April

20
2016

1:30 am +04 - 3:00 am +04

إنعاش عملية إعادة الإعمار في غزة

Wednesday, April 20, 2016

1:30 am - 3:00 am +04

فندق انتركونتيننتال الدوحة

بجانب فندق سانت ريجيس
الدوحة

نظم مركز بروكنجز الدوحة  ندوة في 19 أبريل 2016  حول العمليات الجارية لإعادة اعمار قطاع غزة، شارك فيها كل من: عمر شعبان مدير مؤسسة بال – ثينك للدراسات الدولية  في غزة، ونجلاء الحاج رئيسة قسم التأهيل والتنمية الدولية  في الهلال الأحمر القطري. وقام  بإدارة الجلسة سلطان بركات مدير أبحاث في مركز بروكنجز الدوحة، وحضرها شخصيات دبلوماسية وأكاديمية وإعلامية في دولة قطر.

افتتح الاستاذ سلطان بركات الجلسة مشيراً إلى التقدم البطيء في عملية إعادة إعمار غزة، مشيراً الى أنه وبعد سنتين تقريباً من وقف الأعمال العدائية بين حركة حماس وإسرائيل، توقفت عملية إعادة البناء وذلك لعدة أسباب.

أولاً، تباطئ تسليم المساعدات المالية التي وعدت بها الدول المانحة خلال مؤتمر القاهرة في أكتوبر 2014، فوفقاً لتصريحات البنك الدولي في31 مارس 2016، لم تبادر الدول المانحة سوى بتسليم 40 بالمئة من الأموال الموعودة من قبلها. وعليه، فإنه من غير المتوقع الوفاء بجميع التعهدات حتى العام 2019 وذلك وفقاً للمعدل الراهن للتسليم، أي بعد سنتين من التاريخ المحدد.

ثانياً، صعوبة إدخال مواد البناء الأساسية إلى غزة والذي لا يمكن أن يتم إلا عبر معبر حدودي واحد فقط. ولذلك، فإنه ونتيجة لعملية إعادة البناء البطيئة، لم يتم ترميم إلا 9 بالمئة من المنازل التي تضررت بالكامل، و45 بالمئة من المنازل التي تضررت جزئياً في غزة، ما أدى إلى تشريد 14800عائلة داخل القطاع. هذا إلى جانب ضياع فرص العمل الذي كان متوقعاً توفيرها من تنفيذ مشاريع إعادة البناء المرتقبة، الأمر الذي زاد من إحباط الغزيين وسخطهم.

ومن ناحيته، توسع عمر شعبان في تناول هذه التطورات التي ترتبت عليها ظهور حالة عامة من الإحساس بالإهمال  لدى سكان القطاع. ووفقا لما يتلمسه شعبان فإن مستويات الإحباط العالية قد تؤدي إلى اندلاع جولة جديدة من الأعمال العدائية بين المسلحين وإسرائيل أي وقت، كما أوضح أيضاً حساسية المنطقة، وذكّر كيف اشتعلت الصراعات السابقة بسهولة بسبب مجموعة من الحوادث: الخطف، غارات عبر الحدود، عمليات اغتيال، إطلاق للصواريخ. وحيث أن موجات الإحباط في غزة آخذة في التصاعد  لتصل حسب البعض إلى أعلى درجاتها، فإنه من المتوقع تجدد الصراعات بين الاطراف المختلفة. ونتيجةً لذلك، فأن هذا التخوف المتنامي من اندلاع جولة جديدة من الصراع بين حركة حماس وإسرائيل ترتب عليه ظهور حالة من الإنهاك وسط الدول المانحة، فهذه الأخيرة لا ترغب في رؤية ما تقدمه من مساعدات يذهب هباءً إثر جولة جديدة من الدمار، يتحول معها تقديم المساعدات إلى عملية عبثية غير مجدية بالنسبة لها.

رأى شعبان أن هذا الموقف المنتشر بين بعض الجهات المانحة يُعزى إلى الافتقار إلى حلّ سياسي للأزمة في غزة. إذ لا تعمل حركة حماس، صاحبة السلطة الفعلية في قطاع غزة، لمصلحة الشعب، والأمر سيان بالنسبة للسلطة الفلسطينية في رام الله. فكلا الطرفان يفشلون في الغالب بتقديم فرصاً اقتصادية للغزيين، حيث أن العاملين لدى السلطة الفلسطينية أو لدى حركة حماس كثيراً ما لا يستلمون رواتبهم. كما أن جهود المصالحة للتوفيق بينهما فشلت في تأسيس حكومة موحدة. رغم أن دول مثل مصر وإسرائيل والولايات المتحدة سيفضلون التفاوض مع حكومة موحدة، تسيطر عليها على الأرجح، السلطة الفلسطينية وليس حركة حماس التي تصنف من قبل هذه الدول كمنظمة إرهابية. حيث أشارت مصر، مثلاً، إلى أنها على استعداد لفتح معبر رفح في حال توصلت السلطة الفلسطينية إلى اتفاق مع حركة حماس، ما يهييء للسلطة الفلسطينية تواجداً أمنياً مستمراً عند المعبر. من شأن مثل هذا الاتفاق أن يسرّع المرور البطيء لمواد البناء إلى داخل قطاع غزة، ويسمح باستيراد كميات كبيرة من المواد التجارية، ويتيح للغزيين مغادرة القطاع والعودة إليه بمعدل أعلى مما هو مسموح به حالياً. ويرى شعبان أن فتح نقطة عبور أخرى تربط غزة بالعالم الخارجي قد يخفف من العبء الواقع على كاهل سكان غزة، ولكن بشكلٍ مؤقتٍ فقط، إذ يتطلب تحسين الوضع الاقتصادي والسياسي على المدى الطويل حلٌ للأزمة الحالية .

