نظرة عامة
مع اقتراب اللبنانيين من موعد الانتخابات المهمة في السابع من يونيو/ حزيران التي يمكن أن تغير ليس فقط السياسات اللبنانية الداخلية، ولكن العلاقات اللبنانية بالعالم الخارجي، فإن الكثير من التركيز كان على توقعات النتائج أو التحالفات المحتملة التي قد تنشأ. ومع ذلك، فإن الآراء التي تعبر عنها الجماهير اللبنانية، التي سيذهب العديد منهم إلى صناديق الاقتراع، تمثل درجة مساوية من الأهمية. وسوف تكون مواقف الجماهير بشأن القضايا الداخلية مهمة بالنسبة لنوع الحكومة التي قد تنشأ بالعديد من الأوجه. وخلال الحملة الانتخابية، تمت مناقشة بعض من القضايا الهامة التي تعنى بها الولايات المتحدة في سياق الجدل السياسي. على سبيل المثال، تُطمئن المعارضة التي يقودها حزب الله الشعب اللبناني بأن لبنان لن تصبح نظامًا دينيًا مثل إيران. والولايات المتحدة من جانبها أظهرت نواياها عبر زيارات وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ونائب الرئيس جو بايدن، الذين سجلا دعمهما للائتلاف الحاكم الحالي.
وسواءً أوجدت هذه الخطوات أو لم توجد فرقًا، تظل بعض الأمور واضحة: تظل أغلبية الجماهير اللبنانية على خلاف مع السياسة الأميركية الخارجية حول العديد من القضايا، حتى أنها تعبر بشكل ما عن آراءها الإيجابية بشأن الرئيس أوباما. والواضح أيضًا أنه بشأن العديد من القضايا توحد الطوائف الكبرى في لبنان (الشيعة والسنة والمسيحيين والدروز) في آرائهم. وهناك سبب مهم مثير للدهشة وراء ذلك، وهو أن أغلبية كبيرة من كل جماعة ترى أن لبنان فوق كل شيء. وبهذا الشكل، فإن آراء اللبنانيين التي عبروا عنها ليست سوى “تصريحات” أكثر من حالها لو أجري هذا الاستفتاء في بلد آخر من العالم العربي (مصر، والمغرب، والمملكة العربية السعودية، والأردن والإمارات العربية المتحدة). ومن القضايا التي يتفق عليها جماهير اللبنانيين بشكل كبير قضية البرنامج النووي الإيراني؛ فالأغلبية تعارض الضغط الدولي المفروض على طهران لإيقاف مشروعها النووي.
وفي نفس الوقت، رغم ذلك، لا يتفق الجمهور اللبنانيين على العديد من القضايا المهمة الأخرى. ومن المتوقع وجود بعض الاختلافات: يرى القليل من الشيعة إيران أحد أكبر تهديدين يواجههما، في حين أن 45 بالمائة من الدروز و29 بالمائة من السنة و23 بالمائة من المسيحيين لا يرون ذلك. وهناك اختلافات أخرى تثير الدهشة إلى حد ما: رغم أن 11 بالمائة من الشيعة الذين شاركوا في الاستفتاء عبروا عن دعمهم للطرق التي تتبعها منظمة القاعدة، فإن 20 بالمائة من المسيحيين اللبنانيين عبروا عن اتفاق مماثل حول هذا الرأي.
وليس من المدهش أن القضية العربية الإسرائيلية يُنظر إليها بوصفها القضية الرئيسية التي يقيم معظم اللبنانيين السياسة الأميركية وفقًا لها. ولكن المذهل أن ثاني أهم قضية هي المساعدات الاقتصادية، التي تختلف إلى حد كبير عما يراه الجماهير العربية في الدول العربية الأخرى. وسواء كان تقييم النتائج الاقتصادية المحتملة للانتخابات ستكون عاملاً كامنًا في أذهان الناخبين أم لا، فيظل من الواضح بشدة مدى أهمية القضية بالنسبة لهم (دور من المحتمل أن نائب الرئيس الأميركي بايدن قد حاول أن يلعبه عندما تحدث في بيروت عن عدم احتمالية استمرار المساعدات إذا فاز ائتلاف حزب الله بالأغلبية).
