Research

تنشيط السلام: دور خطوط أنابيب الغاز و البترول في التعاون الإقليمي

Saleem Ali
SA
Saleem Ali

July 15, 2010

الملخص التنفيذي

كثيراً ما يُنظر للموارد الطبيعية مثل النفط والغاز على أنهما أداتان من أدوات الصراع. ويرجع السبب في ذلك إلى أنه غالباً ما ينظر الأفراد والجماعات العرقية والحكومات إلى السيطرة على الموارد الشحيحة على أنها لعبة محصلتها صفر، فهم يتنافسون فيما بينهم على الملكية، لكن يمكن أن تمتد المنافسة بسهولة لتتحول إلى صراع، ولهذا السبب قد يبدو من الغريب أن نتساءل عما إذا كان يمكن لخطوط الأنابيب أن تسهم في حل النزاعات القائمة بين الدول. ويقول هذا البحث بأن ذلك من المحتمل أن يحدث في ظل الظروف المناسبة؛ حيث أن وجود حاجة مشتركة لتجارة الموارد يمكن أن تكون وسيلة لتعزيز التعاون بين الدول.

وفي حين أن الموارد المائية كثيرًا ما أًخذت بعين الاعتبار فيما يتعلق بالتعاون، إلا أن السياسة قد أوْلَت القليل من الاهتمام لدور البنية الأساسية لخطوط الأنابيب العابرة الحدود في تعزيز العلاقات بين الدول. ونظرًا لاستمرارية البنية الأساسية لخطوط الأنابيب، فإن من المرجح أن يكون لها تأثيرًا كبيراً وأكثر استدامة، وأن تخلق حوافز أكبر للتعاون مع مرور الوقت. وفي حين أنها لا تخلو من العيوب، لا تزال خطوط الأنابيب وسيلة النقل الأكثر فعالية واقتصاداً، ومن المحتمل أن ينمو دورها على نحو سريع في السنوات المقبلة.

وتعتبر البلدان الغنية بالغاز مثل إيران وباكستان وقطر والمملكة العربية السعودية مهيأة بشكل جيد لتأدية دور أكبر في نقل الطاقة، ومع ذلك فهنالك عقبة رئيسية، وهي إقناع المستثمرين لدعم مشاريع خطوط الأنابيب في المناطق التي تعاني عدم الاستقرار السياسي والأمني. بيد أنه يمكن لخطوط الأنابيب في تلك المناطق تحديداً أن تلعب دورًا إيجابيًا في تخفيف حدة التوتر وتعزيز التعاون بين الدول. وبما أن الطلب العالمي على الغاز ينمو بوتيرة أسرع من العرض، فإن خطوط الأنابيب من الممكن أن تؤدي دوراً متزايد الأهمية في تعزيز الأمن الإقليمي في المنطقة بدءاً من المغرب ووصولاً إلى أفغانستان. 

ويستعرض هذا البحث أداء الطرق الحالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لاستخلاص الدروس المستفادة من أجل خطوط الأنابيب المقترح إنشاؤها في جنوب غرب آسيا. فلقد ساهمت خطوط الأنابيب في تحسين العلاقات بين الجزائر والمغرب وكذلك ليبيا وإيطاليا. أما في منطقة الخليج، فقد ساهم “مشروع دولفين”-الذي يمر من قطر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة – في حل النزاع القائم على الحدود بين الإمارات وسلطنة عُمان، وبين قطر والمملكة العربية السعودية. ومن المثير للاهتمام أن مصر أصبحت ذات مكانة مهمة في بناء خطوط الأنابيب وتوريد الغاز إلى جيرانها، بما فيهم إسرائيل. 

من المحتمل أن تسهم الطرق الآسيوية المقترحة، بما فيها مشروعات إيران-باكستان-الهند وتركمانستان-أفغانستان-باكستان، في الحث على التعاون في المناطق الهامة والتي تحتدم فيها الصراعات. الأهم من ذلك، من الممكن أيضاً أن توفر خطوط الأنابيب داخل البلدان العمالة والأرباح التي تشتد الحاجة إليهما، الأمر الذي يسهم في تهدئة الامتعاض الداخلي الذي يغذي التطرف، إلا أن التناقض الذي تتعامل به الولايات المتحدة والقوى الأخرى مع الموارد الطبيعية في وسط آسيا قد أحدث اختلالاً في آفاق تطوير خطوط الأنابيب. 

