يكون الناخبين قد نسوا أن ما يهم فعلاً هو من يفوز بمندوبين في المؤتمرات الحزبية الانتخابية. مرت سنوات عديدة على تشكيل مؤتمر انتخابي يتخطى التصويت الأول وبهذا لم تكن هوية المندوبين وتفضيلاتهم ذات أهمية. ولكن من الممكن دائماً أن ما من مرشحٍ واحدٍ سيفوز بأغلبية المندوبين قبل بدء المؤتمر الحزبي الانتخابي وحدوث الاقتراع الأول. ولو حصل ذلك، سنتعامل مع مكائد بضعة آلاف من مندوبي المؤتمر الحزبي الانتخابي.
ولكن حتى الآن لم تقترب أي خطة عقلانية من مرحلة التنفيذ. لماذا؟ لسبب بسيط جداً. ما من أحد مسؤول عن نظام التسمية الرئاسية. ليس هناك أي شخص يتخذ القرار النهائي في ما يتعلق بهذا النظام. على عكس الكلية الانتخابية، تم إسقاط الدستور من قِبل الآباء المؤسسين؛ وهم رجال بذلوا جهوداً جبارة لعدم التفكير في تلك الأشياء الشريرة ونعني بها الأحزاب أو الفصائل السياسية. وبهذا، تطور النظام من دون تنظيم.
لنلقي نظرة على اللاعبين. بذلت كلّ من اللجنة الوطنية الجمهورية واللجنة الوطنية الديموقراطية جهداً كبيراً للتأكيد على عمليات التسمية الرئاسية وللسيطرة عليها. ففي النهاية، بالإضافة إلى تشكيل مؤتمر حزبي ومحاولة المحافظة على الأغلبية في الكونغرس، هذا هو سبب وجودهم. انسجاماً مع الفلسفة العامة لكلّ حزبٍ، كان الديمقراطيون مرتاحين أكثر تجاه القيادة المركزية على أحزابهم في الولايات، بينما يؤيّد الجمهوريون أكثر أن يكون للأحزاب في الولايات استقلالاً ذاتياً أكبر. ولكن عند الحديث عن مسائل على غرار موعد انطلاق العملية، كان للحزبين مصلحة في التعاون لإدارة نظام تسميات لا ينطلق في يوم عيد الميلاد.
إلا أنّ سيطرة الأحزاب الوطنية على ما تقوم به الولايات لا يكاد يكون مطلقاً وغالباً ما تختلف أحزاب الولايات في كلا الطرفين عما تريده واشنطن. والأمر سيان بالنسبة للسطات التشريعية على مستوى الولاية، التي يسنّ القوانين وتمرّر تخصيصات الانتخابات التمهيدية الرئاسية والتي غالباً ما لا تتفق مع حزب أو أكثر من أحزاب الولايات.
بالتالي، فإن ذلك سيضع الكونغرس، الذي سيكون عليه أن يسنّ أي نظام أكثر عقلانية ولكنه كان عازفاً عن ذلك لسنوات عديدة، أمام خيار المشاركة – ولا سيما وإنّ كلا الحزبين السياسيين قد عارضا أي مبادرة من الكونغرس. وعلى المستوى الوطني، ثمة حجج من كلا الجانبين بشأن مسألة ما إذا كان تدخل الكونغرس في العملية من شأنه أن ينتهك الحق بتكوين الجمعيات الذي أقرّه التعديل الأول للدستور الأمريكي والذي تعتزّ به كافة الأحزاب السياسة.
وهنا نصل إلى قلب المشكلة. هناك 50 ولاية كل منها تضم حزباً ديموقراطياً وحزباً جمهورياً ومجلس تشريعي ولجنة وطنية للحزب الجمهوري ولجنة وطنية للحزب الديموقراطي بالإضافة إلى الكونغرس. أي، هناك 153 منظمة سياسية مستقلة. فما هو الاحتمال أن تتفق جميعها بشأن خطة أكثر عقلانية لتسمية المرشحين للرئاسة؟ ضئيل جداً. وما هو الاحتمال أن يستمر النظام الحالي في التطور كما كان الحال خلال القرن الماضي أو أكثر؟ كبير جداً.
Commentary
لماذا يعتبر نظام الترشيح للرئاسة الأمريكية معقداً؟
January 25, 2016