Commentary

Op-ed

جرأة المراهِقة الفلسطينية تخجل الجيش الإسرائيلي

Palestinian teen Ahed Tamimi enters a military courtroom escorted by Israeli Prison Service personnel at Ofer Prison near the West Bank city of Ramallah, December 28, 2017. REUTERS/Ammar Awad
Editor's note:

تم نشر هذا المقال باللغة الانكليزية في جريدة ذا ميل آند غارديان.

في شهور قليلة أصبحت عهد التميمي رمزاً للمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي.

حتى أن صحيفة هآرتس الإسرائيلية نشرت تقريراً حول جرأة الفتاة الفلسطينية ابنة الستة عشر عاماً.

لكن التميمي هي أكثر من هذا بكثير. فهي من خلال تحدّيها للجيش الإسرائيلي، أبدت شجاعة فائقة في مواجهة هذا الجيش ونظام المحاكم العسكرية المصمَّم للتخويف والقمع.

قبل أيام قليلة، وافقت التميمي على اتفاق تفاوضي لتخفيف العقوبة، مما يعني الحكم عليها بالسجن لمدة ثمانية أشهر. علماً بأنها أمضت ثلاثة أشهر منها في الحبس الاحتياطي، ومن المتوقع أن تبقى في السجن خمسة أشهر أخرى.

وقد ألقت قضية التميمي الضوء على وضع القُصَّر في نظام الاحتجاز العسكري الإسرائيلي.

قامت التميمي، ابنة قرية النبي صالح في الضفة الغربية المحتلة، بصفع جندي اسرائيلي وركله خلال مواجهة أمام منزل أسرتها في ديسمبر، بعد أن سمعت أنّ ابن عمها البالغ من العمر 14 عاماً أُصيب برصاصة مطاطية في وجهه سبَّبت له جروحاً بالغة اضطرَّته للخضوع إلى جراحة عاجلة.

تمَّ اعتقال التميمي في 19 ديسمبر من العام الماضي، حيث اقتيدت إلى سجن عوفر، واتُهمت بـ 12 تهمة، شملت الاعتداء على جندي والتحريض وإلقاء الحجارة وإعاقة النظام العام. اعترفت التميمي بتهمة مهاجمة الجندي وتهمتين أخريين هما تعطيل عمل جندي والتحريض. وأُسقطت عنها التهم الأخرى، بما فيها تهمة رمي الحجارة.

ولم يصدر قرار نهائي بعد بشأن صفقة المساومة على الإقرار بالذنب، إذ يجب أن توافق عليها المحكمة العسكرية في الضفة الغربية، لكن هذه الموافقة غالباً ما تكون مجرَّد إجراءٍ شكليّ.

وقد صرَّحت غابي لاسكي، المحامية الموكلة بالدفاع عن التميمي، أنّ أحد أسباب قبول موكلتِّها للصفقة هو تأكدَّها من عدم وجود فرصة لمحاكمة عادلة.

أما بالنسبة إلى الكمّ الهائل من الاهتمام الذي أولته وسائل الإعلام لهذه القضية، فليس هناك شيء خاص أو غير اعتيادي في قضية التميمي، إذ يوجد حالياً 365 قاصراً فلسطينياً قيد الاحتجاز، 95 منهم يقضون عقوبة السجن و257 في الحبس الاحتياطي أو قيدَ الاحتجاز بعد الاتهام.

ليس لديّ صديق فلسطيني واحد لم يتم القبض عليه أو تهديده بالاعتقال في مرحلةٍ ما من مراحل شبابه. وبشكل عام، هناك مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين تتم محاكمتهم أمام المحاكم العسكرية.

عندما يتم اعتقال أطفال فلسطينيين من قبل الجنود الإسرائيليين، لا تنظر المحاكم الإسرائيلية العادية في قضاياهم، بل يَمثُلون أمام المحاكم العسكرية الخاصة بالأحداث. إسرائيل واحدة من قلَّةٍ قليلة من دول العالم التي تضع الأطفال قيد الاعتقال الإداري.

كان من المعتاد أن تتم محاكمة الأطفال والكبار أمام نفس المحكمة العسكرية، ولكن بعد الاستنكار الذي أطلقه المجتمع المدني، تم استحداث محاكم للأحداث في العام 2008. أما في المحاكم العسكرية، فسنُّ الرشد هو 16 عاماً.

ووفقاً لمركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلّة (بتسيلم)، فإن حقوق القُصَّر تُعتَبَر منتهكة منذ لحظة اعتقالهم.

أما معدَّل الإدانة في المحاكم العسكرية الإسرائيلية، فيبلغ حوالي 100 في المئة.

المساومة على الاعتراف بالتهم شائعة جداً في مثل هذه الحالات. فكل القُصَّر الفلسطينيين يوقِّعون صفقات مساومة، التي تعني في الأساس اعترافهم بالذنب. ليس لديهم خيارات كثيرة بهذا الشأن، لأن النيابة العامة تسقط عادة بعض التهم الأكثر خطورة، مما يؤدي إلى إمضاء عقوبةٍ أقصر في السجن.

في فبراير، أمر قاضي سجن عوفر العسكري بعرض قضية التميمي أمام الكاميرا. تزيد المحاكمات أمام الكاميرا من إمكانية إجرائها بطريقة مجحفة بحقِّ المتهم.

لا تُعتبر المحاكم العسكرية في جميع أنحاء العالم المكان المناسب لمتابعة الإجراءات القانونية السليمة وضمان المحاكمات العادلة. وغالباً ما يعمل فيها ضباط غير مدرَّبين من الناحية القانونية.

وقد انتقدت الأمم المتحدة مراراً وتكراراً المحاكم العسكرية لانتهاكها القانون الدولي.

إنَّ محاكمة الأطفال في المحاكم العسكرية تعني إنتهاك إسرائيل الواضح لاتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، التي صادق عليها عدد كبير من الدول، إلى جانب العديد من الاتفاقيات الدولية الأخرى. في عالم يُنتهك فيه القانون الدولي بشكل روتيني، يُعتبر احترام حقوق الطفل ومصالحه الفضلى من بين المعايير الأعلى على مستوى العالم. لكن لطالما كان القانون الدولي ضحيةً من ضحايا الاحتلال.

يعود الكثير من هذا الجنون الإعلامي الذي يحيط بالقضية، إلى شكل التميمي الخارجي – ببشرتها البيضاء وشعرها الأشقر. لكن مظهرها بطبيعة الحال، ليس له علاقة بالقضية أو بنشاطها.

لكن حقيقة كونها شابة صغيرة يمكن أن يكون نقطة ضعف للفلسطينيين. ومقارنةً بالطريقة التي يتمُّ بها اعتقال الشباب الفلسطيني في العادة، نجد أن الجنود الإسرائيليين يعاملون التميمي بقسوةٍ أقل.

ونتيجةً لذلك، كتب شخص اسمه صابر محمد تعليقاً على موقع فيسبوك وصف فيه قضية التميمي بالمهزلة، وقال إنها تظهر “الوجه الجميل للمحتل”. والحقيقة هي أنّ القضية صفعة على وجه العدالة أيضاً.

Authors