Commentary

سياسة أوباما في الشرق الأوسط من الواقع

بدت ليَّ الضجة الحزبية حول سياسة الرئيس أوباما في منطقة الشرق الأوسط كشيء في غير محله. وفي حين أن هناك أمور كثيرة يجب مناقشتها فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، وأمور أكثر في المسائل الاقتصادية و التي تعتبر في حد ذاتها أمور حاسمة في رسم دور الولايات المتحدة العالمي في المستقبل، بدت الإدعاءات المتعلقة باعتذارات أوباما المزعومة واهيةً وضعيفةً.

أقول هذا كشخص كان متشككًا في وعود الرئيس أوباما الضخمة في حملته الانتخابية عام 2007/2008. لقد كانت الوعود بالتفاهم مع الحكام المستبدين ووقف تغير المناخ وقطع شوط كبير في مكافحة الفقر العالمي والعمل نحو عالم خال من الأسلحة النووية وتحقيق السلام في الشرق الأوسط ورأب الصدع مع العالم الإسلامي وعود غير واقعية، وبالنسبة ليَّ على الأقل، وعود مبالغ فيه.

وإحقاقًا للحق، لقد ساعدت هذه الرؤية الواسعة على فوز أوباما بالانتخابات وأثارت مشاعر العالم أجمع برئاسته. ولكنها أيضًا روجت توقعات كاذبة حول العالم بشأن ما يمكن أن يفعله أوباما حقًا. وقد أدى ذلك إلى خيبة أمل وبوجه خاص في منطقة الشرق الأوسط الكبير (في أوروبا، لا تزال شعبية أوباما مرتفعة؛ وفي كثير من أنحاء آسيا، فلم يكن الرئيس بوش أبدًا قليل الشعبية ولم يكن رصيد الولايات المتحدة متدنيًا قبل تنصيب أوباما). أما في جميع أنحاء العالم الإسلامي، فتشير استطلاعات الرأي الموجهة للجماهير أن رصيد شعبية أوباما مماثلٌ لرصيد شعبية جورج بوش. وهو أمرٌ مخيبٌ للآمال بالفعل.

ومع ذلك، يمكن أن يقال أي شيء عن الطريقة التي أدار بها أوباما فترته الرئاسية إلا أن يقال أنها اعتذارية حتى بالنسبة لهؤلاء الذين شاركونا في انتقاداتنا لأوباما حينما رشح نفسه لأول مرة. فقد أبقى أوباما على بوب غيتس كوزير للدفاع. وأطال مدة جلاء القوات الأمريكية من العراق إلى أن وصلت ضعفي المدة التي وعد بها الأمر الذي أتاح لهذا البلد فرصة أكبر للاستقرار. كما أطال مدة جلاء القوات الأمريكية من أفغانستان ضعفي المدة الموعودة، ثم ثلاثة أضعاف، حتى بعد أن عَقِّدت بعض الأخطاء التكتيكية العلاقات مع الرئيس كرزاي. كما اندفع إلى جهود ضخمة جديدة في باكستان سواء على الصعيد العسكري من الضربات العسكرية في المناطق القبلية الباكستانية وعلى الصعيد الدبلوماسي مع حزمة مساعدات كبيرة للسلطة الحاكمة هناك.

وفيما يتعلق بالمسألة مباشرة ، اللهجة التبريرية الظاهرية لرئاسة أوباما، فأنا لا أرى أساسًا لاتهام رئيسي. ففي الحقيقة، لقد كان أوباما يأمل كثيرًا في علاقات مُحسَّنة مع إيران (كما هو حاله مع كوريا الشمالية). ولكن عندما فاز النظام المتشدد في إيران بانتخابات 12 يونيو 2009، غيَّر أوباما مساره، وأحكم حصار الولايات المتحدة على إيران بتشديد العقوبات الدولية عليها. وتجدر الإشارة إلى أن هذه العقوبات الدولية قد ألحقت أضرارًا كبيرة بطهران، ولكنها لم تؤدي حتى الآن إلى حل للأزمة النووية. كما غيَّر أوباما مساره مع النظام الأكثر تشددًا في كوريا الشمالية بعد اختبارات البلد الصاروخية والنووية في ربيع عام 2009. وقد تجنب أوباما بحكمة السعي إلى تحقيق وعده فيما يتعلق بالتفاهم والسلام مع الحكام المستبدين مثل كاسترو في كوبا أو شافيز في فنزويلا أو الأسد في سوريا (مزيد من المعلومات حول هذه المسألة الأخيرة في لحظات).

أما بالنسبة لخطاب القاهرة المهم في يونيو 2009، فإن حجر زاوية جهود أوباما كرئيس للولايات المتحدة هو إعادة صياغة العلاقات الأمريكية مع العالم الإسلامي، ومن الإنصاف القول مرة أخرى على أن التوقعات الضخمة التي طرحها أوباما لم تتحقق بعد. وقد يكون هناك ضرر حقيقي عند بث أمال كاذبة. ولكن عندما قرأت هذا الخطاب وأعدت قراءته، لم ألمح فيه لهجة التبرير. لقد كان محاولة لبناء تفاهم متبادل مع الحفاظ على الالتزام التام بالمثل العليا الأمريكية وتجاه المصالح والحلفاء. إن الطريقة التي يتعامل أوباما بها مع محادثات سلام الشرق الأوسط أو إسرائيل جديرة حقًا بالنقد، ومن جهتي، فأراها مليئة بأخطاء كبيرة. ولكن هذا لا يعكس رؤية نادمة أو منحازة ضد أمريكا.

أما بالنسبة للفيلم المسيء الذي ساهم في حدوث الضجة التي أثيرت هذا الأسبوع، فهو عمل مقيت حقير لا يتفق مع قيم التسامح واحترام الدين الأمريكية. وأتساءل هل من دافع عن هذا العمل شاهده بالفعل؟ لقد صنفت هذا النوع من القمامة كدعاية كو كلوكس كلان أو دعاية نازية جديدة. وينبغي على الأمريكيين انتقاد هذا الفيلم علانية، وليس الدفاع عنه كدليل مستقيم على التزامنا الوطني الثابت بحرية التعبير.

وأخيرًا بخصوص سوريا. اعتقد أن قول المرشح رومني بأنه “علينا فعل المزيد” قولاً صحيحًا. وسواء كان تسليح الولايات المتحدة للمحتجين هو الخطوة الصحيحة التالية أم لا، فإنهم بحاجة إلى دعم مستميت من جهة ما. وأرى عمومًا أن نهج أوباما بشأن المنطقة نهجًا منطقيًا وغير اعتذاري لا يحله من واجب تحسين هذه السياسة الخاصة. كما أنه غير مسموح له بالتفاخر المبكر بالنصر العظيم الذي حققه في ليبيا. لقد ذهب القذافي وهذا شيء جديد، ولكن لا يزال أمامنا الكثير الباقي لنبدأه في المنطقة. ويجب علينا أن ننطلق في مهامنا بشكل جاد ونترك وراء ظهورنا التحفيز والمبالغة.