February

07
2018

1:00 am AST - 2:30 am AST

مستقبل القدس وفرص تحقيق الوحدة الفلسطينية

Wednesday, February 07, 2018

1:00 am - 2:30 am AST

قاعة الماس 1 و2

فندق روتانا سيتي سنتر
الدوحة, DC

استضاف مركز بروكنجز الدوحة ندوة في 6 فبراير 2018 ناقشت مستقبل القدس وفرص تحقيق الوحدة الفلسطينية. وشارك في هذه الندوة كل من مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية؛ وريما خلف الهنيدي، وكيلة الأمين العام السابق للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)؛ وأديب زيادة، الأستاذ المساعد في قسم العلاقات الدولية بكلية أحمد بن محمد في قطر. وأدار الجلسة إبراهيم فريحات، الزميل الأول السابق في مركز بروكنجز الدوحة، والأستاذ المشارك ورئيس برنامج الماجستير في برنامج إدارة النزاع والعمل الإنساني في معهد الدوحة للدراسات العليا، كما حضر الندوة لفيف من الشخصيات الدبلوماسية والأكاديمية والإعلامية.

قدم فريحات المشاركين في الندوة وافتتح المناقشة بالتأكيد على أهمية القضية الفلسطينية. فعلى الرغم من العديد من الأحداث السياسية والعسكرية الهامة التي شهدتها المنطقة على مدى السنوات المئة الماضية، مثل حرب الخليج والغزو الأمريكي للعراق في العام 2003، إلا أنّ القضية الفلسطينية لا تزال موضوعاً يتداوله العرب بكثرة. قد يختصم العرب في ما بينهم حول السياسة في سوريا أو مصر، لكنهم لا يختلفون بشأن فلسطين. وباعتقاد فريحات، فإن قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس يظهر بوضوح انحياز أمريكا تجاه إسرائيل، ويثبت أنّ الولايات المتحدة لا تستطيع أن تعمل كوسيط غير منحاز.

وافترض البرغوثي أنّ قرار ترامب إنما يعني إلغاء حلِّ الدولتين من جانب إسرائيل والولايات المتحدة. فالمفاوضات السابقة بين إسرائيل وفلسطين لم تكن ذات قيمة. ويعتقد أنّ محاولة جعل مدينة أبو ديس عاصمة فلسطين الجديدة هي فكرة سخيفة، وأنّ هذا الاقتراح يتجاهل تاريخ فلسطين وثقافتها.

وقال إنّ عدد المستوطنات الإسرائيلية ارتفع بنسبة 120 في المئة منذ تولّي ترامب منصب الرئاسة الأمريكية، وإنّ كل المفاوضات التي جرت بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم تكن سوى استراتيجية إسرائيلية هدفها إعطاء الوقت لإسرائيل لبناء المزيد من المستوطنات، وهي نظرية مثبتة من خلال 550,000 مستوطنة إسرائيلية تم بناؤها على الأراضي الفلسطينية منذ توقيع اتفاقات أوسلو في التسعينيات. تحاول إسرائيل منع أي كيان سياسي فلسطيني من تشكيل دولة مستقلة، كما أن المنظور الإسرائيلي لحدود إسرائيل مع فلسطين، وموضوع اللاجئين الفلسطينيين، وقرار ترامب كلها أمورٌ واضحة جداً. ويمكن لإسرائيل الآن، مع إعلان ترامب الخاص بالقدس، أن تضمن استبعاد قضايا الوثيقة الختامية المشار إليها سابقاً، لا سيّما ما يتعلَّق منها بعودة اللاجئين الفلسطينيين، من أي نقاش في المستقبل.

واختتم البرغوثي مداخلته باعتقاد يفيد بأنّ الحكومة الإسرائيلية أصبحت إدارة لنظام التمييز العنصري، وليست مجرَّد مشروع احتلال، والولايات المتحدة أصبحت تركِّز أكثر على إقامة تعاون سنّي إسرائيلي جديد، بدلاً من حلِّ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وترفض إسرائيل أي حلٍّ سلمي، لأنها لا تريد أن تتفاوض مع الفلسطينيين ما لم تحصل على المزيد من الأراضي. وبطبيعة الحال، فقد أضاف قرار ترامب الشرعية إلى حركة التحرير الفلسطينية، وشجَّعت هذه الخطوة الفلسطينيين على إعادة النظر في أهدافهم المستقبلية. بالنسبة للفلسطينيين، فإن الحلَّ الواقعي الوحيد الباقي هو إقامة دولة ديمقراطية غير يهودية تسمح للفلسطينيين بالمشاركة في النظام السياسي. لقد فقدت إسرائيل سمعتها كدولة ديمقراطية منذ فترة طويلة. أما قرار ترامب، فقد جعل التطبيع الإقليمي لإسرائيل والاستراتيجيات السابقة للسلام مستحيلة التحقيق. وستواصل حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات نموها بسبب هذه التطورات، على أمل أن يؤدي تأثيرها إلى عزل إسرائيل اقتصادياً وسياسياً عن العالم. والأهم هو أنّ قرار ترامب سيشجع على توحيد الفصائل الفلسطينية، التي كانت قد تفرَّقت، داخل فلسطين وخارجها.