ومن ناحيتها، ألقت نجلاء الحاج نظرةً على الصعوبات العملية التي تواجه تنفيذ مشاريع المساعدات في غزة. حيث أنها في أثناء عملها في القطاع لمصلحة الهلال الأحمر القطري، لاحظت الحاج أن الوكالات الدولية تحرز تقدماً بسيطاً عند تقديمها للخدمات، فهذه الوكالات لا تسعى نحو معالجة جذور المشاكل الأساسية، بل تعمد إلى اعتماد حلول مختصرة، وهو أمر أشارت إليه بالقول: “إننا لا نعالج الجراح، بل نضمدها”. كما أشارت الحاج إلى معوقات العمل القائمة والمتمثلة في ضعف إمكانية دخول القطاع والخروج منه، والحصار البحري الإسرائيلي، فبسبب هذه القيود، يعاني عمال الإغاثة صعوبة في الوصول إلى غزة. ووفقا لتقدير الحاج فإن هناك عاملين ساهما في توقف إعادة البناء وفي خلق الوقائع القاتمة في قطاع غزة: المحاسبة الضعيفة للوكالات الدولية وللإسرائيليين، والخوف من إعادة تدمير مشاريع الإغاثة بسبب الوضع السياسي.

علاوة على ذلك، أوضحت الحاج في حديثها أن حل أزمة قطاع غزة لا يعتمد على عملية توزيع المال، بل أن الحلول المقدمة من جهتي الصراع تستطيع وحدها إنهاء المعاناة في غزة. ولتوضيح حالة الإحباط التي تشعر بها الجهات المانحة، أشارت الحاج إلى أنه ومنذ العام 2008، استثمر الهلال الأحمر القطري 100 مليون دولار في بناء وحدات سكنية ومشاريع أخرى في قطاع غزة، إلا أن حرب 2014 دمرت بعض هذه المشاريع، ما اقتضى إجراء تحويل في أولويات عمل الهلال الأحمر القطري نحو ضمان أمن الموارد الغذائية للسكان وتطوير قطاعي التعليم والصحة داخل قطاع غزة، بدلا من إقامة وحدات سكنية.

وفي ختام حديث الحاج، طرح  بركات سؤالا على المتحدثين يتعلق بمصير أموال الهبات المخصصة لإعادة إعمار غزة وعن كيفية سير عمل “آلية إعادة إعمار القطاع” (GRM)، فاسترسل شعبان في وصف عملية توزيع الأموال موضحاً أنها تودع عند وزارة المالية التابعة لحكومة السلطة الفلسطينية في رام الله، قبل وصولها إلى غزة. حيث لا يشرف في الغالب أي مسؤول من حركة حماس أو أي عضو من المجتمع المدني الغزي على أي جانب من جوانب توزيع المساعدات. لذلك افتقر توزيع الأموال منذ البداية إلى الشفافية، لا سيما وأن السلطة الفلسطينية تعطي الأموال لمكتب الأمم المتحدة في غزة الذي يدير آلية إعادة إعمار القطاع. حيث يتكفل هذا المكتب بتجميع ووضع قائمة بأسماء الأشخاص المحتاجين إلى مواد البناء في قطاع غزة، وهي قائمة لا يمكن العمل بها إلا بعد موافقة وحدة تنسيق أعمال الحكومة الاسرائيلية في الأراضي المحتلة (COGAT) وهي هيئة إدارية  تابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية. بعد ذلك، يمكن توزيع مواد البناء عن طريق “آلية إعادة إعمار قطاع غزة” (GRM). وختم شعبان عرضه لهذه الآلية بالإشارة إلى أن التعدد البيروقراطي لمستويات الإشراف والتنفيذ ترتب عليه تأخير وتعطيل حصول السكان على مساعدات هم بأمسّ الحاجة إليها.

ومن وجهة نظر إقليمية، فأن بعض الخلافات السياسية السابقة بين بعض الدول العربية وحركة حماس حالت دون إحراز أي تقدم سياسي في القطاع  ووضعه في موقف حرج، إلا أن المتحدثَين اتفقا على ظهور بوادر لتحسن بعض هذه العلاقات، لا سيما مع المملكة العربية السعودية. إذ يمكن لبعض الجهات الإقليمية، كمصر وقطر والمملكة العربية السعودية وتركيا، أن تساعد على تشجيع اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس. كما اقترح شعبان السماح لبعض أعضاء حركة حماس بالمشاركة في أي حكومة ائتلاف قد تتشكل مستقبلاً، حيث تتمتع حماس بعلاقات تؤهلها للقيام بالتأثير على  بعض الأطراف في سيناء، مما قد يسهم في مساعدة مصر على اعادة الاستقرار في تلك المنطقة المضطربة. إن التعاون الأمني بين مصر وحركة حماس قد يشكل عامل لبناء الثقة المتبادلة بينهما مما قد يشجع المصريين على فتح معبر رفح.

وفي ختام الجلسة، استعرض بركات مقترحات المتحدثين وأوجزها،  فشدد على ضرورة التزام الجهات المانحة بتلبية وعودها، كما أكد على حاجة “آلية إعادة إعمار قطاع غزة” إلى الإصلاح، لا سيما من خلال إشراك المجتمع المدني في غزة في عملياتها. وأخيراً، جدد بركات التأكيد على أهمية المصالحة بين حركتي فتح وحماس، وكذلك بين مصر وحركة حماس، مما قد يشجع على التعاون الأمني عند الحدود.