لقد أعلن المراقبون النصر مرتين قبل الأوان في نضالهم من أجل إعادة التوازن إلى سوق النفط. إنّ التصريحات التي أدلى بها مؤخراً وزيرا النفط القطري والسعودي، والتي تحيي الآمال في التوصل إلى اتفاق على الحد من انتاج أوبك، قد تسببت بمزيد من الارتداد. غير أنّ السوق لا يزال بعيداً كل البعد عن “التوازن”، وحتى هذه الحالة الوهمية لا تعني العودة إلى أسعار مرتفعة مريحة.
وفي المراحل الأولى من الركود الحالي، أي في منتصف العام الماضي، ارتفع سعر خام برنت فوق 63 دولار أمريكي للبرميل قبل أن يتدهور من جديد قرابة نهاية العام. أدى تعطيلات الامدادات في كندا ونيجيريا وليبيا لزيادة في السعر حتى شهر مايو من هذا العام، وقد تمت الإشادة بهذا الارتفاع – قبل الأوان – على أنه “إعادة التوازن” المنتظرة بفارغ الصبر.
إلا أنّ الأسعار انخفضت مرة أخرى، مع وصول الانتاج السعودي الشهر الماضي إلى أرقام قياسية جديدة، قبل أن سجّل أرباح قدرها 6 بالمئة الأسبوع الماضي مع تجدد المناقشات حول خطوات أوبك. ويكرر بيان وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي خالد الفالح، الذي أُصدر يوم الخميس ثم سُحب وأُعيد إصداره في وقت مبكر يوم السبت، الإعلان عن أن السوق في طريقه لتحقيق التوازن.
إنّ تصريحات السيد الفالح تدعم ما قاله نظيره القطري، الدكتور محمد السادة، عندما أشار إلى الاجتماع غير الرسمي لمنظمة لوزراء البلدان الأعضاء وغير الأعضاء خلال المنتدى الدولي للطاقة الذي عُقد في الجزائر في سبتمبر. وسوف يذكّر ذلك بالاجتماع الفاشل الذي عُقد في أبريل في الدوحة، عندما سحبت المملكة العربية السعودية في اللحظة الأخيرة دعمها للتوصل إلى اتفاق حول تجميد مستويات الإنتاج التي لم تشمل إيران.
إنّ الشروط الموضوعية للتجميد هي أفضل الآن، وذلك معظمه لأن الانتاج الإيراني يقترب إلى المستويات التي كان عليها قبل فرض العقوبات على طهران.
إلا أنّ السياسات الداخلية في أوبك قد لا تكون صائبة بعد. وقد قال وزير النفط الإيراني بيجان زنكنه إنّ على المنظمة العودة إلى اعتماد نظام الحصص لكل بلد، وهي سياسة تخلّت عنها المنظمة في العام 2011.
لقد تغير الكثير منذ ذلك الحين حتى الآن، مما يجعل الحصص الجديدة مشكلة شائكة. لقد تم تعطيل الإنتاج النيجيري والليبي بشكلٍ خطير بسبب اضطرابات عنيفة، في حين أن المحاولات المتكررة للتوصل إلى اتفاق بين الفصائل الشرقية والغربية في ليبيا تشير إلى احتمال حدوث انتعاش. لا يمكن لأي من البلدين أن يلتزم بتجميد الانتاج عند مستويات أقل بكثير من طموحاته.
لقد توصل العراق إلى اتفاق مع شل وبريتيش بتروليوم ولوك أويل لإعادة الاستثمار، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي عودة النمو بعد العام 2016 والذي عُرف بالفتور.
خلال الاسابيع السبعة الماضية، ارتفع عدد الحفارات الأمريكية للتنقيب عن النفط، في الوقت الذي يتحدّث فيه منتجو الصخر الزيتي المتوسطة الحجم مثل بايونير وEOG باطمئنان من قدرتهم على الربح من الانتاج حتى بالأسعار الحالية. الصيف هو عادة فترة يكون فيها الطلب قوياً، مع حلول موسم القيادة في الولايات المتحدة وارتفاع استخدام مكيفات الهواء في الخليج. سيكون الطلب في الخريف أضعف، ويبدو أن الهند تتباطأ.
ماذا يعني التوازن في أسواق النفط؟ يعني أنّ الطلب قد يساوي العرض من جديد أو يتخطاه، كما وأنّ تراكمات المخزون القاسية منذ منتصف العام 2014 سوف تتوقف، ثم تنعكس.
في حال بقي إنتاج أوبك في مستوياته القياسية الحالية، عندها قد يكون السوق في عجز يبلغ 600,000 يومياً في العام المقبل. ومن خلال السماح لاستئناف نمو الإنتاج في العراق ومزيد من الربح في إيران وانتعاش ممكن – حتى لو كان ضعيفاً – في ليبيا ونيجيريا، يقابلها جزئياً انخفاضٌ مستمرٌ في فنزويلا اليائسة، من الممكن أن يكون العجز أقل من ذلك.
إنّ المخزونات العالمية مستمرة بالارتفاع، ومن المرجح أن تتجاوز المستوى الاعتيادي بأكثر من مليار برميل بحلول نهاية هذا العام. حتى السماح بترك بعض النفط بشكل دائم في الاحتياطيات الاستراتيجية الصينية، سيستغرق الأمر سنتين أو أكثر للتخلص من تراكم المخزون الضخم. قد ترتفع الأسعار في هذه الفترة، إلا أنّ ذلك سيشجّع شركات النفط لاستئناف الاستثمار في انتاج جديد.
وفي ظل غياب فرص حقيقية لإدارة السوق، فإنّ محاولة الضغط من أجل رفع الأسعار يترتب عليها نتائج عكسية. من شان تمكين التكهّنات من دون تغيير الأسس أن يشجع المنتجين المتنافسين على الصمود ليس إلا. وبالتالي، الأمر لا يستحق العناء تبديد مصداقية أوبك التي اكتسبتها على المدى الطويل من اجل شراء إنعاش قصير الأمد بسبب الأسعار المنخفضة.
Commentary
Op-edحالة عدم اليقين تحيط أسعار النفط رغم اجتماع المنتجين في الجزائر
August 16, 2016