واتفقت ريما خلف الهنيدي مع البرغوثي بشأن قرار ترامب، خاصةً أنه قضى بشكل فعال على آفاق تحقيق حلِّ الدولتين. واعتبرت أنّ تأييد الولايات المتحدة الضمني للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية يشكِّل انتهاكاً لدورها كوسيط. إنّ قرار ترامب بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل سيعجّل الصراع على المدى الطويل، خاصةً إذا ما تم نقل السفارة الأمريكية بالفعل إلى القدس. كما أشارت إلى طريقة تطبيق إسرائيل لقوانينها الخاصة في الأراضي الفلسطينية، مما سمح لنظام التمييز العنصري بممارسة سيطرة كاملة على الأراضي الفلسطينية، حتى في القدس. في السنوات القليلة الماضية، بدأت إسرائيل تسحب اعترافها باللغة العربية كلغة مستخدمة في إسرائيل، رغم أنّ 20 في المئة من الإسرائيليين هم من أصل عربي. كذلك تواصل إسرائيل إقامة مدن، لا يسكنها إلا اليهود، رغم وجود معظمها في أحياء فلسطينية. وستقع هذه المستوطنات اليهودية الجديدة تحت حماية القانون الوطني الإسرائيلي، الذي سيحلُّ محلَّ حقوق الفلسطينيين الذين يعيشون في المناطق المحيطة.

إنّ إعلان ترامب قراره بشأن القدس هو استمرار بتلطيخ سمعة الولايات المتحدة وعزلها عن مواقف الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن القدس. وبعد وقتٍ قصيرٍ من إعلان ترامب، أظهرت استطلاعات الرأي العالمية، بالأرقام، تدنّي ثقة العالم بالإدارة الأمريكية حيث تراجعت من 59 في المئة إلى 30 في المئة. وقالت سفيرة سلوفينيا لدى إسرائيل إنّ قرار ترامب شجَّع حكومتها على الاعتراف بالدولة الفلسطينية. ناهيك عن الغضب الجماهيري والاحتجاجات التي اجتاحت منطقة الشرق الأوسط وأجزاء أخرى من العالم رفضاً لإعلان ترامب بشأن القدس. وبطريقة ما، شجَّع إعلان ترامب هذا على إطلاق مبادرات لمقاومة الاحتلال في أجزاء أخرى من العالم، ليس فقط في سلوفينيا، بل أيضاً في الكويت وفي تونس التي أطلقت مبادرة “لا للتطبيع”. وقالت خلف الهنيدي إنّ الحركات الشعبية الكثيرة التي خرجت ضد إعلان ترامب في القدس أجبرت بعض الحكام العرب – الذين بدأوا مؤخراً التطبيع مع إسرائيل – على التراجع بهدوء عن قرارهم ذاك. ولكي يتمكن الشعب الفلسطيني من مواجهة آثار قرار ترامب بشكل فعال، فإنها تعتقد أنّ المقاومة ضد الاحتلال يجب أن تتصاعد، ويجب أن يتقدّم قادة جدد إلى الواجهة من أجل توحيد كفاح الشعب الفلسطيني.

أما المتحدّث الأخير د. أديب زيادة، فقد وصف السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط بأنها قاسية جداً في عهد ترامب، وقال إنّ السبب برأيه هو استمرار إدارة ترامب في استغلال ضعف بعض الدول العربية. وبحسب رأي زيادة، فإنّ ما يحدث الآن يشبه إلى حدٍ بعيد ما حدث في أعقاب غزو العراق في العام 2003، عندما استغلت الولايات المتحدة ضعف الدول العربية. ويعتقد أنه لا توجد حالياً مقاومة واضحة متناسقة وفعالة للاحتلال الإسرائيلي من قبل الحركات الفلسطينية المختلفة.

وعلَّق أيضا على فشل الجهات الفاعلة الدولية في الوساطة، وأشار إلى أنّ الأمم المتحدة ارتكبت خطأ عندما أجَّلت البتّ في قضية القدس. وقال إنّ الوصاية الأردنية على الأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية في القدس قد واجهت المشاكل ولم تُنفّذ بشكل واضح.

وقال إنّ الفلسطينيين لن يشاركوا في المفاوضات مرة أخرى، إذا ما تدخلت الولايات المتحدة كوسيط، مضيفاً أنّ القضية الفلسطينية هي القضية الوحيدة التي تحظى بإجماع دولي غير مسبوق. وبما أنّ السلطة الفلسطينية غائبة وغير منظّمة، فقد بدأت تبحث الآن عن دول أخرى غير الولايات المتحدة لحلِّ المشكلة بعد 25 عاماً من المفاوضات الفاشلة. كان الردُّ الفلسطيني على قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ضعيفاً؛ وفي الواقع فإنه لم يحدث أي تغيير في الاستراتيجية الفلسطينية. وفي ختام المناقشة، اتفق المشاركون في الندوة على أنّ الحلَّ للتوصل إلى إقامة دولة فلسطينية من خلال اتفاقات أوسلو قد انهار بسبب هذه التطورات السياسية الأخيرة. وما يحتاجه الفلسطينيون الآن هو التوحدُّ وإيجاد طريقة للتفكير بشكل مختلف، خارج القواعد المعتادة للعبة.