ومع الإرادة السياسية الكافية، وفهم أكثر استنارة للقوة الملزمة لخطوط الأنابيب، من الممكن للولايات المتحدة والدول الأوروبية والهيئات الدولية البدء في استغلال إنشاء خطوط الأنابيب كمحرك للتعاون وأداة دبلوماسية على حدٍ سواء. إن ما تشتد الحاجة إليه هو رؤية سياسية طويلة الأجل يكون من شأنها دمج عبور الطاقة وانتقالها كجزء من إطار أوسع للتعاون الاقتصادي والأمني. وفي هذا السياق، يقدم هذا البحث عدداً من التوصيات المتعلقة بالسياسة العامة للمجتمع الدولي والدول المشتركة بصورة مباشرة في مصادر خطوط الأنابيب وعبورها ونقطة الطلب عليها. 

توصيات للمجتمع الدولي

بدءاً من الاستخراج ومروراً بالنقل ووصولاً إلى الاستهلاك، يشمل قطاع النفط والغاز مصالح استراتيجية حكومية فضلاً عن مشاركة القطاع الخاص. ويُعد قطاع النفط والغاز من القطاعات التي يعطى إليها أهمية قصوى في تحقيق الأمن الإقليمي نظراً لاعتماد جميع دول العالم تقريباً عليه. لذا فإن المجتمع الدولي له مصلحة أكيدة في الحفاظ على تشغيله وتحسين فعاليته. مع وضع هذا في الحسبان، ينبغي للمجتمع الدولي، لاسيما القوى العظمى كالولايات المتحدة، النظر في التوصيات التالية لتحقيق التعاون المحتمل بشأن خطوط الأنابيب: 

  • ينبغي للبلدان المانحة أن تعطي الأولوية لمشاريع البنية التحتية التي لديها القدرة على حث التعاون، لاسيما في قطاع الغاز.
  • ينبغي دعم الجهود المبذولة من قبل أمانة ميثاق الطاقة لتطوير النظام القانوني الدولي المطبّق على خطوط الأنابيب، والمعروف باسم بروتوكول العبور. وعلى وجه الخصوص، ينبغي تطوير آلية تسوية المنازعات المنصوص عليها في ميثاق الطاقة بغية تيسير توجيه خطوط الأنابيب التي تنشأ بشأنها الخلافات حول الرسوم والتخطيط اللوجستي.
  • ينبغي أن تنظر المنظمات الإنمائية الإقليمية، مثل رابطة أمم جنوب شرق آسيا (آسيان) ومجلس التعاون الخليجي، في مشاريع خطوط الأنابيب كأداة للتيسير ترمي إلى تحقيق أهدافها في التعاون الإقليمي وتشكيل مجموعات عمل لتطوير تلك المشاريع.

لقد كان لخطوط الأنابيب دور مهم في تضييق هوة الخلافات في العديد من الحالات بين عدد من الدول. ومع ذلك، هناك المزيد يمكن القيام به. وسوف تثبت القيادة السليمة من جانب المجتمع الدولي والجمع بين الحوافز الاقتصادية والسياسية فعاليتها في ضمان أن تصبح خطوط الأنابيب قنوات لبناء السلام. 

توصيات للبلدان المنتجة للغاز

نظراً لأن التوزيع العالمي من الغاز يتركز في عدد قليل من البلدان، سوف تكون الخيارات التي ستتخذها هذه البلدان ذات أهمية عالمية كبيرة. وفي هذا السياق، ينبغي للبلدان المنتجة للغاز النظر في التوصيات التالية:

إدراج الغاز في حافظات طويلة الأجل، ولاسيما في قطاع النقل، وكذلك من أجل توليد الطاقة الأساسية. وفي كثير من الأحيان، يتم تطوير البنية الأساسية اللازمة لإنتاج الطاقة وتوزيعها واستخدامها وتطويرها على مدى عقود لا سنوات، لذلك ينبغي إضفاء الطابع المؤسسي على الالتزام بتطوير خطوط الأنابيب على مستوى عالٍ لضمان متانة السياسات.

تنويع نقل الغاز. ونظراً لعدم اليقين الجيوسياسي، ينبغي للبلدان تنويع آليات النقل لتوصيل الغاز من أجل استيعاب المخاطر.

التركيز على البنية التحتية الثابتة. حيث أن للبنية التحتية “الدائمة” لخطوط الأنابيب تأثيرات إيجابية وغير مباشرة، وهي بذلك تخلق حوافز دائمة للتعاون في نطاق أوسع من المخاوف الاقتصادية والأمنية.

استكشاف شراكات مع مصارف التنمية الدولية وإقامتها من أجل التمويل وتقييم الأثر البيئي.