على مدى السنوات القليلة الماضية، وقع التعليم العالي باستمرار ضحيةً الصراعات العنيفة التي اجتاحت منطقة الشرق الأوسط. فقد قُصِف العديد من الجامعات في سوريا وغزة والآن اليمن. أما في ليبيا والعراق، فقد تمّ احتلال عددٍ من الجامعات أو إغلاقها، كما قامت الشرطة في بعض بلدان المنطقة بحملات قمع شديدة على جامعات متعددة. ما هي إذاً التدابير المؤسساتية التي يمكن أن تتخذها الكيانات الإقليمية والهيئات الدولية لحماية مؤسسات التعليم العالي في العالم العربي؟ وكيف يمكن دمج استراتيجيات الحماية في برامج إعادة البناء والتنمية لهذا القطاع المتضرر إلى أبعد الحدود؟
في موجز سياسة جديد يصدره مركز بروكنجز الدوحة، يؤكّد سلطان بركات وسانسوم ميلتون، أنّ غالباً ما يكون التعليم العالي ضحية غير معترف بها لهذه الصراعات، إذ تُعطى الأولوية للاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً. ويشير المؤلفان إلى أنّ حماية هذه المؤسسات في منطقة الشرق الأوسط وإعادة بنائِها تشكل استجابة حاسمة للمخاوف القائمة، الأمر الذي يساعد على حماية وتطوير الفئات العمرية الشبابية التي تلعب دوراً مهماً على المستوى الاستراتيجي. وقالا إنّ أي خطة عمل للتعليم العالي في العالم العربي لا يمكن أن تنتهي عند إعادة بناء الفصول الدراسية المدمّرة أو إنقاذ العلماء على المستوى الفردي.
لقراءة أهمية بيوت الحكمة: مسؤولية حماية التعليم العالي وإعادة بنائه في العالم العربي
يدعو بركات وميلتون لاعتماد نهج إقليمي للدفاع عن قطاع التعليم العالي والنهوض به، كأداة رئيسية لمكافحة التطرف العنيف ومواجهة التحديات الاقتصادية وتعزيز الاستقرار الاجتماعي. من شأن استراتيجية “إعادة البناء على نحو أفضل” أن تسمح للتعليم العالي بأن يكون محرّكاً لتنشيط المنطقة، مرتقياً إلى المستوى التاريخي الذي وضعته مؤسسات التعليم العالي في المنطقة التي تمّ إنشاؤها منذ قرون.