نادر قباني – مدير الأبحاث في مركز بروكنجز الدوحة، وزميل أوّل في برنامج الاقتصاد العالمي والتنمية: دخلت أزمة الخليج شهرها السابع، معرقلةً التجارة والاستثمارات والتوظيف في أنحاء المنطقة، وفارضةً تكاليف اقتصادية على قطر والبلدان المحاصِرة، أيّ دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين. وقد برزت عدّة فرص لحلّ الصراع، بدءاً من نهاية شهر رمضان بعد ثلاثة أسابيع على بداية الصراع، بعدما أصبح واضحاً أنّ البلدان المحاصِرة لن تحقّق هدفها بإخضاع قطر أو بإحداث تغيير سياسي فيها. وآخر فرصة ضائعة هي قمّة دول مجلس التعاون الخليجي التي انعقدت هذا الأسبوع في الكويت. إذ يأتي الصراع في وقت تواجه فيه دول مجلس التعاون الخليجي تحدّيات ملحّة، بما فيها الحاجة إلى إصلاح اقتصاداتها وغيرها من التحدّيات الجيوسياسية. وكلّما سارعت هذه البلدان إلى التلاقي لحلّ مسائلها، عاد ذلك بالخير على مصالحها الجماعية.

يناقش خبراء بروكنجز في ما يلي آراءهم عقب قمّة مجلس التعاون الخليجي والخلافَ الإقليمي القائم.

بيفرلي ميلتون-إدواردز – زميلة زائرة في مركز بروكنجز الدوحة: تسلّط قمّة مجلس التعاون الخليجي الضوء على أنّ الخلاف قد صدّع المجلس بشكل لا يمكن رأبه وكشف عن نقاط ضعفه. فمن غير الممكن أن تعوّض قمّة تنعقد ليوم واحد في الكويت عن الضرر السياسي والاقتصادي والاجتماعي والاستراتيجي الذي سبّبته ستّة أشهر من الخلاف. وأظهر أيضاً مستوى التمثيل المتدنّي الواضح لكلّ من السعودية والبحرين ودولة الإمارات عدمَ استعداد هذه البلدان لإيجاد حلّ. علاوة على ذلك، التزمت أمانة سرّ مجلس التعاون الخليجي وأمينها العام الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني الصمت الإعلامي حول وسائل إنهاء الصراع.

وعبّر مضيف قمّة مجلس التعاون الخليجي والوسيط الأعلى فيها، أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، في كلمته الختامية عن إحباطه، معلناً أنّه ينبغي تغيير آليّات مجلس التعاون الخليجي لحلّ الخلافات بهدف مواجهة التحدّيات المستقبلية. فالقمّة لا تشير إلى “بداية نهاية الأزمة الخليجية”، بل قد تشير إلى نهاية مجلس التعاون الخليجي بذاته.

كديرا بثياغودا – زميل غير مقيم في مركز بروكنجز الدوحة: يضعف التحالفُ السعودي الإماراتي الذي تمّ الإعلان عنه والذي تمّ تشكيله بالانفصال عن مجلس التعاون الخليجي بشكل دائم المجموعةَ التي سبق أن فرّقها الصراع حول قطر. ويعزّز ذلك قدرة معظم القوى الخارجية على التعامل مع دولٍ منفردة من مجلس التعاون الخليجي، ولا سيّما تلك الأقلّ تأثّراً بنفوذ السعودية، على غرار قطر والكويت وسلطنة عُمان. وعلى الأرجح أنّ هذا الوضع سيفيد الهند والصين اللتَين تزداد أهميّتهما كشريكَين اقتصاديَين واستراتيجيَين لدول الخليج. ومن وجهة نظر الصين بشكل خاص، بإمكان دولٍ مثل سلطنة عمان تربطها علاقات أضعف نسبياً مع الولايات المتحدة أن تتيح في المستقبل فرصةً أكبر حتّى لدخول بكين الاستراتيجي. وقد يلقى أيضاً موقفا الصين والهند حول الصراعات، وهما موقفان يقعان بين المواقف السعودية والأمريكية من جهة والمحور الروسي الإيراني من جهة أخرى، ترحاباً من دول مثل سلطنة عمان وقطر، في حال قلّ الضغط لاعتماد موقف خليجي موحّد. وسيكون على الأرجح ردّ فعل الهند على الانشقاق إعادةَ التشديد على مقاربتها بمصادقة جميع الأطراف.

