يركّز الـ “مشروع حول استجابة بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لفيروس كورونا المستجدّ” على الاستجابات الحكومية بشأن السياسات الاقتصادية والصحة العامة لمكافحة تفشّي جائحة فيروس كورونا المستجدّ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولكننا استعرضنا كذلك جهود بعض الدول الأخرى ومحاولاتها لمكافحة الفيروس لدعم عملنا. واستُخدمت حالة أستراليا الناجحة للمقارنة بين هذه الجهود وتلك التي بذلتها بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي يغطّيها هذا المشروع. وتهدف هذه الحالة إلى إطلاع صانعي السياسات في المنطقة على وجهات نظر مختلفة حول كيفية تعزيز البروتوكولات الحالية والمستقبلية للاستجابة للجائحات وغيرها من الأزمات.
يسري الاعتبار عموماً بأنّ أستراليا استجابت بفعالية لجائحة فيروس كورونا المستجدّ ولتداعياتها الاقتصادية على الرغم من أنّها قد واجهت صعوبات لاحتواء التفشّي في ملبورن في منتصف السنة إضافة إلى تفشي الجائحة في نهاية العام على الشواطئ الشمالية لسيدني. فمع عدد سكّان يبلغ 25 مليون نسمة، سجّلت أستراليا أقلّ من 28 ألف حالة وأكثر من 900 وفاة حتّى أغسطس. ويبلغ معدّل الوفيات المرتبطة بفيروس كورونا المستجدّ في الوقت الراهن 35,6 لكلّ مليونٍ من السكّان.
ونظراً إلى نظام الحكم الفيدرالي الذي تتحمّل فيه الحكومات دون الوطنية المسؤولية الأساسيّة لتقديم خدمات التعليم والصحّة لمواطنيها، أخذت البلاد خطوات سريعة للحدّ من أعداد الوافدين من الخارج وحجر الوافدين وحشد النظام الصحّي وتوعية المجتمع وتطبيق ترتيبات الإغلاق. وكانت الزلّة الأبرز في مقاربة أستراليا المنضبطة السماحَ لـ2700 راكب في سفينة رحلات بدخول مدينة سيدني قبل صدور نتائج فحوصات فيروس كورونا المستجدّ، وكان بعضها إيجابياً. لكن على الرغم من هذه الحادثة بقيت ثقة الشعب بطريقة تعامل الحكومة مع الأزمة عالية طوال هذه المدّة.
وتبرز في التجربة الأسترالية إبداعات أساسية ثلاثة كانت فعّالة وأساسية جداً لنجاح البلاد في تسطيح المنحنى:
- أولاً، تمّ الحدّ من خطر تعطّل التواصل والتنسيق في نظام حكم فيدرالي عبر تأسيس حكومة وطنية تضمّ رئيس الوزراء ورؤساء حكومات كلّ ولاية ومنطقة. ولقيت اجتماعاتها الرسمية وغير الرسمية العالية الوتيرة دعماً من لجنة فنّية مؤلّفة من خبراء صحّة عامة من الحكومة الفيدراليةوحكومات الولايات.
- ثانياً، عملت الحكومة الفيدرالية بسرعة لمؤازرة مقاربات تتبّع مخالطي المصابين بالفيروس من خلال إطلاق تطبيق CovidSafe، وهو تطبيق تتبّع واقتفاء أثر للهواتف الذكية يعتمد اجراءات حماية مُشرّعَة محدّدة للحرص على خصوصية المستخدّم. وبحلول نهاية شهر مايو، كان قد حمّل التطبيقَ ستّةُ ملايين شخص، أيّ قرابة ربع السكّان.
- ثالثاً، كانت الحكومة قادرة على الحدّ من التداعيات الاقتصادية التي سبّبتها الأزمة عبر تشريع ثلاث رزم من المساعدات المالية للأسر والشركات الأسترالية تساوي 12,4 في المئة من الناتج المحلّي الإجمالي. وكان حجر الزاوية لهذا البرنامج إعانة للرواتب ضمن برنامج يُدعى JobKeeper، وكان من المفترض أن يبقى سارياً حتّى نهاية شهر سبتمبر 2020. ولكن، نظراً إلى مدّة استمرار الجائحة والحاجة إلى الاستجابة لمخاوف ساورت الشركات والأسر حول تداعياتها الاقتصادية على المدى الأطول، مدّدت الحكومة هذا الدعم حتى 28 مارس 2021.
أعدّ أندرو ليتزكوس وتوني غولدنر دراسة الحالة هذه لمركز بروكنجز الدوحة. يودّ المؤلّفان شكر جايمس برامبي لملاحظاته القيّمة.
ملاحظة هامة: تعود الاستنتاجات والتوصيات الموجودة في هذا الملخّص وفي كافة منشورات بروكنجز إلى مؤلّفيها وحدهم، ولا تعكس وجهات نظر المعهد أو إدارته أو الخبراء الآخرين.