Commentary

الصفقة الأفغانية الجديدة: الإنجاز الدبلوماسي الكبير لوزير الخارجية الأمريكي

قد يكون وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الذي أحبطه فشل مساعي السلام في الشرق الأوسط في الأشهر الأخيرة، قد تمكّن أخيراً من تحقيق تقدم دبلوماسي كبير بإنقاذه المشروع الأفغاني من بين فكيّ الهزيمة. فلو ادّعى كلّ من وزير المالية أشرف غاني ووزير الخارجية السابق عبدالله عبدالله الفوز في الانتخابات الرئاسية التي عقدت في 14 يونيو وشكلا حكومتيهما، لكانت البلاد قد انغمست في حربٍ أهلية قد تجعل عودة طالبان أمراً محتملاً.

لا شكّ أن النتائج المروعة لا تزال محتملة. إلا أن الصفقة التي تتطلب حالياً رقابة دولية لاحتساب الأصوات كافةً ومراجعتها، مع التزام المرشحين مسبقاً بالإقرار بالنتائج والموافقة عليها، تبدو واعدةً أكثر من الظروف السابقة (التي تدفع إلى الاعتقاد أن المقربين من كرزاي أو الشوفينيين البشتون هم المسؤولين عن إقرار النتائج، والتي اتسمت إجراءات الاقتراع المخطط لها بوضوح وشفافية أقل.

بالإضافة إلى ذلك، تمنح الخطة الجديدة بإنشاء نظام برلماني حقيقي فيه حكومة على رأسها رئيس وزراء قوي جائزة ترضية مناسبة للمرشح الرئاسي الخاسر أياً كانت هويته. ويبدو ذلك مفيداً لأفغانستان في هذه المرحلة من مراحل تطورها منذ أن جلب النظام السابق رئيساً قوياً جداً. اقترفت الولايات المتحدة خطأً حين ساعدت على تقسيم الدستور الأفغاني في العامين 2003 و2004، حتى وإن كان هذا الخطأ مفهوماً حينها. إن الاقتراح الحالي بإرساء نظام برلماني أقوى، كما يمكن استنتاجه من التقارير التمهيدية، يؤمن قاعدة أقوى لتشارك السلطة وللحوكمة الشاملة.

كما أشرنا، من الممكن أن تسوء الأمور. قد يقرّر الخاسر في الانتخابات الرئاسية الطعن بالنتائج التي ستقرّها الأمم المتحدة رغم كلّ شيء. أو قد يعيد الفائز حساباته في ما يتعلق بالوعود التي سبق وقطعها بتعيين الخاسر رئيساً للوزراء. قد يفشّل الرئيس كرازاي العملية بشكلٍ أو بآخر. قد يُصاب أحد المرشحين أو يُقتل على أثر محاولة اغتيال. وفي على الأرجح، قد ينشب خلاف حول كيفية هيكلة المنصب الجديد لرئيس الوزراء والصلاحيات الممنوحة له.

علاوةً على ذلك، تحتاج إدارة أوباما إلى إعادة النظر في موقف الصفر الذي اتخذته للعام 2016 – والذي يقضي بسحب جميع الجيوش الأمريكية المقاتلة من أفغانستان مع نهاية ولاية الرئيس أوباما. لا سبب يفرض العودة إلى الصفر، مقابل قوةٍ دائمة مؤلفة من بضعة آلاف في السنوات المقبلة. إضافةً إلى الإيجابيات التي يمكن أن تقدمها هذه القوات للجيش الأفغاني الذي لا يزال يحتاج إلى تحسين وتوجيه، من شأنها المساعدة على ضمان النفوذ الأمريكي في مواجهة أي أزمات سياسية أفغانية في المستقبل. وقد يوفّر لنا الوجود العسكري قواعد لطائرات من دون طيار والكوماندوز في حال ظهر تنظيم القاعدة مجدداً في المناطق القبلية غربي باكستان أو شرقي أفغانستان. 

ولكن لا تخطئوا؛ إنّ الإنجاز الأخير هو خبرٌ كبير وهام في وقتٍ كانت فيه إدارة أوباما – والعالم أجمع بشكل عام – في أشد الحاجة إلى دفعةٍ.