بعد الكارثة التي حصلت في الدوحة في أبريل الماضي، ستتنفس دول منظّمة الدول المصدرة للبترول (الأوبك) الصعداء لأن اجتماعات الأسبوع الماضي في الجزائر قد مرت من دون أي معارك. إذ توصلت، بدلاً من ذلك، إلى اتفاق غير متوقع بشأن الحد من الإنتاج. إلا أن الأمر سيحتاج إلى براعة دبلوماسية لترجمة هذه الصفقة إلى اتفاق كامل من شأنه أنه يؤثر حقيقة على أسواق النفط خلال المؤتمر الذي سيُعقد في فيينا في نوفمبر المقبل.
وافقت أوبك على الحد من إنتاجها ليصل إلى ما يتراوح بين 32,5 و33 مليون برميل يومياً، أي أقل من إنتاجها الشهر الماضي الذي قدّرت رويترز أنه بلغ 33,6 مليون برميل يومياً. وسيُسمح لكل من إيران، التي لا تزال في طور التعافي من العقوبات، ونيجيريا وليبيا، اللتين تزعزع إنتاجهما بسبب انعدام الأمن، بالإنتاج “حتى أعلى مستويات ممكنة”.
إلا أنّ الصفقة الصعبة لم تأت بعد. هل سيكون من المتوقع أن تتحمّل المملكة العربية السعودية وحليفتاها الإمارات العربية والكويت كافة التخفيضات المطلوبة؟ أم أنها ستقسّم بالتساوي أكثر؟ لم تعتمد المنظمة منذ العام 2011 أي حصص رسمية تحدد انتاج كل دولة. إلا أن الكثير قد تغير مذاك – إذ هبط الإنتاج الفنزويلي وارتفع العراقي وفُرِضت العقوبات على إيران ورُفِعت عنها وكثفت دول مجلس التعاون الخليجي جهودها لملء الفراغات في أماكن أخرى.
في مطلق الأحوال، سيتراجع الإنتاج السعودي على نحو طبيعي في الشتاء، مع انخفاض الطلب على النفط الضروري للتكييف، إلا أنها ستزيد إنتاجها مجدداً الصيف المقبل. مع تحسن الإنتاج الليبي في سبتمبر بعد إعادة تشغيل مرافئ النفط، من سيستوعب تعافي ليبيا أو نيجيريا؟
بينما يمكن أن تكون روسيا، غير المنضوية تحت مظلة أوبك، جزءاً من الاتفاق، من المرجح أن يرتفع إنتاجها كثيراً في الأشهر المقبلة، ربما بمقدار قد يصل إلى 400 ألف برميل يومياً مع تشغيل حقول جديدة.
يبدو أن فكرة الشد في سلطنة عمان والمكسيك قد خبت. وتاريخياً، وهن إذعان أوبك تبعاً للاتفاقات لا سيما وأن الميل للغش بات لا يُقاوم.
ارتفعت أسعار النفط بنحو 5 بالمئة مع انتشار أخبار الاتفاق، رغم أنها لا تزال ضئيلة. إن أي تأثير دائم سيعتمد على إبرام اتفاق فعال في فيينا وتطبيقه. إلا أن بعض التصريحات حتى الآن تترك انطباعاً بأن المملكة العربية السعودية قد تنازلت على جبهتين.
تعثرت محادثات الدوحة بسبب إصرار السعودية على أن تكون إيران جزءاً من التجميد، بيد أنّ السعوديين وافقوا الآن أن تكون إيران معفاة من التخفيضات. قد يكون هذا التنازل لإيران رمزياً في المقام الأول – فالإنتاج الايراني مستقرٌ عند حوالي 3,6 مليون برميل يومياً منذ شهر مايو، أي قل بكثير من الـ 4 إلى 4,2 مليون برميل التي تطمح طهران بإنتاجها يومياً، ولا يبدو أنه سيرتفع كثيراً على المدى القصير إلى حين يتمكن من اجتذاب استثمارات دولية جديدة. وفي المقابل، وافقت إيران على استخدام تقديرات طرف ثالث للإنتاج بدلاً من الأرقام الواردة في تقاريرها، ولكن هناك فارق صغير بينها خلال الأشهر الأربعة الماضية.
أما العراق، الذي يعتبر أحد أكبر الرابحين في أوبك في السنوات الأخيرة، فهو أيضاً نقطة خلاف أخرى رغم وضعه الاقتصادي والسياسي الهش. كان جبار لعيبي، وزير النفط الجديد المناضل، قد قال ضمناً إنّ إنتاج النفط العراقي يقيّم بأقل من قدرته بحوالي 300,000 برميل يوميا.
إن التنازل لمنتجي النفط الصخري هو أكثر خطورة. أنذر قرار أوبك في أواخر العام 2014 بعدم تحديد الإنتاج رغم هبوط الأسعار باستراتيجية فضح شركات النفط الصخري. إلا أنه رغم الخسائر وحالات الإفلاس، كان انخفاض الإنتاج الأمريكي أبطأ بكثير وهبوط التكاليف أخطر وشهية الممولين المستمرة أكبر من المتوقع. لا يزال الإنتاج الأمريكي أعلى مما كان عليه في العام 2014 حين بدأت الأسعار بالهبوط، وارتفعت حصص شركات النفط بنسبة 8,3 بالمئة عند انتشار أخبار الاتفاق.
لماذا أصبحت المملكة العربية السعودية، بعد إصرارها في أبريل، أكثر استيعاباً الآن؟ قد يكون تغيير في طريقة التفكير ضمن قيادة المملكة السياسية وتشجيع روسي وحاجة أكبر لتمويل فوري كلها عوامل قد ساهمت في هذا الموقف. ولكن مع احتفاظ إيران بنفطها الجوفي والصخري كنوعٍ من الهجوم المضاد، تجازف الرياض بالذهاب إلى فيينا قبل تحقيق انتصار حاسم في سوق النفط.
Commentary
Op-edتحدي اتفاق الجزائر الحقيقي سيكون في تقرير من سيخفّض الانتاج
October 4, 2016