النتائج الأساسية
وفيما يلي النتائج الأساسية للاستفتاء العربي العام لسنة 2009 الذي أجري في لبنان في الفترة من مارس/آذار إلى مايو/أيار عام 2009. وقد شملت هذه الدراسة عينات من الأشخاص عددها 583 وتميزت بهامش خطأ +/- 4.1 بالمائة.
وكانت الردود مقطوعة على طول الخطوط مع الجماعات الدينية. ويمكن العثور على عرض للبيانات في الملحق المرفق بهذه المذكرة ويمكن الوصول إلى نتائج الاستفتاء المفصلة بشكل أكبر هنا.
الهوية: تحدد أغلبيات قوية من كل طوائف المجتمع اللبناني الذي شملها الاستفتاء (المسيحية، والسنة، والشيعة والدروز) أنفسهم على اعتبار أن اللبنانيين أولاً. كما تحدد كافة الجماعات أنفسها كعرب في المقام الثاني.
وسائل الإعلام: اختبر 35 بالمائة من اللبنانيين (وأغلبيتهم من الشيعة) تليفزيون المنار التابع لحزب الله كأول مصدر للأخبار العالمية. وجاءت قناة الجزيرة في المرتبة الثانية بنسبة 25 بالمائة.
دور الدين في السياسة: عبر اثنان وأربعون بالمائة من اللبنانيين (50 بالمائة منهم شيعة، و40 بالمائة سنة، و41 بالمائة دروز، و35 بالمائة مسيحيين) عن رأيهم في ضرورة تولي رجال الدين دور اكبر في الحياة السياسية.
الرئيس أوباما وإدارته: عبرت أغلبية كل جماعة باستثناء الشيعة عن نظرتها الإيجابية للرئيس أوباما. ومن بين الشيعة، تمسك 31 بالمائة بآراء إيجابية حول الرئيس، في حين أن 48 بالمائة كانت لهم آراءٌ سلبية تجاهه (21 بالمائة محايدين). وبالمثل، تحمل أغلبية كل جماعة باستثناء الشيعة سياسة الإدارة رجاءها في التغير تجاه الشرق الأوسط. ومن ضمن الشيعة، كان 34 بالمائة يحدوهم الأمل، في حين أن 44 بالمائة كانوا غير آملين (22 بالمائة محايدين).
الولايات المتحدة: إن الأغلبية المسيحية والدروز لها آراؤها المؤيدة للولايات المتحدة، في حين أن أغلبية السنة والشيعة لها آراؤها السلبية. وفي محاولة لتحديد عاملين من شأنهما أن يحسنا من نظرتهم إلى الولايات المتحدة بشكل أفضل، اختار 59 بالمائة من اللبنانيين حل النزاع العربي الإسرائيلي في حين اختار 44 بالمائة تقديم المزيد من المساعدات الاقتصادية للمنطقة. ويحدد أغلبية اللبنانيين السيطرة على النفط وحماية إسرائيل بأنهما الهدفان الأساسيان للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط. وأغلبية كل جماعة باستثناء الدروز (46 بالمائة) يحددون الولايات المتحدة باعتبارها بلد يمثل أحد أكبر تهديدين يواجهانها.
البرنامج النووي الإيراني: يرى ثلاثة وستون بالمائة من اللبنانيين أن برنامج إيران النووي مجرد برنامج سلمي، في حين يعبر 71 بالمائة (أغلبية كل جماعة باستثناء الدروز) عن رأيهم في أن الضغط الدولي على إيران بشأن برنامجها النووي يجب أن يتوقف.
القضية العربية الإسرائيلية: يقول سبعون بالمائة من اللبنانيين (أغلبية كل جماعة) أنهم سيقبلون السلام مع إسرائيل على أساس العودة إلى حدود عام 1967، لكن 52 بالمائة يرون أن ذلك السلام المزعوم لن يحدث على الإطلاق.
السياسة الفلسطينية: يفضل أغلبية اللبنانيين (أغلبية كل جماعة) تشكيل حكومة فلسطينية موحدة، في حين يفضل 36 بالمائة حكومة بقيادة حماس ويفضل 14 بالمائة حكومة بقيادة فتح. وبشكل عام، يتعاطف 42 بالمائة من اللبنانيين مع حماس، ويتعاطف 16 بالمائة مع فتح، ويؤيد 32 بالمائة كلا الطرفين إلى حد ما. ومن ضمن كل جماعة، بما فيها المسيحيين، يتعاطف المزيد من الأفراد مع حماس أكثر من تعاطفهم مع فتح.