نهى أبو الدهب – زميلة زائرة في مركز بروكنجز الدوحة: قُتل الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح قبل أربع وعشرين ساعة من انعقاد قمّة مجلس التعاون الخليجي في الكويت. وعلى الرغم من نقطة التحول التاريخية والهامّة هذه في المنطقة، لم يدلِ أعضاء المجلس بأيّ بيان مهمّ حول اليمن، بل أدان التحالفُ الهشّ بين دول المجلس قتلَ الحوثيين لصالح، ولم يحاول تقديم أيّ خطّة تساعد على إنهاء الصراع. وهذا الصمت الصارخ حيال الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم التي سبّبتها جميع الأطراف المتحاربة لا يبعث على التفاؤل حيال الوصول إلى أيّ حلّ سريع للحرب في اليمن. وقد سمحت اتفاقية انتقال السلطة المدمِّرة التي رعاها مجلس التعاون الخليجي في العام 2011 لصالح بأن يحتفظ بمعظم نفوذه. وما إن تهدأ (على أمل) أعمال العنف الحالية، حريٌ بمجلس التعاون الخليجي، أو ما بقي منه، ألّا يكرّر أخطاء الماضي.

عادل عبد الغفار – زميل في برنامج السياسة الخارجية في بروكنجز وفي مركز بروكنجز الدوحة: قدّمت قمّة مجلس التعاون الخليجي فرصةً للبلدان الخليجية لكي تعالج الشرخ التي فصل بينها منذ يونيو 2017. لكنّ هذه الفرصة ضاعت على الرغم من أقصى الجهود التي بذلتها الكويت. فبعدم حضور قادة السعودية والإمارات والبحرين شخصياً القمّة، هم يرسلون إشارة إلى المنطقة والعالم بأنّ الشّرخ القائم هو الوضع الطبيعي الجديد. ويشير هذا الأمر، بترافقه مع إعلان السعودية والإمارات أنّهما ستؤلّفان تحالفاً سياسياً وعسكرياً جديداً، إلى أنّ هذين البلدَين يسعيان إلى تخطّي مجلس التعاون الخليجي برمّته، ممّا يوهن المجلس أكثر فأكثر ويبعث الشكوك حيال مستقبله.

رانج علاء الدين – زميل زائر في مركز بروكنجز الدوحة: من غير المستغرب أن تنتهي قمّة مجلس التعاون الخليجي قبل يوم واحد من موعد اختتامها المحدَّد. فمنذ نشوب الأزمة منذ ستّة أشهر، بالكاد ظهرت مؤشّراتٌ توحي بأنّ العلاقات بين قطر والبلدان المحاصِرة ستعود إلى طبيعتها في وقت قريب، هذا إذا ظهرت أيّ مؤشّرات على الإطلاق. وإن دلّ ذلك على شيء فهو يشير إلى أنّ تطوّرات إقليمية أخرى، ولا سيّما التركيزان الإقليمي والدولي على إيران وتدخّلاتها في لبنان وسوريا، قد همّشت الأزمة الخليجية. ويواجه مجلس التعاون الخليجي خطرَ أن يصبح بلا طائل إذا استمرّت الأزمة. وقد يصبح ذلك الوضعَ الطبيعي الجديد، خصوصاً إذا تحوّلت الشراكة الجديدة الاقتصادية والعسكرية بين الإمارات والسعودية إلى شراكة مُمأسسة إقليمية ثابتة. بيد أنّ انعقاد القمّة بحدّ ذاته خطوةٌ إيجابية إلى الأمام. فعلى الرغم من أنّ الثقة لا تزال متزعزعة بين الجهات الفاعلة المتصارعة، ربّما لا يزال الوضع يضمّ منافذ للمزيد من الحوار ولتعاون سياسي واقتصادي في نهاية المطاف.

علي فتح الله نجاد – زميل زائر في مركز بروكنجز الدوحة: حتّى لو لم تشكّل القمّة التي حضرتها جميع الدول الأعضاء فرصةً لإعادة إنعاش مجلس التعاون الخليجي، فقد كانت مناسبةً رائعة لقلب الانطباع ببروز خلل وظيفي دائم، أقلّه تجاه إيران، الغريم الإقليمي. لكن عوضاً عن ذلك أدّى التقويض الذي أظهرته السعودية والإمارات في الدقيقة الأخيرة عبر التخفيض من مستوى المسؤولين المبعوثين وعبر إنشاء لجنتهما المستقلة في اليوم ذاته إلى مفاقمة الأزمة التي يواجهها المجلس. وتعكس عدم قدرة الرياض على إنهاء الصراعَين اللذين سبّبتهما لنفسها حول اليمن وقطر، بالإضافة إلى عدم تمكّنها من إبعاد لبنان عن إيران، عجزاً استراتيجياً في وضع سياسة احتواء حكيمة وعملية لتوسّع إيران.